کتابخانه روایات شیعه
إنّه راعى ما يسخط اللّه فالوصيّ أعذر، و بموسى إذ قال: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فإن قلتم إنّه فرّ من غير خوف فقد كفرتم، و إن قلتم إنّه فرّ منهم لسوء أرادوه فالوصيّ أعذر، و بهارون إذ قال لأخيه: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فإن قلتم لم يستضعفوه و لم يشرفوا على قتله فقد كفرتم، و إن قلتم استضعفوه و أشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم فالوصيّ أعذر، و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله إذ هرب إلى الغار و خلّفني على فراشه و وهبت مهجتي للّه، فإن قلتم إنّه هرب من غير خوف أخافوه فقد كفرتم و إن قلتم إنّهم أخافوه فلم يسعه إلّا الهرب إلى الغار فالوصيّ أعذر، فقال النّاس: صدقت يا أمير المؤمنين 528 .
و روى زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما منع أمير المؤمنين عليه السّلام أن يدعو النّاس
إلى نفسه و يجرّد في عدوّه سيفه؟ فقال: الخوف أن يرتدّوا و لا يشهدوا أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 529 .
محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه في كتاب العلل قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه اللّه قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر عن عمّه عبد اللّه بن عامر عن محمد بن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقاتل فلانا و فلانا؟ قال: الآية في كتاب اللّه عزّ و جلّ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً 530 قال: قلت و ما يعني بتزايلهم؟ قال:
ودايع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين، و كذلك القائم عليه السّلام لن يظهر أبدا حتّى يخرج ودايع اللّه عزّ و جلّ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء اللّه فقتلهم 531 .
عنه قال: حدّثنا المظفّر العلويّ رحمه اللّه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود عن أبيه عن عليّ بن محمّد عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخيّ قال:
قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أو قال له رجل: أصلحك اللّه ألم يكن عليّ عليه السّلام قويّا في دين اللّه؟ قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم و كيف لم يدفعهم و ما منعه من ذلك؟
قال: آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ منعته، قلت: و أيّة آية؟ قال: قوله: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنّه كان للّه عزّ و جلّ ودايع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن عليّ عليه السّلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودايع؛ فلمّا خرج الودايع ظهر على من ظهر فقتله، و كذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودايع اللّه عزّ و جلّ فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله.
و عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر المظفّريّ العلويّ رحمه اللّه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود عن أبيه قال: حدّثنا جبرئيل أحمد قال: حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرّحمان عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في قول
اللّه عزّ و جلّ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً لو أخرج اللّه ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، و ما في الكافرين من المؤمنين لعذّب الّذين كفروا 532 .
علي بن ابراهيم قال: حدّثنا أحمد بن عليّ قال: حدّثنا الحسين بن عبد اللّه السّعديّ قال: حدّثنا الحسن بن موسى الخشّاب عن عبد اللّه بن الحسن عن بعض أصحابه عن فلان الكرخيّ قال: قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام ألم يكن عليّ قويّا في بدنه قويّا بأمر اللّه؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بلى، قال: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟ قال: سألت:
فافهم الجواب، منع عليّا من ذلك آية من كتاب اللّه، فقال: و أيّ آية؟ فقرأ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنّه كان للّه ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن عليّ عليه السّلام ليقتل الآباء حتّى تخرج ودايع اللّه، فإذا خرجت ظهر على من ظهر فقتله، و كذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا
حتّى تخرج ودائع اللّه، فإذا خرجت ظهر على من ظهر فقتله 533 .
الإيراد الحادي عشر:
معارضتها برواياتنا.
الجواب: أيّ رواية تدّعونها في نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الثّلاثة قبل وصيّه أمير المؤمنين عليه السّلام؟ و لا رواية في ذلك بإجماع الفريقين الخاصّة و العامّة، أمّا الخاصّة فمعلوم ذلك منهم، و أمّا العامّة فكذلك لا يدّعون نصب الثّلاثة، برواية من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا نصّ على واحد منهم بالخلافة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنّ الّذي ذكروه من ذلك أنّ النّاس اختاروا أبا بكر و نصبوه لهم خليفة، فهو خليفة النّاس و لا استخلفه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أبو بكر استخلف عمر، و عمر جعل الخلافة في ستّة، أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام سادسهم، و هذا معلوم بين الفريقين، فأين رواية النّصّ على الثّلاثة في الخلافة حتّى تعارضوا بها رواياتنا الكثيرة المتّفق على صحّتها الفريقان
أنّ الأئمّة و الخلفاء بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إثنا عشر، بنصّ من اللّه تعالى على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، و ذلك واضح لا مرية فيه و لا شبهة تعتريه.
الايراد الثاني عشر:
قولكم رواية، و ما نحن على دراية، فلا تعارض الرّاوية الدّراية.
الجواب: أنّ هذا الكلام في غاية السّقوط بل هو سفسطة تضحك منه الثّكلى؛ لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نصب عليّا أمير المؤمنين عليه السّلام بغدير خمّ بمشهد ألوف من النّاس، و هذا المشهد العظيم دراية، و قال صلّى اللّه عليه و آله فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب، فصار بعد ذلك في الاشتهار بين المؤالف و المخالف على هذا التواتر، حتّى قال بعض العلماء في خبر غدير خمّ: إنّ العلماء مطبقون على قبول هذا الخبر قال: و قد بلغ في الانتشار و الاشتهار إلى حدّ لا يوازى به من الأخبار وضوحا و بيانا و ظهورا و عرفا، حتّى لحق بالمعرفة و البيان بالعلم بالحوادث الكبار و البلدان؛ فلا يدفعه إلّا جاحد
و لا يردّه إلّا معاند و أيّ خبر من الأخبار جمع في روايته و معرفته أكثر من ألف مجلّد من تصانيف الخاصّة و العامّة من المتقدّمين و المتأخّرين. إنتهى كلامه.