کتابخانه روایات شیعه
فصل في ذكر فضل كربلاء
بالاسناد عن محمد بن جعفر القرشي 3461 الرزّار، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطّاب [عن أبي سعيد، عن بعض رجاله، عن أبي الجارود] 3462 ، قال:
قال عليّ بن الحسين عليه السلام: اتّخذ اللّه كربلاء 3463 حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق أرض الكعبة و يتّخذها حرما بأربعة و عشرين ألف عام، و انّه إذا زلزل اللّه تبارك و تعالى الأرض و سيّرها رفعت كما هي بتربتها صافية 3464 فجعلت في أفضل 3465 مسكن في الجنّة لا يسكنها إلّا النبيّون و المرسلون- أو قال: و اولوا العزم من الرسل- و انّها لتزهر 3466 بين رياض الجنّة كما يزهر الكوكب الدرّيّ بين الكواكب لأهل الأرض يغشي نورها أصحاب الجنّة 3467 ، و هي تنادي: أنا أرض اللّه المقدّسة الطيّبة المباركة الّتي تضمّنت سيّد الشهداء و سيّد شباب أهل
الجنّة 3468 .
و بالاسناد قال: حدّثنا محمد بن جعفر الرزّاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة، من عرفها و استجار بها اجير.
قلت: فصف [لي] 3469 موضعها، جعلت فداك.
فقال: امسح من موضع قبره اليوم خمسا و عشرين ذراعا من ناحية رجليه، [و خمسا و عشرين ذراعا ممّا يلي وجهه،] 3470 و خمسا و عشرين ذراعا من خلفه، و خمسا و عشرين ذراعا من ناحية رأسه، و موضع قبره منذ [يوم] 3471 دفن روضة من رياض الجنّة، و منه معراج يعرج فيه بأعمال زوّاره إلى السماء، فليس ملك [و لا نبيّ] 3472 في السماوات و لا في الأرض إلّا و هم يسألون اللّه عزّ و جلّ [أن يأذن لهم] 3473 في زيارة قبر الحسين عليه السلام، ففوج ينزل و فوج يعرج. 3474
و قال الصادق عليه السلام: حريم قبر الحسين عليه السلام خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر. 3475
و روى الحسن بن محبوب، عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال 3476 : خرجت من الكوفة قاصدا زيارة الحسين عليه السلام في آخر زمان بني مروان و قد أقاموا مشايخ من أهل الشام على الطرقات يقتلون من ظفروا به من زوّاره، فأتيت إلى القرية الّتي عند حائره عليه السلام فأخفيت نفسي إلى الليل، ثمّ أتيت إلى الحائر الشريف، فخرج منه عليّ رجل فقال: يا هذا، ارجع من حيث أتيت، عافاك اللّه، فإنّك لا تقدر على الزيارة في هذه الساعة، فرجعت إلى مكاني، فلمّا ذهب من الليل شطره أقبلت لزيارته عليه السلام، فخرج عليّ ذلك الرجل و قال: يا هذا، أ لم أقل لك إنّك لا تقدر على زيارة الحسين هذه الليلة؟
فقلت: و ما يمنعني من ذلك و أنا قد أقبلت من الكوفة على خوف من أهل الشام أن يقتلوني.
فقال: يا هذا، اعلم أنّ إبراهيم خليل اللّه و موسى كليم اللّه و محمد حبيب اللّه عليهم السلام استأذنوا اللّه في هذه الليلة أن يزوروا قبر الحسين عليه السلام فأذن لهم، فهم عنده من أوّل الليل في جمع من الملائكة لا يحصى عددهم يسبّحون اللّه و يقدّسونه إلى الصباح.
فقلت له: و أنت من تكون، عافاك اللّه؟
قال: أنا من الملائكة الموكّلين بقبره صلوات اللّه عليه، فكاد يطير عقلي ممّا دخلني من الرعب، و رجعت إلى مكاني متفكّرا في ذلك حتّى انفجر عمود الصبح فأتيت فلم أر أحدا، فصلّيت وزرت و انصرفت على خوف من أهل
الشام 3477 .
و بالاسناد المتقدّم عن الحسين بن عبيد اللّه، عن الحسن بن عليّ [بن أبي عثمان، عن عبد الجبّار النهاوندي، عن أبي سعيد، عن الحسين] 3478 بن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا حسين، من خرج من منزله يريد زيارة الحسين عليه السلام إن كان ماشيا كتبت له بكلّ خطوة حسنة، و حطّ بها عنه سيّئة، حتّى إذا صار في الحائر كتبه اللّه من المفلحين المنجحين حتّى إذا قضى مناسكه كتبه اللّه من الفائزين، حتّى إذا أراد الانصراف ناداه 3479 ملك فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [يقرئك السلام و] 3480 يقول لك:
استأنف العمل فقد غفر اللّه لك ما مضى. 3481
و بالاسناد عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عليّ بن حسّان الهاشمي، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر عليه السلام، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين عليه السلام لكان تاركا حقّا من حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [لأنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من اللّه واجبة على كلّ مسلم] 3482 . 3483
و بالاسناد عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهّان، عن أبى عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ الرجل ليخرج إلى قبر الحسين
عليه السلام فله إذا خرج من أهله بأوّل خطوة مغفرة ذنوبه، ثمّ لم يزل يقدّس [بكلّ خطوة] 3484 حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه اللّه فقال: عبدي سلني اعطك، ادعني اجيبك، اطلب منّي اعطك، سلني حاجة اقضيها لك.
قال أبو عبد اللّه عليه السلام: و حقّ على اللّه أن يعطي ما بذل 3485 .
و بالاسناد عن سيف بن عميرة و منصور بن حازم قالا: سمعناه صلوات اللّه عليه يقول: من أتى عليه حول و لم يزر قبر الحسين عليه السلام نقص من عمره حول، و لو قلت: إنّ أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا، و ذلك لأنّكم تتركون زيارته عليه السلام، فلا تتركوها يمدّ اللّه في أعماركم و أرزاقكم، فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك، فإنّ الحسين بن عليّ شاهد لكم عند اللّه و عند رسوله و عند أمير المؤمنين و فاطمة عليهم السلام 3486 .
و بالاسناد عن سلمة بن الخطّاب، عن إبراهيم بن محمد، عن عليّ بن المعلّى، عن إسحاق بن زياد 3487 ، قال: أتى رجل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:
إنّي قد ضربت على كلّ شيء لي ذهبا و فضّة، و بعت ضياعي، فقلت أنزل مكّة.
فقال: لا تفعل، فإنّ أهل مكّة يكفرون باللّه جهرة.
قال 3488 : ففي حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
قال: هم شرّ منهم.
قال 3489 : فأين أنزل؟
قال: عليك بالعراق الكوفة، فإنّ البركة منها على اثني عشر ميلا هكذا و هكذا 3490 ، و إلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قطّ و لا ملهوف إلّا فرّج اللّه عنه 3491 .
[من كرامات الامام الحسين عليه السلام]
و بالاسناد عن هشام بن الحكم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إلى جانبكم لقبرا ما أتاه مكروب إلّا نفّس اللّه كربته، و قضى حاجته 3492 - يعني قبر الحسين عليه السلام- 3493 .
و لو أردنا الاستقصاء في فضل زيارته لضاق الوقت و عزت الطوامير.
و أمّا كرامته صلوات اللّه عليه و ما يظهر على تعاقب الزمان من العجائب و الغرائب لدى ضريحه الشريف إلى يوم الناس هذا ما هو مشهور بتجدّد الأعوام و الأيّام، و يظهر للخاصّ و العامّ، من إجابة الدعاء، و شفاء المرضى و الزمنى قد بلغ حدّ التواتر و طار في الآفاق ذكره، و شاع على الاطلاق أمره.
و سأذكر من ذلك نازلة نزلت بي و عظم لواقعتها خطبي، و تزلزل لقارعتها قلبي، و ذلك انّ اللّه سبحانه كان قد منّ عليّ في سنة تسعمائة من الهجرة بكتاب «تذكرة الفقهاء» في فقه الخاصّة، من مصنّفات الشيخ الكامل العالم العامل أبي منصور الحسن جمال الدين بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ أفاض اللّه على ضريحه شآبيب رحمته، و حشره في زمرة نبيّه و عترته، و كنت كلفا به، ملازما له، مثابرا على حصر فوائده، أستأنس به في خلوتي، و أستكشف بمطالعته غمّتي، إلى أن تقلّبت الامور، و تغيّرت الدهور، و استبدل اللّه بقوم قوما، و برجال رجالا، و قضى اللّه لي و أحسن القضاء بجوار سيّد الشهداء، إمام الثقلين، و سبط سيّد الكونين، أبي عبد اللّه الحسين، و ملازمة حضرته الشريفة ليلا و نهارا، إلى أن دخلت سنة ثماني عشرة و تسعمائة حضر في المشهد الشريف رجل من بلدة شيراز يدعى بالسيّد شريف، و كان له قرب من السلطان، ثمّ نقم عليه و عزله.
و كان المذكور يظهر التشيّع و يدّعي الاحاطة بأكثر العلوم، و في الباطن زنديقا يتديّن بمذهب الحكيم، و إنّما أظهر التشيّع تقرّبا إلى السلطان رياء و سمعة، فلمّا حضر في المشهد الشريف و كان قد أنهى إليه أمر الكتاب فطلب من الفقير شراءه منه و بذل له عنه ثمنا، فأبى الفقير عليه، فأغلظ للفقير في الكلام لأنّه كان من السفاهة و الوقاحة و الكبر و الغلظة على جانب عظيم، فأجابه الفقير بأعظم من جوابه و أعان اللّه عليه.