کتابخانه روایات شیعه
قال: ان اللّه ضرب مثل من حاد عن ولاية علي، كمثل 401 من يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره. و جعل من تبعه سويا على صراط مستقيم. و الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أمير المؤمنين- عليه السلام-.
و في شرح الآيات الباهرة 402 : قال الامام- عليه السلام-: قال جعفر بن محمد الصادق- عليهما السلام - فقوله عز و جل: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» :
يقول: أرشدنا الصراط المستقيم، للزوم الطريق المؤدي الى محبتك و المبلغ [الى] 403 جنتك، و المانع من أن نتبع أهواءنا، فنعطب، او نأخذ بآرائنا، فنهلك.
و قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- عن جبرئيل، عن اللّه- عز و جل- «انه قال» 404 : يا عبادي! كلكم ضال، الا من هديته. فسلوني الهدى أهدكم.
و منه: يا عبادي! اعملوا أفضل الطاعات و أعظمها لأسامحكم 405 ، و ان قصرتم فيما سواها. و اتركوا أعظم المعاصي و أقبحها لئلا 406 أناقشكم في ركوب ما عداها.
ان أعظم الطاعات، توحيدي و تصديق نبيي و التسليم لمن نصبه بعده، و هو علي ابن أبي طالب و الائمة الطاهرون- عليهم السلام- من نسله. و ان أعظم المعاصي
عندي، الكفر بي و بنبيي و منابذة وصي محمد من بعده، علي بن أبي طالب و أوليائه بعده. فان أردتم أن تكونوا عندي، في المنظر الأعلى، و الشرف الأشرف، فلا يكونن أحد من عبادي آثر عنده من محمد، و بعده من أخيه علي، و بعدهما من أبنائهما، القائمين بأمور عبادي، بعدهما. فان من كانت تلك عقيدته، جعلته من أشراف ملوك جناتي.
و اعلموا ان أبغض الخلق الي، من تمثل بي و ادعى ربوبيتي. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بمحمد و نازعه نبوته، و ادعاها. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بوصي محمد- صلى اللّه عليه و آله- و نازعه محله و شرفه، و ادعاهما. و أبغض الخلق الي من بعد هؤلاء، المدعين لما به 407 لسخطي، يتعرضون من كان لهم على ذلك من المعاونين. و أبغض الخلق الي بعد هؤلاء، من كان بفعلهم من الراضين و ان لم يكن لهم من المعاونين.
و كذلك أحب الخلق الي، القوامون بحقي. و أفضلهم لدي و أكرمهم عليّ، محمد، سيد الورى، و أكرمهم و أفضلهم بعده، علي، أخو المصطفى، المرتضى ثم بعدهما، القوامون بالقسط، من 408 أئمة الحق. و أفضل الناس بعدهم، من أعانهم على (حقهم. و أحب الخلق الي) 409 بعدهم، من أحبهم و أبغض أعداءهم و ان لم يمكنه معونتهم.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ : بدل من الاول، بدل الكل، لفائدتين:
إحداهما: التأكيد بذكر «الصراط»، مرتين، لفظا. و تكرير العامل، تقديرا.
و يلزمهما تكرير النسبة.
و ثانيتهما: الإيضاح بتفسير المبهم. و فيه- أيضا- نوع تأكيد. فان ذكر الشيء مبهما و تفسيره، يفيد تقريره و تأكيده.
و قرئ «من أنعمت عليهم». و «عليهم» في محل النصب، على المفعولية.
و «الانعام»، إيصال النعمة. و هي في الأصل، الحالة التي يستلذها الإنسان.
فأطلقت على ما يستلذه، من النعمة، و هي التنعم. و نعم اللّه و ان كانت لا تحصى كما قال: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها 410 ، تنحصر في جنسين: دنيوي و أخروي.
و الأول قسمان: موهبي و كسبي.
و الموهبي قسمان: روحاني، كالروح و ما يتبعه من القوى، كالفهم و الفكر و النطق. و جسماني، كالبدن و القوى الحالة فيه و الهيئات العارضة له من الصحة و كمال الأعضاء.
و الكسبي: تزكية النفس عن الرذائل، و تحليتها بالأخلاق و الملكات الفاضلة، و تزيين البدن بالهيئات المطبوعة، و الحلي المستحسنة، و حصول الجاه و المال.
و الثاني: أن يغفر ما فرط منه، و يرضى عنه، و يبوّؤه في أعلى عليين، مع الملائكة المقربين، أبد الآبدين.
و المراد، هو القسم الأخير و ما يكون وصلة الى نيله من القسم الآخر. و ما عدا ذلك، يشترك فيه المؤمن و الكافر. فالمراد بالمنعم عليهم، هم المؤمنون- مطلقا.
و أطلق الانعام و لم يقيد بنعمة خاصة، ليشمل كل انعام. و وجه صحة الشمول هو ادعاء أن من أنعم اللّه عليه، بنعمة الإسلام، لم يبق نعمة الا اصابته. و قيل: الأنبياء- عليهم السلام- و قيل: أصحاب موسى) 411 و عيسى- عليهما السلام- قبل التحريف
و النسخ.
و في كتاب معاني الأخبار 412 : بإسناده الى جعفر بن محمد- عليهما السلام- قال : قول اللّه- عز و جل- في «الحمد»: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، يعني: محمدا و ذريته- صلوات اللّه عليهم.
حدثنا 413 محمد بن القاسم الأسترآبادي [، المفسر] 414 : حدثني يوسف بن «المتوكل، عن» 415 محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب- عليهم السلام - في قول اللّه تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، أي: قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك.
و هم الذين قال اللّه- عز و جل 416 : وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ، فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .
و حكى هذا بعينه عن أمير المؤمنين- عليه السلام- قال: ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال و صحة البدن. و ان كان كل هذا، نعمة من اللّه، ظاهرة. ألا ترون أن هؤلاء، قد يكونون كفارا أو فساقا. فما ندبتم الى أن تدعوا، بان ترشدوا الى صراطهم. و انما أمرتم بالدعاء الى أن 417 ترشدوا، الى صراط الذين أنعم عليهم، بالايمان باللّه و تصديق رسوله و بالولاية لمحمد و آله الطيبين و أصحابه
الخيرين المنتجبين 418 و بالتقية الحسنة التي يسلم بها، من شر أعداء 419 اللّه، و من الزيادة، في آثام أعداء اللّه و كفرهم، بأن تداريهم 420 و لا تغريهم 421 ، بأذاك و أذى المؤمنين، و بالمعرفة، بحقوق الاخوان من المؤمنين.
(حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا 422 محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله - في قوله اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، قال: شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام- لم يغضب عليهم و لم يضلوا) 423 .
و في كتاب كمال الدين و تمام النعمة 424 : بإسناده الى خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر- عليه السلام- حديث طويل، و فيه يقول- عليه السلام -: و نحن الطريق الواضح، و الصراط المستقيم إلى اللّه- عز و جل. و نحن من نعمة اللّه على خلقه.
(و في شرح الآيات الباهرة: ذكر أبو علي الطبرسي- رحمه اللّه- في
تفسيره 425 : انهم النبي و الأئمة- صلوات اللّه عليهم- بدليل قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ 426 . (الاية) و يؤيد ذلك ما جاء في تفسيره 427 - عليه السلام
- قال الامام- صلوات اللّه عليه : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، أي: قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك. و هم الذين قال اللّه: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً و ليس هؤلاء المنعم عليهم، بالمال و الولد و صحة البدن. و ان كان كل ذلك 428 ، نعمة من اللّه، ظاهرة.
ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا او فساقا؟ فما ندبتم الى 429 أن تدعوا بأن ترشدوا الى صراطهم. و انما أمرتم بالدعاء، أن ترشدوا الى صراط الذين أنعم عليهم، بالايمان باللّه و تصديق رسوله و الولاية 430 لمحمد و آله الطيبين و أصحابه الخيرين المنتجبين، و بالتقية الحسنة التي تسلم بها من شر أعداء 431 اللّه و من الزيادة 432 في آثام 433 أعداء اللّه، و كفرهم 434 بأن تداريهم، و لا تغريهم 435 بأذاك و لا أذى المؤمنين،
و بالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين. فانه ما من عبد و لا أمة و الى محمدا و آل محمد و أصحاب محمد، و عادى أعداءهم 436 ، الا «كانا قد اتخذا» 437 من عذاب اللّه حصنا منيعا و جنة حصينة) 438 .
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ : بدل من الذين أنعمت عليهم 439 ، أو صفة له. مبنية، بناء على اجراء الموصول، مجرى النكرة، كقوله: و لقد أمر على اللئيم يسبّني.
أو على جعل «غير المغضوب عليهم» معرفة، بناء على اشتهار المنعم عليهم، بمغايرة الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، كما في قولك: عليك بالحركة 440 ، غير السكون.
أو يقيده 441 على معنى، أن المنعم عليهم، هم الذين جمعوا بين النعمة المطلقة، و هي نعمة الايمان، و بين السلامة من الغضب و الضلال.
و قرئ بالنصب، على الحال. و ذوي الحال، الضمير في عليهم. و العامل، أنعمت. أو بإضمار أعني. أو بالاستثناء، ان فسر النعم، بما يعم القبيلين.
و «الغضب»: ثوران النفس، ارادة الانتقام. فإذا أسند الى اللّه، أريد الانتهاء و الغاية.