کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
فوا أسفاه إذ لم أكن معهم شهيدا، و وا حزناه إذ لم أكن في زمرتهم عديدا، أتلقّى عن سيّدي رماح الأعداء كما تلقّوا بقلوبهم و صدورهم، و اقابل صفاح الأشقياء كما قابلوا بوجوههم و نحورهم، و أجعل خدّي جنّة لجنّتي في حشري، و وجهي وقاية لمعادي يوم نشري، و يراني سيّدي لأمره سميعا مطيعا، و بين يديه شهيدا صريعا، قد قطّعت في نصره أعضائي، و اريقت في جنبه دمائي، مجاهدا عنه بقولي و فعلي، مجالدا بسيفي و نبلي، قائلا:
يا أمّة كفرت بأنعم ربّها، و استوجبت سوء العذاب بحربها، و قطعت رحم رسولها، و انتهكت حرمة بتولها، و هدمت بنية إسلامها، و نكثت بيعة إمامها، تبّا لك من أمّة شرت ضلالها بهداها، و دنياها باخراها، و نكصت على أعقابها، بلا مع سرابها.
ويلكم أ تدرون على من جرّدتم سيوفكم، و رتّبتم صفوفكم؟ هذا سبط خاتم الرسل، و ريحانة موضح السبل، أشرف من مشى على وجه الغبراء، و أفضل من تأزّر بالمجد و ارتدى، و أفخر من قامت سيّدة النساء، و أجمل من كفلته البضعة الزهراء، حجرها مهده، و فرعها ولده، و ثديها مشربه، و كتف والدها مركبه، عنه سماء صلب نبيّكم انفطرت، و منه ينابيع ذرّيّة وليّكم تفجّرت، خادم مهده جبرائيل، و بشير مولده ميكائيل، و وليّ عقد نكاح امّه الملك الجليل، و خطيب عرس والده راجيل.
سفهت أحلامكم، و نكست أعلامكم، و أحاطت أطواق العار بأعناقكم، و استوجبت أطباق النار بنفاقكم، يا عباد الجبت و الطاغوت، و يا كفّارا بصاحب العزّة و الجبروت، يا جند الشيطان، و يا أعداء الرحمن، أ ليس
هذا ابن نبيّكم و هاديكم؟ أ ليس أبوه بنصّ الغدير و إليكم؟ نقضتم حبل إسلامكم، و عكفتم على أصنامكم، أ هذا كان جزاء من ارسل إليكم رحمة، و عليكم نعمة، أن تقتلوا ذرّيّته، و تهتكوا اسرته، و تذبحوا أطفاله، و تقتلوا رجاله، تبّا لكم يا قتلة أولاد النبيّين، و بعدا لكم يا خذلة أوصياء المرسلين.
ثمّ أزدلف لقتالهم بقالبي و قلبي، مشتاقا بجهدي إلى لقاء ربّي، طالبا درجة الشهادة بين يدي وليّي و ابن وليّي، راغبا في منازل السعادة بمرافقة رسولي و نبيّي، اورد حسامي من نحورهم، و اصدر عاملي من صدورهم، أتلقّى سيوفهم بسواعدي و مناكبي، و أردّ سهامهم بوجهي و ترائبي، لا ضارع و لا ناكل، و لا خاضع و لا متواكل، بل عزمي أمضى من ذي شفرتين، و حدّي أقطع من ذي حدّين، أقذف بعزيز نسبي في جموعهم، و ابالغ بعروفي عصبي في تقطيعهم، مبالغا في النصيحة لوليّ أمري، سمحا في جهاد أعدائه بالبقيّة من عمري، متلقّيا من سهام القوم ما يصل إليه، مقطّعة أوصالي بسيوفهم بين يديه.
فيا لها حسرة في قلبي مدّتها لا تنقضي، و غصّة في نفسي جمرتها لا تنطفي، إذ لم أرق بقدم الشهادة إلى منازل الأبرار، و لم اطر بقوادم السعادة إلى مواطن الأخيار، بل قعد بي جسدي، و كلّ عن ذلك جدّي، و تأخّر زمن وجودي، و غابت أنجم سعودي، قبل بلوغ مجهودي، و نيل مقصودي.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه]
فها أنا ذا أنشد من قلب بسهام المصائب مصاب، و أروي عن فؤاد بضرام النوائب مذاب، مرتديا ببردة حزني على ولد البتول، و معارضا برائق نظمي ببرداة أشرف نبيّ و رسول:
الصبر و الحزن مقطوع و موصول
و النوم و الدمع ممنوع و مبذول
و الجسم منسقم و الطرف منسجم
و الوجد محتكم و القلب متبول
و في فؤادي من فرط الأسى حرق
منها الحشا بضرام الحزن مشعول
من ما جرى بعد خير الرسل من عصب
في الدين من سعيها نقص و تبديل
خانت عهودا و أيمانا مؤكّدة
فالحقّ من جهلها في الناس مجهول
ممّا جنت سفها يوم السقيف دم
الوصيّ صنو رسول اللّه مطلول
و سبطه بوجي السمّ مخترم
و شلوه في صعيد الطفّ مقتول
خانوه إذ وعدوه حفظ اسرته
فالعقد منهم بكفّ الغدر محلول
و في الغدير أقرّوا باللسان و في ال
فؤاد عهدهم بالنقض مفلول
يا أمّة كفرت باللّه إذ مكرت
بعقد خمّ و غرّتها الأباطيل
و ضيّعوا ما به أوصى النبيّ و ما
يوم القيامة عنه المرء مسئول
من صدق ودّ اولي قربى النبيّ و من
فيهم أتانا من الرحمن تنزيل
قوم ولاؤهم فرض و حبّهم
حبل بحبل إله العرش موصول
سل عنهم «هل أتى» تلقى بها شرفا
في ذكره لهم مدح و تفضيل
و في العقود و في النجوى مديحهم
يزينه من سليم القلب ترتيل
و إن تلاه زنيم الأصل حلّ به
من خبث باطنه بالجهل تأويل
فكلّ فخر على أبواب مجدهم
له سجود و إذعان و تقبيل
البحر علمهم و الطود حلمهم
بفضلهم كامل الإفضال مفضول
أخنى الزمان عليهم فانثنوا و لهم
بأس لمجمله بالصبر تفصيل
في كربلاء أصبحوا يروي مناقبهم
حتى القيامة جيل بعده جيل
طافت عليهم بكأس الموت طائفة
فكلّهم لعقاب الحتف مغلول
فاستشعروا حبّنا من حسن صبرهم
بها رضا اللّه مطلوب و مأمول
مضوا كراما بأرض الطفّ يشملهم
من ذي المعارج توقير و تبجيل
نالوا بقتلهم في اللّه ما قصرت
عن وصفه من بني الدنيا الأقاويل
حازوا السعادة من بذل النفوس ففي
دار الخلود لهم فضل و تفضيل
لم ينسخ الظلّ منها ضوء مشرقه
فيا لهم بجميل الصبر تنويل
راقت مشاربها فاقت عجائبها
فسعى طالبها ما فيه تضليل
أشباحهم في الثرى منبوذة و لهم
أرواح صدق لها بالصفو تكميل
قوم لأوجههم يوم القراع و في
بذل المكارم تقطيب و تهليل
قوم تراهم و سوق الحرب قائمة
و الرمح و السيف منصوب و مسلول
أسد الشرى في ظلام النقع ترفل في
سرد الحديد لها سمر القناغيل
أجسادهم بعروض الموت قطعها
من الصوارم في الهيجاء تفاعيل
لها ثرى كربلاء مغنى و للملإ ال
أعلى لدى تربها حمدا و تهليل
في اللّه مذ بذلوا الأرواح قيل لهم
في جنّة طاب مثواها لكم قيل
معارج العالم العلويّ منزلهم
له عليه بأمر اللّه تنزيل
يا من مصابهم أوهى قواي فما
للحزن عن قلبي المكروب تحويل
قضيّة الصبر في أحشائي مهملة
و الكرب و الغمّ موضوع و محمول
لهفي لنسوتكم عنفا تساق على
كور المطي لها بالسير تعجيل
و في الرماح بدور من وجوهكم
لها بشمس الضحى بالحسن تمثيل
يا أمّة قتلت آل الرسول و في
عفو الإله لها بالظنّ تأميل
ضلّت مساعيكم خابت ظنونكم
فما لكم غير خزي اللّه محصول
قد هيّئت لكم في الحشر أربعة
نار و عار و أغلال و تنكيل
يعوذ أهل لظى منكم و يلعنكم
أهل الضلال و فرعون و قابيل
قتلتم عترة خير الأنام لهم
جدّ و سادسهم في العدّ جبريل
و من بفضلهم في الذكر قد شهدت
من غافر الذنب في القرآن تنزيل
و من لهم بفؤادي منزل رحب
بخالص الودّ معمور و مأهول
يا عاذلي لا تلمني إن بكيت دما
لما عراهم فما ذو الحزن معذول
من سفح عيني في سفح الطفوف جرى
عقيق دمع بكفّ الوجد معمول
و يا معاشر لوّامي على جزعي
لما أصابهم ما شئتم قولوا
اسناد و جدي صحيح لا خلاف به
لكن أحاديث سلواني مراسيل
دعواي صدق ولاءهم لا يدنّسه