کتابخانه روایات شیعه
و من الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنتم تخالفونهم و تزعمون أنّ ذلك باطل، أفترى أنّهم يكذّبون متعمّدين و يفسّرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل عليّ عليه السّلام فقال: سألت فافهم الجواب، إنّ في أيدي النّاس حقّا و باطلا و صدقا و كذبا و ناسخا و منسوخا و خاصّا و عامّا و محكما و متشابها و حفظا و وهما، و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده حتّى قام خطيبا فقال: أيّها النّاس قد كثر عليّ الكذّابة فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّا مقعده من النّار ثمّ كذّب عليه من بعده، و إنّما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس؛ رجل منافق مظهر للإيمان مصطنع للإسلام باللّسان، لا يتأثّم و لا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدا، فلو علم المسلمون بأنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه و لم يصدّقوه و لكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد رآه
و سمع منه و قد أخبرك اللّه عن المنافقين بما خبّرك و وصفهم بما وصفهم فقال عزّ و جلّ: وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ 260 ، ثمّ بقوا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تقرّبوا إلى أئمّة الضّلال و الدّعاة إلى النّار بالزّور و الكذب و البهتان حتّى ولّوهم الأعمال و حملوهم على رقاب النّاس، و أكلوا بهم الدّنيا، و إنّما النّاس مع الملوك و الدّنيا إلّا من عصم اللّه جلّ و عزّ، فهذا أحد الأربعة، و رجل سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا و لم يحفظه على وجهه فأوهم فيه و لم يتعهّد كذبا، فهو في يديه يقول به و يعمل به و يرويه و يقول: أنا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلو علم المسلمون أنّه إنّما و هم فيه لم يقبلوه، و لو علم أنّه و هم لرفضه، و رجل ثالث سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا يأمر به ثمّ ينهى عنه و هو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن
شيء ثمّ أمر به و هو لا يعلم، فحفظ المنسوخ و لم يحفظ النّاسخ، فلو يعلم أنّه منسوخ لرفضه، و لو علم النّاس أو سمعوا منه أنّه منسوخ لرفضوه، و رجل لم يكذب على اللّه و لا على رسوله بغضا للكذب و خوفا من اللّه و تعظيما لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و لم يتوهّم بل حفظ الحديث على وجهه فجاء به كما سمعه و لم يزد فيه و لم ينقص، فحفظ النّاسخ و المنسوخ، فعمل بالنّاسخ و رفض المنسوخ، و إنّ أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نهيه مثل القرآن ناسخ و منسوخ، و عامّ و خاصّ و محكم و متشابه، قد كان يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام له وجهان كلام عامّ و كلام خاصّ مثل القرآن، يسمعه من لا يعرفه ما عنى اللّه عزّ و جلّ و لا ما عنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و ليس كلّ أصحاب رسول اللّه كان يسأله عن الشيء فيفهم، و كان منهم من يسأله و لا يستفهمه حتّى أنّهم
كانوا يحبّون أن يجيء الأعرابيّ أو الطّاري فيسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى يسمعوا، و كنت أنا أدخل على رسول اللّه كلّ يوم دخلة و كلّ ليلة دخلة يخليني فيها أدور معه حيث دار و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، و كنت إذا سألت أجابني، و إذا سكتّ ابتدأني، و دعا اللّه أن يحفظني و يفهّمني فما نسيت شيئا أبدا منذ دعا لي، و إنّي قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا نبيّ اللّه إنّك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا ممّا تعلّمني، فلم تمله عليّ و تأمرني بكتبه، أتخوّف عليّ النّسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوّف عليك النّسيان و لا الجهل و قد أخبرني اللّه عزّ و جلّ أنّه قد استجاب لي فيك و في شركائك الّذين يكونون من بعدك، فإنّما نكتبه لهم، قلت: يا رسول اللّه و من شركائي؟ فقال: الّذين قرنهم اللّه بنفسه
و بي، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت: يا نبيّ اللّه و من هم؟ قال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ الحوض كلّهم هاد مهتد لا يضرّهم خذلان من خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم. بهم تنصر أمّتي و يمطرون، و يدفع عنهم بمستجابات دعواتهم قلت: يا رسول اللّه سمّهم لي، فقال: ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن، ثمّ ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين، ثمّ ابن له على اسمك يا عليّ، ثمّ ابن عليّ اسمه محمّد بن عليّ، ثمّ أقبل على الحسين فقال: سيولد محمّد بن عليّ في حياتك فاقرأه منّي السّلام، ثمّ تكمله اثني عشر إماما، قلت: يا نبيّ اللّه سمّهم لي فسمّاهم رجلا رجلا، منهم و اللّه يا أخا بني هلال مهديّ أمّة محمّد الّذي يملأ
الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا 261 .
قلت: و روى هذا الحديث محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه في كتاب الغيبة، و زاد فيه بعد قوله ظلما و جورا: و اللّه إنّي لأعرف من يبايعه بين الرّكن و المقام و أعرف أسماء آبائهم و قبائلهم 262 .
السابع و السبعون و مائة غم-
سليم بن قيس الهلاليّ محمّد بن إبراهيم النّعمانيّ بإسناده عن عبد الرّزّاق قال: حدّثنا معمّر بن راشد عن أبان بن أبي عيّاش عن سليم بن قيس: أنّ عليّا عليه السّلام قال: لطلحة في حديث طويل عند ذكر تفاخر المهاجرين و الأنصار بمناقبهم و فضائلهم: يا طلحة أليس قد شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضلّ الأمّة معه و لا تختلف، فقال صاحبك ما قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يهجر، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تركها؟ فقال: بلى قد شهدته، فقال:
فإنّكم لمّا خرجتم أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالّذي أراد أن يكتب في الكتف، و أشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان و أبا ذرّ و المقداد، و سمّى من يكون من الأئمّة الهدى الّذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة، فسمّاني أوّلهم ثمّ ابني هذا حسن ثمّ ابني هذا حسين، ثمّ تسعة من ولد ابني هذا حسين كذلك يا أبا ذرّ و أنت يا مقداد؟
قالا: نشهد بذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال طلحة: و اللّه لقد سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لأبي ذرّ: ما أقلّت الغبراء و ما أظلّت الخضراء على ذات لهجة أصدق و لا أبرّ من أبي ذرّ، و أنا أشهد أنّهما لم يشهدا إلّا بالحقّ و أنت أصدق و أبرّ عندي منهما 263 .
الثامن و السبعون و مائة غم-