کتابخانه روایات شیعه
فقلت: يابن رسول اللّه إنّي دخلت على مالك و أصحابه فسمعت بعضهم يقول: إنّ للّه وجها كالوجوه، و بعضهم يقول: له يدان و احتجّوا في ذلك بقوله تعالى: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ و بعضهم يقول: هو كالشّابّ من أبناء ثلاثين سنة، فما عندك في هذا يابن رسول اللّه؟ قال: و كان متّكئا فاستوى جالسا و قال: اللّهمّ عفوك عفوك، ثمّ قال: يا يونس من زعم أنّ للّه وجها كالوجوه فقد أشرك، و من زعم أنّ للّه جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر باللّه، فلا تقبلوا شهادته و لا تأكلوا ذبيحته، تعالى اللّه عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخلوقين، فوجه اللّه أنبياؤه و أولياؤه، و قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ فاليد القدرة كقوله: وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ فمن زعم أنّ اللّه في
شيء أو على شيء أو يحول من شيء أو يخلو منه شيء أو يشتغل به شيء فقد وصفه بصفة المخلوقين، و اللّه خالق كلّ شيء لا يقاس بالمقياس و لا يشبّه بالنّاس و لا يخلو منه مكان، و لا يشتغل به مكان، قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك اللّه ربّنا لا إله غيره، فمن أراد اللّه و أحبّه بهذه الصّفة فهو من الموحّدين، و من أحبّه بغير هذه الصّفة فاللّه منه بريء و نحن منه براء، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ أولي الألباب الّذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ اللّه فإنّ حبّ اللّه إذا أورثته القلوب استضاء به و أسرع إليه اللّطف، فإذا نزل منزلة اللّطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة؛ فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة. فإذا عمل بها في القدرة، عمل في الأطباق السّبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في لطف و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته
و محبّته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه، و ورث الحكمة بغير ما ورثته الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثته العلماء، و ورث الصّدق بغير ما ورثه الصّدّيقون، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصّمت، و إنّ العلماء ورثوا العلم بالطّلب، و إنّ الصّدّيقون ورثوا الصّدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذ بهذه السّيرة إمّا أن يسفل و إمّا أن يرفع، و أكثرهم الّذي يسفل و لا يرفع، فإذا لم يرع حقّ اللّه و لم يعمل بما أمر به فهذه صفة من لم يعرف اللّه حقّ معرفته، و لم يحبّه حقّ محبّته، فلا يغرّنّك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم؛ فإنّهم حمر مستنفرة، ثمّ قال: يا يونس إذا أردت العلم الصّحيح فعندنا أهل البيت فإنّا ورثناه و أوتينا شرح الحكمة و فصل الخطاب، فقلت: يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كلّ من كان من أهل البيت ورث ما ورثتم من ولد عليّ و فاطمة فقال: ما ورثه إلّا الأئمّة الإثنا
عشر، فقلت: سمّهم يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و بعده الحسن و الحسين، و بعده عليّ بن الحسين و بعده محمّد بن عليّ، ثمّ أنا و بعدي موسى ولدي، و بعد موسى عليّ ابنه، و بعد عليّ محمّد، و بعد محمّد عليّ، و بعد عليّ الحسن و بعد الحسن الحجّة، اصطفانا اللّه و طهّرنا و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين، ثمّ قلت: يابن رسول اللّه ابن عبد اللّه بن مسعود دخل عليك بالأمس فسألك عمّا سألتك فأجبته بخلاف هذا؟ فقال: يا يونس كلّ امرئ و ما يحتمله، و لكلّ وقت حديثه و إنّك لأهل لما سألت فاكتمه إلّا عن أهله 445 .
تتمّة
السادس و الثلاثمائة
إسماعيل بن فضل الهاشميّ محمّد بن عليّ بن بابويه قال:
حدّثنا أحمد بن هارون الفاميّ رضى اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه عن يعقوب بن يزيد الأنباريّ قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضّال عن إسماعيل بن الفضل الهاشميّ عن الصّادق عليه السّلام جعفر بن محمّد عليه السّلام عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني بعدد الأئمّة بعدك؟ فقال: يا عليّ هم إثنا عشر، أوّلهم أنت، و آخرهم القائم 446 .
السابع و الثلاثمائة مسند فاطمة عليها السّلام
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ قال: أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون عن أبيه عن أبي عليّ محمّد بن همام عن عبد اللّه بن جعفر عن الحسن بن عليّ الزبيريّ عن عبد اللّه بن محمّد بن خلف الكوفيّ عن منذر بن محمّد بن قابوس عن نصر بن سنديّ عن أبي داود عن ثعلبة بن ميمون عن مالك الجهنيّ عن الحارث بن المغيرة عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكّرا تنكت في الأرض أرغبة منك فيها؟ فقال: لا و اللّه ما رغبت في الدّنيا قط، و لكن فكّرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر هو المهديّ، يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، يكون له حيرة و غيبة يضلّ فيها قوم و يهتدي بها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين و كم تكون تلك الحيرة و تلك الغيبة؟ قال: و أنّى لك بذلك و كيف لك العلم بهذا الأمر، يا أصبغ أولئك خيار هذه الأمّة مع أبرار هذه العترة 447 .
الثامن و الثلاثمائة مسند فاطمة عليها السّلام
بإسناده عن محمّد بن جعفر قال: يا بنيّ إذا فقد الخامس من ولد السّابع من الأئمّة فاللّه اللّه في أديانكم؛ فإنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة يغيبها حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من اللّه عزّ و جلّ يمتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم أصحّ من هذا الدّين لاتّبعوه، قال أبو محمّد: فقلت له: يا سيّدي من الخامس من ولد السّابع؟ فقال: يا بنيّ عقولكم تصغر عن هذا، و أحلامكم تضيق عن حمله، و لكن إيّاكم أن تفتتنوا بذكره 448 .
التاسع و الثلاثمائة أبو بصير