کتابخانه روایات شیعه
الجزء السابع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة إبراهيم
مكّيّة، إلّا آيتين نزلتا في قتلى بدر من المشركين: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً - إلى قوله- فَبِئْسَ الْقَرارُ . قاله ابن عبّاس و قتادة و الحسن 19556 .
و هي إحدى و خمسون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 19557 ، بإسناده إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة إبراهيم و الحجر في ركعتين جميعا، في كلّ جمعة، لم يصبه فقر أبدا و لا جنون و لا بلوى.
و في مجمع البيان 19558 : أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله -: من قرأ سورة إبراهيم، أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من يعبد 19559 الأصنام و بعدد من لم يعبدها.
الر كِتابٌ ، أي: هو كتاب.
أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ : بدعائك إيّاهم إلى ما تضمّنه 19560 .
مِنَ الظُّلُماتِ : من أنواع الضّلال.
إِلَى النُّورِ : إلى الهدى و الإيمان.
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ : بتوفيقه و تسهيله. مستعار من الإذن، الّذي هو تسهيل الحجّاب 19561 .
و هو صلة «لتخرج». أو حال من فاعله، أو مفعوله 19562 .
إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1): بدل من قوله: «إلى النّور» بتكرير العامل. أو استئناف 19563 ، على أنّه جواب لمن يسأل عنه.
و إضافة الصّراط إلى اللّه، إمّا لأنّه مقصده، أو المظهر له.
و تخصيص الوصفين 19564 ، للتّنبيه على أنّه لا يذلّ سالكه و لا يخيب سائله.
اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ على قراءة نافع و ابن عامر مبتدأ و خبر، أو «اللّه» خبر مبتدأ محذوف 19565 و «الّذي» صفته.
و على قراءة الباقين عطف بيان «للعزيز»، لأنّه كالعلم لاختصاصه بالمعبود بالحقّ 19566 .
وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (2): وعيد لمن كفر بالكتاب، و لم يخرج به من الظّلمات إلى النّور.
و «الويل» الهلاك، نقيض «الوأل» و هو النّجاة. و أصله النّصب، لأنّه مصدر إلّا أنّه لم يشتقّ منه لكنّه رفع لإفادة الثّبات.
الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ : يختارونها عليها، فإنّ المختار للشّيء يطلب من نفسه أن يكون أحبّ إليها من غيره 19567 .
وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ : بتعويق النّاس عن الإيمان.
و قرئ 19568 : «و يصدّون»، من أصدّه، و هو منقول صدّ صدودا، إذا تنكّب 19569 .
و ليس فصيحا 19570 ، لأنّ في صدّه مندوحة عن تكلّف التّعدية [بالهمزة] 19571 .
وَ يَبْغُونَها عِوَجاً : و يبغون لها زيغا و نكوبا عن الحقّ، ليقدحوا فيه. فحذف الجارّ، و أوصل الفعل إلى الضّمير.
و الموصول بصلته يحتمل الجرّ صفة «للكافرين»، و النّصب على الذّم، و الرّفع عليه 19572 . أو على أنّه مبتدأ خبره أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3)، أي: ضلّوا عن الحقّ و وقعوا عنه بمراحل.
و «البعد» في الحقيقة للضّالّ، فوصف به فعله للمبالغة. أو للأمر الّذي به الضّلال، فوصف به لملابسته.
وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ : الّذي هو منهم و بعث فيهم.
لِيُبَيِّنَ لَهُمْ : ما أمروا به، فيفقهوه عنه بيسر و سرعة.
و قرئ 19573 : «بلسن» و هو لغة فيه، كريش و رياش. و «لسن» بضمّتين، و ضمة و سكون، على الجمع، كعمد و عمد.
و في كتاب الخصّال 19574 : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- في حديث: و منّ عليّ ربّي، و قال: يا محمّد، قد أرسلت كلّ رسول إلى أمّته 19575 بلسانها، و أرسلتك إلى كلّ أحمر
و أسود من خلقي.
و قيل 19576 : الضّمير في «قومه» لمحمّد- صلّى اللّه عليه و آله- و [أنّ اللّه تعالى] 19577 أنزل 19578 الكتب كلّها بالعربيّة ثمّ [تر] 19579 جمعها جبرئيل- عليه السّلام-. أو كل نبيّ بلغة المنزل عليهم.
و يؤيّده ما رواه في كتاب علل الشّرائع 19580 ، بإسناده إلى مسلم بن خالد المكّيّ:
عن جعفر بن محمّد، عن أبيه- عليهما السّلام- قال: ما أنزل اللّه- تبارك و تعالى- كتابا و لا وحيا إلّا بالعربيّة، [فكان يقع في مسامع الأنبياء- عليهم السّلام- بألسنة قومهم، و كان يقع في مسامع نبيّنا- صلّى اللّه عليه و آله- بالعربيّة، فإذا كلّم به قومه 19581 كلّمهم] 19582 بالعربيّة فيقع في مسامعهم بلسانهم. و كان احد 19583 لا يخاطب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بأيّ لسان خاطبه إلّا وقع في مسامعه بالعربيّة، و كلّ ذلك يترجم جبرئيل- عليه السّلام- عنه تشريفا من اللّه- عزّ و جلّ- له- صلّى اللّه عليه و آله-.
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ : فيخذله عن الإيمان.
وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ : بالتّوفيق له.
وَ هُوَ الْعَزِيزُ : فلا يغلب على مشيئته.
الْحَكِيمُ (4): الّذي لا يفعل ما يفعل إلّا بحكمة.
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ، يعني: اليد و العصا و سائر معجزاته.
أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ، بمعنى: أي: أخرج، لأنّ في الإرسال معنى القول. أو بأن أخرج، فإنّ صيغ الأفعال سواء في الدّلالة على المصدر، فيصحّ أن يوصل بها «أن» النّاصبة.