کتابخانه روایات شیعه
فصل [في فضل زيارته، و الهجرة إلى بقعته، و الاستشفاء بتربته، و إجابة الدعاء تحت قبّته عليه السلام]
و أمّا فضل زيارته عليه السلام، و الهجرة إلى بقعته، و الاستشفاء بتربته، و إجابة الدعاء تحت قبّته، فلا يحصرها حدّ، و لا يستوفيها عدّ، و قد صنّف الشيخ الجليل أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه 3420 القمّي رضي اللّه عنه في ذلك خاصّة كتابا سمّاه ب «كامل الزيارات»، مشتملا على فضل زيارته عليه السلام، و فضل الصلاة عنده.
و روى رضي اللّه عنه في ذلك روايات و أخبارا و كرامات كثيرة، و كذلك غيره من فقهاء الشيعة و أبرارهم، كالشيخ الفقيه أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه، و الشيخ عماد الدين أبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي رضي اللّه عنهم أجمعين 3421 .
و سأورد نبذة ممّا رووه رضي اللّه عنهم و أوردوه في فضل زيارته، من
الأحاديث الصحيحة، و الروايات الصريحة، التقطتها من كتبهم.
ذلك ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه 3422 رضي اللّه عنه: [أبي رحمه اللّه] 3423 قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري 3424 ، عن الحسين بن محمد القمّي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: من زار قبر الحسين أبي عبد اللّه عليه السلام بشاطئ الفرات كان كمن زار اللّه فوق عرشه 3425 3426 .
قال شيخنا الشيخ الشهيد محمد بن مكّي رضي اللّه عنه في دروسه- عند ذكر هذا الحديث-: هو كناية عن كثرة الثواب و الإجلال، بمثابة من رفعه اللّه إلى سمائه، و أدناه من عرشه، و أراه من خاصّة ملكه ما يكون به توكيد كرامته 3427 .
و روى أيضا رضي اللّه عنه في دروسه أنّ زيارته فرض على كلّ مؤمن، و أنّ تركها ترك حقّ للّه و لرسوله، و أنّ تركها عقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنقاص في الإيمان و الدين، و أنّه حقّ على الغنيّ زيارته في السنة مرّتين، و الفقير في السنة مرّة، و أنّه من أتى عليه حول و لم يأت قبره نقص من عمره حول، و أنّها تطيل العمر، و أنّ أيّام زيارته لا تعدّ من الأجل، و تفرّج الغمّ،
و تمحّص الذنوب، و بكلّ خطوة حجّة مبرورة، و له بزيارته عتق ألف نسمة، و حمل على ألف فرس في سبيل اللّه، و له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم، و أنّ من أتى قبره عارفا بحقّه غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.
و أنّ زيارته يوم عرفة مع المعرفة بحقّه بألف ألف حجّة و ألف ألف عمرة متقبّلات، و ألف غزوة مع نبيّ أو إمام.
و زيارته أوّل رجب مغفرة للذنب البتّة، و نصف شعبان يصافحه مائة 3428 ألف نبيّ و عشرون ألف نبيّ، و ليلة القدر مغفرة للذنب، و أنّ الجمع بين زيارته في سنة واحدة ليلة عرفة و الفطر و ليلة النصف من شعبان بثواب ألف حجّة مبرورة، و ألف عمرة متقبّلة، و قضاء ألف حاجة للدنيا و الآخرة.
و زيارته في العشرين من صفر من علامات المؤمن، و زيارته في كلّ شهر ثوابها ثواب مائة ألف شهيد من شهداء بدر 3429 .
و قال رضي اللّه عنه أيضا في دروسه: روى المفضّل بن عمر، عن الصادق عليه السلام في الصلاة عنده كلّ ركعة بألف حجّة، و ألف عمرة، و عتق ألف رقبة، و ألف وقفة في سبيل اللّه مع نبيّ مرسل 3430 .
و عن مولانا موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام: أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللّه عليه السلام بشطّ الفرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر 3431 .
روى الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه 3432 بحذف الأسانيد قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام: ما لمن زار قبر الحسين عليه السلام؟
فقال: إنّ الحسين عليه السلام 3433 وكّل اللّه به أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له منصور، فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه، و لا يودّعه مودّع إلّا شيّعوه، و لا يمرض إلّا عادوه، و لا يموت إلّا صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته 3434 .
و بحذف الاسناد، عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، قال: وكّل اللّه بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه، و يدعون لمن زاره، و يقولون: يا ربّنا، هؤلاء زوّار الحسين افعل بهم و افعل 3435 .
و بالاسناد عن صالح، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ للّه تبارك و تعالى ملائكة موكّلين بقبر الحسين عليه السلام، فإذا همّ الرجل بزيارته أعطاهم اللّه ذنوبه، فإذا خطا محوها، ثمّ إذا خطا ضاعفوا له حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتّى يوجب له الجنّة، ثمّ اكتنفوه و قدّسوه، و ينادون ملائكة السماوات: قدّسوا زوّار حبيب حبيب اللّه، فإذا اغتسلوا ناداهم [محمد صلّى اللّه عليه و آله: يا وفد اللّه، أبشروا بمرافقتي في الجنّة، ثمّ ناداهم] 3436 أمير المؤمنين عليه السلام: أنا ضامن
لحوائجكم 3437 ، و دفع البلاء عنكم في الدنيا و الآخرة، ثمّ اكتنفوهم 3438 عن أيمانهم و عن شمائلهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم 3439 .
و بالاسناد عن الأعمش، قال: كنت نازلا بالكوفة و كان لي جار كثيرا ما كنت أقعد إليه، و كان ليلة جمعة فقلت له: ما تقول في زيارة الحسين عليه السلام؟
فقال لي: بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النار.
فقمت من بين يديه و أنا أمتلئ غيظا و قلت: إذا كان في السحر أتيته فحدّثته من فضائل أمير المؤمنين ما يسخّن اللّه به عينه.
قال: فأتيته و قرعت عليه الباب، فإذا أنا بصوت من وراء الباب: إنّه قد قصد الزيارة في أوّل الليل، فخرجت مسرعا، فأتيت الحائر، فإذا أنا بالشيخ ساجد لا يملّ من السجود و الركوع، فقلت له: بالأمس تقول لي بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النار، و اليوم تزوره؟!
فقال لي: يا سليمان، لا تلمني فإنّي ما كنت اثبت لأهل هذا البيت إمامة حتّى كانت ليلتي هذه فرأيت رؤيا أرعبتني.
فقلت: ما رأيت أيّها الشيخ؟
قال: رأيت رجلا لا بالطويل الشاهق، و لا بالقصير اللاصق، لا احسن أصفه من حسنه و بهائه، معه أقوام يحفّون به حفيفا، و يزفّونه زفّا، بين يديه
فارس على فرس له ذنوب، على رأسه تاج، للتاج أربعة أركان، في كلّ ركن جوهرة تضيء مسيرة ثلاثة أيّام، فقلت: من هذا؟
فقالوا: محمد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب صلّى اللّه عليه و آله.
فقلت: و الآخر؟
فقالوا: وصيّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
ثمّ مددت عيني فإذا أنا بناقة من نور، عليها هودج من نور، تطير بين السماء و الأرض.
فقلت: لمن الناقة؟
قالوا: لخديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد عليها السلام.
فقلت: و الغلام؟
قالوا: الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قلت: فأين يريدون؟
قالوا: يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلما الشهيد بكربلاء الحسين بن عليّ، ثمّ قصدت الهودج فإذا أنا برقاع تساقط من السماء أمانا من اللّه عزّ و جلّ لزوّار الحسين بن عليّ ليلة الجمعة، ثمّ هتف بنا هاتف: ألا إنّنا و شيعتنا في الدرجة العليا من الجنّة.
و اللّه يا سليمان، لا افارق هذا المكان حتّى تفارق روحي جسدي 3440 .
و بالاسناد قال: حدّثني محمد بن الحسن، قال: حدّثني أحمد بن
إدريس، عن محمد بن أحمد، [عن محمد] 3441 بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، [عن الخيبري،] 3442 عن موسى بن القاسم الحضرمي، قال: ورد أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام في أوّل ولاية أبي جعفر فنزل النجف، ثمّ قال:
يا موسى، اذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق و انظر فإنّه سيجيئك رجل من ناحية القادسيّة، فإذا دنا منك فقل: هنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك، فإنّه سيجيء معك.
قال: فذهبت حتّى قمت على الطريق و الحرّ شديد، فلم أزل قائما حتّى كدت أعصي و أنصرف و أدعه، إذ نظرت إلى شيء مقبل شبه رجل على بعير.
قال: فلم أزل أنظر إليه حتّى دنا منّي، فقلت: يا هذا، هنا رجل من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يدعوك، و قد وصفك لي.
فقال: اذهب بنا إليه.
قال: فجاء حتّى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة، قال: فدعا به، فدخل الأعرابيّ إليه، و دنوت أنا فصرت على باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهما، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: من أين أقبلت؟
قال: من أقصى اليمن.
قال: أنت من موضع كذا و كذا؟
قال: نعم.
قال: فيم جئت إلى هاهنا؟