کتابخانه روایات شیعه
الثّاني و الأربعون غب-
أبو حمزة الثّمالي محمّد بن عليّ بن الحسين رضى اللّه عنه قال:
حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى اللّه عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيّ قال:
حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن الفضّال عن أبيه عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثّمالي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى عهد إلى آدم عليه السّلام أن لا يقرب الشّجرة، فلمّا بلغ الوقت الّذي كان في علم اللّه تبارك و تعالى أن يأكل منها نسي فأكل منها، و هو قول اللّه تبارك و تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً فلمّا أكل آدم من الشّجرة أهبط إلى الأرض فولد له هابيل و أخته توأم؛ و ولد له قابيل و أخته توأم، ثمّ إنّ آدم عليه السّلام أمر قابيل و هابيل أن يقرّبا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم و كان قابيل صاحب زرع، فقرّب هابيل كبشا، و قرّب قابيل من زرعه مالم ينق، و كان كبش هابيل من أفضل غنمه، و كان زرع قابيل غير منقّى، فتقبّل قربان هابيل و لم يتقبّل قربان قابيل، و هو
قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ و كان القربان إذا قبل تأكله النّار، فعمد قابيل و بنى لها بيتا، و هو اوّل من بنى للنّار البيوت، و قال: لأعبدنّ هذه النّار حتّى يتقبّل قرباني.
ثمّ إنّ عدوّ اللّه إبليس قال لقابيل: إنّه قد تقبّل قربان هابيل و لم يتقبّل قربانك، فان تركته حتّى يكون له عقب يفتخرون على عقبك؛ فقتله قابيل، فلمّا رجع إلى آدم قال: يا قابيل أين هابيل؟: فقال: ما أدري و ما بعثتني راعيا له، فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا، فقال: لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل، فبكى آدم عليه السّلام على هابيل أربعين ليلة، ثمّ إنّ آدم عليه السّلام سأل ربّه عزّ و جلّ أن يهب له ولدا فولد له غلام سمّاه هبة
اللّه؛ لأنّ اللّه عزّ و جلّ و هبه له، فأحبّه حبّا شديدا، فلمّا انقضت نبوّة آدم عليه السّلام و استكمل أيّامه أوحى اللّه تبارك و تعالى أن يا آدم إنّه قد انقضت نبوّتك و استكملت أيّامك، فاجعل العلم الّذي عندك و الإيمان و الاسم الأكبر (السّرّ الأكبر خ ل) و ميراث العلم و آثار النّبوّة في العقب الّذي من ذرّيّتك عند ابنك هبة اللّه؛ فإنّي لن أقطع العلم و الإيمان و الإسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النّبوّة في العقب من ذرّيّتك إلى يوم القيامة و لن أدع الأرض إلّا و فيها عالم يعرف به ديني و يعرف به طاعتي، و يكون نجاة لمن يولد فيما بينك و بين نوح، و ذكر آدم عليه السّلام نوحا و قال: إنّ اللّه تعالى باعث نبيّا اسمه نوح، و إنّه يدعو إلى اللّه عزّ و جلّ فيكذّبوه فيقتلهم اللّه بالطّوفان، فكان بين آدم و بين نوح عشرة آباء كلّهم أنبياء، و أوصى آدم إلى هبة
اللّه أنّ من أدركه منكم فليؤمن به وليتّبعه و ليصدّق به؛ فإنّه ينجو من الغرق، ثمّ إنّ آدم عليه السّلام لمّا مرض المرضة الّتي قبض فيها أرسل إلى هبة اللّه فقال له: إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه منّي السّلام و قل له: يا جبرئيل إنّ أبي يستهديك من ثمار الجنّة ففعل، فقال له جبرئيل: يا هبة اللّه إنّ أباك قد قبض و ما نزلت إلّا للصّلاة عليه فارجع، فرجع فوجد أباه قد قبض، فأراه جبرئيل كيف يغسّله فغسّله حتّى إذا بلغ الصّلاة عليه، قال هبة اللّه: تقدّم يا جبرئيل تقدّم بعد فصلّ على آدم، فقال له جبرئيل: يا هبة اللّه إنّ اللّه أمرنا أن نسجد لأبيك في الجنّة، و ليس لنا أن نؤمّ أحدا من ولده، فتقدّم هبة اللّه فصلّى على آدم أبيه و جبرئيل خلفه و حزب من الملائكة، و كبّر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمر جبرئيل فرفع من ذلك خمسة و عشرين
تكبيرة و السّنّة فينا اليوم خمس تكبيرات، و قد كان يكبّر على أهل بدر سبعا و تسعا.
ثمّ إنّ هبة اللّه لمّا دفن آدم أتاه قابيل فقال: يا هبة اللّه إنّي قد رأيت أبي آدم قد خصّك من العلم بما لم أخصّ؛ و هو العلم الّذي دعا به أخوك هابيل فتقبّل قربانه، و إنّما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي؛ فيقولون نحن أبناء الّذين تقبّل قربانه، و أنتم أبناء الّذي لم يتقبّل قربانه، فانّك إن أظهرت من العلم الّذي اختصّك به أبوك قتلتك كما قتلت أخاك هابيل، فلبث هبة اللّه و العقب منه مستخفين بما عندهم من الإيمان و العلم و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النّبوّة حتّى بعث نوح و ظهرت وصيّة هبة اللّه حين نظروا في وصيّة آدم، فوجدوا نوحا قد بشّر به آدم عليه السّلام و آمنوا به و اتّبعوا و صدّقوه و قد كان آدم عليه السّلام أوصى هبة اللّه أن يتعاهد هذه
الوصيّة عند رأس كلّ سنة، فيكون يوم عيد لهم فيتعاهدون بعث نوح عليه السّلام و زمانه الّذي يخرج فيه، و كذلك جرى في وصيّة كلّ نبيّ حتّى بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما عرفوا نوحا بالعلم الّذي عندهم و هي قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ 61 الآية و كان ما بين آدم و نوح من الأنبياء مستخفين و مستعلنين، و لذلك خفى ذكرهم في القرآن؛ فلم يسمّوا كما سمّي من استعلن من الأنبياء و هو قول اللّه عزّ و جلّ وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ يعني لم نسمّهم من المستخفين كما سمّي المستعلنين من الأنبياء، فمكث نوح عليه السّلام ألف سنة إلّا خمسين عاما لم يشاركه في نبوّته أحد، و لكنّه قدم على قوم
مكذّبين للأنبياء الّذين كانوا بينه و بين آدم، و ذلك قوله عزّ و جلّ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ يعني من كان بينه و بين آدم إلى أن ينتهي إلى قوله: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .