کتابخانه روایات شیعه
حتّى إذا غمر الأنام بظلمه
و تبرّمت من حكمه الثقلان
أردته بطنته فأصبح جارعا
كأس المنيّة واهي الأركان
حتّى إذا قام الوصيّ بعهده
للّه لا نكس و لا متوان
قصدته راكبة البعير بفتنة
يذكي ضرام سعيرها رجسان
حتّى إذا الحرب العوان تحكّمت
بوقودها من أنفس الشجعان
صارا طعام عوامل و مناصل
للعكس قد نأيا عن الأوطان
جاءا لنصر عصابة الشيطان فاخ
ترما ببطش عصابة الرحمن
يا فرقة نكثت عهود نبيّها
و أتت بكلّ منافق فتّان
يا جند راكبة البعير و من عصت
بالبغي أمر الحاكم الديّان
و أتت من البلد الحرام و قلبها
يغلي بنار الحقد و الأضغان
حتّى إذا صارت حماة بعيرها
قوتا لزائرها من السيدان
أبدت خضوعا و استقالت عثرة
و استسلمت بالذلّ و الإذعان
صفح الكريم بحلمه عنها و أف
رشها مهاد تحنّن و أمان
و أعادها كرما فعادت و هي ذو
عقل لفادح هولها و لهان
لمّا اطمأنّت دارها قفلت إلى
نحو ابن هند ذا حشا ملآن
و استنفرته فسار بالجيش الّذي
راياته نصبت على البهتان
فهي الّتي جعلت ضرام وقودها
أجساد قادتها من الفرسان
لمّا أتت بقميص عثمان علي
ه نجيعه كالارجوان القاني
دارت رحاء الحرب و اشتبك القنا
من سعيها و استقتل الجيشان
و اللّه ما خذل الوصيّ و قتله
متبتّلا في طاعة المنّان
إلّا لها فيه نصيب وافر
و لسان باغ غادر و يدان
و كذاك قتل ابن الرسول و رهطه
دوح الفخار و أشرف الأفنان
لم أنسها يوم الزكي و قد غدت
بالقول تنفث نفثة الثعبان
آليت ألّا تدفنوا في منزلي
من لست أهواه و لا يهواني
يا بنت أرذل تيم مرّة خادم ال
تيمي نجل زعيمهم جدعان
هذي الشجاعة من أبيك بخيبر
جاءتك ترقل رقلة الفحلان
يا آل أحمد إن جزعت لثابت
في الناس غيركم فما أشقاني
حزني عليكم سرمدا لا ينقضي
ما شبّه في القلب بالسلوان
كم ناصب علم الأذيّة لي بكم
أمسى للعن عدوّكم يلحاني
و يلسمني وقرا إذا ما ضلّ عن
لعن الطواغيت الالى ينهاني
عن جاحدي نصّ الغدير و غاصبي
فدكا من الزهراء ذات الشأن
ستّ النساء و بنت أكرم مرسل
شرفت برفعته بنو عدنان
يا من مصابهم جميع مصائب ال
دنيا و فادح خطبها أنساني
أنتم عياذي و الّذي أرجوهم
حصنا إذا الخطب الجسيم دهاني
و بكم ارجّي يوم حشري زلفة
من خالقي بالعفو و الغفران
و إليه أفزع من عدوّ كاشح
بالبغي يقصدني و بالعدوان
إن يعدني عدوا عليه يرى لها
متسربلا بالخزي ثوب هوان
و يصدّه عنّي بذلّ شامل
ليكون معتبرا لمن ناواني
أو أن تصبّرني على ما حلّ بي
من حمقه و أضرّ بي و دهاني
ثمّ الصلاة عليكم ما غرّدت
و رقاء في دوح على الأغصان
أو حرّكت ريح الصباء صاعدا
ناء عن الأوطان و الخلّان
المجلس التاسع مفتتحا بالتعزية الّتي و سمتها ب «مجرية العبرة و محزنة العترة»
قلتها بإذن اللّه، و تلوتها يوم التاسع في شهر المحرّم الحرام على المنبر في جمع لا يحصى كثرة أجريت بها عيون المؤمنين، و أحزنت قلوب المتّقين، و أخزيت من رام هظمي من الشانئين تجاه ضريحه الشريف، و مقامه المنيف، متقرّبا بذلك إلى اللّه ربّ العالمين، و نبيّه الأمين، و وليّه سيّد الوصيّين، و آلهم الأئمّة الطاهرين.
الخطبة
الحمد للّه الّذي نوّر قلوب أوليائه بأنوار معرفته، و أظهر نفوس أصفيائه على أسرار حكمته، و اختبرهم بالتكاليف الشاقّة من حكمه لينالوا الزلفى من رحمته، و امتحنهم بالمحن السابقة في علمه، ليصلوا بها إلى جوار حضرته، و ابتلى عباده بفرض مودّتهم و جعلها ثمن جنّته، و ألزمهم بالتزام عروة عصمتهم و قرن طاعتهم بطاعته، فمن امتثل أمر اللّه بإخلاص ودّه لهم في سرّه و علانيته، و استمسك بحبل ولائهم و اعتقده سببا منجيا في دنياه و آخرته، فقد استمسك بالعروة الوثقى من عفو ربّه و مغفرته، و فاز بالسعادة العظمى يوم فقره و فاقته، و من أخذ ذات اليمين و ذات الشمال في معتقده و نحلته، و اتّبع غير سبيل
المؤمنين فيما ينظر من خبث سريرته، ولّاه اللّه ما تولّى و أحلّ به نكال عقوبته.
نحمده على ما وفّقنا له من عرفان حقّهم، و الإقرار بفضلهم و صدقهم، و الاستمساك بعروة عصمتهم، و الالتزام بحبل مودّتهم، و تضليل من خالفهم بقوله و فعله، و تكفير من أجلب عليهم بخيله و رجله، و البراءة ممّن تقدّمهم غاصبا، و تحلّى بغير اسمه كاذبا، و لعن من نصب لهم العداوة و البغضاء علانية و سرّا، و تخطئة من ردّ مقالهم خفية و جهرا.
و نشكره إذ جعلنا من فضل طينتهم، و غذانا بلبان مودّتهم، و جعلنا من ورق شجرتهم، و أسكن قلوبنا لذّة معرفتهم، حبّنا إيّاهم دليل على طهارة مولدنا، و بغضنا أعداءهم سبيل إلى إخلاص وئدّنا في معتقدنا.
نحمده على هذه النعمة الجسيمة، و المنّة الوسيمة، اللاتي جهل الأشقياء عرفان قدرها، و قصر البلغاء عن تأدية شكرها، و نشهد أن لا إله إلّا اللّه شهادة توافق بها قلوبنا ألسنتنا، و يوافق بها سرّنا علانيتنا، و نشهد أنّ محمدا عبده و رسوله الأمين، و حبله المتين، و صراطه المستقيم، و نهجه القويم، صدع بالحقّ ناطقا، و خبّر عن اللّه صادقا، تمّم اللّه به الرسالة، و أيّد بالمعجز مقاله، و اختاره حاكما بأمره، و موضعا لسرّه، و شرّفه بالاسراء إلى حضيرة قدسه، و جعل خطابه إيّاه ليلة المعراج انسا و شرفا لنفسه، فهو أصل الشرف و فرعه، و بصر المجد و سمعه.
سرّة البطحاء مغرس أصله، و منكب الجوزاء مركب فضله، أروقة المفاخر على هامة عظمته مضروبة، و ألوية المآثر على رفعة حضرته منصوبة، و ظلال الشرف تتفيّؤ على جلال نبوّته، و حلال الكرم وقف على رتبته.
سلالة طود العلم فمنه تفجّرت عيونه، و دوح المجد فعليه تهدّلت
غصونه، أعرض عن الدنيا صفحا، و طوى عنها كشحا، و شمّر عنها ذيلا، و لم يرزأ منها كثيرا و لا قليلا، تحبّبت إليه فأبغض، و تشوّقت نحوه فرفض، و تعرّضت به فأعرض، و على نفسه و خاصّته تركها أوجب و فرض، و لأدلّتها نقض، و لحججها أدحض، و لم يزل صلوات اللّه عليه يحذّر غرورها، و يخوّف زورها، حتى نصبت له الغوائل، و أصمّت منه المقاتل، و آذته في أهله و اسرته، و أغرّت سفهاءها بنيه و عترته، و غادرتهم بين قتيل و مطلول، و أسير مخذول، و طريد مشرّد، و مسجون مصفّد، تساق نساؤهم اسارى، على الأقتاب حيارى، بغير نقاب و لا جلباب، يطاف بهنّ في البلاد، و يتشرّفهنّ الحاضر و الباد، فلو أنّ عينا بعدها كفت لعظيم ما و كفت، و نفسا تلفت لفرط ما تلهّفت، و قلب انقطع بسيوف الحزن غمّا، و روحا فارقت جسدها كربا و همّا، لم يكونوا في شرح الحقيقة ملومين، و لا بين أرباب الطريقة مذمومين؟
فتفكّروا في نبيّكم و وليّكم، و انّهما الّذين هم الوسيلة لكم إلى ربّكم، كيف تجرّأت لقتالهم بقايا الأحزاب، و تكالبت على استئصالهم أبناء الكلاب، و جرّدت عليهم من مناصلها و عواملها، و فوّقت نحوهم سهامها و معابلها، هذا خاتم النبيّين و سيّد المرسلين إمام الدين، و قائد الخير و نبيّ الرحمة، و شفيع الامّة، صاحب الحوض و الكوثر، و التاج و المغفر، و الخطبة و المنبر، و الركن و المشعر، و الوجه الأنور، و الجبين الأزهر، و الدين الأظهر، و النسب الأطهر، محمد سيّد البشر، الّذي لا يسامى في الفضل، و لا يساوى في المجد، و لا يجارى في حلبة الفخر، و لا يضاهى في رفعة القدر.
السبع الطباق ميدان سباقه، و سدرة المنتهى غاية براقه، و سُبْحانَ
الَّذِي أَسْرى 3229 حظو الرهان، فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى 3230 خلعة المليك السلطان، و وضع له كرسيّ الكرامة في عالم الملكوت الأعلى، و نصب لأخمصه منبر الزعامة فوق طرائق السبع العلى، حتى رقى بقدم الصدق إلى أعلى مراقي الشرف، و نطق بلسان الحقّ في ذلك المقام المشرّف، فخوطب في سرائره، و نودي في ضمائره: يا من أطلعته على سرّي المصون، و أيّدته بكلامي المخزون قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ كَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 3231 فصدع بها ناطقا، و أعلن بها صادقا، فعندها جرى قلم القدرة على لوح المشيئة بيد المشيئة لرقم منشور نبوّته، و أثبت أرباب ديوان الصفيح الأعلى على قرطاس الشرف مسطور عموم ولايته.
الابتداء: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ 3232 الانتهاء:
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ 3233 باللفظ الوجيز.