کتابخانه روایات شیعه
قاتل الحسين ثم أتيت بالمغفرة من ربّي فادخلت الجنّة لاستحييت من محمد صلّى اللّه عليه و آله ان أمرّ عليه فيراني.
[ما دار بين ابن زياد لعنه اللّه و بين زيد بن أرقم]
و عن زيد بن أرقم: قال: كنت جالسا عند عبيد اللّه بن زياد إذ اتي برأس الحسين صلوات اللّه عليه فوضع بين يديه فأخذ قضيبه فوضعه بين شفتيه، فقلت: إنّك تضع قضيبك في موضع طالما لثمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله! فقال: قم إنّك شيخ قد ذهب عقلك.
ثمّ رفع زيد صوته يبكي و خرج و هو يقول: ملك عبد حرّا، أنتم- يا معشر العرب- العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، و أمّرتم ابن مرجانة حتّى يقتل خياركم، و يستعبد شراركم، رضيتم بالذلّ فبعدا لمن رضي 3133 .
و عن شهر بن حوشب: قال: لمّا جاء نعي الحسين عليه السلام لعنت أمّ سلمة رضي اللّه عنها أهل العراق، و قالت: قتلوه قتلهم اللّه تعالى، غرّوه و أذلّوه لعنهم اللّه.
قيل: إنّ أوّل ذلّ دخل على العرب قتل الحسين و ادّعاء زياد 3134 .
ذكر سيّدنا السيّد الجليل فخر آل الرسول عليّ بن موسى بن محمد الطاوس الحسني رضي اللّه عنه انّ ابن زياد لعنه اللّه أمر برأس الحسين عليه السلام فطيف به في سكك الكوفة.
[أبيات في رثاء الحسين عليه السلام، و خطبة ابن زياد في المسجد، و ما دار بينه و بين عبد اللّه بن عفيف الأزدي]
ثمّ قال رضي اللّه عنه: و يحقّ أن أتمثّل بأبيات لبعض ذوي العقول يرثي
بها قتيل آل الرسول:
رأس ابن بنت محمد و وصيّه
للناظرين على قناة يرفع
و المسلمون بمنظر و بمسمع
لا منكر منهم و لا متفجّع
كحلت بمنظرك العيون عماية
و أصمّ رزؤك كلّ اذن تسمع
أيقظت أجفانا و كنت لها كرى
و أنمت عينا لم تكن بك تهجع
ما روضة إلّا تمنّت أنّها
لك حفرة و لخطّ قبرك موضع 3135
قال: ثم خرج ابن زياد لعنه اللّه و دخل المسجد، فصعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: الحمد للّه الّذي أظهر الحقّ و أهله، و نصر أمير المؤمنين يزيد و أشياعه، و قتل الكذّاب ابن الكذّاب!!
قال: فما زاد على هذا الكلام شيئا حتّى وثب إليه عبد اللّه بن عفيف الأزدي، و كان من رؤساء الشيعة و خيارهم، و كانت عينه اليسرى قد ذهبت يوم الجمل، و الاخرى يوم صفّين، و كان لا يكاد أن يفارق المسجد 3136 الأعظم يصلّي فيه إلى الليل، ثمّ ينصرف إلى منزله، فلمّا سمع مقالة اللعين وثب إليه قائما و قال: يا ابن مرجانة، إنّ الكذّاب و ابن الكذّاب أنت و أبوك، و من استعملك و أبوه، يا عدوّ اللّه، أ تقتلون أبناء خير النبيّين 3137 و تتكلّمون بهذا الكلام على منابر المسلمين؟
فغضب ابن زياد، ثمّ قال: من المتكلّم؟
فقال: أنا المتكلّم، يا عدوّ اللّه، أ تقتل الذرّيّة الطاهرة الّتي أذهب اللّه عنها
الرجس في كتابه و تزعم أنّك على دين الاسلام؟ وا غوثاه، أين أبناء المهاجرين و الأنصار، [ينتقمون منك و] 3138 من طاغيتك اللعين بن اللعين على لسان محمد نبيّ ربّ العالمين؟
قال: فازداد غضب عدوّ اللّه، ثمّ قال: عليّ به، فوثب إليه الجلاوزة فأخذوه فنادى بشعار الأزد و عبد الرحمن بن مخنف الأزدي في المسجد، فقال: ويحك أهلكت نفسك و قومك، و كان في الكوفة يومئذ سبعمائة [مقاتل] 3139 من الأزد، فوثبوا إليه و انتزعوه منهم، و انطلقوا به إلى منزله، و نزل ابن زياد عن المنبر و دخل القصر، و دخل عليه أشراف الناس، فقال: أ رأيتم ما صنع هؤلاء القوم؟
فقالوا: قد رأينا أصلح اللّه الأمير، و إنّما الأزد فعلت ذلك فشدّ يدك على ساداتهم فهم الّذين استنقذوه من يدك، فأرسل ابن زياد إلى عبد الرحمن بن مخنف الأزدي فأخذه، و أخذ معه جماعة من [أشراف] 3140 الأزد فحبسهم، و قال: لاخرجتم من يدي أو تأتوني بعبد اللّه بن عفيف، ثمّ دعا بعمرو بن الحجّاج الزبيدي و محمّد بن الأشعث و شبث بن ربعي و جماعة من أصحابه، و قال لهم: اذهبوا إلى هذا الأعمى الّذي أعمى اللّه قلبه كما أعمى بصره فائتوني به.
و انطلقت رسل اللعين يريدون ابن عفيف، و بلغ ذلك الأزد فاجتمعوا، و اجتمع معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم عبد اللّه بن عفيف.
و بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر و ضمّهم إلى محمد بن الأشعث
و أمره 3141 بقتال القوم.
قال: فأقبلت قبائل مضر نحو قبائل اليمن فاقتتلوا قتالا شديدا، و بلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى أصحابه يوثّبهم و يضعّفهم، فأرسل إليه عمرو بن الحجّاج يخبره باجتماع اليمن عليهم، و بعث إليه شبث بن ربعي: أيّها الأمير، إنّك أرسلتنا إلى اسود 3142 الآجام فلا تعجل.
قال: و اشتدّ قتال القوم حتّى قتل بينهم جماعة من العرب.
[أرجاز لعبد اللّه بن عفيف الأزدي رحمه اللّه]
و وصل القوم إلى دار عبد اللّه بن عفيف، فكسروا الباب و اقتحموا عليه، و صاحت ابنته: يا أباه، أتاك القوم من حيث تحذر.
فقال: لا عليك يا ابنتي ناوليني سيفي، فناولته السيف، فأخذه و جعل يذبّ عن يمينه و شماله بسيفه 3143 و يقول:
أنا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر
عفيف شيخي و ابن أمّ عامر
كم دارع من جمعكم و حاسر
و بطل جندلته مغاور؟
و جعلت ابنته تقول: القوم عن يمينك، القوم عن يسارك، يا ليتني كنت رجلا فاقاتل بين يديك هؤلاء الفجرة، قاتلي العترة البررة.
و جعل القوم يدورون حوله عن يمينه و شماله و من ورائه و هو يذبّ عن
نفسه بسيفه و ليس أحد يقدم عليه، ثمّ تكاثروا عليه من كلّ ناحية حتّى أخذوه.
[إحضار جندب بن عبد اللّه و عبد اللّه بن عفيف الأزديان عند ابن زياد لعنه اللّه]
فقال جندب بن عبد اللّه الأزدي صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، أخذ و اللّه عبد اللّه بن عفيف، فقبّح العيش 3144 من بعده، و قام ثمّ قاتل من دونه فاخذ أيضا، و انطلق بهما إلى ابن زياد لعنه اللّه و عبد اللّه يقول:
اقسم لو يكشف 3145 لي عن بصري
ضاق عليكم موردي و مصدري
فلمّا ادخلا على ابن زياد قال لعبد اللّه: الحمد للّه الّذي أخزاك.
قال عبد اللّه: و بما أخزاني، يا عدوّ اللّه؟
و اللّه لو يكشف لي عن بصري
ضاق عليكم موردي و مصدري
فقال له ابن زياد: يا عدوّ نفسه، ما تقول في عثمان؟
فقال: يا ابن مرجانة، و يا ابن سميّة الزانية 3146 ، ما أنت و عثمان أساء أم أحسن، أصلح أم أفسد؟ و اللّه تعالى وليّ خلقه، يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل، و لكن سلني عنك، و عن أبيك، و عن يزيد و أبيه.
فقال ابن زياد: لا أسألك عن شيء إلّا أن تذوق الموت.
فقال ابن عفيف: الحمد للّه ربّ العالمين، أما إنّي كنت أسأل ربّي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك مرجانة، و سألته أن يجعل ذلك على يد ألعن خلق
اللّه و أبغضه إليه، فلمّا ذهب بصري أيست من الشهادة، و الآن الحمد للّه الّذي رزقنيها بعد اليأس منها، و عرّفني الإجابة منه لي في قديم دعائي.
[استشهاد عبد اللّه بن عفيف الأزدي، و ما دار بين جندب بن عبد اللّه و عبد الرحمن بن مخنف الأزديان و بين ابن زياد لعنه اللّه]
فقال ابن زياد لعنه اللّه: اضربوا عنقه، فضربت و صلب رحمه اللّه 3147 .
ثمّ دعا ابن زياد بجندب بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، فقال: يا عدوّ اللّه، أ لست صاحب عليّ بن أبي طالب يوم صفّين؟
قال: نعم، و ما زلت له وليّا، و لكم عدوّا، و لا أبرأ من ذلك إليك و لا أعتذر و لا أتنصّل.
فقال ابن زياد: أما إنّي أتقرّب إلى اللّه بدمك.
فقال جندب: و اللّه ما يقرّبك دمي إلى اللّه تعالى، و لكن يباعدك منه، و بعد فلم 3148 يبق من عمري إلّا أقلّه، و ما أكره أن يكرمني اللّه بهوانك.
فقال لعنه اللّه: أخرجوه عنّي فإنّه شيخ قد خرف و ذهب عقله، فاخرج و خلّي سبيله.
ثمّ دعا بعبد الرحمن بن مخنف الأزدي، فقال: ما هذه الجماعة على بابك؟
فقال: ليس على بابي جماعة و قد قتلت صاحبنا، و أنا لك سامع مطيع و إخوتي جميعا، فسكت ابن زياد، و خلّى سبيله و سبيل أصحابه 3149 .
و كان ابن زياد حين قتل الحسين عليه السلام أرسل يخبر يزيد بذلك، و كتب أيضا إلى عمرو بن سعيد بن العاص ابن أخ عمرو بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك.
فأمّا عمرو بن سعيد فحيث 3150 وصله الخبر صعد المنبر و خطب الناس و أعلمهم ذلك، فعظمت واعية بني هاشم، و أقاموا سنن المصائب و المآتم،
[ندبة زينب أخاها الحسين عليه السلام]
و كانت زينب بنت عقيل تندب الحسين عليه السلام و تقول:
ما ذا تقولون إذ قال النبيّ لكم
ما ذا فعلتم و أنتم آخر الامم
بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي
منهم اسارى و منهم ضرّجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
قال: فلمّا جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفا يقول:
أيّها القاتلون جهلا 3151 حسينا
أبشروا بالعذاب و التنكيل
كلّ من في السماء يدعو عليكم