کتابخانه روایات شیعه
اللّه عليه.
[أرجاز للحجّاج بن مسروق و زهير بن القين البجلي و سعيد بن عبد اللّه الحنفي، و استشهادهم رحمة اللّه عليهم]
ثمّ خرج الحجّاج بن مسروق و هو مؤذّن الحسين عليه السلام، و هو يقول:
أقدم حسين هاديا مهديّا
اليوم تلقى جدّك النبيّا
ثمّ أباك ذا الندى 2896 عليّا
[ و الحسن الخير الرضا الوليّا
و ذا الجناحين الفتى الكميّا
و أسد اللّه الشهيد الحيّا ] 2897
ثمّ حمل، فقاتل حتى قتل. 2898
ّ خرج من بعده زهير بن القين [البجلي] 2899 رضي اللّه عنه، و هو يرتجز:
أنا زهير و أنا ابن القين
أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسينا أحد السبطين
من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول اللّه غير المين
أضربكم و لا أرى من شين
يا ليت نفسي قسمت قسمين
فقاتل حتى قتل مائة و عشرين رجلا، فشدّ عليه كثير بن عبد اللّه الشعبيّ و مهاجر بن أوس التميميّ فقتلاه.
فقال الحسين عليه السلام حين صرع زهير: لا يبعدك اللّه [يا زهير] 2900 ، و لعن قاتلك لعن الّذين مسخوا قردة و خنازير.
ثمّ خرج سعيد بن عبد اللّه الحنفيّ، و هو يرتجز:
أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا
و شيخك الحبر عليّا ذا الندى
و حسنا كالبدر وافى الأسعدا
و عمّك القرم الهمام الأرشدا 2901
حمزة ليث اللّه يدعى أسدا
و ذا الجناحين تبوّأ مقعدا
في جنّة الفردوس يعلو صعدا 2902
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
[أرجاز لحبيب بن مظاهر الأسدي، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ برز حبيب بن مظاهر الأسدي، و هو يقول:
أنا حبيب و أبي مظهّر
فارس هيجاء و حرب تسعر
و أنتم عند العديد أكثر
و نحن أعلى حجّة و أقهر 2903
[ و أنتم عند الهياج غدّر
و نحن أوفى منكم و أصبر ] 2904
فقتل اثنين و ستّين رجلا، فقتله الحصين بن نمير و علّق رأسه في عنق فرسه.
[أرجاز لهلال بن نافع الجملي و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ برز هلال بن نافع البجلي 2905 ، و هو يقول:
أرمي بها معلمة أفواقها
و النفس لا ينفعها إشفاقها
مسمومة تجري بها أخفاقها
ليملأنّ أرضها رشاقها
فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه، ثمّ ضرب بيده إلى سيفه فاستلّه،
و جعل يقول:
أنا الغلام اليمني البجليّ 2906
ديني على دين حسين و عليّ
إن اقتل اليوم فهذا أملي
فذاك رأيي و الاقي عملي
فقتل ثلاثة عشر رجلا فكسّروا عضديه، و اخذ أسيرا، فقام إليه شمر فضرب عنقه.
[أبيات لشابّ قتل أبوه في المعركة و أبيات لامّه، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
قال: ثمّ خرج شابّ قتل أبوه في المعركة، و كانت امّه معه، فقالت له امّه:
اخرج يا بنيّ و قاتل بين يدي ابن رسول اللّه، فخرج، فقال الحسين عليه السلام:
هذا شابّ قتل أبوه، و لعلّ امّه تكره خروجه.
فقال الشابّ: امّي أمرتني بذلك، فبرز و هو يقول:
أميري حسين و نعم الأمير
سرور فؤاد البشير النذير
عليّ و فاطمة والداه
فهل تعلمون له من نظير؟
له طلعة مثل شمس الضحى
له غرّة مثل بدر منير
و قاتل حتى قتل، و حزّ رأسه و رمي به إلى عسكر الحسين عليه السلام، فحملت امّه رأسه و قالت: أحسنت يا بنيّ، يا سرور قلبي، و يا قرّة عيني، ثمّ رمت برأس ابنها رجلا فقتلته، و أخذت عمود خيمة و حملت عليهم، و هي تقول:
أنا عجوز سيّدي ضعيفة 2907
خاوية بالية نحيفة
أضربكم بضربة عنيفة
دون بني فاطمة الشريفة
و ضربت رجلين فقتلهما، فأمر الحسين عليه السلام بصرفها و دعا لها.
[استشهاد عابس بن أبي شبيب الشاكري رحمة اللّه عليه]
و جاء عابس بن أبي شبيب 2908 الشاكري و معه شوذب مولى شاكر، فقال:
يا شوذب، ما في نفسك أن تصنع؟
قال: ما أصنع؟! اقاتل حتى اقتل.
قال: ذاك الظنّ بك، تقدّم بين يدي أبي عبد اللّه حتى يحتسبك 2909 كما احتسب غيرك، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكلّ ما نقدر عليه، فإنّه لا عمل بعد اليوم و إنّما هو الحساب.
فتقدّم فسلّم على الحسين عليه السلام، و قال: يا أبا عبد اللّه، [أما] 2910 و اللّه ما أمسى على وجه 2911 الأرض قريب و لا بعيد أعزّ [عليّ] 2912 و لا أحبّ إليّ منك، و لو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي و دمي لفعلت، السلام عليك يا أبا عبد اللّه، أشهد أنّي على هداك و هدى أبيك، ثمّ مشى 2913 بالسيف نحوهم.
قال ربيع بن تميم: فلمّا رأيته مقبلا عرفته- و قد كنت شاهدته في المغازي- و كان أشجع الناس، فقلت: أيّها الناس، هذا أسد الاسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجنّ إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: أ لا رجل؟ أ لا رجل؟
فقال عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كلّ جانب،
فلمّا رأى ذلك ألقى درعه و مغفره، ثمّ شدّ على الناس، فو اللّه لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس، ثمّ إنّه 2914 تعطّفوا عليه من كلّ جانب، فقتل، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة، هذا يقول: أنا قتلته، و الآخر يقول كذلك.
فقال عمر بن سعد: لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد، حتى فرّق بينهم بهذا القول.
[استشهاد عبد اللّه و عبد الرحمن الغفاريّان رحمة اللّه عليهما]
ثمّ جاءه عبد اللّه و عبد الرحمن الغفاريّان، فقال: يا أبا عبد اللّه، السلام عليك، أحببنا أن نقتل بين يديك و ندفع عنك.
فقال: مرحبا بكما، ادنوا منّي، فدنوا منه 2915 ، و هما يبكيان، فقال: يا ابني أخي ما يبكيكما؟ فو اللّه إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعة قريري العين.
فقالا: جعلنا اللّه فداك، و اللّه ما على أنفسنا نبكي و لكن نبكي عليك نراك قد احيط بك و لا نقدر على أن نمنعك 2916 .
فقال: جزاكما اللّه يا ابني أخي بوجدكما من ذلك و مواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين، ثمّ استقدما و قالا:
السلام عليك يا ابن رسول اللّه.
فقال: و عليكما السلام و رحمة اللّه و بركاته.
فقاتلا حتى قتلا رضي اللّه عنهما.
[أرجاز لغلام تركي كان للحسين عليه السلام، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
قال: ثمّ خرج غلام تركيّ كان للحسين عليه السلام، و كان قارئا للقرآن، فجعل يقاتل [و يرتجز] 2917 و يقول:
البحر من طعني و ضربي يصطلي
و الجوّ من سهمي و نبلي يمتلي
إذا حسامي بيميني ينجلي
ينشقّ قلب الحاسد المبجّل
فقتل جماعة، ثمّ سقط صريعا، فجاءه الحسين عليه السلام فبكى و وضع خدّه على خدّه، ففتح عينيه فرأى الحسين عليه السلام فتبسّم، ثمّ صار إلى ربّه رضي اللّه عنه.
[استشهاد يزيد بن زياد بن الشعثاء رحمة اللّه عليه]
[قال: ثمّ رماهم يزيد بن زياد بن الشعثاء بثمانية أسهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم، و كان كلّما رمى قال الحسين عليه السلام: اللّهمّ سدّد رميته، و اجعل ثوابه الجنّة، فحملوا عليه فقتلوه.] 2918
و كان يأتي الحسين عليه السلام الرجل بعد الرجل، فيقول: السلام عليك يا ابن رسول اللّه، فيجيبه الحسين، و يقول: و عليك السلام و نحن خلفك، ثمّ يقرأ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ 2919 حتى قتلوا عن آخرهم رضوان اللّه عليهم، و لم يبق مع الحسين إلّا أهل بيته.
و هكذا 2920 يكون المؤمن يؤثر دينه على دنياه، و موته على حياته في سبيل اللّه، و ينصر الحقّ و إن قتل، قال سبحانه: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، و ينصر الحقّ و إن قتل، قال سبحانه: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 2921 و قال النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله: كلّ قتيل في جنب اللّه شهيد، و لمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على شهداء احد و فيهم حمزة رضي اللّه عنه قال: أنا شهيد على هؤلاء القوم زمّلوهم بدمائهم فإنّهم يحشرون يوم القيامة و أوداجهم تشخب دما، فاللون لوم الدم، و الريح ريح المسك 2922 ، [فهم] 2923 كما قيل:
كسته القنا حلّة من دم
فأضحت لدى اللّه من أرجوان
جزته معانقة الدار عين
معانقة القاصرات الحسان 2924
و لقد أحسنت في وصفهم، و بالغت نعيهم بالتعزية، و سمّيتها ب «مجرية العبرة و محزنة العترة» و هي الّتي وضعتها لتعزية المؤمنين يوم التاسع من المحرّم، و ستأتي في المجلس التاسع يوم التاسع إن شاء اللّه، و هي مشتملة على نكت لطيفة، و استعارات ظريفة، و أشعار رائقة، و عبارات شائقة، أنشأتها بإذن اللّه، و أوردتها على المنبر بحضور جمع من المؤمنين، قبالة ضريح سيّد الشهداء، و ثالث الأوصياء، و خامس أصحاب الكساء في حضرته الشريفة، أبكيت بها عيون المؤمنين، و أحزنت قلوب المخلصين، راجيا أن يكون جزائي عنها و ثوابي منها ثواب المستشهدين بين يدي حضرته، الباذلين أنفسهم دونه و دون اسرته.