کتابخانه روایات شیعه
الحضرمي، و قطيفته من خزّ قيس بن الأشعث الكندي، و سراويله بحير بن عمرو الجرمي 3013 .
و كان عليه السلام قد قال لأهله: ائتوني بثوب لا يرغب فيه لئلّا اسلبه، فأتوه بتبان، فقال: هذا من لباس أهل الذمّة، فأتوه بسراويل أوسع منه فسلبوه إيّاها، سلبها [بحير بن] 3014 عمرو المذكور؛ و قيل: أخذها بحر بن كعب التميمي، و أخذ القوس و الحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي و هانئ بن ثبيت الحضرمي و جرير بن مسعود الحضرمي، و نعليه الأسود الأوسي، و سيفه رجل من بني نهشل بن دارم 3015 ؛ و قيل: الأسود بن حنظلة، فأحرقهم المختار رضي اللّه عنه بالنار، ثمّ مال الناس على الورس و الأمتعة و الإبل فانتهبوها، ثمّ تسابقوا على نهب بيوت آل الرسول حتى كانوا ينزعون ملحفة المرأة عن رأسها و ظهرها.
و عن فاطمة بنت الحسين قالت: لمّا دخلت العامّة علينا بالنهب دخل رجل و أنا صغيرة و في رجليّ خلخالان فنزعهما من رجليّ و هو يبكي، فقلت:
ما يبكيك؟
فقال: و كيف لا أبكي و أنا أسلب ابنة رسول اللّه؟!
فقلت: لا تسلبني.
فقال: أخاف أن يأخذه غيري.
و قال حميد بن مسلم: انتهيت إلى عليّ بن الحسين عليه السلام و هو مضطجع على فراش له و هو مريض، و إذا شمر معه رجل يقول: أ لا نقتل هذا الصبيّ؟
سبحان اللّه! ما معنى قتل الصبيان؟ فما زال دأبي كذلك أدفع عنه حتى جاء عمر بن سعد، فقال: لا يدخلنّ أحد بيوت هذه النسوة، و لا يتعرّض لهذا الغلام أحد، و من أخذ من متاعهم شيئا فليردّه، فو اللّه ما ردّ أحد شيئا غير انّهم كفّوا.
فقال لي عليّ بن الحسين عليه السلام: جزيت خيرا فقد دفع اللّه عنّا- بمقالتك- أشرار الناس 3016 .
و لمّا دخل الناس بعد قتل الحسين الفسطاط- فسطاط النساء- للنهب أقبلت امرأة من عسكر ابن سعد كانت مع زوجها، فلمّا اقتحم الناس الفسطاط و أقبلوا يسلبون النساء أخذت سيفا و أقبلت نحو الفسطاط، و نادت: يا آل بكر ابن وائل، أ تسلب بنات رسول اللّه؟ يا لثارات رسول اللّه، فأخذها زوجها فردّها إلى رحله.
[حرق الخيام]
ثمّ أمر ابن سعد بإخراج النساء من الخيمة و أضرموا فيها النار، فخرجن حواسر مسلّبات حافيات باكيات، يمشين سبايا في أسر الذلّة.
قال بعض من شهد الوقعة: ما رأيت مكثورا 3017 قطّ قتل ولده و إخوته و بنو عمّه و أهل بيته و أنصاره أربط جأشا، و لا أمضى جنانا ما رأيت قبله و لا بعده
مثله- أعني الحسين عليه السلام- لقد رأيت الرجال تنكشف عنه انكشاف المعزى إذا عاث 3018 فيها الذئب.
[أنّ الخيل وطأت الحسين عليه السلام]
ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنه اللّه نادى: من ينتدب للحسين فيطؤه بفرسه 3019 ؟
فانتدب له عشرة نفر، منهم: أخنس بن مرثد الحضرمي، و هو القائل 3020 :
نحن رضضنا الظهر بعد الصدر
بكلّ يعبوب شديد الأسر
[ حتى عصينا اللّه ربّ الأمر
بصنعنا مع الحسين الطهر ] 3021
و قال عمر بن سعد لعنه اللّه: بهذا أمر الأمير عبيد اللّه.
قال الراوي 3022 : فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم أولاد زنا، و هؤلاء أخذهم المختار رضي اللّه عنه و شدّ أيديهم و أرجلهم بسكك من حديد، ثمّ أوطأهم الخيل حتى ماتوا.
و أقام عمر بن سعد يومه ذاك بعد الواقعة إلى الغد، فجمع قتلاه فصلّى عليهم و دفنهم، و ترك الحسين و أصحابه منبوذين بالعراء، فلمّا ارتحلوا إلى الكوفة و تركوهم على تلك الحال عمد أهل الغاضريّة من بني أسد فصلّوا عليهم و دفنوهم 3023 .
[بلاء اللّه تعالى النازل فيمن سلب الحسين عليه السلام]
و ابتلى اللّه سبحانه الّذين أخذوا سلب الحسين عليه السلام كلّ واحد منهم ببلاء، فالّذي أخذ سراويله بحير بن عمرو الجرمي فلبسها فصار زمنا مقعدا، و الّذي أخذ عمامته و هو جابر بن يزيد فصار مجذوما، و الّذي أخذ درعه مالك بن نسير صار معتوها، و الّذي أخذ خاتمه و هو بجدل بن سليم الكلبي و قطع اصبعه عليه السلام مع الخاتم أخذه المختار و قطع يديه و رجليه و تركه يتشحّط بدمه حتى مات 3024 .
و ارتفعت في السماء- في تلك الساعة الّتي قتل فيها صلوات اللّه عليه- غبرة شديدة سوداء مظلمة، فيها ريح حمراء، لا يرى فيها عين و لا أثر، حتى ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم.
و قتل صلوات اللّه عليه 3025 يوم عاشوراء عاشر المحرّم الحرام سنة إحدى و ستّين من الهجرة، و هو ابن أربع و خمسين سنة و ستّة أشهر و نصف.
قال: و أقبل فرس الحسين عليه السلام و قد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ، فوضع ناصيته في دم الحسين عليه السلام، ثمّ أقبل يركض نحو خيمة النساء، و هو يصهل و يضرب الأرض برأسه عند الخيمة حتى مات 3026 .
و السيف الّذي كان مع الحسين صلوات اللّه عليه حين قتل ليس هو بذي الفقار، و إنّما هو غيره، لأنّ ذا الفقار [كان مذخورا و مصونا مع أمثاله] 3027 من
ذخائر النبوّة و الامامة لا يطّلع عليه أحد.
[في عدّة المقتولين من أصحاب و أهل بيت الحسين عليه السلام]
و كان عدّة القتلى من أصحاب الحسين عليه السلام الّذين قتلوا معه اثنين و سبعين رجلا رضوان اللّه عليهم و رحمته و سلامه هؤلاء الّذين قتلوا قبل أهل بيته.
و أمّا عدّة المقتولين من أهل بيته فالأكثرون على أنّهم كانوا سبعة و عشرين:
سبعة من بني مسلم و من بني عقيل 3028 : مسلم المقتول بالكوفة، و جعفر، و عبد الرحمن [ابنا عقيل] 3029 ، و محمد بن مسلم، و عبد اللّه بن مسلم، و جعفر بن محمد بن عقيل، و محمد بن أبي سعيد بن عقيل.
و ثلاثة من ولد جعفر: محمد بن عبد اللّه بن جعفر، و عون الأكبر بن عبد اللّه، و عبيد اللّه بن عبد اللّه.
و تسعة 3030 من ولد أمير المؤمنين عليه السلام: الحسين عليه السلام، و العبّاس؛ و يقال: و ابنه محمد بن العبّاس 3031 .
ذكر صاحب مقاتل الطالبيّين انّ العبّاس بن عليّ بن أبي طالب، و عثمان ابن عليّ بن أبي طالب، و جعفر بن عليّ بن أبي طالب، و عبد اللّه بن عليّ بن أبي طالب هؤلاء الأربعة صلّوا مع الحسين عليه السلام و كانت امّهم أمّ البنين بنت
حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيل 3032 ، و هو عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، و كان العبّاس أكبرهم، و هو آخر من قتل من إخوته لامّه و أبيه.
[مراثي في العبّاس عليه السلام]
و في العبّاس عليه السلام يقول الشاعر:
أحقّ الناس أن يبكى عليه
فتى أبكى الحسين بكربلاء
أخوه و ابن والده عليّ
أبو الفضل المضرّج بالدماء
و من واساه لا يثنيه شيء
فجادله على عطش بماء
و فيه يقول الكميت بن زيد:
و أبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو
شفاء النفوس من أسقام
قتل الأدعياء إذا قتلوه
أكرم الشاربين صوب الغمام
و كان العبّاس رجلا جسيما و سيما جميلا، و كان يركب الفرس المطهّم 3033 و رجلاه تخطّان الأرض، و كان يقال له قمر بني هاشم، و كان لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل.
و كانت أمّ البنين أمّ هؤلاء الإخوة الأربعة تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة و أحرقها، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها، و كان مروان يجيء فيمن يجيء فيسمع ندبتها و يبكي.
و عبد اللّه الأصغر، و محمد الأصغر، و أبو بكر، يشكّ في قتله.
و أربعة من بني الحسن عليه السلام: أبو بكر، و عبد اللّه، و القاسم؛ و قيل:
و بشر؛ و قيل: عمر و كان صغيرا.
و ستّة من أولاد الحسين عليه السلام مع اختلاف فيهم: عليّ الأكبر، [و إبراهيم] 3034 ، و عبد اللّه، و عليّ الأصغر، و جعفر، و محمد، و ذبح 3035 عبد اللّه في حجره.
و أسّروا الحسن بن الحسن مقطوعة يده؛ و قيل: لم يقتل محمد الأصغر ابن الحسين 3036 لمرضه؛ و يقال: رماه رجل من بني دارم فقتله.
[المقتولون في الحملة الاولى من أصحاب الحسين عليه السلام]