کتابخانه روایات شیعه
الموطن، [فذلك قوله 24729 : فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ] 24730 .
و في شرح الآيات الباهرة 24731 : و روى محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن أبي خالد القمّاط، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- عن أبيه قال: قال: إذا كان يوم القيامة، و جمع اللّه الخلائق من الأوّلين و الآخرين في صعيد واحد، خلع قول «لا إله إلّا اللّه» من جميع الخلائق إلّا من أقرّ بولاية عليّ، و هو قوله- تعالى-: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ (الآية).
ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ : الكائن لا محالة.
فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ : إلى ثوابه مَآباً (39): بالإيمان و الطّاعة.
إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً ، يعني: عذاب الآخرة. و قربه لتحقّق وقوعه، فإنّ كلّ ما هو آت قريب، و لأنّ مبدأه الموت.
يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ : يرى ما قدّمت من خير و شرّ.
و المرء عامّ.
و قيل 24732 : هو الكافر، لقوله: إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ فيكون الكافر ظاهرا، وضع موضع الضّمير لزيادة الذّمّ.
و «ما» موصولة منصوبة «بينظر»، أو استفهاميّة منصوبة «بقدّمت»، أي:
ينظر أيّ شيء قدّمت يداه.
وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (40): في الدّنيا فلم اخلق و لم اكلّف، أو في هذا اليوم فلم ابعث.
و قيل 24733 : يحشر سائر الحيوانات للاقتصاص ثمّ تردّ ترابا، فيودّ الكافر حالها.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24734 : و قوله: إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً قال: في النّار.
و قال: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ، أي: علويّا.
و
قال. إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- قال: المكنّى أمير المؤمنين أبو تراب.
و في كتاب علل الشرائع 24735 ، بإسناده إلى عباية 24736 بن ربعي قال: قلت لعبد اللّه بن عبّاس: لم كنّى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عليّا أبا تراب؟
قال: لأنّه صاحب الأرض، و حجّة اللّه على أهلها بعده، و له بقاؤها و إليه سكونها، و لقد سمعت رسول اللّه يقول: إذا كان يوم القيامة و رأى الكافر ما أعدّ اللّه لشيعة عليّ من الثّواب و الزّلفى و الكرامة قال: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ، أي: من شيعة عليّ- عليه السّلام-. و ذلك قول اللّه- تعالى-: و يوم يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
و في شرح الآيات الباهرة 24737 : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- حدّثنا الحسين بن احمد 24738 ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن يونس بن يعقوب، [و] 24739 عن خلف بن حمّاد، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن سعد 24740 السّمّان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قوله: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ - إلى قوله-: كُنْتُ تُراباً ، يعني:
علويّا يوالي أبا تراب.
و روى محمّد بن خالد البرقيّ 24741 ، عن يحيى الحلبيّ، عن هارون بن خارجة و خلف بن حمّاد، عن أبي بصير، مثله.
سورة النّازعات
مكّيّة.
و آيها خمس، أو ستّ و أربعون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في كتاب ثواب الأعمال 24742 ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ وَ النَّازِعاتِ لم يمت إلّا ريّانا، و لم يبعثه اللّه إلّا ريّانا.
و في مجمع البيان 24743 : و قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: من قرأها لم يمت إلّا ريّانا 24744 ، و لم يدخل الجنّة إلّا ريّانا 24745 .
ابيّ بن كعب 24746 ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: و من قرأ سورة وَ النَّازِعاتِ لم يكن حبسه 24747 أو حسابه يوم القيامة إلّا كقدر صلاة مكتوبة، حتّى يدخل الجنّة.
قيل 24748 : هذه صفات ملائكة الموت، فإنّهم ينزعون أرواح الكفّار من أبدانهم غرقا، أي: إغراقا في النّزع، فإنّهم ينزعونها من أقصى الأبدان، أو نفوسا غرقة في الأجساد. و ينشطون، أي: يخرجون أرواح المؤمنين برفق، من نشط الدّلو من البئر: إذا أخرجها. و يسبحون في إخراجها سبح الغوّاص الّذي يخرج الشّيء من أعماق البحر، فيسبقون بأرواح الكفّار إلى النّار و بأرواح المؤمنين إلى الجنّة.
فيدبّرون أمر عقابها و ثوابها، بأن يهيّئوها 24749 لإدراك ما أعدّ لها من الآلام و اللّذّات.
أو الأوليان لهم و الباقيات لطوائف من الملائكة، يسبحون في مضيها، أي:
يسرعون فيه، فيسبقون إلى ما أمروا به، فيدبّرون أمره.
أو صفات النّجوم، فإنّها تنزع من المشرق إلى المغرب غرقا في النّزع، بأن تقطع الفلك حتّى تنحطّ 24750 في أقصى المغرب. و تنشط من برج إلى برج، أي: تخرج، من نشط الثّور: إذا خرج من بلد إلى بلد. يسبحن 24751 في الفلك فيسبق بعضها في السير، لكونه أسرع حركة. فيدبّر أمرا انيط بها، كاختلاف الفصول، و تقدير الأزمنة، و ظهور مواقيت العبادات، و لمّا كانت حركاتها من المشرق إلى المغرب قسريّة و حركاتها من برج إلى برج ملائمة سمّي الأولى نزعا، و الثّانية نشطا.
أو صفات النّفوس الفاضلة حال المفارقة، فإنّها تنزع من الأبدان غرقا، أي:
نزعا شديدا، من إغراق النّازع في القوس، فتنشط إلى عالم الملكوت، و تسبح فيه 24752 ، فتسبق إلى خطائر القدس، فتصير لشرفها و قوّتها من المدبّرات. أو حال سلوكها، فإنّها تنزع من الشّهوات، و تنشط إلى عالم القدس، و تسبح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات حتّى تصير من المكملات.
أو صفات أنفس الغزاة، أو 24753 أيديهم تنزع القسيّ بإغراق السّهام، و ينشطون.
بالسّهم للرّمي، و يسبحون في البرّ و البحر، فيسبقون إلى حرب العدوّ، فيدبّرون أمرها.
أو صفات خيلهم، فإنّها تنزع في أعنّتها نزعا تغرق فيه الأعنّة لطول أعناقها و تخرج من دار الإسلام إلى دار الكفر، و تسبح في جريها، فتسبق إلى حرب العدوّ، فتدبّر أمر الظفر 24754 .
أقسم اللّه بها على قيام السّاعة، و إنّما حذف لدلالة ما بعده عليه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24755 : وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً قال: نزع الرّوح.
وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً قال: الكفّار ينشطون في الدّنيا.
و فيه: وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً قال: المؤمنون الّذين يسبّحون اللّه.
و في رواية أبي الجارود 24756 ، عن أبي جعفر- عليه السّلام - في قوله: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً ، يعني: أرواح المؤمنين تسبق أرواحهم إلى الجنّة بمثل الدّنيا، و أرواح الكافرين بمثل ذلك إلى النّار.
و في عيون الأخبار 24757 ، بإسناده إلى الرّضا- عليه السّلام- عن أبيه موسى بن جعفر قال: كان قوم من خواصّ الصّادق- عليه السّلام- جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مصبحة 24758 ، فقالوا: يا ابن رسول اللّه، ما أحسن أديم هذه [السماء 24759 و أنوار هذه] 24760 النّجوم و الكواكب! فقال الصّادق- عليه السّلام-: إنّكم لتقولون هذا، و إنّ المدبّرات الأربعة:
جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت، ينظرون إلى الأرض فيرونكم و إخوانكم في أقطار الأرض و نوركم إلى السّماوات، و إليهم أحسن من نور هذه الكواكب، و إنّهم ليقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين!
و في مجمع البيان 24761 : وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً اختلف في معناه على وجوه: أحدها، أنّه يعني به:
الملائكة الّذين ينزعون أرواح الكفّار عن أبدانهم بالشّدّة، كما يغرق النّازع بالقوس 24762 فيبلغ بها غاية المدّ. و روي ذلك عن عليّ- عليه السّلام -.
و قيل 24763 :
هو الموت ينزع النّفوس. و روي ذلك عن الصّادق- عليه السّلام-.
و فيه 24764 : وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً في معناه أقوال: [أحدها ما ذكرناه] 24765 . و ثانيها أنّها الملائكة تنشط أرواح الكفّار ما بين الجلد و الأظفار، حتّى تخرجها من أجوافهم بالكرب و الغمّ. عن عليّ- عليه السّلام-.
يقال: نشط الجلد نشطا: نزعها.
وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً فيه أقوال: أحدها، أنّها الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلّونها سلّا رفيقا ثمّ يدعونها حتّى تستريح، كالسّابح بالشّيء في الماء يرمى به. عن عليّ- عليه السّلام-.
و فيه 24766 : «فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً» فيه أقوال- أيضا-:
أحدها، أنّها الملائكة لأنّها سبقت ابن آدم بالخير و الإيمان و العمل الصّالح. عن مجاهد.
و قيل 24767 : إنّها تسبق الشّياطين بالوحي إلى الأنبياء- عليهم السّلام-.
و قيل 24768 : إنّها تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنّة. عن عليّ- عليه السّلام
- و مقاتل.
[و ثانيهما أنّها أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الّذين يقبضونها و قد عاينت السرور شوقا إلى رحمة اللّه و لقاء ثوابه و كرامته. عن ابن مسعود] 24769 .
و فيه: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً فيه أقوال- أيضا-:
أحدها،
أنّها الملائكة تدبّر أمر العباد من السّنة إلى السّنة. عن عليّ- عليه السّلام-.
و ثالثها، أنّها الأفلاك يقع فيها أمر اللّه، فيجري به القضاء في الدّنيا. رواه عليّ بن إبراهيم. أقسم اللّه بهذه الأشياء الّتي عدّدها.
و قيل 24770 : تقديره: و ربّ النّازعات و ما ذكر بعدها. و هذا ترك الظّاهر بغير دليل،