کتابخانه روایات شیعه
بعدك، و ألقيت محبّته في قلبك، و جعلته أبا لولدك، فحقّه بعدك على أمّتك كحقّك عليهم في حياتك، فمن جحد حقّه جحد حقّك، و من أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنّة، فحمدت اللّه عزّ و جلّ ساجدا شكرا لما أنعم اللّه عليّ، فإذا مناديا ينادي:
ارفع يا محمّد رأسك و اسألني أعطك، فقلت: إلهي اجمع أمّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا عليّ جميعا حوضي يوم القيامة، فأوحى اللّه إليّ: يا محمّد إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم و قضائي ماض فيهم، لأهلك به من أشاء، و أهدي به من أشاء، و قد آتيته علمك و جعلته وزيرك و خليفتك من بعدك على أهلك و أمّتك، عزيمة منّي أن لا أدخل الجنّة من أبغضه و عاداه، و أنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك و من أبغضك أبغضني، و من عاداه عاداك و من عاداك عاداني، و من أحبّه فقد أحبّك و من أحبّك فقد أحبّني، قد جعلت له هذه الفضيلة و أعطيتك أن
أخرج من صلبه أحد عشر مهديّا كلّهم من ذرّيّتك من البكر البتول، و آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا، أنجي به من الهلكة و أهدي به من الضّلالة و أبريء به من العمى و أشفي به المريض، فقلت: إلهي و متى يكون ذلك؟ فأوحى اللّه إليّ جلّ و عزّ: يكون ذلك إذا رفع العلم و ظهر الجهل و كثر القرّاء و قلّ العمل و كثر القتل و قلّ فقهاء الهادون و كثر الفقهاء الضّلالة و الخونة و كثر الشّعراء و اتّخذ أمّتك قبورهم مساجد و حلّيت المصاحف و زخرفت المساجد، و كثر الجور و الفساد، و ظهر المنكر و أمر أمّتك به، و نهوا عن المعروف، و اكتفى الرّجال بالرّجال و النّساء بالنّساء و صارت الأمراء كفرة و أولياؤهم فجرة و أعوانهم ظلمة، و ذوي الرّأي منهم فسقة، و عند ذلك ثلاثة
خسوف: خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب، و خراب البصرة على يد رجل من ذرّيّتك يتبعه الزّنوج، و خروج رجل من ولد الحسين بن عليّ عليه السّلام، و خروج الدّجّال يخرج بالمشرق من سجستان، و ظهور السّفيانيّ، فقلت:
يا إلهي و متى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى اللّه إليّ و أخبرني بملك بني أميّة و فتنة ولد عمّي العبّاس، و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض، فأدّيت الرّسالة و للّه الحمد على ذلك كما حمده النّبيّون، و كما حمده كلّ شيء قبلي و ما هو خالقه إلى يوم القيامة 421 .
السابع و الثمانون و مائتان خل-
وهب محمّد بن عليّ قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن سعيد قال حدّثنا الحسن بن إسماعيل الطّيّان قال: حدّثنا أبو أسامة عن ابن مبارك عن معمّر عمّن سمع وهب بن منبّه يقول: يكون إثنا عشر خليفة، ثمّ يكون الهرج ثمّ يكون كذا و كذا 422 .
باب الهاء
الثامن و الثمانون و مائتان نص-
هشام محمّد بن عليّ قال: حدّثنا الحسن بن عليّ قال: حدّثنا هارون بن موسى قال: أخبرنا محمّد بن الحسن الصّفّار عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن أبي عمير عن هشام قال: كنت عند الصّادق جعفر بن محمّد عليه السّلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب و عبد الملك بن أعين فقال له معاوية بن وهب: يابن رسول اللّه ما تقول في الخبر الّذي روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى ربّه، على أيّ صورة رآه؟ و عن الحديث الّذي رووه أنّ المؤمنين يرون ربّهم في الجنّة على أيّ صورة يرونه؟ فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال: يا معاوية ما أقبح بالرّجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك اللّه و يأكل من نعمه ثمّ لا يعرف اللّه حقّ
معرفته، ثمّ قال عليه السّلام: يا معاوية إنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لم ير الرّبّ تبارك و تعالى بمشاهدة العيان، و إنّ الرؤية على وجهين: رؤية القلب و رؤية البصر؛ فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، و من عنى برؤية البصر فقد كذّب و كفر باللّه و بآياته، يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من شبّه اللّه بخلقه فقد كفر، و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن عليّ قال: سئل أمير المؤمنين فقيل له: يا أخا رسول اللّه هل رأيت ربّك؟ فقال: كيف أعبد من لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، و إذا كان المؤمن يرى ربّه بمشاهدة البصر فإنّ كلّ من جاز عليه البصر و الرّؤية فهو مخلوق، و لا بدّ للمخلوق من خالق فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، و من شبّهه بخلقه فقد اتّخذ للّه شريكا، ويل لهم ألم يسمعوا قول اللّه تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ
وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 423 و قوله لموسى: لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً 424 و إنّما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سمّ الخياط فدكدكت الأرض و ضعضعت الجبال وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً أي ميّتا فَلَمَّا أَفاقَ وردّ عليه روحه قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ من قول من زعم أنّك ترى و رجعت إلى معرفتي بك، إنّ الأبصار لا تدركك وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ و أوّل المقرّين بأنّك ترى و لا ترى، و أنت بالمنظر الأعلى ثمّ قال عليه السّلام: إنّ أفضل الفرائض و أوجبها على الإنسان معرفة الرّبّ و الإقرار له بالعبوديّة، وحدّ المعرفة أن يقرّ بأن لا إله غيره و لا شبيه له و لا نظير، و أن يعرف أنّه قديم مثبت موجود غير مقيّد موصوف من غير شبيه له و لا نظير و لا مبطل، ليس كمثله شيء و هو السّميع البصير، و بعده معرفة