کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البرهان في تفسير القرآن

الجزء الأول‏ تقديم بقلم الشيخ محمد مهدي الآصفي‏ ثلاثة آراء في التفسير الحاجة إلى التفسير لفهم النص القرآني‏ حجية ظواهر القرآن‏ الأسباب و الوجوه التي تحوجنا إلى التفسير تاريخ التفسير الخطوط و الاتجاهات العامة للتفسير عند أهل البيت (عليهم السلام) مناهج التفسير تفسير البرهان‏ نقود و مؤاخذات‏ الدس و الوضع في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام): مقدمة التحقيق‏ أولا: ترجمة المؤلف‏ نسبه الشريف‏ نسبته‏ حياته و سيرته‏ مشايخه‏ تلامذته‏ اهتمامه بالحديث‏ آثاره‏ وفاته‏ تقريظه‏ ثانيا: التعريف بالكتاب‏ ما الفرق بين هذا التفسير و تفسير الهادي؟ متى فرغ المصنف من التفسيرين؟ قيمة هذا التفسير و فضله‏ محتوى الكتاب‏ ملاحظات حول مصادر الكتاب‏ ثالثا: التعريف بنسخ الكتاب‏ رابعا: عملنا في الكتاب‏ ثناء [مقدمة المؤلف‏] 1- باب في فضل العالم و المتعلم‏ 2- باب في فضل القرآن‏ 3- باب في الثقلين‏ 4- باب في أن ما من شي‏ء يحتاج إليه العباد إلا و هو في القرآن، و فيه تبيان كل شي‏ء 5- باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا الأئمة (عليهم السلام)، و عندهم تأويله‏ 6- باب في النهي عن تفسير القرآن بالرأي، و النهي عن الجدال فيه‏ 7- باب في أن القرآن له ظهر و بطن، و عام و خاص، و محكم و متشابه، و ناسخ و منسوخ، و النبي (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السلام) يعلمون ذلك، و هم الراسخون في العلم‏ 8- باب في ما نزل عليه القرآن من الأقسام‏ 9- باب في أن القرآن نزل ب (إياك أعني و اسمعي يا جارة) 10- باب في ما عنى به الأئمة (عليهم السلام) في القرآن‏ 11- باب آخر 12- باب في معنى الثقلين و الخليفتين من طريق المخالفين‏ 13- باب في العلة التي من أجلها أتى القرآن باللسان العربي، و أن المعجزة في نظمه، و لم صار جديدا على مر الأزمان؟ 14- باب أن كل حديث لا يوافق القرآن فهو مردود 15- باب في أول سورة نزلت و آخر سورة 16- باب في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب‏ 17- باب في ما ذكره الشيخ علي بن إبراهيم في مطلع تفسيره‏ سورة فاتحة الكتاب‏ ثواب فاتحة الكتاب و فضلها، و البسملة آية منها، و فضلها سورة البقرة مدنية فضلها فائدة باب فضل آية الكرسي‏ المستدرك (سورة البقرة) سورة آل عمران مدنية فضلها: المستدرك (سورة آل عمران) فهرس محتويات الكتاب‏ الجزء الثاني‏ سورة النساء فضلها: المستدرك (سورة النساء) سورة المائدة مدنية سورة المائدة فضلها: صفة جبرئيل (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) باب في معن السحت‏ فائدة باب معنى اليد في كلمات العرب‏ المستدرك (سورة المائدة) سورة الانعام مكية سورة الأنعام فضلها: تنبيه‏ المستدرك (سورة الأنعام) سورة الأعراف مكية سورة الأعراف فضلها: باب فضل التفكر المستدرك (سورة الأعراف) سورة الأنفال مدنية سورة الأنفال فضلها: باب فضل الإصلاح بين الناس‏ المستدرك (سورة الأنفال) سورة التوبة مدنية سورة التوبة فضلها: المستدرك (سورة التوبة) فهرس محتويات الكتاب‏ [الجزء الثالث‏] سورة يونس‏ سورة يونس فضلها: المستدرك (سورة يونس) سورة هود فضلها باب في معنى التوكل‏ المستدرك (سورة هود) سورة يوسف‏ سورة يوسف فضلها سورة الرعد سورة الرعد فضلها المستدرك (سورة الرعد) سورة ابراهيم‏ سورة ابراهيم فضلها المستدرك (سورة إبراهيم) سورة الحجر سورة الحجر فضلها المستدرك (سورة الحجر) سورة النحل‏ سورة النحل فضلها المستدرك (سورة النحل) سورة الإسراء سورة الإسراء فضلها صفة البراق‏ المستدرك (سورة الإسراء) سورة الكهف‏ سورة الكهف فضلها باب في يأجوج و مأجوج‏ باب فيما اعطي الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم من السير في البلاد، و أشبهوا ذا القرنين، و الخضر، و صاحب سليمان، و ما لهم من الزيادة. سورة مريم‏ سورة مريم فضلها المستدرك (سورة مريم) سورة طه‏ سورة طه فضلها المستدرك (سورة طه) سورة الأنبياء سورة الأنبياء فضلها سورة الحج‏ سورة الحج فضلها أحاديث الشيخ المفيد في (الاختصاص) المستدرك (سورة الحج) فهرس محتويات الكتاب‏ الجزء الرابع‏ سورة المؤمنون‏ فضلها سورة النور فضلها باب في عظمة الله جل جلاله‏ المستدرك (سورة النور) سورة الفرقان‏ فضلها حديث إسلام عداس‏ المستدرك (سورة الفرقان) سورة الشعراء فضلها سورة النمل‏ فضلها باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعرفون منطق الطير المستدرك (سورة النمل) سورة القصص‏ فضلها سورة العنكبوت‏ فضلها سورة الروم‏ فضلها باب تفسير الذنوب‏ سورة لقمان‏ فضلها سورة السجدة فضلها سورة الأحزاب‏ فضلها سورة سبأ فضلها سورة فاطر فضلها المستدرك (سورة فاطر) سورة يس‏ فضلها المستدرك (سورة يس) سورة الصافات‏ فضلها باب معنى آل محمد (صلوات الله عليهم) سورة ص‏ فضلها سورة الزمر فضلها باب معنى الدنيا، و كم إقليم هي؟ المستدرك (سورة الزمر) سورة المؤمن‏ فضلها سورة فصلت‏ فضلها المستدرك (سورة فصلت) سورة الشورى‏ فضلها المستدرك (سورة الشورى) سورة الزخرف‏ فضلها لطيفة فهرس محتويات الكتاب‏ الجزء الخامس‏ سورة الدخان‏ فضلها سورة الجاثية فضلها المستدرك (سورة الجاثية) سورة الأحقاف‏ فضلها سورة محمد (صلى الله عليه و آله) فضلها سورة الفتح‏ فضلها سورة الحجرات‏ فضلها سورة ق‏ فضلها المستدرك (سورة ق) سورة الذاريات‏ فضلها سورة الطور فضلها المستدرك (سورة الطور) سورة النجم‏ فضلها المستدرك (سورة النجم) سورة القمر فضلها المستدرك (سورة القمر) سورة الرحمن‏ فضلها سورة الواقعة فضلها سورة الحديد فضلها سورة المجادلة فضلها سورة الحشر فضلها سورة الممتحنة فضلها سورة الصف‏ فضلها سورة الجمعة فضلها سورة المنافقون‏ فضلها سورة التغابن‏ فضلها باب معنى الشح و البخل‏ سورة الطلاق‏ فضلها سورة التحريم‏ فضلها سورة الملك‏ فضلها سورة القلم‏ فضلها سورة الحاقة فضلها سورة المعارج‏ فضلها سورة نوح‏ فضلها سورة الجن‏ فضلها سورة المزمل‏ فضلها سبب نزول السورة سورة المدثر فضلها سورة القيامة فضلها سورة الدهر فضلها سورة المرسلات‏ فضلها سورة النبأ فضلها سورة النازعات‏ فضلها سورة عبس‏ فضلها سورة التكوير فضلها باب معنى الأفق المبين‏ سورة الانفطار فضلها سورة المطففين‏ فضلها سورة الانشقاق‏ فضلها سورة البروج‏ فضلها سورة الطارق‏ فضلها سورة الأعلى‏ فضلها سورة الغاشية فضلها سورة الفجر فضلها سورة البلد فضلها سورة الشمس‏ فضلها سورة الليل‏ فضلها سورة الضحى‏ فضلها سورة الانشراح‏ فضلها سورة التين‏ فضلها سورة العلق‏ فضلها سورة القدر فضلها سورة البينة فضلها سورة الزلزلة فضلها سورة العاديات‏ فضلها سورة القارعة فضلها سورة التكاثر فضلها سورة العصر فضلها سورة الهمزة فضلها سورة الفيل‏ فضلها سورة قريش‏ فضلها سورة الماعون‏ فضلها سورة الكوثر فضلها سورة الكافرون‏ فضلها سورة النصر فضلها سورة اللهب‏ فضلها سورة الإخلاص‏ فضلها سورة الفلق‏ فضلها 1- باب في الحسد و معناه‏ 11/ 2- باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبي (صلى الله عليه و آله) و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين‏ سورة الناس‏ فضلها باب أن المعوذتين من القرآن‏ و نختم الكتاب بأبواب‏ 1- باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله‏ 2- باب فضل القرآن‏ 3- باب أن حديث أهل البيت (عليهم السلام) صعب مستصعب‏ 4- باب وجوب التسليم لأهل البيت (عليهم السلام) في ما جاء عنهم‏ 5- باب‏ فهرس محتويات الكتاب‏ فهرس المصادر و المراجع‏

البرهان في تفسير القرآن


صفحه قبل

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 302

576/ 2313 - العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها .

قال: «الناسخ ما حول، و ما ينساها مثل الغيب الذي لم يكن بعد، كقوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ‏ 2314 ». قال: «فيفعل الله ما يشاء و يحول ما يشاء، مثل قوم يونس إذ بدا له فرحمهم، و مثل قوله:

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ‏ 2315 - قال-: أدركهم برحمته‏ 2316 ».

577/ 2317 - عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ؟ فقال: «كذبوا ما هكذا هي، إذا كان‏ 2318 ينسخها و يأتي بمثلها لم ينسخها».

قلت: هكذا قال الله! قال: «ليس هكذا قال تبارك و تعالى».

قلت: فكيف؟ قال: «ليس فيها ألف و لا واو، قال: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها مثلها)، يقول: ما نميت من إمام أو ننس ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله».

578/ 2319 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الرجم في القرآن في قوله تعالى: الشيخ و الشيخة إذا زنيا 2320 فارجموهما البتة 2321 فإنهما قضيا الشهوة».

قوله تعالى:

أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ [108]

579/ 2322 - قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام):

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 303

أَمْ تُرِيدُونَ‏ بل تريدون، يا كفار قريش و اليهود أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏ ما تقترحونه من الآيات التي لا تعلمون هل فيها صلاحكم أو فسادكم‏ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ و اقترح عليه، لما قيل له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ 2323 .

وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ‏ بعد جواب الرسول له: أن ما سأله لا يصلح اقتراحه على الله، أو بعد ما يظهر الله تعالى له ما اقترح، إن كان صوابا 2324 .

وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ‏ بأن لا يؤمن عند مشاهدة ما يقترح من الآيات، أو لا يؤمن إذا عرف أنه ليس له أن يقترح، و أنه يجب أن يكتفي بما قد أقامه الله تعالى من الدلالات، و أوضحه من الآيات البينات، فيتبدل الكفر بالإيمان بأن يعاند و لا يلتزم الحجة القائمة عليه‏ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ‏ أخطأ قصد الطريق المؤدية إلى الجنان، و أخذ في الطريق المؤدية إلى النيران».

قال (عليه السلام): «قال الله عز و جل لليهود: يا أيها اليهود أَمْ تُرِيدُونَ‏ بل تريدون من بعد ما آتيناكم‏ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏ و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و آله) قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه‏ 2325 ، و يسألوه عن أشياء يريدون أن يعانتوه‏ 2326 بها، فبينا هم كذلك إذ جاء أعرابي كأنه‏ 2327 يدفع في قفاه، قد علق على عصا- على عاتقه- جرابا مشدود الرأس، فيه شي‏ء قد ملأه، لا يدرون ما هو، فقال: يا محمد، أجبني عما أسألك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، قد سبقك اليهود ليسألوا، أ فتأذن لهم حتى أبدأ بهم؟ فقال الأعرابي: لا، فإني غريب مجتاز.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فأنت إذن أحق منهم لغربتك و اجتيازك. فقال الأعرابي: و لفظة أخرى.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما هي؟ قال: إن هؤلاء أهل كتاب، يدعونه بزعمهم‏ 2328 حقا، و لست آمن أن تقول شيئا يواطئونك عليه و يصدقونك، ليفتن الناس عن دينهم، و أنا لا أقنع بمثل هذا، لا أقنع إلا بأمر بين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أين علي بن أبي طالب؟ فدعي بعلي فجاء حتى قرب من رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال الأعرابي: يا محمد، و ما تصنع بهذا في محاورتي إياك؟

قال: يا أعرابي، سألت البيان، و هذا البيان الشافي، و صاحب العلم الكافي، أنا مدينة الحكمة و هذا بابها، فمن أراد الحكمة و العلم فليأت الباب.

فلما مثل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأعلى صوته: يا عباد الله، من أراد أن‏

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 304

ينظر إلى آدم في جلالته، و إلى شيث في حكمته، و إلى إدريس في نباهته و مهابته، و إلى نوح في شكره لربه و عبادته، و إلى إبراهيم في وفائه و خلته، و إلى موسى في بغض كل عدو لله و منابذته، و إلى عيسى في حب كل مؤمن و حسن معاشرته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا.

فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، و أما المنافقون فازداد نفاقهم، فقال الأعرابي: يا محمد، هكذا مدحك لابن عمك، إن شرفه شرفك، و عزه عزك، و لست أقبل من هذا شيئا إلا بشهادة من لا تحتمل شهادته بطلانا و لا فسادا، بشهادة هذا الضب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، فأخرجه من جرابك لتستشهده، فيشهد لي بالنبوة، و لأخي هذا بالفضيلة. فقال الأعرابي: لقد تعبت في اصطياده، و أنا خائف أن يطفر 2329 و يهرب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تخف، فإنه لا يطفر، بل يقف و يشهد لنا بتصديقنا و تفضيلنا. فقال الأعرابي:

إني أخاف أن يطفر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإن طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا، و احتجاجا علينا، و لن يطفر، و لكنه سيشهد لنا بشهادة الحق، فإذا فعل ذلك فخل سبيله فإن محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه.

فأخرجه الأعرابي من الجراب، و وضعه على الأرض، فوقف و استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مرغ خديه في التراب، ثم رفع رأسه، و أنطقه الله تعالى، فقال: أشهد أن إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و صفيه و سيد المرسلين، و أفضل الخلق أجمعين، و خاتم النبيين، و قائد الغر المحجلين، و أشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، و بالفضل الذي ذكرته، و أن أولياءه في الجنان مكرمون‏ 2330 ، و أن أعداءه في النار خالدون‏ 2331 .

فقال الأعرابي و هو يبكي: يا رسول الله، و أنا أشهد بما شهد به هذا الضب، فقد رأيت و شاهدت و سمعت ما ليس لي عنه معدل و لا محيص.

ثم أقبل الأعرابي إلى اليهود، فقال: ويلكم، أي آية بعد هذه تريدون؟! و معجزة بعد هذه تقترحون؟! ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين، فآمن أولئك اليهود كلهم، و قالوا: عظمت بركة ضبك علينا، يا أخا العرب.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، خل الضب على أن يعوضك الله عز و جل عنه ما هو خير منه، فإنه ضب مؤمن بالله و برسوله، و بأخي رسوله، شاهد بالحق، ما ينبغي أن يكون مصيدا و لا أسيرا، لكنه يكون مخلى سربه‏ 2332 [تكون له مزية] على سائر الضباب، بما فضله الله أميرا.

فناداه الضب: يا رسول الله، فخلني و ولني تعويضه لأعوضه. فقال الأعرابي: و ما عساك تعوضني؟

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 305

قال: تذهب إلى الجحر الذي أخذتني منه ففيه عشرة آلاف دينار خسروانية، و ثمانمائة 2333 ألف درهم، فخذها.

فقال الأعرابي: كيف أصنع؟ قد سمع هذا من الضب جماعات الحاضرين هاهنا، و أنا تعب، فإن من‏ 2334 هو مستريح يذهب إلى هناك فيأخذه.

فقال الضب: يا أخا العرب، إن الله قد جعله لك عوضا مني، فما كان ليترك أحدا يسبقك إليه، و لا يروم أحد أخذه إلا أهلكه الله.

و كان الأعرابي تعبا فمشى قليلا، و سبقه إلى الجحر جماعة من المنافقين كانوا بحضرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأدخلوا أيديهم إلى الجحر ليتناولوا منه ما سمعوا فخرجت عليهم أفعى عظيمة، فلسعتهم و قتلتهم، و وقفت حتى حضر الأعرابي، فنادته: يا أخا العرب، انظر إلى هؤلاء، كيف أمرني الله بقتلهم دون مالك، الذي هو عوض ضبك، و جعلني حافظته، فتناوله.

فاستخرج الأعرابي الدراهم و الدنانير، فلم يطق احتمالها، فنادته الأفعى: خذ الحبل الذي في وسطك، و شده بالكيسين، ثم شد الحبل في ذنبي فإني سأجره لك إلى منزلك، و أنا فيه خادمك‏ 2335 و حارسة مالك‏ 2336 ، فجاءت الأفعى، فما زالت تحرسه و المال إلى أن فرقه الأعرابي في ضياع و عقار و بساتين اشتراها، ثم انصرفت الأفعى».

قوله تعالى:

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ [109]

580/ 2337 - قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام) ، في قوله تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً . «بما يوردونه عليكم من الشبهة حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏ لكم،

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 306

بأن أكرمكم بمحمد و علي و آلهما الطيبين‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ المعجزات‏ 2338 الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما 2339 .

فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا عن جهلهم و قابلوهم بحجج الله، و ادفعوا بها باطلهم‏ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ فيهم بالقتل يوم فتح مكة، فحينئذ تحولونهم عن بلد مكة و عن‏ 2340 جزيرة العرب، و لا تقرون بها كافرا.

إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و لقدرته على الأشياء، قدر ما هو أصلح لكم في تعبده إياكم من مداراتهم و مقابلتهم بالجدال بالتي هي أحسن».

قوله تعالى:

وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [110]

581/ 2341 - قال الإمام العسكري (عليه السلام): « أَقِيمُوا الصَّلاةَ بإتمام وضوئها و تكبيراتها و قيامها و قراءتها و ركوعها و سجودها و حدودها وَ آتُوا الزَّكاةَ مستحقيها، لا تؤتوها كافرا و لا منافقا 2342 ، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): المتصدق على أعدائنا كالسارق في حرم الله.

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ من مال تنفقونه في طاعة الله، فإن لم يكن لكم مال، فمن جاهكم تبذلونه لإخوانكم المؤمنين، تجرون به إليهم المنافع، و تدفعون به عنهم المضار تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ‏ ينفعكم الله تعالى بجاه محمد و علي و آلهما الطيبين يوم القيامة، فيحط به عن سيئاتكم، و يضاعف به حسناتكم، و يرفع به درجاتكم.

إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عالم ليس يخفى عليه ظاهر بطن، و لا باطن ظهر 2343 ، فهو يجازيكم على حسب اعتقاداتكم و نياتكم، و ليس هو كملوك الدنيا الذين يلبس‏ 2344 على بعضهم، فينسب فعل بعض‏ 2345 إلى غير

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 307

فاعله، و جناية بعض‏ 2346 إلى غير جانيه، فيقع ثوابه و عقابه- بجهله بما لبس عليه- بغير مستحقه.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مفتاح الصلاة الطهور، و تحريمها التكبير، و تحليلها التسليم، و لا يقبل الله الصلاة بغير طهور، و لا صدقة من غلول‏ 2347 ، و إن أعظم طهور الصلاة الذي لا تقبل الصلاة إلا به، و لا شي‏ء من الطاعات مع فقده، موالاة محمد، و أنه سيد المرسلين و موالاة علي، و أنه سيد الوصيين، و موالاة أوليائهما، و معاداة أعدائهما».

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [111] بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [112]

582/ 2348 - قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ قالُوا يعني اليهود و النصارى، قالت اليهود: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً ، و قوله: أَوْ نَصارى‏ يعني و قالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و قد قال غيرهم، قالت الدهرية: الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و من خالفنا في هذا فهو ضال مخطئ مضل. و قالت الثنوية: النور و الظلمة هما المدبران، و من خالفنا في هذا فقد ضل. و قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، من خالفنا في هذا ضل. فقال الله تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ‏ التي يتمنونها قُلْ‏ لهم: هاتُوا بُرْهانَكُمْ‏ على مقالتكم‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

و قال الصادق (عليه السلام)، و قد ذكر عنده الجدال في الدين، و أن رسول الله و الأئمة (صلوات الله عليهم) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏ 2349 و قوله تعالى: ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏ 2350 .

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 308

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله تعالى على شيعتنا، و كيف يحرم الله الجدال جملة، و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ و قال الله تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ ؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، [و هل يؤتى بالبرهان‏] إلا في الجدال بالتي هي أحسن.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ 2351 أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية:

إن الأشياء لا بدء لها و هي دائمة، و لا كما قالت الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك [علوا كبيرا]».

قال: «فذلك قوله: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ و قال غيرهم من هؤلاء الكفار ما قالوا، قال الله تعالى: يا محمد تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ‏ التي يتمنونها بلا حجة قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ‏ حجتكم على دعواكم‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها.

ثم قال: بَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ‏ يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) لما سمعوا براهينه و حججه‏ وَ هُوَ مُحْسِنٌ‏ في عمله لله‏ فَلَهُ أَجْرُهُ‏ ثوابه‏ عِنْدَ رَبِّهِ‏ يوم فصل القضاء وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ‏ حين يخاف الكافرون مما يشاهدونه من العذاب‏ 2352 وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ عند الموت، لأن البشارة بالجنان تأتيهم».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى الجدال بالتي هي أحسن في تفسير قوله تعالى: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏ من سورة النحل عن الصادق (عليه السلام) 2353 و الحديث طويل مذكور في تفسير العسكري (عليه السلام)، في تفسير قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏ اختصرناه مخافة الإطالة.

قوله تعالى:

صفحه بعد