کتابخانه روایات شیعه
الجزء الثاني عشر
تفسير سورة الزّخرف
مكّيّة.
و قيل 15462 : إلا قوله: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا .
و آياتها تسع، أو ثمان و ثمانون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 15463 ، بإسناده إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال : من أدمن قراءة حم الزّخرف، آمنه اللَّه في قبره من هوامّ الأرض و ضغطة القبر حتّى يقف بين يدي اللَّه- عزّ و جلّ-. ثمّ جاءت حتى تدخله الجنّة بأمر اللَّه- تبارك و تعالى-.
و في مجمع البيان 15464 : أبيّ بن كعب، عن النّبي- صلّى اللَّه عليه و آله- قال : من قرأ سورة الزّخرف كان ممّن يقال له يوم القيامة: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ادخلوا الجنة بغير حساب.
حم (1).
قد مرّ تفسيره.
و في كتاب معاني الأخبار 15465 ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ: عن الصّادق- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: و أمّا «حم» فمعناه: الحميد المجيد.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 15466 : «حم» حروف 15467 من الاسم الأعظم.
وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا أقسم بالقرآن المبيّن للحلال و الحرام و جميع ما يحتاج إليه الأنام من شرائع الإسلام، على أنّه جعله قرآنا عربيّا. و هو من البدائع لتناسب القسم و المقسم عليه، و لعلّ إقسام اللَّه بالأشياء استشهاد بما فيها من الدّلالة على المقسم عليه.
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3): لكي تفقهوا معانيه.
وَ إِنَّهُ : عطف على «إنّا».
و قرأ 15468 حمزة و الكسائيّ بالكسر على الاستئناف.
فِي أُمِّ الْكِتابِ : في اللّوح المحفوظ، فإنّه أصل الكتاب السّماويّة.
و قرئ 15469 : «أمّ الكتاب» بالكسر.
لَدَيْنا : محفوظا عندنا عن التّغيير.
لَعَلِيٌ : رفيع الشأن في الكتب، لكونه معجزا من بينها.
حَكِيمٌ (4): ذو حكمة بالغة، أو محكم لا ينسخه غيره.
و هما خبران «لإنّ». و «في أمّ الكتاب» متعلّق «بعليّ» و اللّام لا تمنعه 15470 ، أو حال منه و «لدينا» بدل منه 15471 ، أو حال من «أمّ الكتاب»، [أو حال من «الكتاب»] 15472 .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 15473 : و قوله- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ، يعني: أمير المؤمنين- عليه السّلام- مكتوب في الفاتحة في قوله- عز و جلّ-:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .
قال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
و في تهذيب الأحكام 15474 ، في الدّعاء المنقول بعد صلاة يوم الغدير: عن أبى عبد اللَّه 15475
- عليه السّلام-: ربّنا، آمنّا و اتّبعنا مولانا و وليّنا و هادينا و داعينا و داعي الأنام و صراطك المستقيم 15476 السّويّ و حجّتك و سبيلك الدّاعي إليك على بصيرة هو و من اتّبعه، سبحان اللَّه عمّا يشركون بولايته و ما يلحدون باتّخاذ الولائج دونه.
نشهد 15477 يا إلهي، أنّه الإمام الهادي المرشد الرّشيد، عليّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- الّذي ذكرته في كتابك فقلت: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ . لا أشرك معه إماما و لا أتّخذ من دونه وليجة.
و في كتاب معاني الأخبار 15478 : حدّثنا أحمد بن عبد اللَّه 15479 بن إبراهيم بن هاشم قال:
حدّثنا أبي، عن جدّي، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قال: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام- و معرفته، و الدليل على أنّه أمير المؤمنين قوله- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ .
و هو أمير المؤمنين- عليه السّلام- في أمّ الكتاب في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .
و في شرح الآيات الباهرة 15480 : روى الحسن بن [أبي] 15481 الحسن الدّيلميّ- رحمه اللَّه- بإسناده: عن رجاله إلى حمّاد السّنديّ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- و قد سأله سائل عن قول اللَّه- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ .
قال: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
و روى محمّد بن العبّاس 15482 - رحمه اللَّه-، عن أحمد بن إدريس، عن عبد اللَّه بن محمّد [بن عيسى،] 15483 عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عليّ بن جعفر قال: سمعت الرّضا- عليه السّلام- و هو يقول: قال 15484 أبي- عليه السّلام- و قد تلا هذه الآية: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ قال: عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.
و روي 15485 عنه أنّه سئل: أين ذكر عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- في أمّ
الكتاب؟
فقال: في قوله- سبحانه-: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ . و هو عليّ- عليه السّلام-.
و قال- أيضا- 15486 : حدّثنا أحمد بن محمّد النّوفليّ، عن محمّد بن حمّاد الشّاشي 15487 ، عن الحسين بن أسد الطّفاوي 15488 ، عن عليّ بن إسماعيل الميثميّ، عن عبّاس الضايع 15489 ، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال : خرجنا مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- حتّى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان، فإذا هو على فراشه، فلمّا رأى عليّا خفّ له 15490 .
فقال له علي- عليه السّلام-: لا تتّخذن زيارتنا إيّاك فخرا على قومك.
قال: لا يا أمير المؤمنين [و لكن] 15491 ذخرا و أجرا.
فقال له: و اللَّه، ما كنت علمتك إلّا خفيف المئونة كثير المعونة.
فقال صعصعة: و أنت، و اللَّه، يا أمير المؤمنين 15492 ما علمتك إلّا [أنّك] 15493 باللَّه لعليم، و أنّ اللَّه في عينك لعظيم، و أنّك في كتاب اللَّه لعليّ حكيم، و أنّك بالمؤمنين رؤوف رحيم.
و قال- أيضا- 15494 : حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن واصل 15495 بن سليمان، عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال : لمّا صرع 15496 زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين- عليه السّلام- حتى جلس عند رأسه، فقال: رحمك اللَّه، يا زيد، قد كنت خفيف المئونة عظيم المعونة.
فرفع زيد رأسه إليه فقال: و أنت، جزاك اللَّه خيرا، يا أمير المؤمنين- عليه السّلام-. فو اللَّه ما علمتك إلّا باللَّه عليما [و في أمّ الكتاب عليّا] 15497 حكيما، و أنّ اللَّه في
صدرك عظيما.
أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً : أ فنذوده و نبعده عنكم، من قولهم: ضرب الغرائب عن الحوض.
و «الفاء» للعطف على محذوف، أي: أ نهملكم فنضرب عنكم الذّكر.
و «صفحا» مصدر من غير لفظه فإنّ تنحية الذّكر عنهم إعراض، أو مفعول له، أو حال بمعنى: صافحين. و أصله: أن تولّي الشّيء صفحة عنقك.
و قيل 15498 : إنّه بمعنى: الجانب، فيكون ظرفا، و يؤيّده أنّه قرئ: «صفحا» و حينئذ يحتمل أن يكون تخفيف صفح، جمع صفوح، بمعنى: صافحين.
و المراد: إنكار أن يكون الأمر على خلاف ما ذكر من إنزال الكتاب على لغتهم ليفهموه.
أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5)، أي: لأن كنتم. و هو في الحقيقة علّة مقتضية لترك الإعراض.
و قرأ 15499 نافع و حمزة و الكسائي: «إن» بالكسر، على أنّ الجملة شرطيّة مخرجة للمحقّق 15500 مخرج المشكوك استجهالا لهم، و ما قبلها دليل للجزاء.
وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (7): تسلية لرسول اللَّه- صلى اللَّه عليه و آله- عن استهزاء قومه.
فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً ، أي من الوقم المسرفين، لأنّه صرف الخطاب عنهم إلى الرّسول مخبرا عنهم.
وَ مَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8): و سلف في القرآن قصّتهم العجيبة. و في وعد للرّسول و وعيد لهم بمثل ما جرى على الأوّلين.
لعلّه لازم مقولهم، أو ما دلّ عليه إجمالا أقيم مقامه تقريرا لإلزام الحجّة عليهم، فكأنّه قالوا: اللَّه، كما حكى عنهم في موضع آخر، و هو الّذي من صفته ما سرد من
الصّفات. و يجوز أن يكون مقولهم و ما بعده استئناف.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً : فتستقرّون فيها.
و قرأ 15501 غير الكوفيّين: «مهادا» بالألف.
وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا : تسلكونها.
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10): لكي تهتدوا إلى مقاصدكم، أو إلى حكمة الصّانع بالنّظر في ذلك.
وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ : بمقدار ينفع و لا يضر.
فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً : زال عنه النمّاء 15502 .
و تذكيره، لأنّ البلدة بمعنى: البلد و المكان.
كَذلِكَ : مثل ذلك الانشار تُخْرَجُونَ (11): تنشرون من قبوركم.
و قرأ 15503 ابن عامر و حمزة و الكسائيّ: «تخرجون» بفتح التّاء [و ضمّ الراء] 15504 .
وَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها : أصناف المخلوقات.
وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (12): ما تركبونه، على تغليب [المتعدّي بنفسه على] 15505 المعتدّي بغيره، إذ يقال: ركبت الدّابّة، و ركبت في السّفينة. أو المخلوق للرّكوب على المصنوع له، أو الغالب على النّادر و لذلك قال: لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ، أي: ظهور ما تركبون. و جمعه للمعنى.
ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ : تذكروها بقلوبكم، معترفين بها، حامدين عليها.
وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13): مطيقين، من أقرن الشّيء: إذا أطاقه. و أصله: وجده قرينه، إذ الصّعب لا يكون قرينة الضّعيف.
و قرئ 15506 بالتّشديد [و المعنى واحد] 15507 .
وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (14)، أي: راجعون.
و اتّصاله بذلك لأنّ الرّكوب للنّقل، و النّقلة العظمى هو الانقلاب إلى اللَّه. أو لأنّه محضر فينبغي للرّاكب أن لا يغفل عنه و يستعدّ للقاء اللَّه- تعالى-.
و في مجمع البيان 15508 : ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ
و روى العيّاشي، بإسناده: عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال : ذكر النّعمة أن تقول: الحمد للَّه الّذي هدانا للإسلام، و علّمنا القرآن، و منّ علينا بمحمّد و آله. و يقول بعده: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا (إلى آخره).
و روي 15509 عن ابن عمر أنّ رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه و آله- كان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبّر ثلاثا، و قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اللّهمّ، إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ و التّقوى و العمل بما ترضى، اللّهمّ، هوّن علينا سفرنا و أطوعنا بعده، اللّهمّ، أنت الصّاحب في السّفر و الخليفة في الأهل [و المال] 15510 ، اللّهمّ، إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر و كآبة المنقلب و سوء المنظر في الأهل و المال.
و إذا رجع قال: آئبون تائبون لربّنا 15511 حامدون. أورده مسلم في الصّحيح.
و في كتاب الخصال 15512 ، فيما علّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: إذا ركبتم الدّوابّ فاذكروا اللَّه- تعالى- و قولوا: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ .
و في أصول الكافي 15513 : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللَّه- عليه السّلام-: هل للشّكر حدّ إذا فعله العبد كان شاكرا؟
قال: نعم.
قلت: ما هو؟