کتابخانه روایات شیعه
تصديق لهم في مقالهم.
أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً :
توبيخ على تغافلهم. و «عبثا» حال بمعنى عابثين. أو مفعول له. أي: لم نخلقكم تلهّيا بكم، و إنّما خلقناكم لنتعبّدكم و نجازيكم على أعمالكم. و هو كالدّليل على البعث.
و في كتاب علل الشّرائع 5481 بإسناده إلى جعفر بن محمّد بن عمّارة 5482 ، عن أبيه قال: سألت الصّادق جعفر بن محمّد- عليهما السّلام- فقلت له: لم خلق اللّه الخلق؟ فقال:
إنّ اللّه- تبارك و تعالى- لم يخلق خلقه عبثا، و لم يتركهم سدى، بل خلقهم لإظهار قدرته، و ليكلّفهم طاعته، فيستوجبوا بذلك رضوانه. و ما خلقهم ليجلب منهم منفعة، و لا ليدفع بهم مضرّة، بل خلقهم لينفعهم، و يوصلهم إلى نعيم الأبد.
و بإسناده 5483 إلى مسعدة بن زياد، قال: قال رجل لجعفر بن محمّد- عليهما السّلام-: يا أبا عبد اللّه، إنّا خلقنا للعجب! قال و ما ذلك، للّه أنت!؟ قال: خلقنا للفناء. قال: مه! يا ابن أخ! خلقنا للبقاء. و كيف تفنى جنّة لا تبيد، و نار لا تخمد. و لكن قل: إنّما نتحوّل من دار إلى دار.
وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (115):
معطوف على أَنَّما خَلَقْناكُمْ أو «عبثا».
و قرأ 5484 حمزة و الكسائيّ و يعقوب بفتح التّاء و كسر الجيم.
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُ : الّذي يحقّ له الملك مطلقا. فإنّ من عداه مملوك بالذّات، مالك بالعرض، من وجه دون وجه و في حال دون حال.
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ : فإنّ من عداه عبيد.
رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116): الّذي يحيط بالأجرام، و ينزل منه محكمات الأقضية و الأحكام. و لذلك وصفه بالكرم، أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين.
و قرئ 5485 بالرّفع، على أنّه صفة الرّبّ.
وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ : يعبده إفرادا، أو إشراكا.
صفة أخرى ل «إله»، لازمة له، فإنّ الباطل لا برهان له به. جيء بها للتّأكيد و بناء الحكم عليه، تنبيها على أنّ التّديّن بما لا دليل عليه ممنوع، فضلا عمّا دلّ الدّليل على خلافه. أو اعتراض بين الشّرط و الجزاء لذلك.
فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ فهو مجاز له، مقدار ما يستحقّه.
إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (117): إنّ الشّأن.
و قرئ 5486 بالفتح، على التّعليل أو الخبر. أي: حسابه عدم الفلاح.
بدأ السّورة بتقرير فلاح المؤمنين، و ختمها بنفي الفلاح عن الكافرين. ثمّ أمر رسوله بأن يستغفره و يسترحمه فقال:
وَ قُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118).
تفسير سورة النّور
سورة النّور مدنيّة بلا خلاف. و هي ثنتان أو أربع و ستّون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 5487 بإسناده إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: حصّنوا أموالكم و فروجكم بتلاوة سورة النّور. و حصّنوا بها نساءكم. فإنّ من أدمن قراءتها في كلّ يوم، أو في كلّ ليلة، لم يزن أحد من أهل بيته أبدا حتّى يموت. فإذا مات، شيّعه إلى قبره سبعون ألف ملك، كلّهم يدعون و يستغفرون له، حتّى يدخل في قبره.
و في مجمع البيان 5488 : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: من قرأ سورة النّور، أعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد كلّ مؤمنة و مؤمن 5489 فيما مضى و فيما بقي.
و في الكافي 5490 : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: لا تنزلوا النّساء الغرف. و لا تعلّموهنّ الكتابة. و علّموهن المغزل و سورة النّور.
عدّة من أصحابنا 5491 ، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن
سالم، رفعه قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف. و لا تقرؤوهنّ إيّاها. فانّ فيها الفتن. و علّموهن سورة النّور. فإنّ فيها المواعظ.
و في أصول الكافي 5492 : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرّزاق بن مهران، عن الحسين 5493 بن ميمون، عن محمّد بن سالم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-: و سورة النّور أنزلت بعد سورة النّساء. و تصديق ذلك أنّ اللّه- عزّ و جلّ- أنزل عليه في سورة النّساء: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ. فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا 5494 .
و السّبيل، الّذي قال اللّه 5495 - عزّ و جلّ-: سُورَةٌ أَنْزَلْناها - إلى قوله- طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
سُورَةٌ : أي: هذه سورة، أو فيما أو حينا إليك سورة.
صفتها. و من نصبها، جعله مفسّرا لناصبها. فلا يكون له محلّ، إلّا إذا قدّر: «اتل»، أو «دونك»، أو نحوه.
وَ فَرَضْناها : و فرضنا ما فيها من الأحكام.
و شدّده 5496 ابن كثير و أبو عمرو، لكثرة فرائضها، أو المفروض عليهم، أو للمبالغة في إيجابها.
وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ : واضحات الدّلالة.
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1): فتتّقون المحارم.
و قرئ 5497 بتخفيف الذّال.
أي فيما فرضنا أو أنزلنا حكمهما، و هو الجلد. و يجوز أن يرفعا بالابتداء و الخبر.