کتابخانه روایات شیعه
لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فالحكم هناك للّه سبحانه و تعالى و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله بطريق القطع كنصّه صلّى اللّه عليه و آله على أمير المؤمنين عليه السّلام بالخلافة و الإمامة، فإنّه كان يشهد عشرة آلاف رجل، كما قال الصّادق جعفر بن محمّد عليه السّلام، و قصّة غدير خمّ بحضور جمع الحاجّ و من حضر من الجمع الكثير، فكيف اجتهاد و مجتهد في مثل هذا و ما شاركه في المعلوميّة.
إلّا أنّا لو غمضنا عن هذا مع وضوحه و بيانه و قلنا هناك أهل الحلّ و العقد بما ذكرت و يجوز تعدّدهم فحضورهم وقت بيعة أبي بكر مستحيل لتفريقهم في أقطار الأرض أيضا فأين اجتماعهم و رضاهم في ذلك الوقت القليل اليسير العسير؟! فمن ادّعى إجماعهم عند ذلك ادّعى باطلا؛ لاستحالته.
و إن ادّعى إجماع أهل المدينة قلنا: أهل المدينة بعض يسير من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله،
فلا يكون إجماعهم حجّة على من في زمانهم و لا من بعدهم إلى آخر التّكليف.
على أنّ ادّعاء إجماعهم باطل؛ لأنّ بني هاشم تأخّروا عن بيعة أبي بكر، و لا سيّما أمير المؤمنين عليه السّلام و أهل بيت النّبي صلّى اللّه عليه و آله و شيعتهم كسلمان و أبي ذرّ و تأخّروا عن بيعته و لا سيّما امير المؤمنين الّذي هو أميرهم لو كانوا مؤمنين، فهؤلاء عين أعيان أهل المدينة، فكيف يكون إجماع مع تأخّر هؤلاء عن بيعته.
و إن ادّعي إجماع أهل السّقيفة فهو ليس بحجّة كما ذكرناه على الاختلاف بينهم و شهروا السّيوف و أدنوا بالحتوف، فسلم بعضهم و سالم بعضهم، و لقد قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: لو لا أنّ عمر بايع أبا بكر ما بايع أبا بكر أحد، و ابن أبي الحديد من أعيان علماء الجمهور من المعتزلة على مذهب أبي حنيفة و كفى به شاهدا؛ لأنّه مطّلع على أصول مذهبهم و فروعه، و كيف يكون إجماعهم و الأمر كذلك؟
الإيراد الخامس:
القول بالموجب؛ فإنّا نحبّ أهل البيت عليهم السّلام و إن كنّا على ما نحن عليه.
الجواب: أنّ المحبّة المراد بها و الإيراد بالمحبّة هنا هي عبارة عن الاتّباع و الولاية لهم و القول بإمامتهم في صريح الرّوايات، و يخصّهم بالولاية دون غيرهم، و الإيراد بالمحبّة هو ميل الطّبع كمثل البهائم على أولادها و النّاس للصّور الحسنة و المال، فإنّ هذا ليس معتبرا في شرع الإسلام و لا ركنا من أركان الإيمان ألا تسمع قوله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ و قال الصّادق جعفر بن محمّد عليه السّلام:
تعصي الإله و أنت تظهر حبّه
هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
فكيف تنفع محبّة اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و لأهل بيت رسوله صلّى اللّه عليه و آله ممّن يقدّم بين يدي اللّه و رسوله و يقدّم على أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إن هذا إلّا إفك مبين، و لا ريب أنّ المقدّم على عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام لم يوال أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يعتقد إمامتهم و هو ليس بمطيع و لا يتّبع لما قال اللّه تعالى و رسوله، فكيف يحبّ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه تعالى و رسوله، فارجع إلى ما رويناه وروته العامّة يعطك ذلك، نعوذ باللّه من الضّلالة بعد الهدى، فعل الجمهور بعد ما أوضح اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله لهم سبيل الرّشاد على منوال قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ .
الإيراد السّادس:
أنّ من الرّجال المشهورين فخر الدّين الرّازي و الزّمخشريّ
و سعد التّفتازانيّ و غيرهم من مشايخ الجمهور عاملين بخلافها.
الجواب: أنّ اتّباع هؤلاء من غير دليل للمتّبع تقليد محض منهيّ عنه في الآية، قال اللّه سبحانه و تعالى: وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا و قال جلّ و علا: وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ* قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ بل يجب على كلّ مكلّف أن يتّبع الدّليل و البرهان في العقائد الدّينيّة؛ لأنّ الإمامة أخت النّبوّة، و هما ركنان من الإيمان، فلا بدّ فيهما من الدّليل، فإذا ادّعى مدّع ذلك يطلب عليه الدّليل، كذلك من يدّعي أنّه على سبيل الرّشاد من سبيل النّبوّة و الإمامة يطلب عليه الدّليل، و من اتّبعه بغير دليل شرعيّ
مستند إلى اللّه سبحانه و تعالى و رسوله صلّى اللّه عليه و آله فهو تقليد محض منهيّ عنه في الشّريعة المحمّديّة.
على أنّا نعارضكم بما هم أرجح ممّا ذكرتم، و هم أهل البيت عليهم السّلام فإنّهم لم يقولوا بإمامة المتقدّمين على أمير المؤمنين عليه السّلام، و من فضلاء الإماميّة و مشايخهم و علمائهم كالشّيخ الفضل بن شاذان و ابني بابويه، و محمّد بن يعقوب و محمّد بن الحسن الطّوسي و الشّيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان، و السّيّد الأجلّ السّيّد المرتضى، و أخيه السّيّد الرّضيّ و السّيّد الأوحد أبي القاسم بن طاووس و العلّامة الحلّيّ الّذي أحصى له بعضهم نحو ألف مصنّف، و جمع سلطانه الفرق و ناظرهم و ظهر عليهم، و تشيّع السّلطان و أهل مملكته، و غير هؤلاء من الفضلاء و الحكماء
كالخواجة نصير الدّين و قطب الدّين الرّاونديّ و فخر المحقّقين ممّن لا يحصى عددهم و لا يستقصى بددهم من علماء شيعة أهل البيت عليهم السّلام.
الإيراد السابع:
أنتم ناقلوها.
الجواب: إنّا و إيّاكم ناقلوا الرّوايات بطرق عديدة و أسانيد سديدة كما هو مذكور في صحاحكم الّذي لا يردّ ما فيه و تحكمون بصحّة ما تضمّنته كصحيح مسلم و البخاري و الصّحاح السّتّة و غير ذلك ممّا قدّمنا النّقل عنه، فهو حجّة لنا و حجّة عليكم و رواياتنا في ذلك أكثر و ضياء شمسها أنور، و نور ثراها أزهر، فنحن بما اتّفقت عليه الأمّة من الرّوايات عاملون، و على سنّة محمّد و آل محمّد مقيمون، و على ولايتهم و محبّتهم لائذون، و من أعدائهم متبرّئون و الحمد للّه ربّ العالمين.
الإيراد الثامن: