کتابخانه روایات شیعه
التي يتوصل بها إلى السعادات الأخروية إلا السبب الذي هو رحمتك فإنه لا يفوت من أحد و تقطعت عني عصم الآمال العصم بكسر العين المهملة جمع عصمة و قد تقدم تفسيرها ما أبوء به من معصيتك أبوء بالباء الموحدة و آخره همزة بمعنى أقر و أرجع فتل عني عذار غدره فتل بالفاء و التاء المثناة الفوقانية أي صرف و المراد بالعذار بكسر العين المهملة بعدها ذال معجمة ما يقع على خد الفرس من اللجام و الرسن و الكلام استعارة و المراد أن الشيطان بعد حصول مراده من إيقاعه لي في المعصية بالحيلة و الغدر يصرف عني عنان غدره حيث حصل مني مراده و تلقاني بكلمة كفره إشارة إلى ما حكاه سبحانه عنه بقوله تعالى إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ فأصحرني لغضبك أصحرني بالصاد و الحاء المهملتين أخرجني إلى الصحراء و المراد هنا جعلني تائها في بيداء الضلال متصديا لحلول غضبك علي و لا خفير يؤمنني عليك الخفير بالخاء المعجمة و الفاء بمعنى المانع و المجير إلى حرمات انتهكتها بالنون و التاء الفوقانية أي بالغت فيها و كبائر ذنوب اجترحتها أي اكتسبتها و قد قدمنا في الباب الأول ما
يحمل عليه أمثال هذا الكلام إذا صدر من المعصوم ع بحضرة الأكفاء أي بحضور الأمثال و الأشباه كنت أحتشم منه أي أستحيي منه حدرتني ماء مهينا بفتح الميم أي محقورا حرج المسالك بالحاء المهملة المفتوحة و الراء المكسورة و آخره جيم صفة مشبه من الحرج بفتحتين و هو الضيق نطفة ثم علقة نصب النطفة و المعطوفات عليها إما على حكاية ما وقع في القرآن المجيد أو على إضمار عامل كخلقني و نحوه فالنطفة مأخوذة من النطف و هو الصب و العلقة قطعة جامدة من الدم و هي أول ما يستحيل إليه النطفة ثم مضغة أي قطعة من اللحم و هي في الأصل بقدر ما يمضغ ثم عظاما بتصليب بعض أجزاء المضغة 324 [العلقة] و الإتيان بصيغة الجمع لاختلاف العظام في الهيئة و الصلابة ثم كسوت العظام لحما إما مما بقي من المضغة أو لحما جديدا ثم أنشأتني خلقا آخر و هو صورة البدن و نفخ الروح فيه و هذا الكلام منه ع إشارة إلى ما تضمنه قوله تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا
الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ من فضل طعام و شراب أجريته لأمتك الفضل بمعنى الفضلة و المراد به هنا دم الحيض فإن بعضه يصير غذاء للحمل ما دام في الرحم و بعضه يصعد إلى الثديين و يستحيل لبنا ليصير غذاء له إذا خرج و أستعصمك من ملكته بالفتحات أي تملكه إياي و استرقاقه لي من صدف عن رضاك صدف بالصاد و الدال المهملتين و الفاء بمعنى خرج و أعرض من أليم النكال تقدم تفسير النكال الفاغرة أفواهها فغر فاه بالفاء و الغين المعجمة و الراء أي فتحه الصالقة بأنيابها صلق بالصاد المهملة و آخره قاف كضرب وزنا و معنى صلاة تشحن الهواء بالشين المعجمة و الحاء المهملة بمعنى تملأ حتى يرضى بصيغة الغائب و الضمير للنبي ص و فيه إشارة إلى ما وعده به سبحانه بقوله جل شأنه وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى -
وَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَنْ أَصْحَابِ الْعِصْمَةِ ع أَنَّهُ ص لَا يَرْضَى وَ وَاحِدٌ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ.
و أن هذه الآية أبلغ في الرجاء من آية لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
خاتمة
ينبغي للمصلي ملاحظة معاني أذكار الصلاة و أدعيتها و تعقيباتها و ما يقرأ فيها و أن لا يكون ذكره و دعاؤه و قراءته مجرد تحريك اللسان من غير ملاحظة المعاني المقصودة منها فيكون حاله كحال العربي إذا تلفظ بكلام الفارسي من غير شعور بمعاني ما يتلفظ به أو كحال الساهي أو المصروع إذا تكلم بشيء من دون أن يخطر معناه بباله و يكفي في تنبيه المصلي و حثه على ملاحظة معاني ما يقوله في الصلاة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ .
وَ رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ فِيهِمَا انْصَرَفَ وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ
اللَّهِ ذَنْبٌ إِلَّا غُفِرَ لَهُ.
و نحن بتوفيق الله تعالى قد بينا في الأبواب السالفة 325 [السابقة] ما يحتاج إلى البيان و شرحنا ما يفتقر إلى الشرح من أذكار الصلاة و بعض ما يقرأ فيها و يتلى بعدها من التعقيبات و قد ختمنا كتابنا هذا بتفسير الفاتحة رجاء لحسن الخاتمة و ليكون جميع ما يقال في الصلاة و قبلها و بعدها مما ذكرناه في هذا الكتاب مفسرا مشروحا سهل التناول على إخوان الدين و خلان اليقين و على الله أتوكل و بالله أستعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .
الباء إما للاستعانة أو للمصاحبة و قد ترجح الأولى بإشعارها بكون ذكر الاسم الكريم عند ابتداء الفعل وسيلة إلى وقوعه على الوجه الأكمل الأتم حتى كأنه لا يتأتى و لا يوجد بدون التبرك بذكره و المصاحبة عرية عن ذلك الإشعار و إما متعلق الباء فمقدر خاص أو عام فعل أو اسم مؤخر أو مقدم و أولى هذه الثمانية أولها أعني الخاص الفعلي المؤخر إذ العام المطلق الابتدائي يوهم بظاهره قصر
الاستعانة على ابتداء الفعل فيفوت شمولها لجملته 326 [بجملته] و الخاص الاسمي كقراءتي مثلا يوجب زيادة تقدير بإضمار خبره إذ تعلق الظرف به يمنع جعله خبرا عنه و المقدم كأقرأ بسم الله يفوت معه قصر الاستعانة على اسمه جل و علا و الله اسم علم شخصي للذات المقدسة الجامعة لصفات الكمال لا اسم لمفهوم واجب الوجود و إلا لم يكن كلمة لا إله إلا الله مفيدة للتوحيد لاحتمال تعدد أفراد ذلك المفهوم في اعتقاد قائلها و المعارضة بأنه لو كان كذلك لم يكن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مفيدا للتوحيد لجواز كونه علما لأحد أفراد الواجب مع عدهم السورة من الدلائل السمعية على التوحيد مدفوعة بأن الواحدية تستفاد من آخرها و أما صدرها فيفيد الأحدية أعني عدم قبول القسمة بأنحائها و الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ صفتان مشبهتان من رحم بالكسر بعد نقله إلى رحم بالضم و الرحمن أبلغ لدلالة زيادة المباني على زيادة المعاني و هي هنا إما باعتبار الكمية و عليه حملوا ما ورد في الدعاء- يا رحمان الدنيا و يا رحيم الآخرة لشمول رحمة