کتابخانه روایات شیعه
و بعد موته صلوات اللّه و سلامه عليه و على آبائه الطاهرين، و أبنائه المعصومين، صلاة زاكية نامية إلى يوم الدين.
[الاستغاثة]
و هذه الاستغاثة الّتي توسّلت و استعنت إلى اللّه بها.
اللّهمّ يا من عرشه مجيد، و بطشه شديد، و أخذه مبيد، و عدله مديد، و يا قاصم كلّ جبّار عنيد، و هاضم كلّ ختّار مريد، و يا ناصرا من استنصر بعزيز سلطانه، و يا قاهرا من تجبّر. 3496 . و عدوانه، و يا جابرا قلوبا كسرتها عوامل المسرفين من أعدائه، و يا رافعا نفوسا خفضتها مواضع المتجبّرين على أوليائه، و يا من فتح باب الدعاء لمن وجّه مطايا حوائجه إليه، و يا من تكفّل بإجابة من توكّل في كشف حوائجه عليه، أو يضام أولياؤك و لك الخلق و الأمر؟
أم يهظم أصفياؤك و بيدك الحكم و القهر؟ أم تتجرّى كفرة كتابك على المنقطعين إليك؟ أم تتجرّى فجرة عبادك أذى من ألقى كلّه عليك؟
حاشا مجدك الّذي لا يضام، و جدّك الّذي لا يرام، و بطشك الّذي لا يطاق، و ملكك الّذي لا يحاق، أن تغلق أبواب فضلك عمّن أمّ ذراك، أو تقطع أسباب عدلك ممّن لم يجد له سواك، أو أن تفكّك أنامل رجاء من استمسك بمتين حبلك، أو أن تخيّب دعاء من التزم بوثيق عدلك، و أن تجبه بالودّ من بذل ماء وجهه لمسألتك، و أن تقنط بالمنع من وصف ظلامته لعالي حضرتك.
سبحانك خلقت طاغوتا من عبادك 3497 ، و مددت له مدّا، و آتيته من كلّ
شيء، و عددت له عدّا، لم تؤته ما أتيته ليكفر نعماك، و لم تعطه ما أعطيته ليغبط آلاءك، بل ليقيم شعائر شريعة دينك القويم، و يحيي معالم سنّة رسولك الكريم، و أن يحفظ نبيّك في ذرّيّته، و يخفض جناحه لامّته.
فغرّته الحياة الدنيا بزينتها، و فتنته الدار الفانية بزهرتها، فنسي ميثاقك المأخوذ عليه، و نبذ كتابك المنزل إليه، و تقوّى برزقك على ظلم عبادك، و استعان ببرّك على الافساد في بلادك، و اتّخذ أموالك دولا، و عبادك خولا، و أباح الأموال المحرّمة، و أراق الدماء المحترمة، و لم يترك لنبيّك رحما إلّا قطعها، و لا وصيّة إلّا ضيّعها، و لا مؤمنا إلّا آذاه، و لا مجرما إلّا آواه.
يتنمس بالاسلام و الالحاد دينه، و يندلس بالايمان و النفاق قرينه،. 3498 .
الأسفار بين يديه رياء و سمعة، قد أعمى اللّه بصره. 3499 .، يزعم أنّه علّامة زمانه بالكتاب و السنّة، و هو عند التحقيق أضلّ من الحقّة و المسنّة، إذ لو عضّ على العلم بضرس قاطع، و استضاء من الحقّ بشهاب ساطع، لم يتّخذ ظلم المؤمنين شعارا، و لا أذى المتّقين دثارا، و لا الكبر جلبابا، و لا العجب نقابا، و لا الفجرة أصحابا، و لا الغدرة أبوابا، بل كانت الدنيا في عينه أهون من قمامة، و أحقر من قلامة.
لكن نفخ الشيطان في أنفه فصعّر خدّه، و نفث على لسانه من قبل أن يبلغ أشدّه، و تلاعبت به دنياه كتلاعب الوليد بكرته، و السنور بفويسقته، لفرط جهله لا يخشى إله السماء، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ 3500 .
فهو علويّ لكن جدّه غير هاشميّ، و فاطميّ لكن امّه ليست سيّدة الفواطم، سفيه حلمه، قليل علمه، شديد مكره، عتيد غدره، كثير طيشه، خبيث عيشه، قلبه بين فكّيه، و عجبه رداء عطفيه، يزهو ببزّته، و يتهادى في مشيته، و يصول على آل الرسول بظلمه، و يجور عليهم بحكمه، فهم منه بين خائف يترقّب، و عازم بعد الهجرة أن يتعرّب، خوفا من فتنته، و فرقا من بادرته، إذ هو إلى الشرّ أسرع من النجم الثاقب، أو السهم الصائب، ينسلخ من آيات اللّه كانسلاخ الحيّة من قشرها، و يخرج عن دين اللّه كخروج الفويسقة من حجرها، فهو بلعم زمانه، و طاغوت أوانه، قد أتبعه الشيطان فكان من الغاوين، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 3501 .
اللّهمّ إنّه قد جعلنا هدفا لانتقامه، و نصبنا غرضا لسهامه، و استحلّ ما حرّمت من أموالنا، و استباح ما حظرت من أعراضنا، فنحن على وجل من بطشه، و خوف من طيشه، إذا هون سعيه في البغي الوجيف، و أطيب لفظه أنتن من الكنيف.
اللّهمّ فكما آتيته زينة و أموالا في الحياة الدنيا ليضلّ عن سبيلك، و مهّدت
له تمهيدا فصدف عن طريق رسولك، و فتحت عليه أبواب كلّ شيء بما اوتي، و تقوّى على ضعفنا ثقة بما اعطي، فجعله الشيطان عبدا له من دونك، و زيّن له سوء عمله فعدل عن دينك، و أرخى له عنان فجوره فجرى في ميدان كفره، و حمله على مطايا غروره فتاه في بيداء كبره، فهو عجز البغي و صدره، و يد الغيّ و نحره، فصلّ على محمد و آل محمد، و اقطع دابره، و اقمع سائره، و اخسف بدره، و اخفض قدره، و اهدم بنيانه، و هدّ أركانه، و اجعله عبرة لمن اعتبر، و تذكرة لمن يتذكّر.
اللّهمّ إنّا قد ألجأتنا ظلمة إلى الاستضاءة بعدلك، و ساقنا سوط بغيه إلى الاعتصام بحبلك، و أجاءنا طوفان عدوانه إلى هضبة إنصافك، و فررنا من صولة سطوته إلى عزّة أكنافك، فلا تغلق دوننا أبواب رجائك، و لا تمدّ منّا الأيدي إلى سواك.
اللّهمّ إنّا قد استظللنا من هواجر ظلمه بأروقة منعك، و اعتصمنا من عواصف هضمه بمعاقد دفعك، فصلّ على محمد و آل محمد، و أر كل رياحه، و أطف مصباحه، و اشغله بنفسه، و غيّبه في رمسه، و اجعل دائرة السوء عليه دائرة، و كواكب النحوس في افق مطالعه سائرة، و شمس دولته بأيدي الطوارق مكوّرة، و قضيّة وجوده بأداة المهالك مسورة، و العكوس إلى قضايا حكمه موجّهة، و النحوس بذكر معايبه مفوّهة، و خبث عقيدته لقبح سريرته بين الناس مشهورة، و صحائف ذنوبه برذائل عيوبه على مرّ الزمان منشورة، حتّى تكون لعنة اللاعنين كالقلادة في جيده، و ذمّ الذامّين كالعلاوة من فوق حبل وريده.
اللّهمّ أيّم عياله، و أيتم أطفاله، و كدّر زلاله، و خيّب آماله، و اقمع هامته،
و استأصل شأفته 3502 .
اللّهمّ إنّك حمدت نفسك على هلاك الظالمين، و وعدت نصرك من انتصر بك من المظلومين، و لم تكن سبحانك لتحمد نفسك على ذلك إلّا لأنّه نعمة لا يحصى شكرها، و لا يستقصى ذكرها، فصلّ على محمد و آل محمد، و اقض نعمتك على عبادك بإنزال عقابك بساحته، و اكشف غمّة أنامك و بلادك بصبّ سوط عذابك على هامته.
اللّهمّ اشف صدورنا بمماته، و أذهب غيظ قلوبنا بوفاته، و لا تخرجنا من دار الفناء إلّا بأفئدة مسرورة بهلكه، و أنفس مطمئنّة من فتكه.
اللّهمّ إنّه قد اقتدى في غصبنا و تكذيب صدقنا بعدوّك الزنيم الأكبر، نجل صهّاك الدلام الأفجر، إذ اغتصب ابنة نبيّك تراثها، و حاز دونها ميراثها، و رفع عليها صوته، و قنعها سوطه.
اللّهمّ فكما استجبت دعاءها عليه و خيّبت ظنّه، و أتحت له من بقر بمديته بطنه، و نقلته إلى دار نكالك، و قرى و بالك، و أصليته نارك الحامية، و عجّلت بروحه إلى جحيمك الهاوية، و صببت على هامته مقامع الزبانية، و لعنته و شيعته الناصبة الغاوية، فصلّ على محمد و آل محمد، و أذقه ما أذقته
من عذاب الدنيا و الآخرة، بحقّ محمد و آل محمد العترة الطاهرة.
[قصيدة للمؤلّف رحمه اللّه]
عبد لعزّ جلال مجدك يخضع
بيد التذلّل باب جودك يقرع
لو لا زفير سعير لوعة وجده
ممّا عراه لأغرقته المدمع
ضاقت به الدنيا فلا تهمله يا
من جوده من كلّ شيء أوسع
إن تطرد العافي فمن ذا يرتجى؟
أو تمنح الراجي فمن ذا يمنع؟
أشكو إليك ظلامة من ظالم
للبغي منه لدى الخلائق منبع
أضمى الحشا منّي بأسهم ظلمه
و أحلّ بي ما لم أكن أتوقّع
فمن الّذي أرجوه بعدك ناصرا؟
و من الّذي منه إليه أفزع؟
و من الّذي أدعوه في غسق الدجى
فيرى مقامي في الظلام و يسمع؟
و بمن ألوذ من الردى و بمن أعوذ
من العدى و بمجد من أتشفّع؟
و بمن أرجي ناصرا و لكسر قلبي
جابرا و بحقّ من أتضرّع؟
يا من على العرش استوى يا من
على الملك احتوى يا من يذلّ و يرفع
يا غافرا يا ساترا يا جابرا يا
كاسرا يا فاطرا يا مبدع
يا عالما يا دائما يا قائما
يا حاكما يا قاهرا لا يدفع
يا من عليه توكّلي و به عليه
توسّلي و بلطفه لي مطمع
خذ لي بحقّي من ظلوم لم يزل
قلبي بسهم عناده يتقطّع
كم ليلة من بغيه أمسيت ذا
كبد على حمر الغضا يتلوّع؟
و الفكر منّي حائر و الطرف ساه
ساهر و حشاي وجدا ينجع
من يحر وافر ظلمه و مد يده
ليلي طويل فجره لا يطلع
فظّ غليظ أحمق متجبّر
متكبّر نذل دعيّ ألكع
لانت أسافله فقلّ حياؤه