کتابخانه روایات شیعه
و إفراده منه.
و في جوامع الجامع 17224 : وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ هو من و ترت الرّجل: إذا قتلت له قتيلا، أو حربته 17225 ، و حقيقته: أفردته من حميمه 17226 أو ماله، من الوتر، و هو الفرد. و منه
قول النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- : من فاتته صلاة العصر، فكأنّما وتر أهله و ماله
، أي: أفرد عنهما قتلا و نهبا.
إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ : لا ثبات لها.
وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ : ثواب إيمانكم و تقواكم.
وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36): جميع أموالكم، بل يقتصر على جزء يسير.
إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ : فيجهدكم 17227 بطلب الكلّ.
و «الإحفاء» و «الإلحاف»: المبالغة و بلوغ الغاية. يقال: أحفى شاربه: إذا استأصله.
تَبْخَلُوا : فلا تعطوا.
وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (37): و يضغنكم على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
و الضّمير في «يخرج» للّه، و يؤيّده القراءة بالنّون. أو البخل، لأنّه سبب الأضغان. 17228
قرئ 17229 : «يخرج» بالياء، و التاء و رفع أضغانكم.
ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ ، أي: أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون 17230 . و قوله:
تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ : استئناف مقرّر لذلك 17231 . أو صلة لهؤلاء على أنّه بمعنى:
الّذين، و هو يعمّ نفقة 17232 الغزو و الزّكاة و غيرهما.
فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ : ناس يبخلون. و هو كالدّليل على الآية المتقدّمة 17233 .
وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ : فإنّ نفع الإنفاق و ضرر البخل عائدان إليه.
و «البخل» يعدّي «بعن» و «على» لتضمّنه معنى الإمساك و التّعدّي، فإنّه إمساك عن مستحقّ.
وَ اللَّهُ الْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ : فما يأمركم به فهو لاحتياجكم، فإن امتثلتم فلكم، و إن تولّيتم فعليكم.
وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا : عطف على «تؤمنوا».
يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ : يقم 17234 مكانكم قوما آخرين.
و في مجمع البيان 17235 : و روى أبو هريرة أنّ ناسا من أصحاب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- قالوا: يا رسول اللّه، من هؤلاء الّذين ذكر اللّه في كتابه؟ و كان سلمان إلى جنب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
فضرب- صلّى اللّه عليه و آله- يده على فخذ سلمان فقال: هذا و قومه، فو الّذي نفسي بيده، لو كان الإيمان منوطا بالثّريّا، لتناوله رجال من فارس.
و روى أبو بصير 17236 : عن أبي جعفر 17237 - عليه السّلام- قال : «إن تتولّوا» يا معشر العرب يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ، يعني: الموالي.
و عن أبي عبد اللّه 17238 - عليه السّلام- قال : قد، و اللّه، أبدل [بهم] 17239 خيرا منهم الموالي.
ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (38): في [التولية و] 17240 الزّهد و الإيمان، و هم الفرس، كما مرّ.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 17241 : وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ قال: العداوة الّتي في صدوركم. «و إن تتولّوا»، يعني 17242 : عن ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ قال: يدخلهم في هذا الأمر. ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ في معاداتكم و خلافكم و ظلمكم لآل محمّد- صلوات اللّه عليهم-.
حدّثني 17243 محمّد بن عبد اللّه، عن أبيه، عبد اللّه بن جعفر، عن السّنديّ بن محمّد، عن يونس بن يعقوب، عن يعقوب بن قيس قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام- : يا بن قيس وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ، عنى: أبناء الموالي المعتقين.
تفسير سورة الفتح
سورة الفتح مدنيّة.
نزلت في مرجع النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- من الحديبية.
و آيها تسع و عشرون بالإجماع.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 17244 - رحمه اللّه-: حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان 17245 ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال : كان سبب نزول هذه السّورة و هذا الفتح العظيم، أنّ اللّه- عزّ و جلّ- أمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- في النّوم أن يدخل المسجد الحرام و يطوف و يحلق مع المحلّقين، فأخبر أصحابه و أمرهم بالخروج فخرجوا.
فلمّا نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة و ساقوا البدن، و ساق رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- ستّا و ستّين بدنة و أشعرها عند إحرامه، و أحرموا من ذي الحليفة ملبّين بالعمرة، و قد ساق [من ساق] 17246 منهم الهدي معرات مجلّلات 17247 .
فلمّا بلغ قريشا ذلك، بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا، ليستقبل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-، فكان يعارضه على الجبال. فلمّا كان في بعض الطريق، حضرت صلاة الظّهر، فأذّن بلال، و صلّى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بالنّاس.
فقال خالد بن الوليد: لو كنّا حملنا عليهم و هم في الصّلاة، لأصبناهم، فإنّهم لا
يقطعون صلاتهم، و لكن تجيء لهم الآن صلاة أخرى أحبّ إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا في الصّلاة أغرنا عليهم.
فنزل جبرئيل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بصلاة الخوف بقوله 17248 : وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ (الآية). و هذه الآية في سورة النّساء، و قد مضى ذكر [خبر] 17249 صلاة الخوف فيها.
فلمّا كان في اليوم الثّاني، نزل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- الحديبية، و هي على طرف الحرم، و كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يستنفر 17250 الأعراب 17251 في طريق معه فلم يتبعه أحد، و يقولون: أ يطمع محمّد و أصحابه [أن يدخلوا] 17252 الحرم و قد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم 17253 ، إنّه يرجع محمّد و أصحابه إلى المدينة أبدا.
فلمّا نزل رسول اللّه الحديبية، خرجت قريش يحلفون باللّات و العزّى، لا يدعون رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يدخل مكّة و فيهم عين تطرف.
فبعث إليهم رسول اللّه: إنّي لم آت لحرب، و إنّما جئت لأقضي مناسكي 17254 و أنحر بدني و أخلّي بينكم و بين لحمانها 17255 .
فبعثوا عروة بن مسعود الثّقفيّ، و كان عاقلا لبيبا، و هو الّذي أنزل اللّه فيه:
وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ . فلمّا أقبل إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عظم ذلك و قال: يا محمّد، تركت قومك و قد ضربوا الأبنية و أخرجوا العوذ 17256 المطافيل 17257 يحلفون باللّات و العزّى لا يدعوك تدخل مكّة، فإنّ مكّة حرمهم و فيهم 17258 عين تطرف، أ فتريد أن تبيد أهلك و قومك، يا محمّد.- صلّى اللّه عليه و آله-؟