کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد


صفحه قبل

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 16

و صحتك قبل سقمك و اجعل الموت نصب عينيك و استعد له بصالح العمل و دع الاشتغال بغيرك فإن الموت يأتي إليك دونه و تأمل قوله تعالى‏ وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى‏ فقصر أملك و أصلح [أحسن‏] عملك فإن [فإنما] السبب الأكثري الموجب للاهتمام بالأموال و الأولاد طول الأمل-

وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَ خُذْ مِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ وَ مِنْ صِحَّتِكَ لِسُقْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً.

وَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ إِنَّ أَشَدَّ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ خَصْلَتَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَ طُولُ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَعْدِلُ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْحُبَّ لِلدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا لِمَنْ يُحِبُّ وَ يُبْغِضُ وَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ أَلَا إِنَّ لِلدِّينِ أَبْنَاءً وَ لِلدُّنْيَا أَبْنَاءً فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدِّينِ وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُوَلِّيَةً أَلَا إِنَّ الْآخِرَةَ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً أَلَا وَ إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ عَمَلٍ لَيْسَ فِيهِ حِسَابٌ أَلَا وَ إِنَّكُمْ تُوشِكُونَ فِي يَوْمِ حِسَابٍ لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ.

و اعلم أن محبوبا يفارقك-

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 17

و يبقى على نفسك حسرته و ألمه و في حال إيصاله كدك و كدحك و جدك و اجتهادك و مع ذلك لا يخلو زمانك معه من تتغيظ به أو عليه لأجل أن تتسلى عنه و تطلب لنفسك محبوبا غيره و تجتهد في أن يكون موصوفا بحسن الصحبة و دوام الملازمة و زيادة الأنس و تمام المنفعة فإن ظفرت به فذلك هو الذي ينبغي أن يكون بغيتك التي تحفظها و تهتم بها و تنفق وقتك عليها و هو غاية كل محبة و منتهى كل مقصد و ما ذاك إلا الاشتغال بالله و صرف الهمة إليه و تفويض ما خرج من ذلك إليه فإن ذلك دليل على حب الله تعالى‏ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ‏ - وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ‏ و قد جعل النبي ص الحب لله من شرط الإيمان-

فَقَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا.

و لا يتحقق الحب في قلب أحدكم [لأحد] مع كراهته لفعله و سخطه به بل مع رضاه به على كل وجه بل على وجه الحقيقة لا على وجه التكلف و التعنت-

وَ فِي أَخْبَارِ دَاوُدَ ع‏ يَا دَاوُدُ أَبْلِغْ أَهْلَ أَرْضِي أَنِّي حَبِيبُ مَنْ أَحَبَّنِي وَ جَلِيسُ مَنْ جَالَسَنِي وَ

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 18

مُؤْنِسٌ لِمَنْ آنَسَ بِذِكْرِي وَ صَاحِبٌ لِمَنْ صَاحَبَنِي وَ مُخْتَارٌ لِمَنِ اخْتَارَنِي وَ مُطِيعٌ لِمَنْ أَطَاعَنِي مَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ أَعْلَمُ ذَلِكَ يَقِيناً مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا قَبِلْتُهُ لِنَفْسِي وَ أَحْيَيْتُهُ حَيَاةً لَا يَتَقَدَّمُهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِي مَنْ طَلَبَنِي بِالْحَقِّ وَجَدَنِي وَ مَنْ طَلَبَ غَيْرِي لَمْ يَجِدْنِي فَارْفُضُوا يَا أَهْلَ الْأَرْضِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ غُرُورِهَا وَ هَلُمُّوا إِلَى كَرَامَتِي وَ مُصَاحَبَتِي وَ مُجَالَسَتِي وَ مُؤَانَسَتِي وَ آنِسُوا بِي أُوَانِسْكُمْ وَ أُسَارِعْ إِلَى مَحَبَّتِكُمْ.

وَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى بَعْضِ الصِّدِّيقِينَ أَنَّ لِي عِبَاداً مِنْ عِبَادِي يُحِبُّونِّي وَ أُحِبُّهُمْ وَ يَشْتَاقُونَ إِلَيَّ وَ أَشْتَاقُ إِلَيْهِمْ وَ يَذْكُرُونِّي وَ أَذْكُرُهُمْ فَإِنْ أَخَذْتَ طَرِيقَتَهُمْ أَحْبَبْتُكَ وَ إِنْ عَدَلْتَ عَنْهُمْ مَقَتُّكَ فَقَالَ يَا رَبِّ وَ مَا عَلَامَتُهُمْ قَالَ يُرَاعُونَ الظِّلَالَ بِالنَّهَارِ كَمَا يُرَاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ وَ يَحِنُّونَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَحِنُّ الطَّيْرُ إِلَى أَوْكَارِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَإِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ وَ فُرِشَتِ الْمَفَارِشُ وَ نُصِبَتِ الْأَسِرَّةُ وَ خَلَا كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ نَصَبُوا إِلَيَّ أَقْدَامَهُمْ وَ افْتَرَشُوا إِلَيَّ وُجُوهَهُمْ وَ نَاجَوْنِي بِكَلَامِي وَ تَمَلَّقُونِي بِأَنْعَامِي مَا بَيْنَ صَارِخٍ وَ بَاكٍ وَ مَا بَيْنَ مُتَأَوِّهٍ وَ شَاكٍ وَ بَيْنَ قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 19

وَ بَيْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ بِعَيْنِي مَا يَتَحَمَّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَ بِسَمْعِي مَا يَشْكُونَ مِنْ حُبِّي أَقَلُّ مَا أُعْطِيهِمْ ثَلَاثاً الْأَوَّلُ أَقْذِفُ مِنْ نُورِي فِي قُلُوبِهِمْ فَيُخْبِرُونَ عَنِّي كَمَا أُخْبِرُ عَنْهُمْ وَ الثَّانِي لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ وَ مَا فِيهِمَا فِي مَوَازِينِهِمْ لَاسْتَقْلَلْتُهَا لَهُمْ وَ الثَّالِثُ أُقْبِلُ بِوَجْهِي عَلَيْهِمْ أَ فَتَرَى مَنْ أَقْبَلْتُ بِوَجْهِي عَلَيْهِ أَ يَعْلَمُ مَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَهُ.

و هاهنا نقطع الكلام في المقدمة و نشرع في الأبواب‏

الباب الأول في بيان الأعواض الحاصلة من موت الأولاد و ما يقرب من هذا المراد

اعلم أن الله سبحانه عدل كريم و أنه غني مطلق لا يليق بكمال ذاته و جميل صفاته أن ينزل بعبده المؤمن في دار الدنيا شيئا من البلاء و إن قل ثم لا يعوضه عنه ما يزيد عليه إذ لو لم يعطه شيئا بالكلية كان له ظالما و لو عوضه بقدره كان عابثا تعالى الله عنهما علوا كبيرا و قد تظافرت بذلك الأخبار النبوية

وَ مِنْهَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَوْ يَعْلَمُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ عَلَى الْبَلَاءِ لَتَمَنَّى أَنَّهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا قُرِّضَ بِالْمَقَارِيضِ.

و نقتصر منها على ما يختص بما نحن فيه‏

فَقَدْ رَوَاهُ‏

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 20

عَنِ النَّبِيِّ ص أَزْيَدُ مِنْ ثَلَاثِينَ صَحَابِيّاً رَوَى الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُتْبَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ‏ أَيُّمَا رَجُلٍ قَدَّمَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ أَوِ امْرَأَةٍ قَدَّمَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فَهُمْ حُجَّابٌ يَسْتُرُونَهُ عَنِ النَّارِ.

وَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يُقَدِّمَانِ عَلَيْهِمَا ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ.

الحنث بكسر الحاء المهملة و آخره ثاء مثلثة الإثم و الذنب و المعنى أنهم لم يبلغوا السن الذي يكتب عليهم فيه الذنوب و الآثام قال الخليل بلغ الغلام الحنث أي جرى عليه القلم‏

وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَالَ: مَنْ قَدَّمَ أَوْلَاداً يَحْتَسِبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى حَجَبُوهُ مِنَ النَّارِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُيَسِّرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَلَدٌ وَاحِدٌ يُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ يُخَلِّفُهُمْ مِنْ بَعْدِهِ كُلُّهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْخَيْلَ وَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَ عَنْهُ ع‏ ثَوَابُ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَلَدِهِ الْجَنَّةُ-

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 21

صَبَرَ أَوْ لَمْ يَصْبِرْ.

وَ عَنْهُ ع‏ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ جَزِعَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَجْزَعْ صَبَرَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَصْبِرْ كَانَ ثَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ.

وَ عَنْهُ ع‏ وَلَدٌ وَاحِدٌ يُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ وَلَداً يَبْقُونَ بَعْدَهُ يُدْرِكُونَ الْقَائِمَ ع.

وَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: مَا نَزَلَ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَ الْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَ وَلَدِهِ وَ مَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ.

وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَنْزِلَةٌ وَ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ‏ بَخْ بَخْ خَمْسٌ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ يُتَوَفَّى لِلرَّجُلِ فَيَحْتَسِبُهُ.

بخ بخ كلمة تقال عند المدح و الرضا

مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة و الأولاد، ص: 22

بالشي‏ء و تكرير للمبالغة و ربما شددت و معناها تفخيم الأمر و تعظيمه و معنى يحتسبه أي يجعله حسبة و كفاية عند الله عز و جل أي يحتسب تصبره على مصيبته بموته و رضاه بالقضاء

وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَباً فَذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلًا وَ فِيهِ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي قَدْ خففت [خَفَ‏] مِيزَانُهُ فَجَاءَ أَفْرَاطُهُ فَثَقَّلُوا مِيزَانَهُ.

الفرط بفتح الفاء و الراء هو الذي لم يدرك من الأولاد الذكور و الإناث و يتقدم وفاته على أبويه أو أحدهما يقال فرط القوم إذا تقدمهم و أصله الذي يتقدم الركب إلى الماء و يهيئ لهم أسبابه‏

وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ تَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى إِنَّ السِّقْطَ لَيَظَلُّ مُحْبَنْطِئاً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ يَقُولُ حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَايَ.

السقط مثلث السين و الكسر أفضل [أكثر] هو الذي يسقط من بطن أمه قبل إتمامه و محبنطئا بالهمز و تركه هو المغضب المستبطئ للشي‏ء

صفحه بعد