کتابخانه روایات شیعه
الضبابي من أصحاب شمر.
فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد و الاثنان فيبيّن ذلك فيهم لقلّتهم، و يقتل من أصحاب عمر العشرة [و العشرون] 2881 فلا يبيّن فيهم ذلك لكثرتهم.
فلمّا رأى ذلك أبو ثمامة الصيداويّ قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد اللّه، نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، و لا و اللّه لا تقتل حتى اقتل دونك، و احبّ أن ألقى اللّه ربّي و قد صلّيت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال: ذكرت الصلاة جعلك اللّه 2882 من المصلّين، نعم هذا أوّل وقتها.
ثمّ قال: سلوهم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي، فكفّوا عنهم، فصلّى الحسين عليه السلام و أصحابه.
فقال الحصين بن نمير: إنّها لا تقبل.
فقال حبيب بن مظاهر: لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول اللّه، و تقبل منك يا ختّار، فحمل عليه الحصين بن نمير، و حمل عليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشبّ [به] 2883 الفرس و وقع عنه الحصين فاحتوشه أصحابه فاستنقذوه.
[صلاة الحسين عليه السلام بأصحابه يوم عاشوراء]
فقال الحسين عليه السلام لزهير بن القين و سعيد بن عبد اللّه: تقدّما أمامي حتى اصلّي الظهر، فتقدّما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف.
[استشهاد سعيد بن عبد اللّه الحنفي رحمة اللّه عليه]
و روي أنّ سعيد بن عبد اللّه الحنفي تقدّم أمام الحسين عليه السلام، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل، كلّما أخذ الحسين عليه السلام يمينا و شمالا قام بين يديه، فما زال يرمى حتى سقط إلى الأرض، و هو يقول: اللّهمّ العنهم لعن عاد و ثمود، اللّهمّ أبلغ نبيّك السلام عنّي، و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإنّي أردت ثوابك في نصرة 2884 ذرّيّة نبيّك، ثمّ مات رضي اللّه عنه، فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف و طعن الرماح 2885 .
[أرجاز لعبد الرحمن بن عبد اللّه اليزني، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ خرج عبد الرحمن بن عبد اللّه اليزني، و هو يقول:
أنا ابن عبد اللّه من آل يزن
ديني على دين حسين و حسن
أضربكم ضرب فتى من اليمن
أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن
ثمّ حمل فقاتل حتى قتل.
[أرجاز لجون مولى أبي ذرّ الغفاري، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ تقدّم جون مولى أبي ذرّ الغفاري و كان عبدا أسود، فقال له الحسين عليه السلام: أنت في إذن منّي، فإنّما تبعتنا طلبا للعافية، فلا تبتل بطريقنا.
فقال: يا ابن رسول اللّه، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم 2886 ، و في الشدّة أخذلكم؟! و اللّه إن ريحي لمنتن، و إن حسبي للئيم، و لوني لأسود، فتنفّس عليّ بالجنّة، فيطيب ريحي، و يشرف حسبي، و يبيضّ وجهي، لا و اللّه لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم.
ثمّ برز للقتال، و هو [ينشد و] 2887 يقول:
كيف يرى الكفّار ضرب الأسود
بالسيف ضربا عن بني محمد
أذبّ عنهم باللسان و اليد
أرجو به الجنّة يوم المورد 2888
ثمّ قاتل حتى قتل، فوقف عليه الحسين عليه السلام، و قال: اللّهمّ بيّض وجهه، و طيّب ريحه، و احشره مع الأبرار، و عرّف بينه و بين محمد و آل محمد.
و روي عن الباقر، عن عليّ بن الحسين عليهم السلام: أنّ الناس كانوا يحضرون المعركة، و يدفنون القتلى، فوجدوا جونا بعد عشرة أيّام تفوح منه رائحة المسك رضوان اللّه عليه 2889 .
[استشهاد عمرو بن خالد الصيداوي رحمة اللّه عليه]
قال: ثمّ برز عمرو بن خالد الصيداويّ فقال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد اللّه، قد هممت أن ألحق بأصحابي، و كرهت أن أتخلّف و أراك وحيدا من 2890 أهلك قتيلا.
فقال له الحسين عليه السلام: تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة، فتقدّم فقاتل حتى قتل رضوان اللّه عليه.
[استشهاد حنظلة بن سعد الشبامي و سويد بن عمر بن أبي المطاع رحمة اللّه عليهما]
قال: و جاء حنظلة بن سعد الشبامي فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام و الرماح و السيوف بوجهه و نحره، و أخذ ينادي: يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ 2891 .
يا قوم، لا تقتلوا حسينا فيسحتكم اللّه بعذاب و قد خاب من افترى 2892 .
ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام و قال: أ فلا نروح إلى ربّنا و نلحق بإخواننا؟
فقال له الحسين عليه السلام: بلى 2893 ، رح إلى ما هو خير لك من الدنيا و ما فيها، و إلى ملك لا يبلى.
و قاتل حتى قتل أبطالا، و صبر صبرا جميلا على احتمال الأهوال 2894 ، حتى قتل رضي اللّه عنه.
قال: و تقدّم [سويد] 2895 بن عمر بن أبي المطاع، و كان شريفا كثير الصلاة، فقاتل قتال الأسد الباسل، و بالغ في الصبر على الخطب النازل، حتى سقط بين القتلى و قد اثخن بالجراح، فلم يزل كذلك و ليس به حراك حتى سمعهم يقولون:
قتل الحسين، فتحامل و أخرج سكّينا من خفّه، و جعل يقاتل حتى قتل رضوان
اللّه عليه.
[أرجاز للحجّاج بن مسروق و زهير بن القين البجلي و سعيد بن عبد اللّه الحنفي، و استشهادهم رحمة اللّه عليهم]
ثمّ خرج الحجّاج بن مسروق و هو مؤذّن الحسين عليه السلام، و هو يقول:
أقدم حسين هاديا مهديّا
اليوم تلقى جدّك النبيّا
ثمّ أباك ذا الندى 2896 عليّا
[ و الحسن الخير الرضا الوليّا
و ذا الجناحين الفتى الكميّا
و أسد اللّه الشهيد الحيّا ] 2897
ثمّ حمل، فقاتل حتى قتل. 2898
ّ خرج من بعده زهير بن القين [البجلي] 2899 رضي اللّه عنه، و هو يرتجز:
أنا زهير و أنا ابن القين
أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسينا أحد السبطين
من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول اللّه غير المين
أضربكم و لا أرى من شين
يا ليت نفسي قسمت قسمين
فقاتل حتى قتل مائة و عشرين رجلا، فشدّ عليه كثير بن عبد اللّه الشعبيّ و مهاجر بن أوس التميميّ فقتلاه.
فقال الحسين عليه السلام حين صرع زهير: لا يبعدك اللّه [يا زهير] 2900 ، و لعن قاتلك لعن الّذين مسخوا قردة و خنازير.
ثمّ خرج سعيد بن عبد اللّه الحنفيّ، و هو يرتجز:
أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا
و شيخك الحبر عليّا ذا الندى
و حسنا كالبدر وافى الأسعدا
و عمّك القرم الهمام الأرشدا 2901
حمزة ليث اللّه يدعى أسدا
و ذا الجناحين تبوّأ مقعدا
في جنّة الفردوس يعلو صعدا 2902
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
[أرجاز لحبيب بن مظاهر الأسدي، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ برز حبيب بن مظاهر الأسدي، و هو يقول:
أنا حبيب و أبي مظهّر
فارس هيجاء و حرب تسعر
و أنتم عند العديد أكثر
و نحن أعلى حجّة و أقهر 2903
[ و أنتم عند الهياج غدّر
و نحن أوفى منكم و أصبر ] 2904
فقتل اثنين و ستّين رجلا، فقتله الحصين بن نمير و علّق رأسه في عنق فرسه.
[أرجاز لهلال بن نافع الجملي و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ برز هلال بن نافع البجلي 2905 ، و هو يقول:
أرمي بها معلمة أفواقها
و النفس لا ينفعها إشفاقها
مسمومة تجري بها أخفاقها
ليملأنّ أرضها رشاقها
فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه، ثمّ ضرب بيده إلى سيفه فاستلّه،
و جعل يقول:
أنا الغلام اليمني البجليّ 2906
ديني على دين حسين و عليّ
إن اقتل اليوم فهذا أملي
فذاك رأيي و الاقي عملي
فقتل ثلاثة عشر رجلا فكسّروا عضديه، و اخذ أسيرا، فقام إليه شمر فضرب عنقه.
[أبيات لشابّ قتل أبوه في المعركة و أبيات لامّه، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
قال: ثمّ خرج شابّ قتل أبوه في المعركة، و كانت امّه معه، فقالت له امّه:
اخرج يا بنيّ و قاتل بين يدي ابن رسول اللّه، فخرج، فقال الحسين عليه السلام:
هذا شابّ قتل أبوه، و لعلّ امّه تكره خروجه.
فقال الشابّ: امّي أمرتني بذلك، فبرز و هو يقول:
أميري حسين و نعم الأمير
سرور فؤاد البشير النذير
عليّ و فاطمة والداه
فهل تعلمون له من نظير؟
له طلعة مثل شمس الضحى
له غرّة مثل بدر منير
و قاتل حتى قتل، و حزّ رأسه و رمي به إلى عسكر الحسين عليه السلام، فحملت امّه رأسه و قالت: أحسنت يا بنيّ، يا سرور قلبي، و يا قرّة عيني، ثمّ رمت برأس ابنها رجلا فقتلته، و أخذت عمود خيمة و حملت عليهم، و هي تقول:
أنا عجوز سيّدي ضعيفة 2907
خاوية بالية نحيفة
أضربكم بضربة عنيفة