کتابخانه روایات شیعه
و الملال مقرونة 335 [بما فيه] بتمام النشاط و نهاية الانبساط السادسة أن الحمد كما قاله المحققون 336 [من المفسرين] إظهار مزايا المحمود على الغير فما دام للأغيار وجود في نظر السالك فهو يظهر كمالات المحبوب عليهم و يذكر مزاياه لديهم و أما إذا آل أمره و ترقى حاله بسبب ملازمة الأذكار و ملاحظة الآثار إلى ارتفاع الأستار و اضمحلال جميع الأغيار لم يبق سوى المعبود بالحق و الجمال المطلق و عرف حقيقة قوله تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فبالضرورة لا يصير توجيه الخطاب إلا إليه و لم يكن 337 [يمكن] ذكر الشيء إلا لديه فينصرف عنان لسانه 338 [لا] نحو عز جنابه و يصير كلامه منحصرا في خطابه و فوق هذا المقام مقام لا يفي بتقريره الكلام و لا يقدر على تحريره ألسنة الأقلام بل لا يزيده الكشف إلا سترا و خفاء و لا يورثه البيان إلا غموضا و اعتلاء-
و إن قميصا خيط من نسج تسعة
و عشرين حرفا عن معاليه 339 [ معانيه] قاصر
اللهم اكشف عن بصائرنا الغواشي الجسمانية و اصرف عن ضمائرنا النواشي الهيولانية حتى لا نطمح إلى ما سواك بنظر و لا نحس منه بعين و لا أثر إنك جواد كريم رءوف رحيم اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الهداية مطلق الإرشاد و الدلالة بلطف سواء كان معها وصول إلى البغية أم لا- و سواء تعدت إلى ثاني المفعولين بنفسها أو بالحرف و قيل إن تعدت به فكذلك أو بنفسها فموصلة و قيل بل هي موصلة مطلقا و يدفعهما قوله تعالى وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إذ لا امتنان في الإيصال إلى طريق الشر و يدفع الأول بقوله تعالى فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى .
و أما قوله تعالى شأنه إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ فأخص من مطلوبهم و اعلم أن أصناف هدايته عز 340 [جل] شأنه-
و إن كانت مما لا يحصر مقداره 341 [مقدارها] و لا يقدر انحصاره إلا أنها على أربعة أنحاء الأول الهداية إلى جلب المنافع و دفع المضار بإفاضة المشاعر الظاهرة و المدارك الباطنة و القوة العاقلة و إليه يشير قوله تعالى أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى .
الثاني نصب الدلائل العقلية الفارقة بين الحق و الباطل و الصلاح و الفساد و إليه يشير قوله عز و علا وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ .
الثالث الهداية بإرسال الرسل و إنزال الكتب و إليه يومئ قوله تعالى وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى .
الرابع الهداية إلى طريق السير إلى حضائر القدس و السلوك إلى مقامات الأنس بانطماس آثار التعلقات البدنية و اندراس أكدار الجلابيب الجسمية و الاستغراق في ملاحظة أسرار الكمال و مطالعة أنوار الجمال و هذا النوع من الهداية يختص به الأولياء و من يحذو حذوهم فإذا تلا هذه الآية
أصحاب المرتبة الثالثة أرادوا بالهداية المرتبة الرابعة و إن تلاها أصحاب المرتبة الرابعة أرادوا الثبات على ما هم عليه من الهدى كما روي عن أمير المؤمنين ع من تفسير اهْدِنَا بثبتنا أو زيادته و الهداية على الأول مجاز و كذا على الثاني إن اعتبر مفهوم الزيادة داخلا في المعنى المستعمل فيه و إلا فحقيقة و الصِّراطَ الجادة كأنها تسترط السابلة أو هم يسترطونه 342 [يسترطونها] و قراءة ابن كثير بالسين و من عدا حمزة بالصاد و هو بإشمامها صوت الزاي و المراد بالصراط المستقيم إما مطلق طريق الحق أو دين الإسلام صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ هذه بأجمعها آية واحدة عند من يعد البسملة آية من الفاتحة و هم علماؤنا و من وافقهم من بقية الفرق و أما من لا يعدها آية منها فهو يعد صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية سادسة و ما بعدها آية سابعة و ذلك أن الأمة متوافقون على أن الفاتحة سبع آيات فمن نذر قراءة آية من الفاتحة لا يبر 343 [يبرأ] عندنا بقراءة صِراطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ كما لا يبر عندهم بقراءة البسملة و هذه الآية كالتفسير للصراط المستقيم و صِراطَ بدل كل منه و المراد بالذين أنعمت عليهم هم المذكورون في قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ و قيل المراد بهم المسلمون فإن نعمة الإسلام رأس جميع النعم.
و اعلم أن نعمه سبحانه و إن جلت عن أن يحيط بها نطاق الحصر كما قال جل شأنه وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها لكنها ثمانية أنواع لأنها إما دنيوية أو أخروية و كل منهما إما موهبي أو كسبي و كل منهما إما روحاني أو جسماني و هذا تفصيلها دنيوي موهبي إما روحانية 344 [روحاني] كإفاضة العقل و الفهم أو جسماني كخلق الأعضاء دنيوي كسبي إما روحاني كتحلية النفس بالأخلاق الزكية أو جسماني كتزيين البدن بالهيئة المطبوعة أخروي موهبي إما روحاني كغفران ذنوبنا من غير سبق توبة أو جسماني كالأنهار من اللبن و العسل في الجنة أخروي كسبي إما
روحاني كغفران الذنوب بعد التوبة أو جسماني كاللذات 345 [كالمستلذات] الجسمانية المستجلبة بفعل الطاعات و المراد هنا الأربعة الأخيرة و ما يكون وسيلة إلى نيلها من الأربعة الأول.
و الغضب ثوران النفس لإرادة الانتقام و إذا أسند إليه سبحانه فهو باعتبار الغاية كالرحمة و الضلال العدول عن الطريق السوي و لو خطأ و قد اشتهر تفسير الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ باليهود و الضَّالِّينَ بالنصارى و قد يفسر المغضوب عليهم بالعصاة في الفروع و الضالون بالمخالفين في الاعتقاديات.
فإن المنعم عليه من وفق للجميع بين العلم بالأحكام الاعتقادية و العمل بالشريعة المطهرة فالمقابل له من اختل إحدى قوتيه أي العاقلة و العاملة و لفظة غير إما بدل من الموصول أو صفة له إما مبينة أو مقيدة فكيف كانت فتوغلها في النكارة مع تعرف الموصوف يحوج إلى إخراج أحدهما عن صرافته إما يجعل لفظة غير بالإضافة إلى ذي الضد الواحد قريبة من المعرفة أو يجعل الموصول مقصودا به جماعة لا بأعيانهم فيجري مجرى المعرف باللام الجنسية-