کتابخانه روایات شیعه
قَالَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ.
و لا يخفى أن الظاهر أن المراد بما بين المغرب و العشاء ما بين وقت المغرب و وقت العشاء أعني ما بين غروب الشمس و غيبوبة الشفق كما يرشد إليه الحديث السابق لا ما بين الصلاتين و قد ورد في الأحاديث الصحيحة أن أول وقت العشاء غيبوبة الشفق كما سيجيء.
و من هذا يستفاد أن وقت أداء ركعتي الغفلة ما بين الغروب 234 [المغرب] و ذهاب الشفق فإذا خرج ذلك صارت قضاء.
وَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ رَكْعَتَانِ يُقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْحَمْدِ الزِّلْزَالُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ التَّوْحِيدُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً فَقَدْ رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ زَاحَمَنِي 235 فِي الْجَنَّةِ وَ لَمْ يُحْصِ ثَوَابَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
توضيح و أصوات دعاتك بالتاء الفوقانية جمع داع يحظي عندك بالحاء المهملة و الظاء المعجمة على وزن
يعطي أي يوجب الحظ يزلف على وزن يكرم أي يقرب و المنهل المشهود المنهل موضع النهل بفتحتين و هو أول الشرب و المراد بالمنهل هنا حوض الكوثر فعطفه عليه تفسيري حتى أتاه اليقين المراد باليقين الموت و به فسر قوله تعالى وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ و تراجمة وحيك بالتاء المثناة الفوقانية ثم الراء المهملة ثم الألف ثم الجيم مكسورة ثم ميم ثم هاء جمع ترجمان و هو المترجم أي المفسر للسان بلسان آخر و جعله لباسا و سكنا المراد باللباس الغطاء لأنه يغطى و يستر بظلمته و به فسر قوله تعالى وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً و قد مر تفسير السكن في تفسير دعاء الساعة الخامسة و جعل اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ أي علامتين دالتين على كمال القدرة عصمة أمري بكسر العين و إسكان الصاد المهملتين أي وقاية 236 [وقايتي] حالي و حافظي من الشقاء المخلد و اجعل الحياة زيادة لي من كل خير أي اجعلها موجبة لازديادي من كل نوع من أنواع الخيرات اللهم إني و هذا الليل و النهار خلقان أي مخلوقان و لما كان
الليل و النهار عبارة عن مقدار دورة الشمس صحت تثنية خبر إن و يمكن أن يجعل الخبر عن اسمها محذوفا فيكون من عطف الجملة على الجملة و التقدير أني خلقك و هذا الليل و النهار خلقان و لا ترهما جرأة مني أي لا تجعلهما بحيث يريان مني جرأة على الذنوب و الغرض التوفيق لترك الذنوب حتى أعي وحيك أعي بالعين المهملة أي حتى أفهمه و درك الشقاء مر تفسيره في تعقيب الصبح و جهد البلاء الجهد بفتح أوله و قد يضم المشقة و جهد البلاء هي الحالة التي يتمنى الإنسان معها الموت و قيل هي كثرة العيال مع الفقر و من الداء العضال بالعين المهملة المضمومة و الضاد المعجمة المرض الصعب الذي يعجز عنه الطبيب و خيبة المنقلب الخيبة بالخاء المعجمة و الياء المثناة التحتانية و الباء الموحدة من خاب يخيب إذا صار محروما خاسرا و المنقلب بفتح اللام مصدر بمعنى الانقلاب أي الرجوع و المراد به الرجوع إلى الله سبحانه يوم القيامة من إنسان سوء و جار سوء السوء بالفتح مصدر ساءه أي فعل به ما يكره و بالضم اسم للمعنى الحاصل بالمصدر و يقال إنسان سوء بالإضافة و فتح السين و كذلك جار سوء و قرين سوء
و أمثال ذلك كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً الكتاب مصدر كالقتال و المراد منه المكتوب أي المفروض و الموقوت المحدود بأوقات معينة و ذَا النُّونِ أي صاحب الحوت و هو يونس بن متى على نبينا و عليه السلام وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ننجي بنونين مضارع أنجينا فالنون الثانية ساكنة و قرأ ابن عامر و أبو بكر نجي بالتشديد و نون واحدة على وزن الماضي المبني للمفعول لكنه مضارع أصله ننجي بنونين فسقطت الثانية كما سقطت التاء الثانية في قوله تعالى تَظاهَرُونَ و قد تقدم تفسير بقية الآية الكريمة في أدعية نافلة العصر وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ أي خزائنه أو مفاتيحه إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي في اللوح المحفوظ و قيل في علم الله سبحانه و تعالى و القادر على طلبتي بفتح الطاء و كسر اللام و فتح الباء أي مطلبي كما مر في تعقيب الصبح لما قضيتها لي لما بالتشديد بمعنى إلا يقال أسألك لما فعلت كذا أي ما أسألك إلا فعل كذا و قد يقرأ بالتخفيف أيضا فلا حاجة إلى تأويل الفعل المثبت بالنفي و تكون لفظة ما زائدة و قد قرئ بالوجهين قوله تعالى إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ
[فصل في أول وقت العشاء و سجدتي الشكر و الوتيرة]
فصل و أول وقت العشاء الفراغ من المغرب على
المشهور و يمتد وقت فضيلتها إلى ثلث الليل و وقت أدائها إلى أربع ركعات قبل انتصافه و ينبغي بعد فراغك من ركعتي الغفلة أن تتفقد الشفق فإن كان باقيا فلا ينبغي الشروع في العشاء حتى يذهب و قد ذهب الشيخان إلى أنه لا يدخل وقتها إلا بغيبوبة الشفق-
وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ذَهَابُ الْحُمْرَةِ رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
و هو محمول على استحباب تأخيرها إلى ذهاب الشفق فإذا تحققت ذهابه فينبغي أن تبادر إلى الأذان و الإقامة آتيا بالأدعية قبل الإقامة و بعدها ثم اشرع في العشاء مفتتحا داعيا كما مر-
وَ تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْأَعْلَى أَوِ الشَّمْسِ أَوْ مَا شَابَهَهُمَا فِي الطُّولِ كَمَا رَوَاهُ شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
و في الثانية سورة التوحيد كباقي الصلوات و تكبر و تقنت بما مر في الباب الأول و بما يأتي في الباب السادس و تطيل القنوت و التعقيب فإنك في سعة من الوقت فتأتي بالتعقيبات المشتركة بين الخمس و بالمشتركة بين الصباح و المساء ثم بما يختص بالعشاء فتقول-
اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تُؤْمِنَّا مَكْرَكَ وَ لَا تُنْسِنَا ذِكْرَكَ وَ لَا تَكْشِفْ عَنَّا سِتْرَكَ وَ لَا تَحْرِمْنَا فَضْلَكَ وَ لَا تُحِلَّ عَلَيْنَا غَضَبَكَ وَ لَا تُبَاعِدْنَا مِنْ جِوَارِكَ وَ لَا تَنْقُصْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَ لَا تَنْزِعْ عَنَّا بَرَكَاتِكَ وَ لَا تَمْنَعْنَا عَافِيَتَكَ وَ أَصْلِحْ لَنَا مَا أَعْطَيْتَنَا وَ زِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ الْمُبَارَكِ الطَّيِّبِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَ لَا تُغَيِّرْ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَتِكَ وَ لَا تُؤْيِسْنَا مِنْ رَوْحِكَ وَ لَا تُهِنَّا بَعْدَ كَرَامَتِكَ وَ لَا تُضِلَّنَا 237 بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ .
ثُمَّ تَقْرَأُ كُلًّا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَ التَّوْحِيدِ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَ أَسْبِغْ عَلَيَّ مِنْ حَلَالِ رِزْقِكَ وَ مَتِّعْنِي بِالْعَافِيَةِ مَا أَبْقَيْتَنِي فِي سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي اللَّهُمَّ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.