کتابخانه روایات شیعه
الرجس في كتابه و تزعم أنّك على دين الاسلام؟ وا غوثاه، أين أبناء المهاجرين و الأنصار، [ينتقمون منك و] 3138 من طاغيتك اللعين بن اللعين على لسان محمد نبيّ ربّ العالمين؟
قال: فازداد غضب عدوّ اللّه، ثمّ قال: عليّ به، فوثب إليه الجلاوزة فأخذوه فنادى بشعار الأزد و عبد الرحمن بن مخنف الأزدي في المسجد، فقال: ويحك أهلكت نفسك و قومك، و كان في الكوفة يومئذ سبعمائة [مقاتل] 3139 من الأزد، فوثبوا إليه و انتزعوه منهم، و انطلقوا به إلى منزله، و نزل ابن زياد عن المنبر و دخل القصر، و دخل عليه أشراف الناس، فقال: أ رأيتم ما صنع هؤلاء القوم؟
فقالوا: قد رأينا أصلح اللّه الأمير، و إنّما الأزد فعلت ذلك فشدّ يدك على ساداتهم فهم الّذين استنقذوه من يدك، فأرسل ابن زياد إلى عبد الرحمن بن مخنف الأزدي فأخذه، و أخذ معه جماعة من [أشراف] 3140 الأزد فحبسهم، و قال: لاخرجتم من يدي أو تأتوني بعبد اللّه بن عفيف، ثمّ دعا بعمرو بن الحجّاج الزبيدي و محمّد بن الأشعث و شبث بن ربعي و جماعة من أصحابه، و قال لهم: اذهبوا إلى هذا الأعمى الّذي أعمى اللّه قلبه كما أعمى بصره فائتوني به.
و انطلقت رسل اللعين يريدون ابن عفيف، و بلغ ذلك الأزد فاجتمعوا، و اجتمع معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم عبد اللّه بن عفيف.
و بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر و ضمّهم إلى محمد بن الأشعث
و أمره 3141 بقتال القوم.
قال: فأقبلت قبائل مضر نحو قبائل اليمن فاقتتلوا قتالا شديدا، و بلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى أصحابه يوثّبهم و يضعّفهم، فأرسل إليه عمرو بن الحجّاج يخبره باجتماع اليمن عليهم، و بعث إليه شبث بن ربعي: أيّها الأمير، إنّك أرسلتنا إلى اسود 3142 الآجام فلا تعجل.
قال: و اشتدّ قتال القوم حتّى قتل بينهم جماعة من العرب.
[أرجاز لعبد اللّه بن عفيف الأزدي رحمه اللّه]
و وصل القوم إلى دار عبد اللّه بن عفيف، فكسروا الباب و اقتحموا عليه، و صاحت ابنته: يا أباه، أتاك القوم من حيث تحذر.
فقال: لا عليك يا ابنتي ناوليني سيفي، فناولته السيف، فأخذه و جعل يذبّ عن يمينه و شماله بسيفه 3143 و يقول:
أنا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر
عفيف شيخي و ابن أمّ عامر
كم دارع من جمعكم و حاسر
و بطل جندلته مغاور؟
و جعلت ابنته تقول: القوم عن يمينك، القوم عن يسارك، يا ليتني كنت رجلا فاقاتل بين يديك هؤلاء الفجرة، قاتلي العترة البررة.
و جعل القوم يدورون حوله عن يمينه و شماله و من ورائه و هو يذبّ عن
نفسه بسيفه و ليس أحد يقدم عليه، ثمّ تكاثروا عليه من كلّ ناحية حتّى أخذوه.
[إحضار جندب بن عبد اللّه و عبد اللّه بن عفيف الأزديان عند ابن زياد لعنه اللّه]
فقال جندب بن عبد اللّه الأزدي صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، أخذ و اللّه عبد اللّه بن عفيف، فقبّح العيش 3144 من بعده، و قام ثمّ قاتل من دونه فاخذ أيضا، و انطلق بهما إلى ابن زياد لعنه اللّه و عبد اللّه يقول:
اقسم لو يكشف 3145 لي عن بصري
ضاق عليكم موردي و مصدري
فلمّا ادخلا على ابن زياد قال لعبد اللّه: الحمد للّه الّذي أخزاك.
قال عبد اللّه: و بما أخزاني، يا عدوّ اللّه؟
و اللّه لو يكشف لي عن بصري
ضاق عليكم موردي و مصدري
فقال له ابن زياد: يا عدوّ نفسه، ما تقول في عثمان؟
فقال: يا ابن مرجانة، و يا ابن سميّة الزانية 3146 ، ما أنت و عثمان أساء أم أحسن، أصلح أم أفسد؟ و اللّه تعالى وليّ خلقه، يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل، و لكن سلني عنك، و عن أبيك، و عن يزيد و أبيه.
فقال ابن زياد: لا أسألك عن شيء إلّا أن تذوق الموت.
فقال ابن عفيف: الحمد للّه ربّ العالمين، أما إنّي كنت أسأل ربّي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك مرجانة، و سألته أن يجعل ذلك على يد ألعن خلق
اللّه و أبغضه إليه، فلمّا ذهب بصري أيست من الشهادة، و الآن الحمد للّه الّذي رزقنيها بعد اليأس منها، و عرّفني الإجابة منه لي في قديم دعائي.
[استشهاد عبد اللّه بن عفيف الأزدي، و ما دار بين جندب بن عبد اللّه و عبد الرحمن بن مخنف الأزديان و بين ابن زياد لعنه اللّه]
فقال ابن زياد لعنه اللّه: اضربوا عنقه، فضربت و صلب رحمه اللّه 3147 .
ثمّ دعا ابن زياد بجندب بن عبد اللّه رضي اللّه عنه، فقال: يا عدوّ اللّه، أ لست صاحب عليّ بن أبي طالب يوم صفّين؟
قال: نعم، و ما زلت له وليّا، و لكم عدوّا، و لا أبرأ من ذلك إليك و لا أعتذر و لا أتنصّل.
فقال ابن زياد: أما إنّي أتقرّب إلى اللّه بدمك.
فقال جندب: و اللّه ما يقرّبك دمي إلى اللّه تعالى، و لكن يباعدك منه، و بعد فلم 3148 يبق من عمري إلّا أقلّه، و ما أكره أن يكرمني اللّه بهوانك.
فقال لعنه اللّه: أخرجوه عنّي فإنّه شيخ قد خرف و ذهب عقله، فاخرج و خلّي سبيله.
ثمّ دعا بعبد الرحمن بن مخنف الأزدي، فقال: ما هذه الجماعة على بابك؟
فقال: ليس على بابي جماعة و قد قتلت صاحبنا، و أنا لك سامع مطيع و إخوتي جميعا، فسكت ابن زياد، و خلّى سبيله و سبيل أصحابه 3149 .
و كان ابن زياد حين قتل الحسين عليه السلام أرسل يخبر يزيد بذلك، و كتب أيضا إلى عمرو بن سعيد بن العاص ابن أخ عمرو بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك.
فأمّا عمرو بن سعيد فحيث 3150 وصله الخبر صعد المنبر و خطب الناس و أعلمهم ذلك، فعظمت واعية بني هاشم، و أقاموا سنن المصائب و المآتم،
[ندبة زينب أخاها الحسين عليه السلام]
و كانت زينب بنت عقيل تندب الحسين عليه السلام و تقول:
ما ذا تقولون إذ قال النبيّ لكم
ما ذا فعلتم و أنتم آخر الامم
بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي
منهم اسارى و منهم ضرّجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
قال: فلمّا جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفا يقول:
أيّها القاتلون جهلا 3151 حسينا
أبشروا بالعذاب و التنكيل
كلّ من في السماء يدعو عليكم
من نبيّ و مرسل و قبيل 3152
قد لعنتم على لسان ابن داود
و موسى 3153 و صاحب الإنجيل
[إرسال السبايا و رءوس الشهداء إلى الشام بأمر يزيد لعنه اللّه]
و أمّا يزيد فلمّا قرأ كتاب ابن زياد أرسل إليه يأمره بحمل رأس الحسين عليه السلام و رءوس أصحابه و من قتل معه، و أمره بحمل أثقاله و نسائه و عياله و أطفاله، فاستدعى ابن زياد بمحفّر بن ثعلبة العائذي 3154 و سلّم إليه الرءوس و الاسارى و النساء و معهم عليّ بن الحسين و أخواته و عمّاته و جميع نسائه إلى يزيد، فسار بهم محفّر حتّى دخل الشام كما يسار بسبايا الكفّار، و يتصفّح وجوههم أهل الأقطار 3155 .
[نزول آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و نبيّنا و جبريل عليهم السلام و تقبيلهم الرأس الشريف و البكاء عليه في مسير السبايا إلى الشام]
و روى سيّدنا فخر العترة و جمال الاسرة عليّ بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسني رضي اللّه عنه عن ابن لهيعة و غيره حديثا أخذنا منه موضع الحاجة، قال: كنت أطوف بالبيت و إذا أنا برجل يقول: اللّهمّ اغفر لي و ما أراك فاعلا.
فقلت: يا عبد اللّه، اتّق اللّه و لا تقل مثل هذا، فلو أنّ ذنوبك مثل قطر الأمطار 3156 و ورق الأشجار و استغفرت اللّه لغفر لك، فإنّه غفور رحيم.
فقال: تعال حتّى اخبرك بقصّتي فأتيته، فقال: اعلم أنّا كنّا خمسين نفرا ممّن سار برأس الحسين إلى الشام، و كنّا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت و شربنا الخمر حوله، فشرب أصحابي ليلة حتّى إذا سكروا و لم أشرب معهم و جنّ علينا الليل سمعت رعدا أو رأيت برقا و إذا بأبواب السماء قد فتحت، و نزل آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و نبيّنا محمد صلّى اللّه عليه و آله و معهم جبريل و خلق كثير من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت، فأخرج الرأس فضمّه إلى نفسه و بكى و قبّله، ثمّ فعل الأنبياء كذلك و الملائكة كلّهم، و بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على رأس الحسين عليه السلام و عزّاه الأنبياء.
و قال جبرئيل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا محمد، إنّ اللّه تعالى أمرني أن اطيعك في أمّتك، فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض، و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يا جبرئيل، فإنّ لي معهم 3157 موقفا بين يدي اللّه يوم القيامة، ثمّ جاء الملائكة نحونا ليقتلونا، فقلت: الأمان يا رسول اللّه.