کتابخانه روایات شیعه
ليدل على ثبوت انعام اللّه، عليهم. و بالغضب، مبنيا للمفعول، لأن 442 طلبت منه الهداية.
و نسب اليه «الانعام»، لا يناسبه نسبة الغضب اليه. لأن المقام، مقام تلطف و ترضي 443 ، لطلب الإحسان. فلا يحسن مواجهته، بصفة الانتقام.
و في كتاب الأهليلجة 444 : قال الصادق- عليه السلام -: و أما الغضب، فهو منّا، إذا غضبنا، تغيرت طبائعنا، و ترتعد- أحيانا- مفاصلنا، و حالت 445 ألواننا. ثم تجيء 446 من بعد ذلك بالعقوبات. فسمي «غضبا».
فهذا كلام الناس المعروف.
و الغضب شيئان: أحدهما في القلب، و أما المعنى الذي هو في القلب، فهو منفي عن اللّه- جل جلاله، و كذلك رضاه و سخطه و رحمته، على هذه الصفة.
(و في كتاب الاحتجاج 447 ، للطبرسي- رحمه اللّه-: و روينا بالأسانيد المقدم ذكرها، عن أبي الحسن العسكري- عليه السلام- أن أبا الحسن الرضا قال : ان من تجاوز بأمير المؤمنين، العبودية، فهو من المغضوب عليهم و من الضالين 448 .
وَ لَا الضَّالِّينَ : و قرئ «و غير الضالين». و «لا» هذه، هي المسماة بالمزيدة، عند البصريين. و هي انما 449 ، تقع بعد الواو، في سياق النفي، للتأكيد
و التصريح، بتعلق النفي، بكل من المعطوفين، لئلا يتوهم أن المنفي، هو المجموع، من حيث هو، فيجوز- حينئذ- ثبوت أحدهما. و النفي الذي، وقعت «لا» بعد الواو، في سياقه، هو ما يتضمنه «غير». تقول: أنا زيدا غير ضارب. مع امتناع قولك: أنا زيدا مثل ضارب. لأنه بمنزلة قولك: أنا زيدا لا ضارب.
و قال الكوفيون: هي بمعنى «غير». و هذا قريب من كونها زائدة. فانه لو صرح «بغير» كان للتأكيد، أيضا.
(و قرئ «و لا الضالون» بالرفع «و لا الضالين»، بالهمزة، على لغة من جد في الهرب، عن التقاء الساكنين) 450 .
و «الضلال»: العدول عن الطريق السويّ- عمدا أو خطأ. و له عرض عريض و التفاوت ما بين أدناه و أقصاه، كثير.
قيل 451 : الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ . اليهود، لقوله تعالى: لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ 452 .
و «الضالين»، النصارى، لقوله تعالى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً 453 .
[و قد روى مرفوعا] 454 .
و قيل 455 : يتجه أن يقال: المغضوب عليهم، العصاة، «و الضالون»، الجاهلون باللّه. لأن المنعم عليه، من وفق للجمع بين معرفة الحق، لذاته و الخير للعمل به.
فكان 456 المقابل له، من اختل احدى قوّتيه العاقلة و العاملة. و المخل بالعمل، فاسق، فمغضوب 457 عليه، لقوله تعالى، في القاتل عمدا: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ 458 .
و المخل بالعلم، جاهل ضال، لقوله تعالى: فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ 459 .
و أقول: يحتمل أن يكون المراد، بالمغضوب عليهم، الكفار، الذين غضب عليهم. فلم يهتدوا الى طريق من طرق الحق، أصلا. و «بالضالين»، الذين منّ اللّه عليهم، بالإسلام، و أدخلهم في زمرة أهل الايمان. فضلوا الطريق.
و لم يتفطنوا لما هو المرام.
و في تفسير علي بن ابراهيم 460 : حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام -، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم، النصاب.
«و الضالين»، اليهود و النصارى.
و عنه 461 : عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام - في قوله: غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم النصاب. «و الضالين»، الشكاك الذين لا يعرفون الامام.
و في كتاب معاني الأخبار 462 : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال:
حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثنا عبيد بن كثير، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله - في قول اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، قال:
شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام لم يغضب عليهم و لم يضلوا.
و في من لا يحضره الفقيه 463 : و فيما ذكره الفضل من العلل، عن الرضا- عليه السلام- أنه قال : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، توكيد في السؤال و الرغبة، و ذكر لما قد تقدم من نعمه، على أوليائه، و رغبة في مثل تلك النعم.
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به و بأمره و نهيه.
«و لا الضالين»، اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله، من غير معرفة.
و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
و في مجمع البيان 464 : و قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله : ان اللّه تعالى، منّ عليّ، بفاتحة الكتاب- الى قوله- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، اليهود. وَ لَا الضَّالِّينَ ، النصارى.
و في كتاب الاحتجاج 465 ، للطبرسي- رحمه اللّه: و روينا بالأسانيد المقدم ذكرها، عن أبي الحسن العسكري- عليه السلام: ان أبا الحسن الرضا- عليه السلام- قال : ان من تجاوز بأمير المؤمنين، العبودية، فهو من «المغضوب عليهم» و من
«الضالين».
و في الاستبصار 466 : روى الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية ابن وهب، قال : قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام- أقول: آمين- إذا قال الامام:
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ .
قال: هم اليهود و النصارى.
و في تهذيب الأحكام 467 : محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسين 468 بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه- عليه السلام -: ان رجلين من أصحاب رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- اختلفا في صلاة رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله. فكتبا الى أبي بن كعب: كم كانت لرسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- من سكتة؟
فقال 469 : كانت له سكتتان: إذا فرغ من أم القرآن، و إذا فرغ من السورة.
و في شرح الآيات الباهرة: قال الامام 470 - عليه السلام-: قال أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه -: أمر اللّه- عز و جل- عباده أن يسألوه 471 ، طريق المنعم عليهم، و هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون. و أن يستعيذوا به، من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود [الذين] 472 قال اللّه تعالى فيهم 473 :
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ، مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ. وَ غَضِبَ عَلَيْهِ. وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ 474 و أن يستعيذوا به، من طريق «الضالين»، و هم الذين قال اللّه تعالى فيهم: قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ. وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ. وَ أَضَلُّوا كَثِيراً. وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ ، و هم النصارى.
و في عيون الأخبار 475 : حدثنا محمد بن القاسم، المفسر الاسترآبادي- رضي اللّه عنه- قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي (بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) 476 ، عن أبيه، علي بن محمد، عن أبيه، محمد بن علي، عن أبيه، علي بن موسى الرضا، عن أبيه، موسى بن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين- عليهم السلام- قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله : قال اللّه عز و جل: قسمت فاتحة الكتاب بيني و بين عبدي. فنصفها لي و نصفها لعبدي. و لعبدي ما سأل.
إذا قال العبد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قال اللّه- جل جلاله: بدأ عبدي باسمي و حق عليّ أن أتمم له أموره، و أبارك له في أحواله.
فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، قال اللّه- جل جلاله: حمدني عبدي و علم أن النعم التي له من عندي. و أن البلايا التي دفعت عنه، فبنطوّلي 477 . أشهدكم، اني أضيف له الى نعم الدنيا، نعم الاخرة. و أدفع عنه بلايا الاخرة، كما دفعت عنه بلايا الدنيا.
و إذا 478 قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قال اللّه- جل جلاله: شهد لي عبدي أني الرحمن الرحيم. أشهدكم لا و فرّن من رحمتي، حظه. و لأجزلن من عطائي، نصيبه.
فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، قال اللّه تعالى: أشهدكم، كما اعترف أني أنا الملك يوم الدين، لأسهلن يوم الحساب، حسابه، و لأتجاوزن عن سيئاته.
فإذا قال العبد 479 : إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، قال اللّه- عز و جل-: صدق عبدي اياي يعبد.
أشهدكم لأثيبنه على عبادته، ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي.
فإذا قال: وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، قال اللّه تعالى: بي استعان عبدي. و «الي التجأ» 480 .
أشهدكم لأعينّنه على أمره، و لأغيثنه في شدائده، و لآخذن بيده يوم نوائبه.
فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ - الى آخر السورة- قال اللّه- جل جلاله: هذا لعبدي. و لعبدي ما سأل. فقد استجبت لعبدي. و أعطيته ما أمل و أمنته ما منه و جل) 481 .
(و قرئ «و لا الضالون»، بالرفع. «و لا الضالين»، بالهمزة، على لغة من جد في الهرب عن التقاء الساكنين.