کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
[أرجاز أبو بكر و عمر ابنا عليّ عليه السلام، و استشهادهما رحمة اللّه عليهما]
ثمّ تقدّم إخوة الحسين عليه السلام عازمين على أن يموتوا دونه، فأوّل من خرج منهم أبو بكر بن عليّ، و اسمه عبيد اللّه 2940 ، و امّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعيّ التميميّة، فتقدّم، و هو يرتجز و يقول:
شيخي عليّ ذو الفخار الأطول
من هاشم الصدق الكريم المفضل
هذا حسين بن النبيّ المرسل
عنه نحامي 2941 بالحسام المصقل
تفديه نفسي من أخ مبجّل
[ يا ربّ فامنحني ثواب المجزل ] 2942
فلم يزل يقاتل حتى قتله زحر بن بدر 2943 النخعي؛ و قيل: عبد اللّه بن عتبة الغنويّ.
ثمّ برز من بعده أخوه عمر بن عليّ، و هو يقول:
أضربكم و لا أرى فيكم زحر
ذاك الشقيّ بالنبيّ قد كفر
يا زحر يا زحر تدان من عمر
لعلّك اليوم تبوء من سقر
شرّ مكان في حريق و سعر
لأنّك الجاحد يا شرّ البشر
ثمّ حمل على زحر قاتل أخيه فقتله، و استقبل القوم و جعل يضرب بسيفه ضربا منكرا و هو يقول:
خلّوا عداة اللّه خلّوا عن عمر
خلّوا عن الليث العبوس المكفهر
يضربكم بسيفه و لا يفرّ
و ليس فيها 2944 كالجبان المنحجر
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
[أرجاز عثمان و جعفر ابنا عليّ عليه السلام من أمّ البنين، و استشهادهما رحمة اللّه عليهما]
ثمّ خرج من بعده أخوه عثمان بن عليّ، و امّه أمّ البنين بنت حزام بن خالد من بني كلاب، و هو يقول:
إنّي أنا عثمان ذو المفاخر
شيخي عليّ ذو الفعال الظاهر
و ابن عمّ للنبيّ الطاهر
أخي حسين خيرة الأخائر
و سيّد الكبار و الأصاغر
بعد الرسول فالوصيّ الناصر 2945
فرماه خوليّ بن يزيد الأصبحي على جنبه 2946 فسقط عن فرسه، و حزّ 2947 رأسه رجل من بني أبان بن حازم فقتله.
ثمّ برز من بعده أخوه جعفر بن عليّ، و امّه أمّ البنين أيضا، و هو يقول:
إنّي أنا جعفر ذو المعالي
ابن 2948 عليّ الخير ذو النوال
حسبي بعمّي شرفا و خالي
أحمي حسينا ذي الندى المفضال 2949
ثمّ قاتل فرماه خوليّ الأصبحي 2950 فأصاب شفتيه أو عينه 2951 .
[أرجاز عبد اللّه بن عليّ عليه السلام، و استشهاده رحمة اللّه عليه]
ثمّ برز أخوه عبد اللّه بن عليّ [و امّه أمّ البنين أيضا] 2952 و هو يقول:.
أنا ابن ذي النجدة و الإفضال
ذاك عليّ الخير ذو 2953 الفعال
سيف رسول اللّه ذو النكال
في كلّ قوم ظاهر الأهوال 2954
فقتله هانئ بن ثبيت الحضرمي 2955 .
[أرجاز العبّاس بن عليّ عليه السلام، و استشهاده رضوان اللّه عليه]
و كان العبّاس 2956 السقّاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين عليه
السلام، و هو أكبر الاخوان، مضى يطلب الماء فحملوا عليه و حمل عليهم، و جعل يقول:
لا أرهب الموت إذا الموت رقى
حتى اواري في المصاليت 2957 لقى
نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا
إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا
و لا أخاف الشرّ يوم الملتقى
ففرّقهم، فكمن له زيد بن ورقاء 2958 من وراء نخلة، و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه على يمينه، فأخذ السيف بشماله و حمل، و هو يرتجز:
و اللّه إن قطعتم يميني
إنّي احامي أبدا عن ديني
و عن إمام صادق اليقين
نجل النبيّ الطاهر الأمين
فقاتل حتى ضعف، فكمن له الحكيم 2959 بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله، فقال:
يا نفس لا تخشي من الكفّار
و أبشري برحمة الجبّار
مع النبيّ السيّد المختار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا ربّ حرّ النار
[أبيات للحسين عليه السلام بعد مصرع العبّاس، و خروج علي الأكبر عليه السلام للقتال]
فضربه ملعون بعمود من حديد فقتله، فلمّا رآه الحسين عليه السلام صريعا على شاطئ الفرات بكى، و أنشأ:
تعدّيتم يا شرّ قوم ببغيكم
و خالفتموا 2960 قول 2961 النبيّ محمد
أ ما كان خير الرسل أوصاكم بنا؟
أما نحن من نجل 2962 النبيّ المسدّد؟
[ أ ما كانت الزهراء امّي دونكم؟
أ ما كان من خير البريّة أحمد؟ ] 2963
لعنتم و اخزيتم بما قد جنيتم
فسوف تلاقوا حرّ نار توقّد
و لمّا قتل العبّاس قال الحسين عليه السلام: الآن انكسر ظهري، و قلّت حيلتي.
قال: تقدّم عليّ بن الحسين عليه السلام، و امّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، و هو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة، و رفع الحسين سبّابته 2964 نحو السماء و قال: اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك صلّى اللّه عليه و آله، كنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك صلّى اللّه عليه و آله نظرنا إلى وجهه، اللّهمّ امنعهم بركات الأرض، و فرّقهم
تفريقا، و مزّقهم تمزيقا، و اجعلهم طرائق قددا، و لا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا.
ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد: مالك؟ قطع اللّه رحمك، و لا بارك لك في أمرك، و سلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك، كما قطعت رحمي، و لم تحفظ قرابتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ رفع الحسين عليه السلام صوته و تلا: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 2965 .
[أرجاز لعليّ الأكبر، و استشهاده عليه السلام]
ثمّ حمل عليّ بن الحسين على القوم، و هو يقول:
أنا عليّ بن الحسين بن عليّ
من عصبة جدّ أبيهم النبيّ 2966
و اللّه لا يحكم فينا ابن الدعيّ
أطعنكم بالرمح حتى ينثني
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي 2967
ضرب غلام غلام هاشميّ علويّ
فلم يزل يقاتل حتى ضجّ الناس من كثرة من قتل منهم، و روي أنّه قتل على عطشه مائة و عشرين رجلا، ثمّ رجع إلى أبيه و قد أصابته جراحات كثيرة، فقال: يا أبة، العطش قد قتلني، و ثقل الحديد أجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوّى بها على الأعداء؟
فبكى الحسين عليه السلام، و قال: يا بنيّ، يعزّ على محمد صلّى اللّه عليه و آله، و على عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و عليّ 2968 أن تدعوهم فلا يجيبوك، و تستغيث بهم فلا يغيثوك.
يا بنيّ، هات لسانك، فأخذ بلسانه فمصّه و دفع إليه خاتمه، و قال:
أمسكه في فيك و ارجع إلى قتال عدوّك فإنّي أرجو أنّك لا تمسي حتى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا، فرجع عليه السلام إلى القتال، و هو يقول:
الحرب قد قامت 2969 لها الحقائق
و ظهرت من بعدها مصادق
و اللّه ربّ العرش لا نفارق
جموعكم أو تغمد البوارق
فلم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين، ثمّ ضربه مرّة بن منقذ 2970 العبدي لعنه اللّه على مفرق رأسه ضربة صرعته، و ضربه الناس بأسيافهم، ثمّ اعتنق عليه السلام فرسه، فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إربا إربا.