کتابخانه روایات شیعه
و آله: كلّ قتيل في جنب اللّه شهيد، و لمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على شهداء احد و فيهم حمزة رضي اللّه عنه قال: أنا شهيد على هؤلاء القوم زمّلوهم بدمائهم فإنّهم يحشرون يوم القيامة و أوداجهم تشخب دما، فاللون لوم الدم، و الريح ريح المسك 2922 ، [فهم] 2923 كما قيل:
كسته القنا حلّة من دم
فأضحت لدى اللّه من أرجوان
جزته معانقة الدار عين
معانقة القاصرات الحسان 2924
و لقد أحسنت في وصفهم، و بالغت نعيهم بالتعزية، و سمّيتها ب «مجرية العبرة و محزنة العترة» و هي الّتي وضعتها لتعزية المؤمنين يوم التاسع من المحرّم، و ستأتي في المجلس التاسع يوم التاسع إن شاء اللّه، و هي مشتملة على نكت لطيفة، و استعارات ظريفة، و أشعار رائقة، و عبارات شائقة، أنشأتها بإذن اللّه، و أوردتها على المنبر بحضور جمع من المؤمنين، قبالة ضريح سيّد الشهداء، و ثالث الأوصياء، و خامس أصحاب الكساء في حضرته الشريفة، أبكيت بها عيون المؤمنين، و أحزنت قلوب المخلصين، راجيا أن يكون جزائي عنها و ثوابي منها ثواب المستشهدين بين يدي حضرته، الباذلين أنفسهم دونه و دون اسرته.
و لمّا قتل أصحاب الحسين عليه السلام و لم يبق إلّا أهل بيته، و هم: ولد عليّ، و ولد جعفر، و ولد عقيل، و ولد الحسن، و ولده صلوات اللّه عليه اجتمعوا
و ودّع 2925 بعضهم بعضا، و عزموا على الحرب،
[أرجاز عبد اللّه بن مسلم بن عقيل، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
فأوّل من برز من أهل بيته عبد اللّه ابن مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام، و هو يرتجز و يقول:
اليوم ألقى مسلما و هو أبي
و فتية بادوا على دين النبيّ
ليسوا بقوم 2926 عرفوا بالكذب
لكن خيار و كرام النسب
[ من هاشم السادات أهل الحسب ] 2927 .
فقاتل حتى قتل ثمانية و تسعين رجلا في ثلاث حملات، ثمّ قتله عمرو ابن صبيح الصيداويّ و أسد بن مالك.
[أرجاز جعفر و عبد الرحمن ابنا عقيل، و استشهادهما رحمة اللّه عليهما]
ثمّ خرج من بعده جعفر بن عقيل، و هو [يرتجز و] 2928 يقول:
أنا الغلام الأبطحيّ الطالبيّ
من معشر في هاشم و غالب
و نحن حقّا سادة الذوائب
هذا 2929 حسين أطيب الأطائب
من عترة البرّ التقيّ العاقب
فقتل خمسة عشر فارسا، ثمّ قتله بشر بن سوط الهمداني 2930 .
ثمّ خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل، و هو يقول:
أبي عقيل فاعرفوا مكاني
من هاشم و هاشم إخواني
كهول صدق سادة الأقران
هذا حسين شامخ البنيان
و سيّد الشيب مع الشبّان 2931
فقتل سبعة عشر فارسا، ثمّ قتله عثمان بن خالد 2932 الجهنيّ.
[أرجاز محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
و خرج من بعده محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، و هو يقول:
نشكو إلى اللّه من العدوان
قتال 2933 قوم في الردى عميان
قد تركوا معالم القرآن
و محكم التنزيل و البيان 2934
و أظهروا الكفر مع الطغيان
ثمّ قاتل حتى قتل عشرة أنفس، ثمّ قتله عامر بن نهشل التميمي.
[أرجاز عون بن عبد اللّه بن جعفر، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ خرج من بعده عون بن عبد اللّه بن جعفر، و هو يقول:
إن تنكروني فأنا ابن جعفر
شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر
كفى بهذا شرفا في المحشر
ثمّ قاتل حتى قتل من القوم ثلاثة فوارس و ثمانية عشر رجلا، ثمّ قتله عبد اللّه بن قطبة الطائي.
ثمّ خرج من بعده عبد اللّه بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.
[أرجاز القاسم بن الحسن عليه السلام، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
و في أكثر الروايات أنّه القاسم بن الحسن عليه السلام و هو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلمّا نظر الحسين عليه السلام إليه قد برز اعتنقه و جعلا يبكيان حتى غشي عليهما، ثمّ استأذن الحسين عليه السلام في المبارزة، فأبى الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبّل يديه و رجليه حتى أذن له، فخرج و دموعه تسيل على خدّيه، و هو يقول:
إن تنكروني فأنا فرع الحسن
سبط النبيّ المصطفى و المؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن
بين اناس لاسقوا صوب المزن
و كان وجهه كفلقة القمر، فقاتل قتالا شديدا حتى قتل- على صغره- خمسة و ثلاثين رجلا.
قال حميد: كنت في عسكر ابن سعد، فكنت أنظر إلى هذا الغلام عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما.
فقال عمرو بن سعد الأزديّ: و اللّه لأشدّنّ عليه.
فقلت: سبحان اللّه! و ما تريد بذلك؟ و اللّه لو ضربني ما بسطت إليه يدي، يكفيك هؤلاء الّذين تراهم قد احتوشوه.
قال: و اللّه لأفعلنّ، فشدّ، فما ولّى حتى ضرب رأسه بالسيف و وقع الغلام لوجهه، و نادى: يا عمّاه.
قال: فجاءه الحسين كالصقر المنقض فتخلّل الصفوف، و شدّ شدّة الليث الحرب فضرب عمرا قاتله بالسيف، فاتّقاه بيده فأطنّها من المرفق، فصاح
فتنحّى عنه، و حملت [خيل] 2935 أهل الكوفة فاستنقذوه من يد الحسين، فوقف الحسين على رأس الغلام و هو يفحص [برجليه] 2936 ، فقال الحسين: يعزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك و لا ينفعك 2937 ، بعدا لقوم قتلوك.
ثمّ احتمله، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، و قد وضع صدره على صدره، فقلت في نفسي: ما يصنع؟ فجاء حتّى ألقاه بين 2938 القتلى من أهل بيته.
ثمّ قال: اللّهمّ أحصهم عددا، و اقتلهم بددا، و لا تغادر منهم أحدا، و لا تغفر لهم أبدا، صبرا يا بني عمومتي، صبرا يا أهل بيتي، لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.
[أرجاز عبد اللّه بن الحسن عليه السلام، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ خرج عبد اللّه بن الحسن الّذي ذكرناه أوّلا و هو الأصحّ أنّه برز بعد القاسم، و هو يقول:
إن تنكروني فأنا ابن حيدره
ضرغام آجام و ليث قسوره
على الأعادي مثل ريح صرصره
[ أكيلكم بالسيف كيل السندرة ] 2939
فقتل أربعة عشر رجلا، ثمّ قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي لعنه اللّه فاسودّ وجهه.
[أرجاز أبو بكر و عمر ابنا عليّ عليه السلام، و استشهادهما رحمة اللّه عليهما]
ثمّ تقدّم إخوة الحسين عليه السلام عازمين على أن يموتوا دونه، فأوّل من خرج منهم أبو بكر بن عليّ، و اسمه عبيد اللّه 2940 ، و امّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعيّ التميميّة، فتقدّم، و هو يرتجز و يقول:
شيخي عليّ ذو الفخار الأطول
من هاشم الصدق الكريم المفضل
هذا حسين بن النبيّ المرسل
عنه نحامي 2941 بالحسام المصقل
تفديه نفسي من أخ مبجّل
[ يا ربّ فامنحني ثواب المجزل ] 2942
فلم يزل يقاتل حتى قتله زحر بن بدر 2943 النخعي؛ و قيل: عبد اللّه بن عتبة الغنويّ.
ثمّ برز من بعده أخوه عمر بن عليّ، و هو يقول:
أضربكم و لا أرى فيكم زحر
ذاك الشقيّ بالنبيّ قد كفر
يا زحر يا زحر تدان من عمر
لعلّك اليوم تبوء من سقر
شرّ مكان في حريق و سعر
لأنّك الجاحد يا شرّ البشر
ثمّ حمل على زحر قاتل أخيه فقتله، و استقبل القوم و جعل يضرب بسيفه ضربا منكرا و هو يقول:
خلّوا عداة اللّه خلّوا عن عمر
خلّوا عن الليث العبوس المكفهر
يضربكم بسيفه و لا يفرّ
و ليس فيها 2944 كالجبان المنحجر
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
[أرجاز عثمان و جعفر ابنا عليّ عليه السلام من أمّ البنين، و استشهادهما رحمة اللّه عليهما]
ثمّ خرج من بعده أخوه عثمان بن عليّ، و امّه أمّ البنين بنت حزام بن خالد من بني كلاب، و هو يقول:
إنّي أنا عثمان ذو المفاخر
شيخي عليّ ذو الفعال الظاهر
و ابن عمّ للنبيّ الطاهر
أخي حسين خيرة الأخائر
و سيّد الكبار و الأصاغر
بعد الرسول فالوصيّ الناصر 2945
فرماه خوليّ بن يزيد الأصبحي على جنبه 2946 فسقط عن فرسه، و حزّ 2947 رأسه رجل من بني أبان بن حازم فقتله.
ثمّ برز من بعده أخوه جعفر بن عليّ، و امّه أمّ البنين أيضا، و هو يقول:
إنّي أنا جعفر ذو المعالي
ابن 2948 عليّ الخير ذو النوال
حسبي بعمّي شرفا و خالي
أحمي حسينا ذي الندى المفضال 2949