کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
و لم تشركنا فيها؟ فأعلمته أنّي كنت بمكّة، و أنّي قد جئتك الآن، و سايرته و نحن نتحدّث حتّى أتى الكناس، فوقف وقوفا كأنّه منتظر لشيء، و قد كان اخبر بمكان حرملة بن كاهلة لعنه اللّه، فوجّه في طلبه، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون و قوم يشدّون حتّى قالوا: أيّها الأمير، البشارة، قد اخذ حرملة بن كاهلة، فما لبثنا أن جيء به، فلمّا نظر إليه المختار قال لحرملة: الحمد للّه الّذي مكّنني منك، [ثمّ] 3409 قال: الجزّار الجزّار، فاتي بجزّار، فقال له: اقطع يديه، فقطعتا، ثمّ قال: اقطع رجليه، فقطعتا، ثمّ قال: النار النار، فاتي بنار و قصب فالقي عليه فاشتعلت فيه النار.
فقلت: سبحان اللّه! سبحان اللّه!
فقال: يا منهال، إنّ التسبيح لحسن، ففيم سبّحت؟
فقلت: أيّها الأمير، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على عليّ ابن الحسين عليه السلام، فقال: يا منهال، ما فعل حرملة بن كاهلة؟ قلت:
تركته حيّا بالكوفة، فرفع يديه جميعا و قال: اللّهمّ أذقه حرّ الحديد، اللّهمّ أذقه حرّ الحديد، اللّهمّ أذقه حرّ النار، اللّهمّ أذقه حرّ النار.
فقال المختار: أسمعت عليّ بن الحسين عليه السلام يقول هذا؟
فقلت: و اللّه لقد سمعته يقول هذا، فنزل عن دابّته و صلّى ركعتين و أطال السجود، ثمّ قام و ركب، و قد احترق حرملة، و ركبت معه و سرنا، فحاذيت داري، فقلت: أيّها الأمير، إن رأيت أن تشرّفني و تكرّمني و تنزل عندي و تحرم بطعامي.
فقال: يا منهال، تعلمني أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام دعا بأربع دعوات فأجابه اللّه على يدي، ثمّ تأمرني أن آكل! هذا يوم صوم شكرا للّه على ما فعلته بتوفيقه، و حرملة هو الّذي حمل رأس الحسين عليه السلام إلى يزيد، و هو الذي رمى عليّ بن الحسين الرضيع بسهم فذبحه 3410 .
الندبة
يا شهيدا شهد اللّه له بوفاء حقّه، و يا صدّيقا أخذ اللّه ميثاقه على خلقه، و يا من جاهد في اللّه حقّ جهاده، و يا من أخلص للّه في إصداره و إيراده، و يا دليل الخلق على معبودهم، و يا سبيل الرشد إلى مقصودهم، و يا من أيّده اللّه بالعصمة الّتي شرّفه بها على بني نوعه، و جعل أعلام الهدى و مصابيح الدجى من فروعه، و يا حجّة اللّه البالغة من اللّه على عباده، و يا ربيع اليتامى و الأيامى ببرّه و إرفاده، و يا صاحب الفرع المرجب الّذي شاع و بان في الآفاق فضله، و اتّصل بحبل القرآن حبله، و عمّ الخافقين نحله، و أرمض قلوب القاسطين عدله، و جعل برد الأمن على الظالمين محرّما، و أجسادهم بصارمه جمادا، قد أفاض عليها ملابس من فيض الدماء.
حزني عليك جلّ عن وصف الواصفين عظيمه، و جزعي لديك فات حصر الحاصرين جسيمه، أذرف المدامع في حضرتك، و اشنّف المسامع بمراثيك و مدحتك، إذا تصوّر فكري مصابك، و خطر بسرّي ما أصابك، سئمت
الحياة و لذّتها، و قلوت الدنيا و زهرتها، فلا ضحكت سنّي إن ضحكت و قد ابتليتم بصروف الردى، و لا قرّت عيني إن سررت و نساؤكم أسرى يسار بها إلى العدى.
أ يقرّ طرفي و رءوسكم يسار بها إلى الطغاة؟ أم يسكن وجدي و عيالاتكم يساق بها إلى البغاة؟ أم ترقد مقلتي و منازلكم نافدة لحمالكم 3411 ؟ أم تبرد غلّتي و محاريبكم خالية من صلواتكم؟
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه]
فها أنا ذا أستنبط بأكفّ لوعتي ينابيع أدمعي، و أستخرج بأيدي حسرتي زفراتي من أضلعي، و انظم نثرا من سليم طبعي، و انثر درّا من قويم صنعي، و يروي لساني عن جريح جناني، و بياني عن صحيح إيماني:
مصابكم في بحار الحزن ألقاني
و هدّ ركني و أجرى دمعي القاني
و صرت من دهري الجاني حليف جوى
إلى البكاء بدم الأجفان ألجاني
غريق إنسان عيني بالدموع سوى
جليل رزئكم في الخلق انساني
مررت بالأربع اللاتي بكم شرفت
فعادني عيد أشجان فأبكاني
ناديتها أين من كانوا بحار ندى
ما ان لهم بالسخا و الجود من ثان
كانوا مصابيح ظلما الضلالة ما
أثناهم عن مقال الحقّ من ثان
كم فيك قد قطعوا طيب المنام
و واصلوا الظلام بتسبيح و قرآن؟
و في عراصك كم أحيوا بجودهم
آمال قوم بإفضال و إحسان؟
كانوا بدور دجى لا بل شموس ضحى
يهدى بنور هداهم كلّ حيران
أعلام حقّ رقوا بالصدق منزلة
ما نالها غيرهم قاص و لا داني
بحار علم و لا حدّ لساحلها
بحار حلم و إخلاص بإيمان
كانت منازلهم كنز الفقير و أم
ن المستجير و كهف الخائف العاني
فأصبحت بعدهم قفراء موحشة
يروى لسان الصدى عنها بتحناني
إنّ البدور الّتي كانت مطالعها
منازلي هدّمتها البعد أركاني
و صرت خالية خالية من بعد انسهم
يجاوب البوم منّي نعب غربان
أضحت مدارس ذكر اللّه دارسة
في أربعي فلهذا الحزن أوهاني
إلى الحسين شهيد الطفّ أندب أم
لمسلم حين أذري الدمع أوهاني؟
أوقفت فكري على الربع الّذي ظعنوا
عنه و أخلوه من أهل و سكّان
و الوجد يقلقني و الشوق يحرقني
و الدمع يغرقني من فيض أجفاني
و قلت و الحزن يطويني و ينشرني
و الكرب يظهر في سرّي و إعلاني
يا ربع أين الاولى كانوا حماتك من
ريب الزمان و من هضم و عدوان
و من ألفتهم كانت غيوث سخا
بعارض من سماء الجود هتّان
و من هم في الندى كالشمس تحيي ما
على البسيطة من نبت و حيوان
غنا الفقير و أمن المستجير و من
سمّوا بمجد و إخلاص و عرفان
أعلام علم علت ما أمّها بشر
إلّا تنزّه عن جهل و نقصان
أجابني الربع أو داني الزمان بهم
و كلّ شيء سوى ربّ العلى فان
أخنت عليهم صروف الدهر فانقلبوا
بالبعد نائين عن أهل و أوطان
في اللّه اوذوا و باعوا أنفسا طهرت
من ذي الجلال بجنّات و رضوان
و استشعروا حبّنا من حسن صبرهم
في اللّه لم يصرعوا من فقد معواني
قلوبهم جعلوها للدروع وقا
من وقع حرب بني حرب و سفيان
كانت مجالس غاداني مكارمهم
و هم محال ساداتي و أعياني
فشتّت البين شملا كان مجتمعا
و هدّني و بسهم الحزن أصماني
مأواهم في سويدا القلب ما برحوا
و في سواد عيوني كلّ أحياني
يهزّني ذكرهم في خلوتي حزنا
كما يهزّ الصبا غصنا من الباني
فأرسل الطرف لي أطفي ضرام جوى
إطفاؤه بغزير الدمع أعياني
وددت لو كنت تربا ضمّ أعظمهم
قد عظّم اللّه من مثواهم شاني
و صرت أسمو على البيت الحرام بما
اوتيت إذ خير أهل الأرض سكّان
فيا لها غصّة لا تنقضي و جوى
لا ينطفي و قضاء جرّ حرماني
كانوا شموسا و أرجائي مشارقها
و حسن معناهم روحي و ريحاني
حتّى إذا غربت عنّي محاسنهم
هدّ البعاد بكفّ البين بنياني
يا لائمي لا تلمني إن بكيت دما
عليهم بعويل طول أزماني
أو حرّمت مقلتي طيب المنام أو ال
فؤاد منّي لم يسمح بسلواني
فإنّ من عمروا ربعي بجودهم
و شادني مجدهم فخرا و أعلاني
آل الرسول و أولاد البتول و أب
واب الوصول إلى حور و ولدان
نجل الكرام مصابيح الظلام مجا
ديح الأنام و أعلا نجل عدنان
بفضلهم صحف اللّه الاولى نطقت
كما أتى مدحهم في آي فرقان
أخنى الزمان عليهم فانثنوا و هم
ما بين مخترم بالقتل ظمآني
و بين معتقل بالأسر يرسف في
قيوده بين غدّار و خوّان
ما ان له مستجيب ان شكا برحا