کتابخانه روایات شیعه
و تعالى لم يجعل العلم جهلا، و لم يكل أمره إلى ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل، و لكنّه أرسل رسلا من ملائكته إلى نبيّه فقال له كذا و كذا، و أمره بما يحبّه و ينهاه عمّا يكره، فقصّ عليه ما قبله و ما بعده بعلم، فعلّم ذلك العلم أنبياءه و أولياءه و أصفياءه من الآباء و الإخوان بالذّرّيّة الّتي بعضها من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فأمّا الكتاب فالنّبوّة، و أمّا الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء، و الأصفياء من الصّفوة، و كلّ هؤلاء من الذّرّيّة الّتي بعضها من بعض الّتي جعل اللّه عزّ و جلّ فيهم النّبوّة و فيهم العاقبة و حفظ الميثاق، حتّى تنقضي الدّنيا، فهم العلماء و ولاة الأمر و أهل استنباط العلم و الهداة، فهذا بيان الفضل في الرّسل و الأنبياء و الحكماء و الأئمّة الهداة و الخلفاء الّذين هم ولاة الأمر و أهل استنباط علم اللّه و أهل آثار علم اللّه من الذّرّيّة الّتي بعضها من بعض، من الصّفوة الّتي بعد الأنبياء من الآل و الإخوان و الذّرّيّة من
بيوتات الأنبياء، فمن عمل بعملهم و انتهى إلى أمرهم نجا بنصرهم، و من وضع ولاية اللّه و أهل استنباط علم اللّه في غير أهل الصّفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر اللّه عزّ و جلّ و جعل الجهّال ولاة أمر اللّه و المتكلّمين بغير هدى، و زعموا أنّهم أهل استنباط علم اللّه، فكذبوا على اللّه و زاغوا عن وصيّته و طاعته، فلم يضعوا فضل اللّه حيث وضعه اللّه تبارك و تعالى و أضلّوا أتباعهم، فلا يكون لهم يوم القيامة حجّة، إنّما الحجّة في آل إبراهيم لقول اللّه عزّ و جلّ: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً و الحجّة الأنبياء و أهل بيوتات الأنبياء حتّى تقوم السّاعة؛ لأنّ كتاب اللّه ينطق بذلك، و وصيّة اللّه جرت بذلك في العقب من البيوت الّتي رفعها اللّه تبارك و تعالى على النّاس، فقال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ و هي بيوتات الأنبياء و الرّسل
و الحكماء و أئمّة الهدى. فهذا بيان عروة الإيمان الّتي بها نجا من نجا قبلكم، و بها ينجو من اتّبع الأئمّة؛ و قد ذكر اللّه تبارك و تعالى في كتابه: وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ. وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ فإنّه من وكّل بالفضل من أهل بيته من الأنبياء و الإخوان و الذّرّيّة و هو قول اللّه عزّ و جلّ: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها أمّتك فقد وكّلنا أهل بيتك بالإيمان الّذي أرسلتك به فلا يكفرون بها أبدا، و لا أضيع الإيمان الّذي أرسلتك به، و جعلت أهل بيتك بعدك
علماء أمّتك و ولاة الأمر من بعدك و استنباط علمي الّذي ليس فيه كذب و لا إثم و لا زور و لا بطر و لا رياء، فهذا بيان ما بيّنه اللّه عزّ و جلّ في أمر هذه الأمّة بعد نبيّها صلّى اللّه عليه و آله؛ لأنّ اللّه طهّر أهل بيت نبيّه، و جعل لهم أجر المودّة و أجرى لهم الولاية و جعلهم أوصياءه و أحبّاءه، و حججه ثابتة بعده في أمّته، فاعتبروا أيّها النّاس فيما قلت و تفكّروا حيث وضع اللّه عزّ و جلّ ولايته و طاعته و مودّته و استنباط علمه و حجّته، فايّاه فتعلّموا، و به فاستمسكوا تنجوا، و يكون لكم به حجّة يوم القيامة و للفوز؛ فإنّهم صلة ما بينكم و ما بين ذلك و طريق ربّكم، لا تصل الولاية إلى اللّه عزّ و جلّ إلّا بهم، فمن يقول ذلك كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يكرمه و لا يعذّبه، و من يأتي بغير أمره كان حقّا على اللّه أن يذلّه و يعذّبه.
و أنّ الأنبياء بعثوا خاصّة و عامّة، فأمّا نوح فإنّه أرسل إلى من في الأرض بنبوّة عامّة و رسالة عامّة، و أمّا هود فإنّه أرسل إلى عاد بنبوّة خاصّة، و أمّا صالح فإنّه أرسل إلى ثمود؛ و هي لا تكمل أربعين بيتا على ساحل البحر صغيرة، و أمّا شعيب فإنّه أرسل إلى مدين؛ و هي لا تكمل أربعين بيتا، و أمّا إبراهيم نبوّته بكوثا؛ و هي قرية من قرى السّواد، و فيها بدأ أول أمره، ثمّ هاجر منها و ليست بهجرة قتال، و ذلك قوله عزّ و جلّ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي و كانت هجرة إبراهيم بغير قتال، و أمّا إسحاق فكانت نبوّته بعد إبراهيم، و أمّا يعقوب فكانت نبوّته بأرض كنعان، ثمّ هبط إلى أرض مصر فتوفّي فيها و حمل بعد ذلك جسده حتّى دفن بأرض كنعان، و الرّؤيا الّتي رأى يوسف الأحد عشر كوكبا و الشّمس و القمر له ساجدين، و كانت نبوّته في أرض مصر بدؤها ثمّ إنّ اللّه تبارك و تعالى أرسل الأسباط إثني
عشر بعد يوسف ثمّ موسى و هارون إلى فرعون و ملأه إلى مصر وحدها، ثمّ إنّ اللّه أرسل يوشع بن نون إلى بني إسرائيل من بعد موسى، فنبوّته بدؤها في البريّة الّتي تاه فيها بنو إسرائيل، ثمّ كانت أنبياء كثيرة منهم من قصّه اللّه عزّ و جلّ على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و منهم من لم يقصصهم على محمّد، ثمّ إنّ اللّه عزّ و جلّ أرسل عيسى عليه السّلام إلى بني إسرائيل خاصّة و كانت نبوّته ببيت المقدس، و كانت من بعده الحواريّون إثنا عشر، فلم يزل الإيمان يستتر في بقيّة أهل بيته منذ رفع اللّه عيسى، و أرسل اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله إلى الجنّ و الإنس عامّة، و كان خاتم الأنبياء، و كان من بعده الإثنا عشر الأوصياء؛ منهم من أدركنا و منهم من سبقنا و منهم من بقي، فهذا أمر النّبوّة و الرّسالة، فكلّ نبيّ أرسل إلى بني إسرائيل خاصّ أو عامّ؛ له وصيّ جرت به السّنّة،
و كان الأوصياء الّذين بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله على سنّة أوصياء عيسى عليه السّلام، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه على سنّة المسيح عليه السّلام، فهذا تبيان السّنّة و أمثال الأوصياء بعد الأنبياء 64 .
الثّالث و الأربعون هداية الكبرى
، أبو حمزة الثّماليّ الحسين بن حمدان الحصينيّ عن عليّ بن الطّيّب الصّابونيّ عن عليّ بن مهزيار عن الحسن بن سماعة عن جابر العبرتائي عن أبي حمزة الثّمالي عن محمّد بن عليّ الباقر عن أبيه عليّ بن الحسين عليه السّلام عن جدّه الحسين بن عليّ قال: دخلت و أخي الحسن بن عليّ على جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأجلسني على فخذه و أجلس أخي على فخذه الآخر و قبّلنا و قال: