کتابخانه روایات شیعه
[عبد اللَّه بن أسد عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن عليّ بن هلال الأحمسيّ، عن الحسن بن وهب العبسيّ، عن] 9897 جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ- عليهما السّلام- قال: نزلت هذه الآية في ولد فاطمة- عليها السّلام- خاصّة: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ، أي: لمّا صبروا على البلاء في الدّنيا و علم اللَّه منهم الصّبر، جعلهم أئمّة يهدون بأمره عبادة إلى طاعته المؤدّية إلى جنّته- فعليهم من ربّهم صلواته و أكمل تحيّته.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ : يقضي فيميّز الحقّ من الباطل بتمييز المحقّ من المبطل.
فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) من أمر الدّين.
أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ الواو، للعطف على منويّ من جنس المعطوف. و الفاعل منويّ، دلّ عليه كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ ، أي: كثرة من أهلكناهم من القرون الماضية. أو ضمير «اللَّه» بدليل القراءة بالنّون 9898 .
يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ : يعنى: أهل مكّة، يمرّون في متاجرتهم على ديارهم.
و قرئ يمشّون بالتّشديد 9899 .
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَ فَلا يَسْمَعُونَ (26): سماع تدبّر و اتّعاظ.
أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ : الّتي جرز نباتها، أي: قطع و ازيل. لا الّتي لا تنبت لقوله: فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً :
و قيل 9900 : اسم موضع باليمن.
تَأْكُلُ مِنْهُ : من الزّرع.
أَنْعامُهُمْ : كالتّين و الورق.
وَ أَنْفُسُهُمْ : كالحبّ و الثّمر.
أَ فَلا يُبْصِرُونَ (27): فيستدلّون به على كمال قدرته و فضله.
وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ : النّصر. أو الفصل بالحكومة من قوله 9901 : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا .
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28): في الوعد به.
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) قيل 9902 : هو يوم القيامة. فإنّه يوم نصر المسلمين على الكفرة و الفصل بينهم.
و قيل 9903 : يوم بدر. أو يوم فتح مكّة. و المراد ب الَّذِينَ كَفَرُوا المقتولون منهم فيه. فإنّهم لا ينفعهم إيمانهم حال القتل و لا يمهلون. و انطباقه جوابا عن سؤالهم من حيث المعنى باعتبار ما عرف من غرضهم. فإنّهم لمّا أرادوا به الاستعجال تكذيبا و استهزاء، أجيبوا بما يمنع الاستعجال.
و في شرح الآيات الباهرة 9904 : قال محمّد بن يعقوب- رضي اللَّه عنه-: حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن ابن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- يقول في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ قال: يوم الفتح، يوم تفتح الدّنيا على القائم- عليه السّلام- لا ينفع أحدا تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا و بهذا الفتح موقنا. فذلك الّذي ينفعه إيمانه و يعظم عند اللَّه قدره و شأنه و تزخرف له يوم القيامة: جنانه و تحجب عنه نيرانه. و هذا أجر الموالين لأمير المؤمنين و لذّريّته الطّيّبين- صلوات اللَّه عليهم أجمعين.
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ و لا تبال بتكذيبهم.
و قيل 9905 : هو منسوخ بآية السّيف.
وَ انْتَظِرْ : النّصرة عليهم.
إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30): الغلبة عليك.
و قرئ، بالفتح. على معنى أنّهم أحقّاء بأن ينتظر هلاكهم، أو أنّ الملائكة ينتظرونه 9906 .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 9907 : و قال عليّ بن إبراهيم في قوله:- عزّ و جلّ- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ قال: الأرض الخراب. و هو مثل ضربة اللَّه- عزّ و جلّ- في الرّجعة و القائم- عليه السّلام-. فلمّا أخبرهم رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلم- بخبر الرّجعة قالوا: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ؟ و هذه معطوفة على قوله: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ فقالوا: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . فقال اللَّه- عزّ و جلّ- قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ، يا محمّد، وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.
تفسير سورة الأحزاب
سورة الأحزاب مدنيّة. و هي ثلاث و سبعون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 9908 ، بإسناده إلى أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب، كان يوم القيامة في جوار محمّد- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- و أزواجه.
ثمّ قال: سورة الأحزاب فيها فضائح الرّجال و النّساء من قريش و غيرهم. يا أبن سنان، إنّ سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب. و كانت أطول من سورة البقرة، و لكن نقّصوها و حرّفوها.
و في مجمع البيان 9909 : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- قال: و من قرأ سورة الأحزاب و علّمها أهله و ما ملكت يمينه، أعطي الأمان من عذاب القبر
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ : ناداه بالنّبي و أمره بالتّقوى، تعظيما له و تفخيما لشأن التّقوى.
و المراد به، الأمر بالثّبات عليه. ليكون مانعا عمّا نهى عنه بقوله: وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ ، أي: فيما يعود بوهن في الدّين.
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً : بالمصالح و المفاسد.
حَكِيماً (1): لا يحكم إلّا بما تقتضيه الحكمة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم: 9910 يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً و هذا هو الّذي
قال الصّادق- عليه السّلام-: إنّ اللَّه بعث نبيّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- بإيّاك أعني و اسمعي يا جارة. فالمخاطبة للنّبي- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- و المعنى للنّاس.
و في مجمع البيان 9911 : نزلت في أبي سفيان بن حرب، و عكرمة بن أبي جهل، و أبي الأعور السّلمي. قدموا المدينة، و نزلوا على عبد اللَّه بن أبي بعد غزوة أحد بأمان من رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- ليكلّموه. فقاموا، و قام معهم عبد اللَّه بن أبيّ و عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح و طعمة بن أبيرق. فدخلوا على رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-.
فقالوا: يا محمّد، ارفض ذكر آلهتنا اللّات و العزّى و مناة، و قل: إنّ لها شفاعة لمن عبدها، و ندعك و ربك.
فشقّ ذلك على رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-.
فقال عمر بن الخطّاب: ائذن لنا يا رسول اللَّه في قتلهم.
فقال: إنّي أعطيتهم الأمان. و أمر- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- فأخرجوا منه المدينة. و نزلت الآية وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ من أهل مكّة، أبا سفيان و أبا الأعور و عكرمة وَ الْمُنافِقِينَ ابن أبيّ و ابن سعد 9912 و طعمة
وَ اتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ : كالنّهي عن طاعتهم.
إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2): فموح إليك ما تصلحه و تغني من الاستماع إلى الكفرة. و قرأ أبو عمرو، بالياء. على أنّ الواو ضمير «الكفرة و المنافقين»، أي: إنّ اللَّه خبير بمكائدهم، فيدفعها عنك 9913 وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ : وكّل أمرك إلى تدبيره.
وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3): موكولا إليه الأمور كلّها.