کتابخانه روایات شیعه
قولي ولي يطع أمري. و إنّ جبرئيل أمرني عن اللّه أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس. فسر، يا عمر، على اسم اللّه و لا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك، فإنّه قد عصى اللّه و عصاني، و أمره بما أمر به أبا بكر.
فخرج عمر 26932 خرج معه المهاجرون 26933 و الأنصار الّذين كانوا مع أبي بكر يقتصد بهم في سيرهم حتّى شارف القوم، و كان قريبا منهم بحيث يراهم و يرونه. و خرج إليهم مائتا رجل، فقالوا له و لأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر. فانصرف [و انصرف] 26934 النّاس معه، و كاد أن يطير قلبه ممّا رأى عدّة القوم و جمعهم، و رجع يهرب منهم، فنزل جبرئيل و أخبر رسول اللّه بما صنع عمر، و أنّه قد انصرف و انصرف المسلمون معه.
فصعد النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، و أخبر بما صنع عمر [و ما كان منه، و] 26935 أنّه قد انصرف و انصرف المسلمون معه مخالفا لأمري عاصيا لقولي 26936 . فقدم عليه، فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه. فقال له [رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-] 26937 : يا عمر، عصيت اللّه في عرشه و عصيتني، و خالفت قولي و عملت برأيك، ألا قبّح اللّه رأيك. و إنّ جبرئيل قد أمرني أن أبعث عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- في هؤلاء المسلمين، و أخبرني أنّ اللّه يفتح عليه و عليه أصحابه. فدعا عليّا- عليه السّلام- و أوصاه بما أوصى به أبا بكر و عمر و أصحابه الأربعة آلاف فارس، و أخبره أنّ اللّه سيفتح عليه و على أصحابه.
فخرج عليّ- عليه السّلام- و معه المهاجرون و الأنصار فسار بهم غير سير أبي بكر و عمر، و ذلك أنّه أعنف بهم في السّير حتّى خافوا أن ينقطعوا من التّعب و تخفي 26938 دوابّهم.
فقال لهم: لا تخافوا، فإنّ رسول اللّه قد أمرني بأمر و أخبرني أنّ اللّه سيفتح عليّ و عليكم، فأبشروا فإنّكم على خير و إلى خير. فطابت نفوسهم و قلوبهم و ساروا على ذلك السّير و التّعب، حتّى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم و يراهم أمر أصحابه أن ينزلوا. و سمع أهل وادي اليابس بمقدم 26939 عليّ- عليه السّلام- و أصحابه، فأخرجوا إليه منهم مائتي رجل
شاكين بالسّلاح.
فلما رآهم عليّ- عليه السّلام- خرج إليهم في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم، [و من أين أنتم،] 26940 و من أين أقبلتم، و أين تريدون؟
قال: أنا عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- ابن عمّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و أخوه و رسوله إليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله، و لكم إن آمنتم ما للمسلمين و عليكم ما على المسلمين من خير و شرّ.
فقالوا له: إيّاك أردنا، و أنت طلبتنا، قد سمعنا مقالتك و ما عرضت علينا [هذا ما لا يوافقنا] 26941 ، فخذ حذرك و استعدّ للحرب العوان، و اعلم أنّا قاتلوك و قاتلوا أصحابك، و الموعد 26942 فيما بيننا و بينك غدا ضحوة، و قد أعذرنا فيما بيننا و بينكم.
فقال لهم عليّ: ويلكم، تهدّدوني 26943 بكثرتكم و جمعكم، أنا أستعين باللّه و ملائكته و المسلمين عليكم، و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.
فانصرفوا إلى مراكزهم، و انصرف عليّ إلى مركزه. فلمّا جنّه اللّيل، أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابّهم و يقضموا 26944 و يسرجوا. فلمّا انشقّ عمود الصّبح، صلّى بالنّاس بغلس 26945 ، ثمّ أغار 26946 عليهم بأصحابه، فلم يعلموا حتّى وطئتهم الخيل، فما 26947 أدرك آخر أصحابه حتّى قتل مقاتليهم و سبى ذراريّهم و استباح أموالهم و خرّب ديارهم و أقبل بالأسارى و الأموال معه. فنزل جبرئيل فأخبر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بما فتح اللّه على عليّ- عليه السّلام- و جماعة المسلمين.
فصعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، و أخبر النّاس بما فتح اللّه على المسلمين، و أعلمهم أنّه لم يصب 26948 منهم 26949 إلّا رجلين. و نزل فخرج يستقبل عليّا في جميع أهل المدينة من المسلمين، حتّى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة.
فلمّا رآه عليّ مقبلا نزل من دابّته و نزل النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- حتّى التزمه و قبّل ما بين عينيه. فنزل جماعة المسلمين إلى عليّ- عليه السّلام- حيث نزل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و أقبل بالغنيمة و الأسارى و ما رزقهم اللّه من أهل وادي اليابس.
ثمّ قال جعفر بن محمّد- عليه السّلام-: ما غنم المسلمون مثلها قطّ، إلّا أن يكون من خيبر فإنّها مثل ذلك. و أنزل اللّه في ذلك اليوم وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً ، يعني:
بالعاديات الخيل تعدو بالرّجال. و «الضّبح» ضبيحها 26950 في أعنّتها و لجمها. فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فقد أخبرك أنّها غارت عليهم صبحا.
قلت: قوله: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً .
قال: الخيل يأثرن بالوادي نقعا، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً .
قلت: قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ .
قال: لكفور. وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ قال: يعنيهما جميعا، قد شهدا جميعا وادي اليابس، و كانا لحبّ الحياة لحريصين.
قال: نزلت الآيتان فيهما خاصّة، كانا يضمران ضمير السّوء و يعملان به، فأخبر اللّه خبرهما و فعالهما. فهذه قصّة أهل وادي اليابس، و تفسير العاديات.
سورة القارعة
مكّيّة.
و هي عشر، أو إحدى آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في ثواب الأعمال 26951 ، بإسناده: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ و أكثر من قراءة القارعة آمنه اللّه من فتنة الدّجّال أن يؤمن به، و من فيح 26952 جهنّم [يوم القيامة] 26953 - [إن شاء اللّه تعالى] 26954 .
و في مجمع البيان 26955 ، في حديث ابيّ: من قرأها ثقّل اللّه بها ميزانه يوم القيامة.
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3).
القارعة 26956 اسم من أسماء يوم القيامة. لأنّها تقرع القلوب بالفزع و أعداء اللّه بالعذاب.
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (4): في كثرتهم و ذلّتهم و انتشارهم و اضطرابهم.
و انتصاب «يوم» بمضمر دلّت عليه القارعة 26957 .
وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ ، كالصّوف ذي الألوان.
الْمَنْفُوشِ (5): المندوف، لتفرّق أجزائها و تطايرها في الجوّ.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 26958 : الْقارِعَةُ، مَا الْقارِعَةُ، وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يردّدها اللّه لهولها و فزع النّاس بها. [ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ] 26959 وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ، قال: «العهن» الصّوف.
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6): بأن ترجّحت 26960 مقادير أنواع حسناته.
و في الكافي 26961 : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن العلا، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول: إنّ اللّه ثقّل الخير على أهل الدّنيا، كثقله في موازينهم يوم القيامة. [و إنّ اللّه خفّف الشّرّ على أهل الدّنيا، كخفّته في موازينهم يوم القيامة] 26962 .
عليّ بن إبراهيم، 26963 عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما- عليهما السّلام- قال: ما في الميزان شيء أثقل من الصّلاة على محمّد و آل محمّد. و إنّ الرّجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل 26964 به، فيخرج- صلّى اللّه عليه و آله- الصّلاة عليه فيضعها في ميزانه، فترجح 26965 .
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ : في عيش.
راضِيَةٍ (7): ذات رضاء. أو 26966 مرضية.
و في شرح الآيات الباهرة 26967 : قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكرياء بن عاصم اليمنيّ، عن الهيثم بن عبد الرّحمن، عن أبي الحسن عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه- عليه السّلام - في قوله: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ
قال: نزلت في عليّ- عليه السّلام-.
وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8): بأن لم يكن له حسنة يعبأ بها. أو ترجّحت سيّئاته على حسناته.
و في الاحتجاج للطّبرسيّ- رحمه اللّه- 26968 : عن عليّ- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: معنى قوله: مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فهو قلّة الحساب و كثرته.
و فيه 26969 : في احتجاج أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال السّائل: أو ليس توزن الأعمال؟
قال: لا، لأنّ الأعمال ليست أجساما، و إنّما هي صفة ما عملوا، و إنّما يحتاج إلى وزن الشّيء من جهل عدد الأشياء و لا يعرف ثقلها و خفّتها، و أنّ اللّه لا يخفى عليه شيء.
قال: فما معنى الميزان؟
قال: العدل.
قال: فما معناه في كتابه فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ .
قال فمن رجح عمله.
و في روضة الكافي 26970 : خطبة لأمير المؤمنين، و هي خطبة الوسيلة، يقول فيها: و أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل. خفّ ميزان ترفعان منه، و ثقل ميزان توضعان فيه.
و في نهج البلاغة 26971 : و نشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّد عبده و رسوله، شهادتين تصعدان القول و ترفعان العمل. لا يخفّ ميزان توضّعان فيه، و لا يثقل ميزان ترفعان منه.
و في الخصال 26972 : عن محمّد بن موسى 26973 قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول 26974 : إنّ الخير ثقل على أهل الدّنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، و إنّ الشّرّ
خفّ على أهل الدّنيا على قدر خفّته في موازينهم يوم القيامة.
و في التّوحيد 26975 ، حديث طويل عن عليّ- عليه السّلام- و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: و أمّا قوله: مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فإنّما يعني:
الحساب، توزن الحسنات و السّيّئات. و الحسنات تثقل 26976 الميزان، و السّيّئا تخفّ 26977 الميزان.
و في كتاب علل الشّرائع 26978 ، بإسناده إلى الحسن بن عبد اللّه، عن آبائه، عن جدّه الحسن 26979 بن عليّ بن أبي طالب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- حديث طويل في تفسير سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر، و فيه قال- صلّى اللّه عليه و آله- و قوله: لا إله إلّا اللّه، يعني: وحدانيّته، لا يقبل اللّه 26980 الأعمال إلّا بها، و هي كلمة التّقوى يثقل 26981 اللّه بها الموازين يوم القيامة.
و في من لا يحضره الفقيه 26982 : و روى محمّد بن أبي عمير، عن عيسى الفرّاء، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: قال أبو جعفر الباقر- عليه السّلام-: من كان ظاهره أرجح من باطنه، خفّ ميزانه.
و روى المفضّل 26983 ، عن الصّادق- عليه السّلام- أنّه قال: وقع بين سلمان الفارسي [- رحمة اللّه عليه-] 26984 و بين رجل خصومة.
فقال الرّجل لسلمان: من أنت، و ما أنت؟
فقال سلمان: أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة، و أمّا آخري و آخرك فجيفة منتنة.
فإذا كان يوم القيامة و نصبت الموازين مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فهو الكريم، و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فهو اللّئيم.
فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9): فمأواه النّار. و «الهاوية» من أسمائها، و لذلك قال: