کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد للّه «فاطر» السماوات و الأرض، الّذي جعل خلقهما من خلق الناس أكبر و صلواته على خير البشر، الّذي ختمت به النبوّة، و اختصّت به الوسيلة و «الكوثر» و على ابنته و بضعته الّتي نصّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بأنّ من آذاها آذاه، فكان جزاؤه سعيرا و نار سقر و على أهل بيته المعصومين المطهّرين، هم ينابيع العلم و الحكمة، الأئمّة الاثنا عشر.
و اللعن الدائم على من عاداهم و أبغضهم من الأوّلين و الآخرين إلى يوم المحشر.
و بعد ... نقدّم- شاكرين للّه حامدين- هذا السفر القيّم بالطبعة الثالثة، و هي منقّحة، مزدانة بأحاديث جديدة، ليقف القارئ على الحقائق بشكل أعمق و أوسع،
فإنّ الطلب المتزائد على الكتاب، يشير إلى رغبة و شوق صادقين لدى العديد من الناس ممّن يتابعون الوقائع و الأحداث، و يستهويهم البحث عن الأسرار و المخفيّات؛
وصولا إلى معالم هذه الدرّة اليتيمة المخفيّة بين أصدافها.
و يرى المتتبّع لسيرة حياتها عليها السلام أنّ روايات الفريقين، فاضت ببيان شخصيّتها و مقامها الأسمى، و مكانتها الجليلة كما نصّ بها كتاب اللّه جلّ جلاله، و حديث رسوله صلى اللّه عليه و آله و سلم حيث أمر تعالى بمودّتها في قوله عزّ و جلّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و هي الطاهرة المطهّرة في قوله عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و المخصوصة في قوله تعالى: وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ :
باعتبار أنّها سيّدة نساء العالمين الّتي أمر اللّه رسوله أن يباهل بها النصارى؛
و هي الحوراء الانسيّة، و فلذّة كبد النبيّ، و روحه الّتي بين جنبيه، كما قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: فداها أبوها، و على هذا، فهي- بلا أدنى ريب- ذات مقام رفيع، و منزلة سامية؛
فيا ترى! لما ذا أمرت بإخفاء قبرها، وو؟ و الحقّ، و علاها عليها السلام؛
إنّها لمصيبة عظمى، و رزيّة كبرى، فهل ليكون ذلك سندا واضحا، و دليلا صادقا، يبقى على مرّ الأجيال صارخا بمظلوميّتها، و مظلوميّة أبيها و بعلها و بنيها؟ أم فيه سرّ آخر من اللّه كباقي الأسرار الّتي اكتنفت حياتها من يوم ولادتها إلى وفاتها و دفنها سرّا، حتّى يأذن اللّه لولدها المنتظر عجّل اللّه فرجه لبيانها و تبيانها، و الثأر ممّن ظلمها و أبغضها.
و رغم قصر حياتها عليها السلام و التعتيم على أخبارها، فقد كان على عاتقنا السعي و السبق في هذا المضمار، لجمع المنثور من المأثور في كتاب يزيل بعض اللبس و الغموض، و يعين على لمس الحقائق بالبداهة، و نرجو أن يكون هذا الكتاب هو المفتاح و البداية، و منه تعالى التوفيق و الهداية.
الراجي لرحمة ربّه محمّد باقر الموسوي الموحّد الأبطحي الأصفهاني
مقدمة الطبعة الثانية
تقديم بمناسبة مرور «14» قرنا كاملا على شهادة المطهّرة البتول
و قرّة عين الرسول وليدة النبوّة و سليلة الرسالة، معدن الأئمّة و وعاء الإمامة ربيبة بيت الوحي و السفارة و عيبة علمه و أسراره، أمّ أبيها و حبيبته و روحه الّتي بين جنبيه و بضعته، الشفيعة يوم الفصل و الحساب «سيّدة النّساء فاطمة الزهراء» سلام اللّه عليها و على أبيها و بعلها و بنيها
نقدّم- بكلّ تواضع و خشوع- هذا الكتاب لسدّة مجدها، و ساحة قدسها، مستميحين ابنها وليّ العصر و صاحب الزمان العذر- و قد أقدمنا على ذلك- لأن يشرّفنا فنكون خلفه، ليمدّنا ببعض من فيوضاته، نقوى بها على مجابهة جلالة الموقف، و مواجهة خضمّ هيبته ...
و كما نستميحه عليه السّلام العذر أن أوردنا بعض الروايات الّتي تفصح عن مظلوميّتها، و كيف أنّ البعض- ممّن أعماه الحسد و الحقد- جهل قدرها، و غمط حقّها ....
كما نستميحه صلوات اللّه عليه العذر لقصورنا عن الإحاطة بجوانب هذه الشخصيّة الفذّة المباركة- و هو ممّا لا يبلغه أحد- مستذكرين ما روي عن العسكري عليه السّلام:
«نحن حجّة اللّه على الخلق، و فاطمة حجّة علينا» 1
و نحن بين هذا و ذلك نقدّمه متوّجا بشذرات من الأحاديث القدسيّة، و مرصّعا بغوالي لئالئ حديث أبيها، حبيب ربّ العالمين و خاتم الأنبياء و المرسلين، و معطّرا بعوالي درر كلمات زوجها باب مدينة العلم و ينبوع الفصاحة و الحكمة، أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين، و مزيّنا بثمين جواهر أقوال ولدها أئمّة الحقّ و منهج الصدق، الميامين المعصومين، ممّا قالوه بحقّها، و ما أكثره، و ممّا أوردوه بشأنها، و ما أروعه، آملين قبوله، و متمنّين شفاعتها يوم لا ينفع مال و لا بنون ....
الأحاديث القدسيّة:
«ألا يا ملائكتي و سكّان جنّتي! باركوا على عليّ بن أبي طالب حبيب محمّد، و فاطمة بنت محمّد، فقد باركت عليهما.
ألا و إنّي زوّجت أحبّ النّساء إليّ من أحبّ الرجال إليّ بعد النبيّين و المرسلين». 2
«ألا يا ملائكتي و سكّان جنّتي اشهدوا أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمّد من عليّ بن أبي طالب رضى منّي بعضهما لبعض ...، إنّ من بركتي عليهما أنّي أجمعهما على محبّتي، و أجعلهما حجّتي 3 على خلقي، و عزّتي و جلالي لأخلقنّ منهما خلقا، و لأنشئنّ منهما
ذرّيّة أجعلهم خزّاني في أرضي، و معادن لحكمي، بهم احتجّ على خلقي بعد النبيّين». 4
نزل جبرئيل، فقال- لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم-:
«إنّ اللّه يقرئك السّلام، و يقرئ مولودك السّلام». 5
رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«إنّ هذا ملك لم ينزل الأرض قطّ قبل هذه اللّيلة. استأذن ربّه أن يسلم عليّ و يبشّرني بأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، و أنّ الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». 6
أمير المؤمنين عليه السّلام:
«ثمّ اطّلع- سبحانه و تعالى- الرابعة، فاختار فاطمة على نساء العالمين». 7
الإمام الحسن عليه السّلام:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «... أنت- يعني فاطمة- سيّدة نساء أهل الجنّة». 8
الإمام الحسين عليه السّلام:
«لمّا مرضت فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم وصّت إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أن يكتم أمرها، و يخفي خبرها، و لا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك و كان يمرّضها بنفسه». 9
الإمام عليّ بن الحسين عليهما السّلام:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «هبط عليّ جبرئيل الروح الأمين، فقال لي: يا محمّد! اقرأ فاطمة السلام، و اعلمها أنّها استحت من اللّه تبارك و تعالى، فاستحى اللّه منها، و قد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلّتين من نور». 10
الإمام الباقر عليه السّلام:
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إنّ اللّه ليغضب لغضب فاطمة، و يرضى لرضاها». 11
الإمام الصادق عليه السّلام:
«... فلمّا حملت بفاطمة، كانت فاطمة عليها السلام تحدّثها من بطنها و تصبّرها، و كانت تكتم ذلك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فدخل رسول اللّه يوما فسمع خديجة تحدّث فاطمة عليها السلام، فقال لها: يا خديجة من تحدّثين؟!
قالت: الجنين الّذي في بطني يحدّثني و يؤنسني، قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يبشّرني
أنّها انثى، و أنّها النسلة الطاهرة الميمونة، و أنّ اللّه تبارك و تعالى سيجعل نسلي منها، و سيجعل من نسلها أئمّة، و يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه». 12
الإمام الكاظم عليه السّلام:
«إنّ اللّه تبارك و تعالى علم ما كان قبل كونه، فعلم أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يتزوّج في الأحياء، و أنّهم يطمعون في وراثة هذا الأمر فيهم من قبله، فلمّا ولدت فاطمة سمّاها اللّه تبارك و تعالى: فاطمة، لما أخرج منها و جعل في ولدها، فطمهم عمّا طمعوا، فبهذا سمّيت فاطمة فاطمة، لأنّها فطمت طمعهم» و معنى فطمت: قطعت. 13
الإمام الرضا عليه السّلام:
قال: «دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو اميّة في المسجد، صارت في المسجد». 14
الإمام الجواد عليه السّلام:
... إنّي لعند الرضا عليه السّلام إذ جيء بأبي جعفر عليه السّلام و سنّه أقلّ من أربع سنين، فضرب بيده إلى الأرض، و رفع رأسه إلى السماء، فأطال الفكر، فقال له الرضا عليه السّلام:
«بنفسي! فلم طال فكرك؟ فقال: فيما صنع بامّي فاطمة» فاستدناه و قبّل بين عينيه. 15
الإمام الهادي عليه السّلام:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «إنّما سمّيت ابنتي فاطمة، لأنّ اللّه عزّ و جلّ فطمها، و فطم من أحبّها من النار». 16
الإمام العسكريّ عليه السّلام:
قال: «كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السّلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية، و عند الزوال كالقمر المنير، و عند غروب الشمس كالكوكب الدرّيّ». 17
الإمام المهدي المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف،
قال:
«في ابنة رسول اللّه لي اسوة حسنة» 18 .
رأى سيّدنا العلّامة السيّد باقر الهندي، الإمام المنتظر سلام اللّه عليه، في المنام فخاطبه بهذا البيت:
كيف من بعد حمرة العين منها
يا ابن طه تهنأ بطرف قرير
فأجابه عليه السّلام بقوله:
لا تراني اتّخدت لا و علاها
بعد بيت الأحزان بيت سرور 19
منهج التحقيق
1- تمّ مقابلة الكتاب مع أصله و مصادره و البحار، ثمّ التلفيق بينها لإثبات متن صحيح و سليم، مع الإشارة إلى الاختلافات اللفظيّة الضروريّة في الهامش.
2- الإشارة في نهاية كلّ حديث إلى تخريجاته و اتحاداته مع مصادره.
3- الإشارة إلى الأحاديث الّتي تقدّمت أو الّتي تأتي في الكتاب.
4- شرح بعض الألفاظ اللّغوية بصورة موجزة و مبسّطة.
5- وضع المعقوفين [] إشارة إلى أنّه ليس من نسخة الأصل و إنّما أثبتناه من المصدر أو غيره، و وضع القوسين () إشارة إلى أنّه من إحدى النسخ.
6- ذكرنا أقوال المؤلّف و توضيحاته في الهامش موضحين ذلك ب «منه ره».
7- بما أنّ بعض أبواب العوالم أو بعض أحاديثها ممّا كان في الأصل أو فيما استدركناه قبل ذلك مكرّرة غير مرتبة ترتيبا طبيعيا نقلناه مع الإشارة إليها حفظا للامانة.
8- الإشارة الى مسندها عليها السلام و سميناه:
«الأحاديث الغرّاء من مسند فاطمة الزهراء عليها السلام»؛ و كذلك الأربعون حديثا من فم عائشة بعنوان تقدّم أو يأتي.
9- ذكرنا في هذه الطبعة مستدركات على الكتاب من الفريقين، و على ترتيب المصنّف، و قد ابتدأناها بعلامة استدراك، و رقم الحديث المستدرك بين ()، و أنهيناها بعلامة***.
تنبيه:
نظرا لكون الطبعة الاولى ناقصة عن ذكر حديث الكساء لعدم عثورنا على نسخة الأصل، لذا أوردناه في هذه الطبعة بعد الحصول من جامعة الطهران على نسخة الأصل المشتملة عليه، و تجد صورتها في هذا الكتاب حيث تشاهد حديث الكساء في حاشيتها و بخط مقارب للمتن.
شكر و تقدير:
بعد حمد اللّه تعالى و شكره على جميع نعمائه و آلائه؛
اقدّم شكري و تقديري للإخوة الأفاضل الّذين بذلوا جهودا طيّبة، و قدّموا أتعابا مثمرة، و ساهموا في تحقيق و إنجاز و طباعة هذه الموسوعة القيّمة؛
فجزاهم اللّه عن رسوله و أهل بيته الطاهرين، و عن الإسلام، و عنّي خير الجزاء.
و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين ابتداء، و إتماما.
و سلام على آل طه و ياسين نبيّا و إماما.