کتابخانه روایات شیعه
و القتال فيه، فما عرفت هذه الامّة حرمة شهرها و لا حرمة نبيّها صلّى اللّه عليه و آله، لقد قتلوا و اللّه في هذا الشهر ذرّيّته، و سبوا نساءه، و انتهبوا ثقله، فلا غفر اللّه لهم.
يا ابن شبيب، إن كنت باكيا من شيء فابك للحسين عليه السلام، فإنّه ذبح في هذا الشهر كما يذبح الكبش، و قتل معه ثمانية عشر رجلا من أهل بيته ليس لهم شبيه في الخلق.
و لقد حدّثني أبي، عن جدّي أنّه لمّا قتل جدّي الحسين عليه السلام أمطرت السماء دما و ترابا أحمر، و هبط إلى الأرض أربعة آلاف ملك لينصروه فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره مقيمون يبكونه شعثا غبرا إلى أن يقوم القائم من آل محمد فيكونون معه، و شعارهم: «يا لثارات الحسين».
يا ابن شبيب، إن بكيت على الحسين عليه السلام حتى تسيل دموعك على خدّيك غفر اللّه لك كلّ ذنب أذنبته، صغيرا كان أو كبيرا، دقيقا أو جليلا.
يا ابن شبيب، إن يسرّك أن تلقى اللّه عزّ و جلّ و لا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام.
يا ابن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الغرف المبنيّة فالعن قتلة الحسين.
يا ابن شبيب، إن سرّك أن يكون لك من الأجر مثل ما لمن قتل مع الحسين عليه السلام فقل متى ما ذكرتهم: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.
يا ابن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الرفيق الأعلى فافرح لفرحنا،
و احزن لحزننا، و عليك بولايتنا، فلو أنّ أحدا أحبّ حجرا لحشر معه يوم القيامة 3283 .
[كلام للمؤلّف رحمه اللّه]
فيا إخواني، أ في غفلة أنتم من هذا اليوم المعكوس الّذي ابتلى به العالم المركوس بذرّيّة نبيّهم الأطهار، و عترته الأبرار، الّذين أوجب اللّه مودّتهم، و ألزم محبّتهم؟ كيف اقتطفوا ببيض الظبا رءوسهم، و اختطفوا بسمر القنا نفوسهم، و تركوا تلك الوجوه الّتي طال ما قبّلها الرسول، و أكرمتها البتول، و ناغاها جبريل، و أوجب حقّها الجليل، يسار بها على أطراف الرماح، مخضّبا شيبها بدم الجراح، و النسوة اللاتي يعدّون الوصيّ و الزهراء أبا و امّا، و النبيّ و الطيّار جدّا و عمّا، على أقتاب الجمال اسارى، و بين الأعداء حيارى، لا شفيق يجيب دعوتهنّ، و لا رفيق يسكّن روعتهنّ.
فهذا كان جزاء فضل نبيّهم عليهم، و رأفته لديهم أن يبدّلوا نعمة اللّه كفرا، و أن يحلّوا بنبيّه حسدا و غدرا.
فاستشعروا و تنبّهوا رحمكم اللّه في هذا اليوم شعار الأحزان، و أفيضوا الدموع المقرحة للأجفان، فإنّه يوم المصيبة الكبرى، و الواقعة العظمى، و عزّوا نبيّكم المصطفى، و إمامكم المرتضى، و سيّدتكم الزهراء، بهذا الرزء الّذي أبكى ملائكة السماء، و اهتزّ له عرش المليك الأعلى، قائلين: يا سيّد الأنبياء، و يا خاتم الأصفياء، هذا سبطك منبوذ بالعراء، هذا سبطك محزوز الرأس من القفا، هؤلاء بناتك اسارى يسار بها إلى الأعداء.
[أبيات للصنوبري]
يا خير من لبس النبو
وة من جميع الأنبياء
وجدي على سبطيك وج
د ليس يؤذن بانقضاء
هذا قتيل الأدعيا
ء و ذا قتيل الأشقياء
يوم الحسين ارقت دم
ع الأرض بل دمع السماء
يوم الحسين تركت با
ب الصبر مهجور الفناء
يا كربلاء خلقت من
كرب علا و من بلاء
كم فيك من وجه تشر
رب ماؤه ماء البهاء
نفسي الفداء لمصطلي
نار الوغا أيّ اصطلاء
حيث الأسنّة في الجوا
شن كالكواكب في السماء
فاختار درع الصبر ان
ن الصبر من لبس الثناء 3284
و أبى إباء الاسد إن
ن الاسد صادقة الإباء
منعوه طعم الماء لا
ذاقوا لماء طعم ماء
و قضى كريما إذ قضى
ظمآن في نفر ظماء
من ذا لمعفور الجوا
دممال أعواد الخباء
من للطريح الشلو عر
يانا مخلّى بالعراء؟
من للمحنّط بالترا
ب و للمغسّل بالدماء؟
من لابن فاطمة المغي
يب عن عيون الأولياء؟ 3285
إخواني لو لا أنّ الجزع عند تجدّد المصائب العظام دفعه غير مقدور، و الأسف على من سلف من السادة الكرام صرفه غير منشور، و إنّا مندوبون إلى تجديد هذه العزيّة في كلّ عام، و إظهار الجزع لهذه الرزيّة على ممرّ الأيّام، و إنّ
لنا في ذلك قرّة العين، فكأنّا لعظيم مصابها ممّن استشهد بين يدي الحسين، لكان اللائق إظهار شعار السرور، و إبداء تمام الحبور، إذ سادتنا حضوا من السعادة الأبديّة بأعظم السعادات، و حضوا من الشهادة العليّة بأرفع الدرجات، إذ لم يسمع بأحد جاهد في اللّه جهادهم، و لم يجتهد لإقامة دين الحقّ اجتهادهم، باعوا أنفسهم من اللّه بالثمن الأوفر، فربحوا أحسن الثناء في الدنيا و الفوز في الاخرى لعظيم هذا المتجر، أحلّهم اللّه بذلك على منازل رضوانه، و منحهم حياة باقية ببقائه في جنانه، و غرفا صاروا إليها في كتابه المكنون بقوله سبحانه: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3286 .
[في فضيلة الشهادة و ثوابها و أجرها]
عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ برّ فوقه برّ حتى يخرج الرجل شاهرا سيفه في سبيل اللّه فيقتل فليس فوقه برّ 3287 .
و روي عن إمام الهدى عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام، قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب الناس و يحضّهم على الجهاد إذ قام إليه شابّ فقال: يا أمير المؤمنين، اخبرني عن فضل الجهاد و الغزو في سبيل اللّه.
فقال صلوات اللّه عليه: كنت رديف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ناقته العضباء و نحن منقلبون 3288 من غزاة ذات السلاسل، فسألته عمّا سألتني
عنه، فقال: إنّ الغزاة إذا همّوا بالغزو باهى اللّه بهم الملائكة، فإذا ودّعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان و البيوت، و يخرجون من الذنوب كما تخرج الحيّة من سلخها، و يوكّل اللّه بكلّ واحد أربعين ملكا يحفظونه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، و لا يعمل حسنة إلّا ضوعفت له، و يكتب له بكلّ يوم عبادة ألف رجل يعبدون اللّه ألف سنة، كلّ سنة ثلاثمائة و ستّون يوما، اليوم مثل عمر الدنيا، فإذا صاروا بحضرة عدوّهم انقطع علم الخلائق عن ثواب اللّه إيّاهم، و إذا برزوا لعدوّهم و أشرعت الأسنّة و فوّقت السهام و تقدّم الرجل إلى الرجل حفّتهم الملائكة بأجنحتها يدعون اللّه تعالى بالنصر و التثبّت، و ينادي مناد: الجنّة تحت ضلال السيوف، فتكون الضربة على الشهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف.
و إذا زال الشهيد عن فرسه بضربة أو طعنة لم يصل إلى الأرض حتى يبعث اللّه إليه زوجة من الحور العين، فتبشّره بما أعدّ اللّه له من الكرامة، و تقول له الأرض: مرحبا بالروح الطيّبة الّتي اخرجت من البدن الطيّب، أبشر فإنّ لك ما لا عين رأت، و لا اذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، و يقول اللّه سبحانه:
أنا خليفته في أهله، من أرضاهم فقد أرضاني، و من أسخطهم فقد أسخطني، و يجعل اللّه روحه في حواصل طيور خضر تسرح في الجنّة حيث تشاء، تأكل من ثمارها، و تأوي إلى قناديل من ذهب معلّقة بالعرش، و يعطي الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس، سلوك كلّ غرفة ما بين صنعاء و الشام، علا نورها ما بين الخافقين، في كلّ غرفة سبعون بابا، على كلّ باب سبعون مصراعا من ذهب، على كلّ باب ستور مثله، في كلّ غرفة سبعون خيمة، في كلّ خيمة
سبعون سريرا من ذهب، قوائمها الدرّ و الزبرجد، موصولة 3289 بقضبان الزمرّد، على كلّ سرير أربعون فراشا غلّظ، كلّ فراش أربعون ذراعا، على كلّ فراش زوجة من الحور العين عربا أترابا.
فقال الرجل: أخبرني يا أمير المؤمنين، عن العروبة؟
قال: هي 3290 الغنجة الوضيّة الشهيّة لها سبعون ألف وصيفة و سبعون ألف وصيف، صفر الحليّ، بيض الوجوه، عليهنّ تيجان اللؤلؤ، على رقابهنّ المناديل، بأيديهم الأكوبة و الأباريق.
فإذا كان يوم القيامة فو الّذي نفسي بيده لو كان الأنبياء على طريقهم لترجّلوا لهم لما يرون من بهائهم حتى يأتوا إلى موائد من الجواهر فيقعدون عليها، و يشفّع الرجل منهم في سبعين ألفا من أهل بيته و جيرانه، حتى انّ الجارين يتخاصمان أيّهما أقرب جوار فيقعدون معي و مع إبراهيم عليه السلام على مائدة الخلد، فينظرون إلى اللّه عزّ و جلّ في كلّ يوم بكرة و عشيّا 3291 .
و هذا الحديث رواه شيخنا الشيخ أبو علي الطبرسي رضي اللّه عنه في كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن 3292 عند تفسيره وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3293 .
لهفي على السبط و ما ناله
قد مات عطشانا بكرب الظما
لهفي لمن نكس عن سرجه
ليس من الناس له من حما
لهفي على ذاك القوام الّذي
حبته بالطفّ سرو العدا
لهفي على ذاك العذار الّذي
عراه بالطفّ تراب العرا
لهفي على بدر العلى إذ على
في رمحه يخجل بدر الدجا
لهفي على النسوة إذ برّزت
تساق سوقا بالعنا و الجفا
لهفي على تلك الوجوه الّتي
أبرزن بعد الصون بين الملا 3294
و ممّا نسب إلى زينب بنت عليّ عليهما السلام:
يا حرّ صدري يا لهيب الحشا
انهدّ ركني يا أخي و القوى
كنت أخي ركني فلم يبق لي
ركن و لا ذخر و لا ملتجا
و كنت أرجوك فقد فاتني 3295
ما كنت أرجوه فخاب الرجا
يا ابن امّي لو تأمّلتني
رأيت منّي ما يسرّ العدا
حلّ بأعدائك ما حلّ بي
من ألم السير و ذلّ السبا
وددت لو بالروح أفديك من
يومك هذا و أكون الفدا 3296
يا ابن خير الناس امّا و أبا
و أجل الخلق طرّا نسبا
نار حزني بك يا ابن المصطفى
حرّها منذ وجودي ما خبا
و إذا ما مرّ ذكر الطفّ في