کتابخانه روایات شیعه
الدّنيا، فإن أنتم فعلتم ذلك- و لتفعلنّ- لتجدونني في كتيبة 1916 بين جبرئيل و ميكائيل، أضرب وجوهكم بالسيف.
ثمّ التفت عن يمينه، و سكت ساعة، ثمّ قال:
إن شاء اللّه، أو عليّ بن أبي طالب عليه السلام 1917 .
ثمّ قال: ألا و إنّي قد تركت فيكم أمرين، إن أخذتم بهما لن تضلّوا:
كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا، و من خالفهما فقد هلك؛ ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم. قال: اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال: ألا و إنّه سيرد عليّ الحوض منكم رجال فيدفعون عنّي، فأقول:
ربّ أصحابي! فيقال: يا محمّد إنّهم أحدثوا بعدك و غيّروا سنّتك؛ فأقول: سحقا سحقا 1918 .
فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق، أنزل اللّه تعالى:
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ 1919 فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
نعيت إليّ نفسي 1920 ، ثمّ نادى: الصلاة جامعة في مسجد الخيف.
فاجتمع الناس، و حمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال:
نضّر اللّه 1921 امرأ سمع مقالتي فوعاها، و بلّغها لمن لم يسمعها، فربّ حامل فقه غير فقيه، و ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
ثلاث لا يغلّ 1922 عليهنّ قلب امرئ مسلم:
إخلاص العمل للّه، و النصيحة لأئمّة المسلمين، و لزوم جماعتهم، فإنّ دعوتهم محيطة 1923 من ورائهم؛ المؤمنون إخوة تتكافأ 1924 دماؤهم، يسعى بذمّتهم 1925 أدناهم، و هم
يد على من سواهم 1926 .
أيّها الناس إنّي تارك فيكم الثقلين.
قالوا: يا رسول اللّه و ما الثقلان؟
فقال: كتاب اللّه، و عترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، كإصبعيّ هاتين- و جمع بين سبّابتيه- و لا أقول كهاتين- و جمع بين سبّابته و الوسطى- فتفضل هذه على هذه .. 1927 .
3- [باب خطبة الغدير و أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعة لعليّ عليه السلام بإمرة المؤمنين]
الباقر عليه السلام
255- الاحتجاج: حدّثني السيّد العالم العابد أبو جعفر مهديّ بن أبي حرب الحسينيّ المرعشي 1928 رضي اللّه عنه قال: أخبرنا الشيخ أبو عليّ الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي 1929 رضي اللّه عنه، قال:
أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس اللّه روحه، قال: أخبرني جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري 1930 ، قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن همام 1931 ، قال: أخبرنا عليّ السوري، قال: أخبرنا أبو محمّد العلوي 1932 من ولد الأفطس- و كان من عباد اللّه الصالحين- قال: حدّثنا محمّد بن موسى الهمداني 1933 ، قال:
حدّثنا محمّد بن خالد الطيالسي 1934 ، قال: حدّثنا سيف بن عميرة 1935 ؛ و صالح بن عقبة 1936 جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، أنّه قال: حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة و قد بلّغ جميع الشرائع قومه غير الحجّ و الولاية.
فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا محمّد! إنّ اللّه جلّ اسمه يقرئك السلام و يقول لك: إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي، و لا رسولا من رسلي إلّا بعد إكمال ديني و تأكيد حجّتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا تحتاج أن تبلّغهما 1937 قومك:
فريضة الحجّ، و فريضة الولاية و الخلافة من بعدك، فإنّي لم أخل أرضي من حجّة و لن اخليها أبدا. و إنّ اللّه جلّ ثناؤه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ، و تحجّ و يحجّ معك [كلّ] من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر و الأطراف و الأعراب، و تعلّمهم من معالم حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم، و زكاتهم، و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع؛ فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الناس:
ألا إنّ رسول اللّه يريد الحجّ، و أن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذاك على [مثل] ما أوقفكم عليه من غيره.
فخرج صلّى اللّه عليه و آله و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجّ بهم، و بلغ من حجّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أهل المدينة و أهل
الأطراف و الأعراب سبعين ألف انسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون، فنكثوا و اتّبعوا العجل و السامري؛ و كذلك أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعة لعليّ بالخلافة على [نحو] عدد أصحاب موسى، فنكثوا البيعة و اتّبعوا 1938 العجل و السامريّ سنّة بسنّة، و مثلا بمثل [لم يخرم منه شيء] و اتّصلت التلبية ما بين مكّة و المدينة؛ فلمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالموقف، أتاه جبرئيل عليه السلام عن اللّه عزّ و جل فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
إنّه قد دنا أجلك و مدّتك، و أنا مستقدمك على ما لا بدّ منه و لا عنه محيص، فاعهد عهدك، و قدّم وصيّتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات 1939 الأنبياء، فسلّمها إلى وصيّك و خليفتك من بعدك، حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فأقمه للناس علما، و جدّد عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الّذي واثقتهم به، و عهدي الّذي عهدت إليهم من ولاية وليّي و مولاهم و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء إلّا من بعد إكمال ديني [و حجّتي] و إتمام نعمتي بولاية أوليائي، و معاداة أعدائي؛ و ذلك كمال توحيدي و ديني، و إتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي و طاعته؛ و ذلك أنّي لا أترك أرضي بغير [وليّ، و لا] قيّم، ليكون حجّة لي على خلقي، ف الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بولاية وليّي 1940 ، و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة «عليّ» عبدي و وصيّ نبيّي، و الخليفة من بعده، و حجّتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي، و مقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني؛ جعلته علما بيني و بين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من
أشرك بيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنّة، و من لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمّد عليّا علما و خذ عليهم البيعة، و جدّد عهدي و ميثاقي [لهم] الّذي واثقتهم عليه، فإنّي قابضك إليّ و مستقدمك عليّ.
فخشي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [من] قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرّقوا و يرجعوا إلى جاهلية، لما عرف من عداوتهم، و لما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ عليه السلام من العداوة و البغضاء، و سأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من الناس، و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن اللّه جلّ اسمه.
فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف 1941 ، فأتاه جبرئيل عليه السلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده، و يقيم عليّا علما للناس [يهتدون به]، و لم يأته بالعصمة من اللّه جلّ جلاله بالّذي أراد، حتى بلغ كراع الغميم- بين مكّة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالّذي أتاه فيه من قبل اللّه، و لم يأته بالعصمة.
فقال: يا جبرئيل! إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني و لا يقبلوا قولي في عليّ.
[فسأل جبرئيل كما سأل بنزول آية العصمة، فأخّره ذلك] فرحل.
فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال، أتاه جبرئيل عليه السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس.
فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في عليّ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .