کتابخانه روایات شیعه
بعده إثنا عشر خليفة، فقلت لها: من هم؟ فقالت: أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت لها: فأعرضيه فأبت 520 .
الأربعون
الدّرويستي أيضا قال: أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان قال: حدّثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد القميّ قال: أخبرنا محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ حدّثنا سليمان بن إسحاق عن سليمان بن عبد اللّه بن العبّاس قال: حدّثني أبي، قال: كنت يوما عند الرّشيد فذكر المهديّ و ما ذكر من عدله فأطنب من ذلك له، فقال الرّشيد: إنّي أحسبكم أنّكم تحسبونه أبي المهديّ 521 .
حدّثني عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاس عن أبيه العبّاس بن عبد المطّلب أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عمّ يملك من ولدي إثنا عشر خليفة، ثمّ تكون أمور كريهة و شدّة عظيمة، ثمّ يخرج المهديّ من ولدي يصلح اللّه أموره في ليلة، فيملأ الأرض عدلا
كما ملئت جورا، يمكث في الأرض ما شاء اللّه ثمّ يخرج الدّجّال 522 .
قال أبو عليّ الطّبرسيّ عقيب هذه الأخبار: هذا بعض ما جاء من الأخبار من طريق المخالفين و رواياتهم في النّصّ على عدد الأئمّة الإثني عشر عليهم السّلام. و إذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك كما نقله الشّيعة الإماميّة و لم تنكر ما تضمّنه الخبر؛ فهو أدلّ دليل على أنّ اللّه تعالى هو الّذي سخّرهم لروايته إقامة لحجّته و إعلاء لكلمته، و ما هذا الأمر إلّا كالخارق للعادة و الخارج عن الأمور المعتادة، و لا يقدر عليه إلّا اللّه تعالى الّذي يذلّل الصّعب و يقلّب القلب و يسهّل العسير و هو على كلّ شيء قدير «انتهى كلامه» 523 .
فصل فيما يرد على هذه الأحاديث و الجواب عنها و هي إثنا عشر إيرادا
الأوّل:
أنّ هذه الأخبار ليست متواترة، فلا نتيجة فيها؛ لعدم إفادتها العلم.
الجواب: أنّ هذه الأخبار متواترة مفيدة للعلم؛ لأنّ الخبر المتواتر المفيد بنفسه العلم هو ما أجمع على نقله جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب، و لا ينحصر في عدد كما عليه المحقّقون من أهل العلم.
فإن قلت: لو كان متواترا لأفادنا العلم كما أفادكم، و لكن ليس فليس.
قلنا: عدم إفادتكم العلم منها لا يدلّ على عدم إفادتها العلم، لجواز استناد عدم إفادتكم العلم منها من سبب غيرها و هو سبق نقيض العلم الحاصل منها إلى ذهنكم، و اعتقاد حقّيّة نقيضه من سبب شبهة أو تمويه سفسطيّ أو خيال شعريّ كما اتّفق للحكماء في اعتقاد قدم العالم، و أنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا واحد، و أنّه تعالى فاعل بالإيجاب إلى غير ذلك من مقالاتهم الرّدّيّة الّتي قال المتكلّمون بخلافها، للبراهين الدّالّة على خلاف ما ذهب إليه الحكماء، فعدم استفادة الحكماء العلم من البراهين الّتي استفاد منها المتكلّمون العلم لا يخرجها عن كونها مفيدة للعلم، و هذا بحمد اللّه تعالى واضح؛ و من ثمّ ذهب بعض محقّقي الاصوليّين إلى أنّ الخبر المتواتر مفيد للعلم و شرطه عدم سبق الشّبهة.
و أقول: بل المعلوم الضّروريّة قد تخلف عن حصولها في الذّهن لفقد شرط من عدم توجّه النّفس نحو المحسوس و توجّه العقل و عدم التّجربة و الحدس، و بعد التّوجّه يحصل العلم، و عند عدم التّوجّه لا يخرج العلم عن أن يكون ضروريّا.
و أيضا قد يكون الدّليل العلميّ يفيد الخصم العلم و ينكره لترويج أمره أو غير ذلك من الأغراض، و قد حكى اللّه جلّ جلاله عمّن حكيى من جحود العلم بعد حصوله قال عزّ و جلّ فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا حيث نسب إليهم سبحانه الاستيقان و الجحود و هو لا يكون إلّا بعد العلم، و قال سبحانه و تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ و قال جلّ و علا: وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ و قال اللّه تبارك و تعالى: وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ و قال عزّ من قائل: وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ فإذا كان من النّاس من ينكر العلم الضّروريّ لسبب ما يصارمه من شبهة لا سند لها، و شهوة نفس و غلبة هوى و تقليد أب و أمّ و غير ذلك ممّا لا يغني عن الحقّ شيئا، و ذلك لا يخرج الدّليل البرهانيّ عن كونه مفيدا للعلم، بل الحقّ الصّحيح أنّ هذه الرّوايات المتّفق على نقلها المؤالف و المخالف مفيدة للعلم، مع إجماع الإماميّة على صحّة مضمونها فهي سند لإجماعهم مع دخول المعصوم في جملتهم كما حقّق في الأصول.
الإيراد الثّاني:
أنّ بعض رجال هذه الرّوايات غير معلوم توثيقه.
الجواب: أنّ الخبر المتواتر لا يشترط فيه عدالة النّاقلين، بل و لا إسلامهم كما قرّر في الأصول بل هو إخبار جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب، و يمنع العقل اجتماعهم على الكذب و على هذا فالعلم حاصل من هذه الأخبار لمن أنصف و لم يصدّ عن الحقّ فيتعسّف.
الإيراد الثالث:
أنّ بعض نقلة هذه الرّوايات منهم القائل بإمامة أبي بكر و عمر و عثمان و منهم الزّيديّة و الرّافضيّة فلم لم يعملوا بها بل خالفوها؟