کتابخانه روایات شیعه
قال 3488 : ففي حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
قال: هم شرّ منهم.
قال 3489 : فأين أنزل؟
قال: عليك بالعراق الكوفة، فإنّ البركة منها على اثني عشر ميلا هكذا و هكذا 3490 ، و إلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قطّ و لا ملهوف إلّا فرّج اللّه عنه 3491 .
[من كرامات الامام الحسين عليه السلام]
و بالاسناد عن هشام بن الحكم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إلى جانبكم لقبرا ما أتاه مكروب إلّا نفّس اللّه كربته، و قضى حاجته 3492 - يعني قبر الحسين عليه السلام- 3493 .
و لو أردنا الاستقصاء في فضل زيارته لضاق الوقت و عزت الطوامير.
و أمّا كرامته صلوات اللّه عليه و ما يظهر على تعاقب الزمان من العجائب و الغرائب لدى ضريحه الشريف إلى يوم الناس هذا ما هو مشهور بتجدّد الأعوام و الأيّام، و يظهر للخاصّ و العامّ، من إجابة الدعاء، و شفاء المرضى و الزمنى قد بلغ حدّ التواتر و طار في الآفاق ذكره، و شاع على الاطلاق أمره.
و سأذكر من ذلك نازلة نزلت بي و عظم لواقعتها خطبي، و تزلزل لقارعتها قلبي، و ذلك انّ اللّه سبحانه كان قد منّ عليّ في سنة تسعمائة من الهجرة بكتاب «تذكرة الفقهاء» في فقه الخاصّة، من مصنّفات الشيخ الكامل العالم العامل أبي منصور الحسن جمال الدين بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ أفاض اللّه على ضريحه شآبيب رحمته، و حشره في زمرة نبيّه و عترته، و كنت كلفا به، ملازما له، مثابرا على حصر فوائده، أستأنس به في خلوتي، و أستكشف بمطالعته غمّتي، إلى أن تقلّبت الامور، و تغيّرت الدهور، و استبدل اللّه بقوم قوما، و برجال رجالا، و قضى اللّه لي و أحسن القضاء بجوار سيّد الشهداء، إمام الثقلين، و سبط سيّد الكونين، أبي عبد اللّه الحسين، و ملازمة حضرته الشريفة ليلا و نهارا، إلى أن دخلت سنة ثماني عشرة و تسعمائة حضر في المشهد الشريف رجل من بلدة شيراز يدعى بالسيّد شريف، و كان له قرب من السلطان، ثمّ نقم عليه و عزله.
و كان المذكور يظهر التشيّع و يدّعي الاحاطة بأكثر العلوم، و في الباطن زنديقا يتديّن بمذهب الحكيم، و إنّما أظهر التشيّع تقرّبا إلى السلطان رياء و سمعة، فلمّا حضر في المشهد الشريف و كان قد أنهى إليه أمر الكتاب فطلب من الفقير شراءه منه و بذل له عنه ثمنا، فأبى الفقير عليه، فأغلظ للفقير في الكلام لأنّه كان من السفاهة و الوقاحة و الكبر و الغلظة على جانب عظيم، فأجابه الفقير بأعظم من جوابه و أعان اللّه عليه.
فمضى المذكور ثانيا إلى باب السلطان، فوثب صدر الدولة و فوّض إليه أمر الحضرات و الأوقاف و الامور الشرعيّة في سائر البلاد، فأظهر من الظلم و العسف و العدوان ما لا مزيد عليه، و ولّى على الحضرات الشريفة في بلاد
العراق نائبا من قبله مشابها له في الكبر و الغلظة و الظلم، و فوّض إليه أمر بلدة الحلّة و غيرها من البلاد المتعلّقة بالحضرات الشريفة- حضرات الأئمّة عليهم السلام-، و أمره أن لا يجعل له بعد وصوله دأبا و لا همّة إلّا أخذ الكتاب قهرا، و كتب على يده رسالة تتضمّن التهديد و الاغلاض في الكلام.
فحين وصل إلى المشهد الشريف أوصل الرسالة إلى العبد و أمره بإحضار الكتاب بسرعة من غير تعلّل، فرأى الفقير انّ الامتناع لا يجدي نفعا، فسلّم الكتاب جميعه و عدّته سبع مجلّدات إلى النائب المذكور، و فوّض الأمر إلى اللّه سبحانه، و رأى أن ليس لكربته و غمّته و ظلامته كاشفا إلّا اللّه و التوسّل إليه بوليّه أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام و آبائه الطاهرين و ذرّيّته الأكرمين.
و ألقى اللّه على لسان الفقير كلمات- نثرا و شعرا- سمّاها ب «استغاثة المظلوم اللهيف على الظلوم المسمّى بشريف» فكتبها الفقير و حفظها، ثمّ صلّى صلاة الحاجة عند رأس الضريح المقدّس، ثمّ دعا بالاستغاثة المذكورة بعد أن تلا ما تيسّر من كتاب اللّه، و وضع الاستغاثة المذكورة على الضريح و توسّل إلى اللّه بأبي عبد اللّه الحسين- بعد تلاوتها- و بأبيه و جدّه و أخيه و بالأئمّة التسعة من بنيه.
فرأى تلك الليلة في المنام إبراهيم بن سليمان الخطّي القطيفي 3494 المجاور بمشهد سيّدنا و مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه كأنّ الفقير قد حظر تحت القبّة الشريفة و وضع أوراقه على الضريح المقدّس، و ألحّ في المسألة و التضرّع إلى اللّه و إلى أبي عبد للّه عليه السلام، فبينا هو يتوسّل إذا
بيد قد خرجت من الضريح الشريف مشيرة إلى الفقير بثلاث أصابع، و إذا بقائل يقول: لا تجزع قد بقي من عمر ظالمك ثلاثة.
فأخبر الشيخ المذكور حفدته صبيحة ذلك اليوم بذلك.
فبعد مدّة اجتمعت بالمذكور، فسألته عن ذلك، فأخبرني بصحّته، فقلت: يمكن أن الثلاثة ثلاثة أعوام، أو ثلاثة أشهر، و فوّضت الأمر إلى اللّه، و استشعرت لباس الصبر، و تأسّيت بالنبيّ و وصيّه و أهل بيتهما.
فما مضت مدّة يسيرة إلّا أقبلت عساكر الروم كالجراد المنتشر، فكان المذكور زعيم الراية العظمى، فحين التقى الجمعان و ولّى المذكور دبره لا متحرّفا لقتال و لا متحيّزا إلى فئة، بل فرارا وجبنا، و اقتدى بالتيمي و ابن صهّاك في الهزيمة يوم خيبر، فلم يغن عنه الفرار من اللّه شيئا، و أتاه الموت من كلّ مكان، فصار قتيلا بدار غربة، طريحا في منزل وحشة، مخضّبا بدم الوريد قوتا لكلّ خامعة و سيد 3495 ، و كان بين الدعاء و قتله ثلاثة أشهر لا ينقص و لا يزيد.
و كان النائب المذكور قد تأخّر في إرسال الكتاب إليه رجاء أن يمضي هو بنفسه مستصحبا للكتاب لينال الزلفى عنده بذلك، و كان مقيما ببلدة بغداد منتظرا للأخبار، فأتاه خبر سيّده فصار بعد العزّ ذليلا، و بعد الامارة مأمورا، فمضى ولدي طاهر إلى الغاصب المذكور و أخذ الكتاب منه قهرا، و أتى به.
فالحمد للّه الّذي جبر كسري، و استجاب دعائي، و لم يشمت بي أعدائي، و إنّما أوردت هذه الاستغاثة في كتابي هذا تيمّنا و تبرّكا بها، و إظهار الفضيلة للإمام الشهيد أبي عبد اللّه الحسين، مضافة إلى مناقبه السالفة في حياته
و بعد موته صلوات اللّه و سلامه عليه و على آبائه الطاهرين، و أبنائه المعصومين، صلاة زاكية نامية إلى يوم الدين.
[الاستغاثة]
و هذه الاستغاثة الّتي توسّلت و استعنت إلى اللّه بها.
اللّهمّ يا من عرشه مجيد، و بطشه شديد، و أخذه مبيد، و عدله مديد، و يا قاصم كلّ جبّار عنيد، و هاضم كلّ ختّار مريد، و يا ناصرا من استنصر بعزيز سلطانه، و يا قاهرا من تجبّر. 3496 . و عدوانه، و يا جابرا قلوبا كسرتها عوامل المسرفين من أعدائه، و يا رافعا نفوسا خفضتها مواضع المتجبّرين على أوليائه، و يا من فتح باب الدعاء لمن وجّه مطايا حوائجه إليه، و يا من تكفّل بإجابة من توكّل في كشف حوائجه عليه، أو يضام أولياؤك و لك الخلق و الأمر؟
أم يهظم أصفياؤك و بيدك الحكم و القهر؟ أم تتجرّى كفرة كتابك على المنقطعين إليك؟ أم تتجرّى فجرة عبادك أذى من ألقى كلّه عليك؟
حاشا مجدك الّذي لا يضام، و جدّك الّذي لا يرام، و بطشك الّذي لا يطاق، و ملكك الّذي لا يحاق، أن تغلق أبواب فضلك عمّن أمّ ذراك، أو تقطع أسباب عدلك ممّن لم يجد له سواك، أو أن تفكّك أنامل رجاء من استمسك بمتين حبلك، أو أن تخيّب دعاء من التزم بوثيق عدلك، و أن تجبه بالودّ من بذل ماء وجهه لمسألتك، و أن تقنط بالمنع من وصف ظلامته لعالي حضرتك.
سبحانك خلقت طاغوتا من عبادك 3497 ، و مددت له مدّا، و آتيته من كلّ
شيء، و عددت له عدّا، لم تؤته ما أتيته ليكفر نعماك، و لم تعطه ما أعطيته ليغبط آلاءك، بل ليقيم شعائر شريعة دينك القويم، و يحيي معالم سنّة رسولك الكريم، و أن يحفظ نبيّك في ذرّيّته، و يخفض جناحه لامّته.
فغرّته الحياة الدنيا بزينتها، و فتنته الدار الفانية بزهرتها، فنسي ميثاقك المأخوذ عليه، و نبذ كتابك المنزل إليه، و تقوّى برزقك على ظلم عبادك، و استعان ببرّك على الافساد في بلادك، و اتّخذ أموالك دولا، و عبادك خولا، و أباح الأموال المحرّمة، و أراق الدماء المحترمة، و لم يترك لنبيّك رحما إلّا قطعها، و لا وصيّة إلّا ضيّعها، و لا مؤمنا إلّا آذاه، و لا مجرما إلّا آواه.
يتنمس بالاسلام و الالحاد دينه، و يندلس بالايمان و النفاق قرينه،. 3498 .
الأسفار بين يديه رياء و سمعة، قد أعمى اللّه بصره. 3499 .، يزعم أنّه علّامة زمانه بالكتاب و السنّة، و هو عند التحقيق أضلّ من الحقّة و المسنّة، إذ لو عضّ على العلم بضرس قاطع، و استضاء من الحقّ بشهاب ساطع، لم يتّخذ ظلم المؤمنين شعارا، و لا أذى المتّقين دثارا، و لا الكبر جلبابا، و لا العجب نقابا، و لا الفجرة أصحابا، و لا الغدرة أبوابا، بل كانت الدنيا في عينه أهون من قمامة، و أحقر من قلامة.
لكن نفخ الشيطان في أنفه فصعّر خدّه، و نفث على لسانه من قبل أن يبلغ أشدّه، و تلاعبت به دنياه كتلاعب الوليد بكرته، و السنور بفويسقته، لفرط جهله لا يخشى إله السماء، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ 3500 .
فهو علويّ لكن جدّه غير هاشميّ، و فاطميّ لكن امّه ليست سيّدة الفواطم، سفيه حلمه، قليل علمه، شديد مكره، عتيد غدره، كثير طيشه، خبيث عيشه، قلبه بين فكّيه، و عجبه رداء عطفيه، يزهو ببزّته، و يتهادى في مشيته، و يصول على آل الرسول بظلمه، و يجور عليهم بحكمه، فهم منه بين خائف يترقّب، و عازم بعد الهجرة أن يتعرّب، خوفا من فتنته، و فرقا من بادرته، إذ هو إلى الشرّ أسرع من النجم الثاقب، أو السهم الصائب، ينسلخ من آيات اللّه كانسلاخ الحيّة من قشرها، و يخرج عن دين اللّه كخروج الفويسقة من حجرها، فهو بلعم زمانه، و طاغوت أوانه، قد أتبعه الشيطان فكان من الغاوين، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 3501 .
اللّهمّ إنّه قد جعلنا هدفا لانتقامه، و نصبنا غرضا لسهامه، و استحلّ ما حرّمت من أموالنا، و استباح ما حظرت من أعراضنا، فنحن على وجل من بطشه، و خوف من طيشه، إذا هون سعيه في البغي الوجيف، و أطيب لفظه أنتن من الكنيف.