کتابخانه روایات شیعه
الجزء الرابع عشر
سورة المدّثّر
مكّيّة.
و آيها ستّ أو خمس و خمسون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في كتاب ثواب الأعمال 23976 ، بإسناده إلى الباقر- عليه السّلام- قال: من قرأ في الفريضة سورة المدّثر، كان حقّا على اللّه أن يجعله مع محمّد- صلّى اللّه عليه و آله- في درجته، و لا يدركه في الحياة الدّنيا شقاء أبدا [إن شاء اللّه] 23977 .
و في مجمع البيان 23978 : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: و من قرأ سورة المدّثّر، اعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدّق بمحمّد- صلّى اللّه عليه و آله- و كذّب به 23979 .
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) ، أي: المتدثّر، و هو لابس الدّثار.
قيل 23980 : أنّه- صلّى اللّه عليه و آله- قال: كنت بحراء فنوديت، فنظرت عن يميني و شمالي فلم أر شيئا 23981 ، فنظرت فوقي فإذا هو على عرش 23982 بين السّماء و الأرض، يعني:
الملك الّذي ناداه، فرعبت و رجعت إلى خديجة- رضي اللّه عنها- فقلت: دثّروني. فنزل جبرئيل و قال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و لذلك قيل 23983 : هي أوّل سورة نزلت.
و قيل 23984 : تأذّى من قريش فتغطّى بثوبه متفكّرا، أو كان نائما متدثّرا، فنزلت.
و قيل 23985 : المراد بالمدّثّر: المتدثّر بالنّبوّة و الكمالات النّفسانيّة، أو المختفي فإنّه كان بحراء كالمختفي فيه على سبيل الاستعارة.
و قرئ 23986 : «المدثّر»، أي: الّذي دثّر هذا الأمر و عصّب به.
و في مجمع البيان 23987 : قال الأوزاعيّ: سمعت يحيى بن كثير 23988 يقول: سألت أبا سلمة: أيّ القرآن أنزل قبل؟
قال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .
فقلت 23989 : أو اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ؟
فقال: سألت جابر بن عبد اللّه: أيّ القرآن انزل قبل؟
قال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .
فقلت: أو اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ؟
فقال جابر: أحدّثكم ما حدّثنا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- قال:
جاورت بحراء شهرا، فلمّا قضيت جواري، نزلت فاستبطنت الوادي 23990 ، فنوديت، فنظرت أمامي و خلفي و عن يميني و شمالي فلم أر أحدا، ثمّ نوديت، فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء، يعني: جبرئيل. فقلت: دثّروني دثّروني 23991 . فصبّوا عليّ ماء، فأنزل اللّه: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .
قُمْ : من مضجعك. أو قم قيام عزم و جدّ.
فَأَنْذِرْ (2) : مطلق للتّعميم. أو مقدّر بمفعول دلّ عليه قوله 23992 : وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أو قوله 23993 : وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 23994 : قُمْ فَأَنْذِرْ . قال: هو قيامه في الرّجعة ينذر فيها.
وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) : و خصّص ربّك بالتكبير، و هو وصفه بالكبرياء عقدا 23995 و قولا.
و روي من طريق العامّة 23996 : أنّه لمّا نزل كبّر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و أيقن أنّه الوحي، و ذلك لأنّ الشّيطان لا يأمر بذلك.
و الفاء فيه و فيما بعده لإفادة معنى الشّرط، و كأنّه قال: و ما يكن من شيء فكبّر ربّك. أو الدّلالة على أنّ المقصود الأوّل من الأمر بالقيام أن يكبّر ربّه عن الشّرك و التّشبيه، فإنّ أوّل ما يجب معرفة الصّانع، و أوّل ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه، و القوم كانوا مقرّين به.
وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) : من النّجاسات، فإنّ التّطهير واجب في الصّلاة محبوب في غيرها، و ذلك بغسلها و بحفظها عن النّجاسة بتقصيرها مخافة جرّ الذّيول فيها.
و قيل 23997 : هو وّل ما أمر به من رفض العادات المذمومة.
و قيل 23998 : طهر نفسك من الأخلاق الذّميمة و الأفعال الدّنيئة، فيكون أمرا باستكمال القوّة العلميّة 23999 بعد أمره باستكمال القوّة النّظريّة و الدّعاء إليه.
و قيل 24000 : فطهّر دثار النّبوّة عمّا يدنّسه من الحقد و الضّجر و قلّة الصّبر 24001 .
و في كتاب الخصال 24002 ، فيما علّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: تشمير الثّياب طهور لها، قال- تعالى-: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ ، يعني: فشمّر.
و في الكافي 24003 : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- تبارك و تعالى-: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال:
فشمّر.
الحسين بن محمّد 24004 ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن
عائد، عن أبي خديجة، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ عليّا- عليه السّلام- كان عندكم، فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب، و الإزار إلى نصف السّاق، و الرّداء من بين يديه و من خلفه إلى أليتيه 24005 .
ثمّ رفع يده إلى السّماء، فلم يزل يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل منزله.
ثمّ قال: هذا اللّباس الّذي ينبغي 24006 للمسلمين أن يلبسوه.
قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: و لكن لا تقدرون أن تلبسوا هذا اليوم، و لو فعلناه لقالوا: مجنون، و لقالوا: مراء، و اللّه يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال: و ثيابك ارفعها لا تجرّها. فإذا قام قائمنا، كان هذا اللّباس.
محمد بن يحيى 24007 ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الرّحمن بن عثمان، عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسن- عليه السّلام- أيّام حبس ببغداد قال: قال لي أبو الحسن- عليه السّلام-: إنّ اللّه قال لنبيّه- صلّى اللّه عليه و آله-: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ [و كانت ثيابه طاهرة] 24008 و إنّما أمره بالتّشمير.
عدّة من أصحابنا 24009 ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن رجل، عن سلمة بيّاع القلانس قال: كنت عند أبي جعفر- عليه السّلام- إذ دخل عليه أبو عبد اللّه- عليه السّلام- فقال أبو جعفر- عليه السّلام-: يا بنيّ، ألا تطهّر قميصك؟ فذهب، فظننّا أنّ ثوبه قد أصابه شيء فرجع، فقال: إنّه 24010 هكذا.
فقلنا: جعلنا فداك، ما لقميصه؟
فقال: كان قميصه طويلا فأمرته أن يقصّره 24011 ، إنّ اللّه يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ .