کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
فقال يزيد لابنه [خالد] 3183 : اردد عليه، فلم يدر ما يقول، فقال يزيد:
وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 3184 .
ثمّ قال عليّ بن الحسين عليه السلام: يا ابن معاوية و هند و صخر، إنّ النبوّة و الإمرة لم تزل لآبائي و أجدادي من قبل أن تولد، و لقد كان جدّي عليّ بن أبي طالب يوم بدر و احد و الأحزاب في يده راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أبوك و جدّك في أيديهما رايات الكفّار.
ثمّ جعل صلوات اللّه عليه يقول:
ما ذا تقولون إذ قال النبيّ لكم
ما ذا فعلتم و أنتم آخر الامم
ثمّ قال عليّ بن الحسين عليه السلام: ويلك يا يزيد لو تدري ما صنعت، و ما الّذي ارتكبت من أبي و أهل بيتي و أخي و عمومتي إذا لهربت في الجبال، و افترشت الرماد، و دعوت بالويل و الثبور ان يكون رأس الحسين بن فاطمة و عليّ ولده منصوبان 3185 على باب مدينتكم، و هو وديعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، [فيكم] 3186 فابشر بالخزي و الندامة غدا إذا جمع الناس ليوم القيامة 3187 .
و وجدت رواية أحببت إيرادها هنا بحذف الأسانيد، قال: لمّا ادخل رأس الحسين عليه السلام و حرمه على يزيد و كان رأس الحسين بين يديه في طشت جعل ينكت ثناياه بمخصرة في يده و يقول:
ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا و استهلّوا فرحا
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل
لست من خندف إن لم أنتقم
من بني أحمد ما كان فعل
[خطبة زينب عليها السلام]
فقامت زينب بنت عليّ فقالت: الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّد المرسلين صدق اللّه كذلك يقول: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ 3188 أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسرى أنّ بنا هوانا على اللّه، و بك عليه كرامة؟ و انّ ذلك لعظيم خطرك عنده، و شمخت بأنفك، و نظرت إلى عطفك جذلان سرورا حين رأيت الدنيا مستوسقة، و الامور متّسقة، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا، فمهلا مهلا أنسيت قول اللّه سبحانه: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ 3189 أمن العدل- يا ابن الطلقاء- تخديرك حرائرك و إمائك، و سوقك بنات المصطفى رسول اللّه كسبايا قد هتكت ستورهنّ، و أبديت وجوههنّ من بلد إلى بلد يستشرفهنّ أهل المناهل، و يتصفّح وجوههنّ القريب و البعيد، و الدنيّ و الشريف، و ليس معهنّ من رجالهنّ وليّ، و لا من حماتهنّ حميّ، و كيف [ترتجى] 3190 مراقبة من لفظ فوه أكباد السعداء 3191 ، و نبت لحمه بدماء الشهداء؟!
و كيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف و الشنآن و الإحن
و الأضغان، ثمّ تقول غير متأثّم و لا مستعظم.
لأهلّوا و استهلّوا فرحا
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا أبي عبد اللّه سيّد شباب أهل الجنّة تنكتها بمخصرتك.
و كيف لا تقول ذلك و قد نكأت القرحة، و استأصلت الشأفة، بإراقتك دماء آل محمد، و تهتف بأشياخك زعمت تناديهم؟ و لتردنّ وشيكا موردهم، و لتودنّ أنّك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت.
و قالت: اللّهمّ خذ بحقّنا، و انتقم ممّن ظلمنا، و احلل غضبك بمن سفك دماءنا و قتل حماتنا، فو اللّه ما فريت إلّا جلدك، و لا حززت إلّا لحمك، و سترد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بما تحمّلت من سفك دماء ذرّيّته، و انتهكت من عترته و حرمته و لحمته، و ليخاصمنّك حيث يجمع اللّه تعالى شملهم، و يلمّ شعثهم و يأخذ لهم بحقّهم، وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3192 .
و حسبك باللّه حاكما، و بمحمد صلّى اللّه عليه و آله خصيما، و بجبرئيل ظهيرا، و سيعلم من سوّل لك هذا و مكّنك من رقاب المسلمين أن بئس للظالمين بدلا، و أيّكم شرّ مكانا و أضعف جندا.
و لئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك، أنّي لأستصغر قدرك، و أستعظم تقريعك، و أستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، و الصدور حرّى.
ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب اللّه النجباء بحزب الشيطان الطلقاء،
فهذه الأيدي تنطف 3193 من دمائنا، و الأفواه تتحلّب من لحومنا، و تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها 3194 العواسل، و تعفوها امّهات الفراعل، و لئن اتّخذتنا مغنما لتجدنّا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلّا ما قدّمت [يداك] 3195 وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 3196 فإلى اللّه المشتكى و عليه المعوّل.
فكد كيدك، واسع سعيك، و ناصب جهدك، فو اللّه لا تمحو ذكرنا، و لا تميت وحينا، و لا تدرك أمدنا، و لا ترحض عنك عارها، و هل رأيك إلّا فند، و أيّامك إلّا عدد، و جمعك إلّا بدد؟ و يوم ينادي المناد: ألا لعنة اللّه على الظالمين.
و الحمد للّه الّذي ختم لأوّلنا بالسعادة و المغفرة، و لآخرنا بالشهادة و الرحمة، و نسأل اللّه 3197 أن يكمل لهم الثواب، و يوجب لهم المزيد، و يحسن علينا الخلف 3198 ، إنّه رحيم ودود، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
فقال يزيد لعنه اللّه:
يا صيحة تعلن من صوائح
ما أهون الحزن 3199 على النوائح 3200
قال: و دعا يزيد الخاطب و أمره أن يصعد المنبر و يذمّ الحسين و أباه
عليهما السلام، فصعد و بالغ في سبّ أمير المؤمنين و الحسين عليهما السلام، و المدح لمعاوية و يزيد.
فصاح به عليّ بن الحسين عليه السلام: ويلك أيّها الخاطب، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوّأ مقعدك من النار.
و لقد أحسن من قال:
أعلى المنابر تعلنون بسبّه
و بسيفه نصبت لكم أعوادها؟ 3201
[خطبة زين العابدين عليه السلام]
و روي: أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام لمّا سمع ما سمع من الخاطب لعنه اللّه قال ليزيد: اريد أن تأذن لي أن أصعد المنبر فأتكلّم بكلمات فيهنّ للّه رضا و لهؤلاء الجلساء أجر، فأبى يزيد.
فقال الناس: يا أمير المؤمنين ائذن فليصعد، فلعلّنا نسمع منه شيئا.
فقال: إنّه إن صعد لم ينزل إلّا بفضيحتي و بفضيحة آل أبي سفيان.
فقيل له: و ما قدر ما يحسن هذا؟
فقال: إنّه من أهل بيت قد زقّوا العلم زقّا.
قال: فلم يزالوا به حتّى أذن له، فصعد المنبر 3202 ، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ