کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
يختبرون؟ و من ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء و قد اختارها اللّه تعالى [لي] 2634 يوم دحا الأرض، و جعلها معقلا لشيعتنا، و تكون لهم أمانا في الدنيا و الآخرة؟
و لكن تحضرون يوم السبت، و هو يوم عاشوراء الّذي في آخره اقتل، و لا يبقى بعدي مطلوب من أهلي و نسبي و إخوتي و أهل بيتي، و يسار برأسي إلى يزيد لعنه اللّه.
فقالت الجنّ: نحن و اللّه يا حبيب اللّه و ابن حبيبه، لو لا أنّ أمرك طاعة و أنّه لا يجوز لنا مخالفتك 2635 قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك.
فقال لهم عليه السلام: نحن و اللّه أقدر عليهم منكم، و لكن لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ 2636 2637 .
[وصول الحسين عليه السلام إلى ذات عرق]
ثمّ سار الحسين صلوات اللّه عليه حتى بلغ ذات عرق 2638 فلقيه رجل من بني أسد يقال له بشر بن غالب، فقال الحسين: من أين أقبلت؟
قال: من العراق.
قال: كيف خلّفت أهل العراق؟
فقال: يا ابن رسول اللّه، خلّفت القلوب معك و السيوف مع بني اميّة.
فقال: صدقت إنّ اللّه يفعل ما يشاء.
فقال الرجل: يا ابن رسول اللّه، خبّرني عن قول اللّه سبحانه: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ 2639 .
فقال الحسين: نعم، يا أخا بني أسد، هما إمامان، إمام هدى دعا إلى هدى، و إمام ضلالة دعا إلى ضلالة، فهذا و من أجابه إلى الهدى في الجنّة، و هذا و من أجابه إلى الضلالة في النار.
[كتاب الوليد بن عتبة إلى ابن زياد يعلمه بتوجّه الحسين عليه السلام إلى العراق]
قال: و اتّصل الخبر بالوليد بن عتبة أمير المدينة بأنّ الحسين عليه السلام توجّه إلى العراق، فكتب إلى ابن زياد:
أمّا بعد:
فإنّ الحسين قد توجّه إلى العراق و هو ابن فاطمة، و فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فاحذر- يا ابن زياد- أن تأتي إليه بسوء فتهيّج على نفسك [و قومك] 2640 أمرا في مدّة 2641 الدنيا لا يسدّه 2642 شيء، و لا تنساه الخاصّة و العامّة أبدا ما دامت الدنيا.
قال: فلم يلتفت ابن زياد إلى كتاب الوليد 2643 .
[وصول الحسين عليه السلام إلى الثعلبيّة]
قال: ثم سار صلوات اللّه عليه حتى نزل الثّعلبيّة 2644 وقت الظهيرة فوضع رأسه فرقد، ثم استيقظ، فقال: رأيت هاتفا 2645 يقول: أنتم تسرعون 2646 و المنايا تسرع بكم إلى الجنّة.
فقال له ابنه عليّ: يا أباه، ألسنا على الحقّ؟
فقال: بلى، يا بنيّ، و الّذي إليه مرجع العباد.
فقال: يا أباه، إذن لا نبالي بالموت.
فقال الحسين عليه السلام: جزاك اللّه خير ما جزى ولدا عن والده.
ثمّ بات صلوات اللّه عليه، فلمّا أصبح إذا برجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هرّة الأزدي قد أتاه فسلّم عليه، ثمّ قال: يا ابن رسول اللّه، ما الّذي أخرجك من حرم اللّه و حرم جدّك صلّى اللّه عليه و آله؟
فقال الحسين عليه السلام: ويحك يا أبا هرّة، إنّ بني اميّة أخذوا مالي فصبرت، و شتموا عرضي فصبرت، و طلبوا دمي فهربت، و أيم اللّه لتقتلني الفئة الباغية و ليلبسنّهم اللّه ذلّا شاملا و سيفا قاطعا، و ليسلّطنّ عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة [منهم] 2647 فحكمت في أموالهم و دمائهم
[حتى أذلّتهم] 2648 2649 .
و في كتاب تاريخ غر الرياشي بإسناده عن راوي حديثه قال: حججت فتركت أصحابي و انطلقت أتعسّف الطريق وحدي، فبينا أنا أسير إذ رفعت طرفي إلى أخبية و فساطيط، فانطلقت نحوها حيث أتيت أدناها، فقلت: لمن هذه الأبنية؟
فقالوا: للحسين عليه السلام.
قلت: ابن عليّ و ابن فاطمة عليهما السلام؟
قالوا: نعم.
قلت: أين هو؟
قالوا: في ذلك الفسطاط، فانطلقت نحوه، فإذا الحسين عليه السلام متّك على باب الفسطاط يقرأ كتبا بين يديه، فسلّمت فردّ عليّ، فقلت: يا ابن رسول اللّه، بأبي أنت و امّي ما أنزلك في هذه الأرض القفراء الّتي ليس فيها ريف و لا منعة؟
قال: إنّ هؤلاء أخافوني، و هذه كتب أهل الكوفة و هم قاتليّ، فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا و اللّه محرما إلّا انتهكوه، بعث اللّه إليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذلّ من فرم 2650 الأمة.
قال: ثمّ سار صلوات اللّه عليه و حدّث جماعة من فزارة و بجيلة قالوا: كنّا
مع زهير بن القين لمّا أقبلنا من مكّة، فكنّا نساير الحسين عليه السلام حتى لحقناه، و كان إذا أراد النزول اعتزلناه فنزلنا ناحية 2651 .
فلمّا كان في بعض الأيّام نزل في مكان لم نجد بدّا من أن ننازله فيه، فبينا نحن نتغدّى من زاد 2652 لنا إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلّم.
ثمّ قال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبد اللّه عليه السلام بعثني إليك لتأتيه، فطرح كلّ منا ما في يده حتى كأنّما على رءوسنا الطير.
فقالت له امرأته 2653 - و هي ديلم بنت عمرو-: سبحان اللّه، أ يبعث إليك ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ لا تأتيه؟! فلو أتيته فسمعت من كلامه.
فمضى إليه زهير، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه فقوّض و بثقله 2654 و متاعه فحوّل إلى الحسين عليه السلام.
و قال لامرأته: أنت طالق، فإنّي لا احبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير، و قد عزمت على صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي، و أقيه بنفسي، ثمّ أعطاها حقّها 2655 و سلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إلى أهلها.
فقامت إليه [و ودّعته] 2656 و بكت، و قالت: كان 2657 اللّه لك، أسألك أن
تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين عليه السلام.
ثمّ قال لأصحابه: من أراد 2658 أن يصحبني، و إلّا فهو آخر العهد [منّي] 2659 به.
و هذا الحديث نقلته من كتاب إغاثة الملهوف لسيّدنا عليّ بن موسى بن جعفر بن طاوس 2660 .
و رأيت حديثا أنّ زهير رضي اللّه عنه قال لأصحابه لمّا ودّعهم: إنّي كنت غزوت بلنجر 2661 مع سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، فلمّا فتح اللّه علينا اشتدّ سرورنا، فقال سلمان: أ فرحتم بما أفاء اللّه عليكم؟
قلنا: نعم.
فقال: إذا أدركتم شبّان آل محمد فكونوا أشدّ فرحا لقتالكم معهم 2662 منكم بما أصبتم اليوم، و أنا أستودعكم اللّه تعالى، ثمّ ما زال مع الحسين عليه السلام حتى قتل رحمه اللّه 2663 .
[وصول الحسين عليه السلام إلى زرود]
و قيل: إنّ الحسين عليه السلام لمّا وصل إلى زرود لقي رجلا على راحلة، فلمّا رآه الرجل عدل عن الطريق، و كان الحسين عليه السلام قد وقف
ينتظره، فلمّا عدل مضى و تركه.
قال عبد اللّه بن سليم 2664 و المنذر بن المشمعل 2665 الأسديّان: فعدلنا إلى الراكب، فسلّمنا عليه، فردّ علينا، فقلنا: ممّ الرجل؟
فقال: أسديّ.
قلنا: و نحن أسديّان، فما الخبر؟
قال: الخبر إنّ مسلم بن عقيل و هانئ بن عروة قتلا، و رأيتهما يجرّان في الأسواق.
فأتينا الحسين عليه السلام: فقلنا: إنّ عندنا خبرا، فنظر إلى أصحابه، فقال: ما دون هؤلاء سرّا.
قلنا: أ رأيت الراكب الّذي عدل عن الطريق؟ إنّه أخبر بكذا و كذا.
فقال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون.