کتابخانه روایات شیعه
الامة المرحومة المغفورة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا بشيخ أشيب، قامته ثلاث مائة ذراع، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عانقه، ثم قال: إنني آكل في كل سنة مرة واحدة، و هذا أوانه. فإذا هو بمائدة أنزلت من السماء، فأكلا. و كان إلياس (عليه السلام).
و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث إلياس (عليه السلام) مع الباقر (عليه السلام) في تفسير: إِنَّا أَنْزَلْناهُ 18795 .
قوله تعالى:
سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ [130]
9028/ 18796 - ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدثنا وهيب 18797 بن نافع، قال: حدثنا كادح، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) ، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: «يس محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن آل يس».
9029/ 18798 - و عنه: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبد الغني المعاني 18799 ، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: السلام من رب العالمين على محمد و آله (صلى الله عليه و عليهم)، و السلامة لمن تولاهم في القيامة».
9030/ 18800 - و
عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثني الحسين بن معاذ، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال:
حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك ، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: يس: اسم محمد 18801 .
9031/ 18802 - و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي
الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني أحمد بن أبي عمر النهدي، قال: حدثني أبي، عن محمد ابن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: على آل محمد (عليهم السلام).
9032/ 18803 - و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثني محمد بن سهل، قال: حدثنا إبراهيم بن معمر، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الأحمري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي: أن عمر بن الخطاب كان يقرأ: «سلام على آل يس»، قال أبو عبد الرحمن: آل يس: آل محمد (عليهم السلام).
9033/ 18804 - و
عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت- في حديث مجلس الرضا (عليه السلام) مع المأمون و العلماء ، و قد أشرنا له في هذا الكتاب غير مرة- قال الرضا (عليه السلام) في الآيات الدالة على الاصطفاء: «و أما الآية السابعة: فقوله تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً 18805 ، و قد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية، قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فهل بينكم- معاشر الناس- في هذا خلاف؟» فقالوا: لا.
قال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا، و عليه إجماع الامة، فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟
فقال أبو الحسن (عليه السلام): «نعم، أخبروني عن قول الله عز و جل: يس* وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ 18806 فمن عنى بقوله: يس ؟» قال العلماء: يس : محمد (صلى الله عليه و آله)، لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن (عليه السلام): «فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك و تعالى:
سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ 18807 و قال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ 18808 ، و قال: سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ 18809 ، و لم يقل سلام على آل نوح، و لا على آل موسى، و لا على آل إبراهيم، و قال عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ
إِلْياسِينَ يعني آل محمد (صلى الله عليه و آله)».
9034/ 18810 - محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اسمه ياسين، و نحن الذين قال الله: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ».
9035/ 18811 - و
عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن الخضر بن أبي فاطمة البلخي، عن وهيب 18812 بن نافع، عن كادح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) ، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ قال: «يس محمد، و نحن آل محمد».
9036/ 18813 - و عنه: عن محمد بن سهل، عن إبراهيم بن معمر، عن إبراهيم بن داهر 18814 ، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ: «سلام على آل يس». قال: على آل محمد (صلى الله عليه و آله).
9037/ 18815 - و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: نحن هم آل محمد (صلى الله عليه و آله).
9038/ 18816 - و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن رزيق بن مرزوق البجلي، عن داود بن علية، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ ، قال: أي على آل محمد (صلى الله عليه و آله).
9039/ 18817 - الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ إن الله سمى النبي (صلى الله عليه و آله) بهذا الاسم، حيث قال: يس* وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ 18818 ، لعلمه بأنهم يسقطون قوله: سلام على آل محمد، كما أسقطوا غيره».
باب معنى آل محمد (صلوات الله عليهم)
9040/ 18819 - ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الله بن ميسرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نقول: اللهم صل على محمد و آل محمد، فيقول قوم: نحن آل محمد. فقال: «إنما آل محمد من حرم الله عز و جل على محمد (صلى الله عليه و آله) نكاحه».
9041/ 18820 - و
عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه و آله)». قال: قلت: فمن الأهل. قال: «الأئمة (عليهم السلام)» فقلت:
قوله عز و جل: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ 18821 ؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».
9042/ 18822 - و
عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «ذريته». فقلت: من أهل بيته؟ قال: «الأئمة الأوصياء». فقلت: من عترته؟ قال:
«أصحاب العباء» فقلت: من أمته؟ قال: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز و جل، و المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله عز و جل، و عترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هما الخليفتان على الامة بعده (عليه السلام)».
قوله تعالى:
وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [137- 138]
9043/ 18823 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد،
و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت: قوله: وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ ؟ قال: «تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن، تقرأ ما قص الله عز و جل عليكم من خبرهم».
و خبر لوط تقدم في سورة هود، و سورة الحجر، و سورة العنكبوت 18824 ، و يأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الذاريات 18825 .
قوله تعالى:
وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ - إلى قوله تعالى- فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ [139- 177]
9044/ 18826 - علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما مليخا، و اسم الآخر روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول: لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد، و لم يقبل من العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، و في يوم كذا و كذا.
فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد، و بقي العالم فيها، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب، فقال لهم العالم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم، فيرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا، و ادعوا. فذهبوا، و فعلوا ذلك، و ضجوا، و بكوا، فرحمهم الله، و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم.
فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله تعالى، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال: لهم: ما فعل قوم يونس. فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا، و دعوا، فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به. فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا- كما حكى الله- حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر، بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه و صار إلى مؤخر السفينة، فدار الحوت إليه و فتح فاه، فخرج أهل السفينة، فقالوا:
فينا عاص، فتساهموا، فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ، فأخرجوه، فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و هو مليم، و مر به في الماء.
و قد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف أقطار الأرض 18827 بصاحبه، فقال: يا يهودي، أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، و دخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل في بحر طبرستان، ثم دخل في دجلة العوراء 18828 ، ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، و كان قارون هلك في أيام موسى، و وكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، و كان يونس في بطن الحوت يسبح الله و يستغفره، فسمع قارون صوته، فقال للملك الموكل به: أنظرني، فإني أسمع كلام آدمي. فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أنظره. فأنظره.
ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى. قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات، هلك. قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك. قال:
فما فعلت كلثم بنت عمران، التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات، ما بقي من آل عمران أحد. قال قارون: وا أسفا على آل عمران. فشكر الله له ذلك، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه.
فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب الله له، و أمر الحوت أن يلفظه، فلفظه على ساحل البحر، و قد ذهب جلده و لحمه، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هي الدباء- فأظلته عن الشمس، فشكر 18829 ، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه، و وقعت الشمس عليه، فجزع، فأوحى الله إليه: يا يونس، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون و أنت تجزع من ألم ساعة! فقال: يا رب، عفوك عفوك. فرد الله عليه بدنه، و رجع إلى قومه، و آمنوا به، و هو قوله: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ 18830 » و قالوا: مكث يونس (عليه السلام) في
بطن الحوت سبع 18831 ساعات.
9045/ 18832 - ثم
قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، و نادى في الظلمات الثلاث: ظلمة بطن الحوت، و ظلمة الليل، و ظلمة البحر: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب له ربه، فأخرجه الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هو القرع- فكان يمصه، و يستظل به و بورقه، و كان تساقط شعره، ورق جلده، و كان يونس يسبح و يذكر الله في الليل و النهار. فلما أن قوي و اشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع، فذبلت القرعة، ثم يبست، فشق ذلك على يونس، و ظل حزينا، فأوحى الله إليه: ما لك حزينا، يا يونس؟ قال: يا رب، هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست. قال: يا يونس، أحزنت لشجرة لم تزرعها، و لم تسقها، و لم تعي بها أن يبست حين استغنيت عنها، و لم تحزن لأهل نينوى، أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب! إن أهل نينوى قد آمنوا و اتقوا فارجع إليهم.
فانطلق يونس إلى قومه، فلما دنا من نينوى استحى أن يدخل، فقال لراع لقيه: ائت أهل نينوى، فقل لهم: إن هذا يونس قد جاء. قال الراعي: أ تكذب، أما تستحي، و يونس قد غرق في البحر و ذهب؟! قال له يونس: اللهم إن هذه الشاة تشهد لك أني يونس. فنطقت الشاة له بأنه يونس، فلما أتى الراعي قومه و أخبرهم، أخذوه و هموا بضربه، فقال: إن لي بينة بما أقول. قالوا: من يشهد؟ قال: هذه الشاة تشهد، فشهدت بأنه صادق، و أن يونس قد رده الله إليهم. فخرجوا يطلبونه، فوجدوه فجاءوا به و آمنوا، و أحسنوا إيمانهم، فمتعهم الله إلى حين، و هو الموت، و أجارهم من ذلك العذاب».
9046/ 18833 - ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا:
حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أول من سوهم عليه مريم بنت عمران، و هو قول الله عز و جل:
وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ 18834 ، و السهام ستة.
ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات، قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه، فرمى بنفسه.