کتابخانه روایات شیعه
اللّه أنّ من أدركه منكم فليؤمن به وليتّبعه و ليصدّق به؛ فإنّه ينجو من الغرق، ثمّ إنّ آدم عليه السّلام لمّا مرض المرضة الّتي قبض فيها أرسل إلى هبة اللّه فقال له: إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه منّي السّلام و قل له: يا جبرئيل إنّ أبي يستهديك من ثمار الجنّة ففعل، فقال له جبرئيل: يا هبة اللّه إنّ أباك قد قبض و ما نزلت إلّا للصّلاة عليه فارجع، فرجع فوجد أباه قد قبض، فأراه جبرئيل كيف يغسّله فغسّله حتّى إذا بلغ الصّلاة عليه، قال هبة اللّه: تقدّم يا جبرئيل تقدّم بعد فصلّ على آدم، فقال له جبرئيل: يا هبة اللّه إنّ اللّه أمرنا أن نسجد لأبيك في الجنّة، و ليس لنا أن نؤمّ أحدا من ولده، فتقدّم هبة اللّه فصلّى على آدم أبيه و جبرئيل خلفه و حزب من الملائكة، و كبّر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمر جبرئيل فرفع من ذلك خمسة و عشرين
تكبيرة و السّنّة فينا اليوم خمس تكبيرات، و قد كان يكبّر على أهل بدر سبعا و تسعا.
ثمّ إنّ هبة اللّه لمّا دفن آدم أتاه قابيل فقال: يا هبة اللّه إنّي قد رأيت أبي آدم قد خصّك من العلم بما لم أخصّ؛ و هو العلم الّذي دعا به أخوك هابيل فتقبّل قربانه، و إنّما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي؛ فيقولون نحن أبناء الّذين تقبّل قربانه، و أنتم أبناء الّذي لم يتقبّل قربانه، فانّك إن أظهرت من العلم الّذي اختصّك به أبوك قتلتك كما قتلت أخاك هابيل، فلبث هبة اللّه و العقب منه مستخفين بما عندهم من الإيمان و العلم و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النّبوّة حتّى بعث نوح و ظهرت وصيّة هبة اللّه حين نظروا في وصيّة آدم، فوجدوا نوحا قد بشّر به آدم عليه السّلام و آمنوا به و اتّبعوا و صدّقوه و قد كان آدم عليه السّلام أوصى هبة اللّه أن يتعاهد هذه
الوصيّة عند رأس كلّ سنة، فيكون يوم عيد لهم فيتعاهدون بعث نوح عليه السّلام و زمانه الّذي يخرج فيه، و كذلك جرى في وصيّة كلّ نبيّ حتّى بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما عرفوا نوحا بالعلم الّذي عندهم و هي قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ 61 الآية و كان ما بين آدم و نوح من الأنبياء مستخفين و مستعلنين، و لذلك خفى ذكرهم في القرآن؛ فلم يسمّوا كما سمّي من استعلن من الأنبياء و هو قول اللّه عزّ و جلّ وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ يعني لم نسمّهم من المستخفين كما سمّي المستعلنين من الأنبياء، فمكث نوح عليه السّلام ألف سنة إلّا خمسين عاما لم يشاركه في نبوّته أحد، و لكنّه قدم على قوم
مكذّبين للأنبياء الّذين كانوا بينه و بين آدم، و ذلك قوله عزّ و جلّ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ يعني من كان بينه و بين آدم إلى أن ينتهي إلى قوله: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .
ثمّ إنّ نوحا لمّا انقضت نبوّته و استكملت أيّامه أوحى اللّه إليه أنّه قد انقضت نبوّتك و استكملت أيّامك، فاجعل العلم الّذي عندك و الإيمان و الإسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النّبوّة في العقب من ذرّيّتك عند سام؛ فإنّي لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الّذين بينك و بين آدم، و لن أدع الأرض إلّا و فيها عالم يعرف به ديني و تعرف به طاعتي، و يكون نجاة لمن يولد فيما بين قبض النّبيّ إلى خروج النّبيّ الآخر، و ليس بعد سام إلّا هود، فكان بين نوح و هود من الأنبياء مستخفين و مستعلنين، و قال نوح: إنّ اللّه تبارك و تعالى باعث نبيّا يقال له هود، و إنّه قد يدعو قومه إلى اللّه عزّ و جلّ فيكذّبوه، و إنّ اللّه عزّ و جلّ مهلكهم، فمن أدركه منهم
فليؤمن به وليتّبعه؛ فإنّ اللّه تبارك و تعالى ينجيه من عذاب الرّيح، و أمر نوح ابنه ساما أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة، و يكون يوم عيد لهم فيتعاهدون فيه بعث هود و زمانه الّذي يخرج فيه، فلمّا بعث اللّه تبارك و تعالى هودا نظروا فيما عندهم من العلم و الإيمان و ميراث العلم و الإسم الأكبر و آثار علم النّبوّة، فوجدوا هودا نبيّا و قد بشّرهم أبوهم نوح به، فآمنوا به و صدّقوه و اتّبعوه فنجوا من عذاب الرّيح، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً و قوله: كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ .
و قال عزّ و جلّ: وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ و قوله: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا لنجعلها في أهل بيته وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ
لنجعلها في أهل بيته، فآمن العقب من ذرّيّة الأنبياء من كان من قبل إبراهيم لإبراهيم عليه السّلام، و كان بينه و بين هود من الأنبياء عشرة أنبياء؛ و هو قوله تعالى: وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ و قوله: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قوله عزّ و جلّ: وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ فجرى بين كلّ نبيّين عشرة آباء و تسعة آباء و ثمانية آباء كلّهم أنبياء، و جرى لكلّ نبيّ ما جرى لنوح و هود و صالح و شعيب و إبراهيم حتّى انتهى إلى يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم عليه السّلام ثمّ صارت بعد يوسف في الأسباط إخوته، حتّى انتهت إلى موسى بن عمران؛ و كان بين يوسف و بين موسى عشرة من الأنبياء؛ فأرسل اللّه عزّ و جلّ موسى و هارون إلى فرعون و هامان
و قارون، ثمّ أرسل اللّه عزّ و جلّ الرّسل تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ 62 و كانت بنو إسرائيل يقتل نبيّا و إثنان قائما؛ و يقتلون إثنين و أربعة قيام، حتّى أنّه كان ربّما قتلوا في اليوم الواحد سبعين نبيّا، فيقوم في سوق قتلهم آخر النّهار، فلمّا نزلت التّوراة على موسى بن عمران بشّر بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله، و كان بين يوسف و موسى عليه السّلام أنبياء، و كان وصيّ موسى بن عمران يوشع بن نون و هو فتاه الّذي قال اللّه تبارك و تعالى في كتابه.