کتابخانه روایات شیعه
و بشر؛ و قيل: عمر و كان صغيرا.
و ستّة من أولاد الحسين عليه السلام مع اختلاف فيهم: عليّ الأكبر، [و إبراهيم] 3034 ، و عبد اللّه، و عليّ الأصغر، و جعفر، و محمد، و ذبح 3035 عبد اللّه في حجره.
و أسّروا الحسن بن الحسن مقطوعة يده؛ و قيل: لم يقتل محمد الأصغر ابن الحسين 3036 لمرضه؛ و يقال: رماه رجل من بني دارم فقتله.
[المقتولون في الحملة الاولى من أصحاب الحسين عليه السلام]
و المقتولون في الحملة الاولى من أصحاب الحسين: نعيم بن عجلان، و عمران بن كعب، و أنس بن حارث 3037 الأشجعي، و حنظلة بن عمرو الشيباني 3038 ، و قاسط بن زهير، و كنانة بن عتيق، و عمرو بن مشيعة 3039 ، و ضرغامة ابن مالك، و عامر بن مسلم، و سيف بن مالك النميري، و عبد الرحمن الأرحبي، و مجمع العائذي، و حباب بن الحارث، و عمرو الجندعي، و الحلاس ابن عمرو الراسبي، و سوّار بن حمير 3040 الفهمي، و عمّار بن سلامة 3041 الدالاني،
و النعمان ابن عمرو الراسبي، و زاهر بن عمرو مولى ابن الحمق، و جبلة بن عليّ، و مسعود بن الحجّاج، و عبد اللّه بن عروة الغفاري، و زهير بن بشر الخثعمي، و عمّار بن حسّان، و عبد اللّه بن عمير، و مسلم بن كثير، و زهير بن سليم 3042 ، و عبد اللّه و عبيد اللّه ابنا زيد البصري، و عشرة من موالي الحسين عليه السلام، و موليان من موالي أمير المؤمنين عليه السلام.
هؤلاء المقتولون في الحملة الاولى إلى تمام الخمسين، و الباقون قتلوا بعد هؤلاء، و هم: الحرّ، و برير، و عمرو بن خالد الأسدي، و حبيب بن مظاهر، و زهير بن القين، و غيرهم ممّن ذكرنا أوّلا رضي اللّه عنهم أجمعين، و لعن اللّه قاتلهم إلى يوم الدين.
[إرسال رأس الحسين عليه السلام إلى ابن زياد لعنه اللّه]
قال: ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنه اللّه سرح 3043 برأس الحسين عليه السلام يوم عاشوراء- يوم قتل فيه عليه السلام- مع خوليّ بن يزيد الأصبحي و حميد بن مسلم الأسدي إلى ابن زياد لعنه اللّه، ثمّ أمر برءوس الباقين من أهل بيته و أصحابه فقطّعت و سرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن [و قيس بن الأشعث و عمرو بن الحجّاج] 3044 إلى الكوفة، و أقام ابن سعد يومه ذلك و غده إلى الزوال- كما أشرنا أوّلا-.
[اقتسام القبائل رءوس أصحاب و أهل بيت الحسين عليه السلام، و إرسال السبايا إلى الكوفة، و ندبة زينب أخاها الحسين عليه السلام]
و روي أنّ رءوس أصحاب الحسين عليه السلام و أهل بيته كانت ثمانية و سبعين رأسا، و اقتسمتها القبائل لتتقرّب بذلك إلى عبيد اللّه و إلى يزيد:
فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا، و صاحبهم قيس بن الأشعث.
و جاءت هوازن باثني عشر رأسا، و صاحبهم شمر.
و جاءت تميم بسبعة عشر رأسا.
و جاءت بنو أسد بستّة عشر رأسا.
و جاءت مذحج بسبعة رءوس.
و جاء سائر الناس بثلاثة عشر رأسا 3045 .
ثمّ أذن ابن سعد بالرحيل إلى الكوفة، و حمل بنات الحسين و أخواته و عليّ بن الحسين و ذراريهم، فاخرجوا حافيات حاسرات مسلّبات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلّة، فقلن: بحقّ اللّه ما نروح معكم و لو قتلتمونا إلّا ما مررتم بنا على مصرع الحسين، فأمر ابن سعد لعنه اللّه ليمرّوا بهم من المقتل حتى رأين إخوانهنّ، و أبناءهنّ، و ودّعنهم، فذهبوا بهنّ إلى المعركة، فلمّا نظر النسوة إلى القتلى صحن و ضربن وجوههنّ.
قال: فو اللّه ما أنسى زينب بنت عليّ و هي تندب الحسين و تنادي بصوت حزين: يا محمداه، صلّى عليك مليك السماء، هذا حسين مرمّل بالدماء، مقطّع الأعضاء، و بناتك سبايا، إلى اللّه المشتكى، و إلى محمد المصطفى، و إلى عليّ المرتضى، و إلى حمزة سيّد الشهداء.
وا محمداه هذا حسين بالعراء، تسفي عليه الصبا، قتيل أولاد البغايا، يا حزناه وا كرباه، اليوم مات جدّي رسول اللّه، يا أصحاب محمد، هؤلاء ذرّيّة
المصطفى يساقون سوق السبايا.
و في بعض الروايات: يا محمداه، بناتك سبايا، و ذرّيّتك قتلى، تسفي عليهم الصبا، هذا ابنك مجزوز 3046 الرأس من القفا، لا هو غائب فيرجى، و لا جريح فيداوى، فما زالت [تقول هذا القول] 3047 حتى أبكت و اللّه كلّ صديق و عدوّ، حتى رأينا دموع الخيل تنحدر على حوافرها، ثمّ إنّ سكينة اعتنقت جسد الحسين فاجتمع عدّة من الناس حتى جرّوها 3048 3049 .
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
قلت: و لمّا قرعت هذه الأخبار الشنيعة بقوارعها سمعي، و أحرقت هذه الآثار الفضيعة فؤادي، و أجرت دمعي بصورته عليه السلام صريعا بين يدي الأعادي بعين بصيرتي، و مثّلته طريحا في سرّي و فكرتي، و نقشت صورة ذاته الشريفة في لوح حياتي، و أجريت ذكره قتيلا في خاطري و بالي، و أوقفت في عالم الخيال نحيل بدني بين يديه، و مزّقت بيد فكري جيب صبري جزعا عليه، و ناديت صارخا بأنّه ينبىء عن عظيم مصيبتي، و ندبت جازعا بزفرة
تجبر في جنبه رزيّتي، قائلا: يا حزني، موضع انقضاك مماتي، و يا وجدي خذ منتهاك وفاتي، و يا عبرتي موضع جمودك حفرتي، و يا زفرتي وقت جمودك منيّتي، و يا مهجتي تصاعدي دما بنار أحزاني من مقتلي، و يا كبدي ذوبي بضرام أشجاني و نفسي، فلأيّ فقيد أدّخر دمعي بعد مصابي بأحبّائي؟ و على أيّ شهيد أبذل جهدي بنحيبي و بكائي.
فيا من خدّت واقعته أخاديد في خدودي من ماء جفوني، و أذابت رزيّته أحشائي فأسالتها دما من شئون عيوني، أعلى أيّ قانت سواك أشقّ ثوب صبري؟ أم على أيّ هالك غيرك أهتك مصون ستري؟ و حبّك ديني و معتقدي، و ولاؤك روحي في جسدي، و ذكرك أنيس وحدتي، و مدحك جليس خلوتي، و خيالك في سواد مقلتي، و جمالك في سويداء مهجتي، أ يليق البكاء إلّا على مصيبتك؟ أم يحسن العزاء إلّا لرزيّتك؟ هل لنبيّي سبط غيرك شهيدا فأبكيه؟ أم لوليّي قرّة عين سواك فأرثيه؟ أم للزهراء ثمرة قلب إلّا جمال بهجتك؟ و هل لأئمّة الهدى شرف إلّا من شريف حضرتك؟
واقعتك أرخصت في سوق الأحزان عقيق عبرتي، و مصيبتك هدّت بمعاول الأشجان قواعد تثبّتي، و أحرقت بقوادح الأسقام مهجتي، و أغرقت أسفا بتناثر العبرات و جنتي، و بدّلت برقادي سهادي، و صيّرت الأوصاب دثاري و مهادي، فجسمي سقيم، و صبري عديم، و قلبي حريق، و طرفي غريق، لشيبك الخضيب، و خدّك التريب، و نسوتك الاسارى، و ذرّيّتك الحيارى، و أطفالك الّذين سقوا من ثدي الحمام قبل الفطام، و جرعوا كئوس الممات بمقابل الطعام، ذكر ظعنك يطيف الأحزان بقلبي، و تفوّر حتفك يهيج نيران الأسى غمومي و كربي، و مصرع شبّانك يذهل عقلي و لبّي، و مقتل فتيانك
يجعل من دموعي شربي، لغمّتك شجرة الغموم بقلبي نبتت، و لكربتك قواعد الهموم بلبّي ثبتت، سحقا لأيّامي إن استمسكت بغير عروتكم يدي، و بعدا لمقامي إن جعلت سواكم معتقدي، و خرسا للهاتي إن فاهت بغير مدحتكم، و عمى لطرفي إن نظر جميلا سوى بهجتكم، لا قرّت عيني إن نثرت على غير عروس مجدكم فائق نثري، و لا راف معيني إن أطافت بسوى كعبة جودكم رائق شعري.
أنتم وسيلتي إلى خالقي، و بكم و ضحت في الحقّ طرائقي، و إلى نحوكم منطق شكري صرفته، و على مدحكم بديع نظامي وقفته، إن رضيتم خدّي موطئا لأقدامكم، و وجهي موضعا لنعالكم، و أثبتم اسمي في جرائد عبيدكم، و وفرتم قسمي من عنايتكم وجودكم، فيا زلفتي من ربّي، و يا وصولي و قربي، و إن طردتموني عن أبواب كرمكم، و محوتموني من دفاتر خدمتكم، فيا خسارة صفقتي و يا سوء عاقبتي، فيا سعادة أنفسا بذلت في طاعتكم أرواحا و أبدانا، و يا فرحة طائفة بلغت في نصرتكم بوجوهها و صدورها حساما و سنانا.
فلعمري لقد حازوا بجميل صبرهم ثوابا جسيما، فيا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما، جلت رياض الجنّة عرائس أزهارها على زهيرهم، و أعلت على منازل أبرارها درجة حرّهم و بريرهم، و جعلت حبيبهم حبيب حور عينها، و صيّرت لمنثور لؤلؤها لون جونها، و وهبت وهبتها من غرفاتها أعلاها، و يسّرت لمسلمها من قداح لذّاتها معلّاها، كانت دار النعيم أشدّ شوقا إليهم، و أشدّ ابتهاجا بمقدمهم منهم عليها، وفوا للّه سعيهم فوفى لهم بما عاهدهم، و صدقوا ما عاهدوه عليه فأنالهم الحسنى و زيادة على ما وعدهم.
فوا أسفاه إذ لم أكن معهم شهيدا، و وا حزناه إذ لم أكن في زمرتهم عديدا، أتلقّى عن سيّدي رماح الأعداء كما تلقّوا بقلوبهم و صدورهم، و اقابل صفاح الأشقياء كما قابلوا بوجوههم و نحورهم، و أجعل خدّي جنّة لجنّتي في حشري، و وجهي وقاية لمعادي يوم نشري، و يراني سيّدي لأمره سميعا مطيعا، و بين يديه شهيدا صريعا، قد قطّعت في نصره أعضائي، و اريقت في جنبه دمائي، مجاهدا عنه بقولي و فعلي، مجالدا بسيفي و نبلي، قائلا:
يا أمّة كفرت بأنعم ربّها، و استوجبت سوء العذاب بحربها، و قطعت رحم رسولها، و انتهكت حرمة بتولها، و هدمت بنية إسلامها، و نكثت بيعة إمامها، تبّا لك من أمّة شرت ضلالها بهداها، و دنياها باخراها، و نكصت على أعقابها، بلا مع سرابها.
ويلكم أ تدرون على من جرّدتم سيوفكم، و رتّبتم صفوفكم؟ هذا سبط خاتم الرسل، و ريحانة موضح السبل، أشرف من مشى على وجه الغبراء، و أفضل من تأزّر بالمجد و ارتدى، و أفخر من قامت سيّدة النساء، و أجمل من كفلته البضعة الزهراء، حجرها مهده، و فرعها ولده، و ثديها مشربه، و كتف والدها مركبه، عنه سماء صلب نبيّكم انفطرت، و منه ينابيع ذرّيّة وليّكم تفجّرت، خادم مهده جبرائيل، و بشير مولده ميكائيل، و وليّ عقد نكاح امّه الملك الجليل، و خطيب عرس والده راجيل.