کتابخانه روایات شیعه
وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فكانت النّفقة الّتي و اسوابها المسلمين.
فلمّا سمع أهل الكتاب ممّن لم يؤمن به قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا فخروا على المسلمين، فقالوا: يا معشر المسلمين، أمّا من آمن منّا بكتابكم و كتابنا فله [أجران، و من آمن منّا بكتابنا فله] 20935 أجر كأجوركم، فما فضلكم علينا؟
فنزل [قوله] 20936 : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ (الآية) فجعل لهم أجرين و زادهم النّور و المغفرة، ثمّ قال: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ .
و قال الكلبيّ: كان هؤلاء أربعة و عشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و هو بمكّة، لم يكونوا يهودا و لا نصارى، و كانوا على دين الأنبياء فأسلموا.
فقال لهم أبو جهل: بئس القوم أنتم و الوفد لقومكم.
فردّوا عليه: وَ ما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ (الآية) فجعل اللّه لهم و لمؤمني أهل الكتاب، عبد اللّه بن سلام و أصحابه، أجرين اثنين، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- [و يقولون:] 20937 نحن أفضل منكم، لنا أجران و لكم أجر واحد. فنزل: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (إلى آخر السّورة).
و
روي 20938 عن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- أنّه قال: من كانت له أمة فعلّمها 20939 فأحسن تعليمها و أدّبها فأحسن تأديبها و أعتقها و تزوّجها، فله أجران. و أيّما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه و آمن بمحمّد، فله أجران، و أيّما مملوك أدّى حقّ اللّه و حقّ مواليه، فله أجران. أورده البخاري [و مسلم] 20940 في الصّحيح.
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ ، أي: ليعلموا، «و لا» مزيدة، و يؤيّده أنّه قرئ:
«ليعلم، و «لكي يعلم»، و «لأنّ يعلم» بإدغام النّون في الياء.
أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ .
«أن» هي المخفّفة، و المعنى: أنّه لا ينالون شيئا ممّا ذكر من فضله و لا يتمكّنون
من نيله، لأنّهم لم يؤمنوا برسوله و هو مشروط بالإيمان به.
أو لا يقدرون على شيء من فضله فضلا 20941 [عن] 20942 أن يتصرّفوا في أعظمه، و هم النّبوّة، فيخصّونها بمن أرادوا، و يؤيّده قوله: وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29).
و قيل 20943 «لا» غير مزيدة، و المعنى: لئلّا يعتقد أهل الكتاب، أنّه لا يقدر النّبيّ و المؤمنون به على شيء من فضل [اللّه- تعالى-] 20944 و لا ينالونه. فيكون «و أنّ الفضل» عطفا على «لئلّا 20945 يعلم» 20946 .
و قرئ 20947 : «ليلا». و وجه: أنّ الهمزة حذفت و أدغمت [النّون في اللّام] 20948 ثمّ أبدلت ياء.
و قرئ 20949 : «ليلا» على أنّ الأصل في الحروف المفردة الفتح.
سورة المجادلة
مدنيّة.
و قيل 20950 : العشر الأوّل مكّيّ، و الباقي مدنيّ.
و آياتها إحدى أو اثنتان و عشرون.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* و
في ثواب الأعمال 20951 ، بإسناده عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة الحديد و المجادلة في صلاة فريضة أدمنها لم يعذّبه اللّه حتّى يموت أبدا، و لا يرى في نفسه و لا أهله سوء أبدا، و لا خصاصة في بدنه.
و
في مجمع البيان 20952 : ابيّ بن كعب قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب اللّه يوم القيامة.
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ قيل 20953 : روي أنّ خولة بنت ثعلبة ظاهر عنها زوجها، أوس بن الصّامت، فاستفتت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
فقال: حرمت عليه.
فقالت: ما طلّقني.
فقال: حرمت عليه.
فاغتمّت لصغر أولادها و شكت إلى اللّه، فنزلت هذه الآيات الأربع 20954 .
و «قد» تشعر بأن الرّسول يتوقّع أنّ اللّه يسمع مجادلتها و شكواها و يفرّج عنها كربها 20955 .
و أدغم حمزة و الكسائيّ و أبو عمرو و هشام، عن ابن عامر «دالها» 20956 في السّين.
وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما : تراجعكما الكلام، و هو على تغليب الخطاب.
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1): للأقوال و الأحوال.
و في شرح الآيات الباهرة 20957 : لهذه الآية تأويل 20958 ظاهر و باطن فالظّاهر ظاهر.
و أمّا الباطن فهو:
ما رواه محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن عبد الرّحمن 20959 ، عن محمّد ابن سليمان بن بزيع 20960 ، عن جميع بن المبارك، عن إسحاق بن محمّد قال: حدّثني أبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه- عليهم السّلام- أنّه قال: إنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال لفاطمة- عليها السّلام-: إنّ زوجك يلاقي بعدي كذا و كذا. فخبّرها بما يلقى بعده.
فقالت: يا رسول اللّه،- صلّى اللّه عليه و آله- ألا تدعو اللّه أن يصرف ذلك عنه؟
فقال: قد سألت اللّه ذلك له، فقال: إنّه مبتلى و مبتلى به.
فهبط جبرئيل، فقال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي إل قوله بَصِيرٌ [و شكواها له، لا منه، و لا عليه] 20961 .
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ «الظّهار» أن يقول الرّجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمّي. مشتقّ من الظّهر.
و في «منكم» تهجين لعادتهم فيه، فإنّه كان من إيمان أهل الجاهليّة.
و أصل «يظّهّرون» يتظهّرون.
و قرأ 20962 ابن عامر و حمزة و الكسائيّ: «يظّاهرون»، من اظّاهر. و عاصم «يظاهرون» من ظاهر.
ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ ، أي: على الحقيقة.
إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ : فلا تشبَّه بهن في الحرمة إلّا من ألحقها اللّه بهنّ، كالمرضعات و أزواج الرّسول.
و عن عاصم: «أمّهاتهم» بالرّفع، على لغة تميم 20963 .
و قرئ 20964 : «بأمّهاتهم» و هو- أيضا- على لغة من ينصب 20965 .
وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ : إذ الشّرع أنكره.
وَ زُوراً : منحرفا عن الحقّ، فإنّ الزّوّجة 20966 لا تشبه الأمّ.
وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2): لما سلف منه مطلقا. أو إذا تيب عنه.
وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا : إلى قولهم بالتّدارك.
و منه المثل: عاد الغيث على ما أفسده.
و في مجمع البيان 20967 : فأمّا ما ذهب إليه أئمّة الهدى [من آل محمّد- صلوات اللّه عليهم أجمعين-] 20968 فهو أنّ المراد بالعود: إرادة الوطء و نقض القول الّذي قاله، لأنّ الوطء لا يجوز له إلّا بعد الكفّارة، و لا يبطل حكم قوله الأوّل إلّا بعد الكفّارة.
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ، أي: فعليهم، أو فالواجب إعتاق رقبة.
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ، أي: من قبل أن يجامعها فيتماسّا.
و
في الكافي 20969 : عن عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه-، عن أبيه و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجاج، [عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-] 20970 قال: الظّهار ضربان: أحدهما فيه الكفّارة قبل المواقعة، و الآخر
بعدها.
فالّذي يكفّر قبل المواقعة هو الّذي يقول: أنت عليّ كظهر أمّي، و لا يقول: إن فعلت بك كذا و كذا.
و الّذي يكفّر بعد المواقعة هو الّذي يقول: أنت عليّ كظهر أمّي إن قربتك.
ذلِكُمْ ، أي: ذلك الحكم بالكفّارة تُوعَظُونَ بِهِ : لأنّه يدلّ على ارتكاب الجناية الموجبة للغرامة [و يردع عنه] 20971 .
وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3): لا تخفى عليه خافية.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ، أي: الرّقبة فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا .
فإن أفطر لزمه الاستئناف، إلّا أن صام شهرا و من الشّهر الثّاني شيئا.
و
في الكافي 20972 : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: صيام كفّارة اليمين في الظّهار شهرين متتابعين. و «التّتابع» أن يصوم شهرا و يصوم 20973 من الشّهر الآخر أيّاما أو شيئا منه، فإن عرض له شيء يفطر فيه: [أفطر] 20974 ثمّ قضى ما بقي عليه، و إن صام شهرا ثمّ عرض له شيء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا، فلم يتابع أعاد الصّوم كلّه.
فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ، أي: الصّوم، لعطاش أو مرض.
فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ، أي: فعليه إطعام ستّين مسكينا، لكلّ مسكين مدّ عند بعض، و مدّان عند آخرين.
ذلِكَ ، أي: ذلك البيان، أو التّعليم للأحكام. و محلّه النّصب بفعل معلّل بقوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ، أي: فرض ذلك لتصدّقوا باللّه و رسوله في قبول شرائعه، و رفض ما كنتم عليه في جاهليّتكم.
وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ : لا يجوز تعدّيها.
و