کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
2- باب ما وقع قبل ولادتها عليها السّلام
الأخبار
1- [العدد في الدرّ]: و قيل: بينا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم جالس بالأبطح و معه عمّار بن ياسر، و المنذر بن الضحضاح، و أبو بكر، و عمر، و عليّ بن أبي طالب، و العبّاس بن عبد المطّلب و حمزة بن عبد المطّلب، إذ هبط عليه جبرئيل عليه السّلام في صورته العظمى، قد نشر أجنحته حتّى أخذت من المشرق إلى المغرب، فناداه:
يا محمّد! العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام، و هو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا، فشقّ ذلك على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، و كان لها محبّا، و بها وامقا. 132
قال: فأقام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم أربعين يوما، يصوم النهار، و يقوم الليل، حتّى إذا كان في آخر أيّامه تلك، بعث إلى خديجة بعمّار بن ياسر، و قال: قل لها:
يا خديجة لا تظنّي أنّ انقطاعي عنك هجرة و لا قلى 133 و لكنّ ربّي عزّ و جلّ أمرني بذلك لينفذ أمره، فلا تظنّي يا خديجة إلّا خيرا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ ليباهي بك [كرام] ملائكته كلّ يوم مرارا، فإذا جنّك الليل فأجيفي 134 الباب، و خذي مضجعك من فراشك، فإنّي في منزل فاطمة بنت أسد.
فجعلت خديجة تحزن في كلّ يوم مرارا لفقد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم؛
فلمّا كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل عليه السّلام فقال:
يا محمّد، العليّ الأعلى يقرئك السلام، و هو يأمرك أن تتأهّب لتحيّته و تحفته.
قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم: يا جبرئيل، و ما تحفة ربّ العالمين؟ و ما تحيّته؟ قال: لا علم لي.
قال: فبينا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم كذلك إذ هبط ميكائيل و معه طبق مغطّى بمنديل سندس- أو قال:
إستبرق- فوضعه بين يديّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أقبل جبرئيل عليه السّلام و قال: يا محمّد! يأمرك ربّك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار، فلمّا كان في تلك الليلة أقعدني النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم
على باب المنزل، و قال: يا ابن أبي طالب، إنّه طعام محرّم إلّا عليّ؛
قال عليّ عليه السّلام: فجلست على الباب، و خلا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بالطعام، و كشف الطبق فإذا عذق 135 من رطب، و عنقود من عنب، فأكل النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم منه شبعا، و شرب من الماء ريّا، و مدّ يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل، و غسل يده ميكائيل، و تمندله إسرافيل، و ارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء؛
ثمّ قام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم ليصلّي، فأقبل عليه جبرئيل، و قال: الصلاة محرّمة عليك في وقتك حتّى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فإنّ اللّه عزّ و جلّ آلى 136 على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرّيّة طيّبة، فوثب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى منزل خديجة.
قالت خديجة رضوان اللّه عليها: و كنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنّني الليل غطّيت رأسي و أسجفت 137 ستري، و غلّقت بابي، و صلّيت وردي، و أطفأت مصباحي، و آويت إلى فراشي فلمّا كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة و لا بالمنتبهة إذ جاء النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فقرع الباب، فناديت: من هذا الّذي يقرع حلقة لا يقرعها إلّا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم؟! قالت خديجة:
فنادى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بعذوبة كلامه و حلاوة منطقه: افتحي يا خديجة فإنّي محمّد؛
قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، و فتحت الباب، و دخل النبيّ المنزل و كان صلى اللّه عليه و آله و سلم: إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهّر للصلاة، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين يوجز فيهما، ثمّ يأوي إلى فراشه؛
فلمّا كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء و لم يتأهّب للصلاة غير أنّه أخذ بعضدي، و أقعدني على فراشه، و داعبني و مازحني و كان بيني و بينه ما يكون بين المرأة و بعلها، فلا و الّذي سمك السماء و أنبع الماء ما تباعد عنّي النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم حتّى أحسست بثقل فاطمة في بطني.
الدرّ النظيم: (مثله). 138
3- باب كيفيّة ولادتها صلوات اللّه عليها
الأخبار: الأئمّة: الصادق عليه السّلام
1- أمالي الصدوق: أحمد بن محمّد الخليلي، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن زرعة بن محمّد، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السّلام؟
فقال: نعم، إنّ خديجة عليها السّلام لمّا تزوّج بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم هجرتها نسوة مكّة، فكنّ لا يدخلن عليها، و لا يسلّمن عليها، و لا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك، و كان جزعها و غمّها حذرا عليه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فلمّا حملت بفاطمة، كانت فاطمة عليها السّلام تحدّثها من بطنها، و تصبّرها 139 ، و كانت تكتم ذلك من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فدخل رسول اللّه يوما فسمع خديجة تحدّث فاطمة عليها السّلام.
فقال لها: يا خديجة، من تحدّثين؟!
قالت: الجنين الّذي في بطني يحدّثني و يؤنسني 140 .
قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يبشّرني أنّها انثى، و أنّها النسلة الطاهرة الميمونة.
و أنّ اللّه تبارك و تعالى سيجعل نسلي منها؛
و سيجعل من نسلها أئمّة، و يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة عليها السّلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها؛
فوجّهت إلى نساء قريش و بني هاشم أن تعالين لتلين منّي ما تلي النساء من النساء.
فأرسلن إليها: أنت عصيتنا، و لم تقبلي قولنا، و تزوّجت محمّدا يتيم أبي طالب فقيرا
لا مال له، فلسنا نجيء، و لا نلي من أمرك شيئا، فاغتمّت خديجة عليها السّلام لذلك؛
فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم؛
ففزعت منهنّ لمّا رأتهنّ، فقالت إحداهنّ:
لا تحزني يا خديجة، فإنّا رسل ربّك إليك، و نحن أخواتك، أنا سارة، و هذه آسية بنت مزاحم و هي رفيقتك في الجنّة، و هذه مريم بنت عمران، و هذه كلثم اخت موسى بن عمران، بعثنا اللّه إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء؛
فجلست واحدة عن يمينها، و اخرى عن يسارها، و الثالثة بين يديها، و الرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة عليها السّلام طاهرة مطهّرة؛
فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتّى دخل بيوتات مكّة 141 ؛
و لم يبق في شرق الأرض و لا غربها [موضع] إلّا أشرق فيه ذلك النور؛
و دخل عشر من الحور العين، كلّ واحدة منهنّ معها طشت من الجنّة، و إبريق من الجنّة، و في الإبريق ماء من الكوثر؛
فتناولتها المرأة الّتي كانت بين يديها فغسّلتها بماء الكوثر، و أخرجت خرقتين بيضاءين أشدّ بياضا من اللبن و أطيب ريحا من المسك و العنبر، فلفّتها بواحدة و قنّعتها بالثانية؛
ثمّ استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السّلام بالشهادتين؛
و قالت: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنّ أبي رسول اللّه سيّد الأنبياء، و أنّ بعلي سيّد الأوصياء، و ولدي سادة الأسباط؛
ثمّ سلّمت عليهنّ و سمّت كلّ واحدة منهنّ باسمها، و أقبلن يضحكن إليها؛
و تباشرت الحور العين، و بشّر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السّلام و حدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.
و قالت النسوة: خذيها يا خديجة، طاهرة مطهّرة زكيّة ميمونة، بورك فيها و في نسلها.
فتناولتها فرحة مستبشرة 142 ، و ألقمتها ثديها فدرّ عليها؛
فكانت فاطمة عليها السّلام تنمى في اليوم كما ينمى الصبيّ في الشهر، و تنمى في الشهر كما ينمى الصبيّ في السنة.
مصباح الأنوار: عن أبي المفضّل الشيباني، عن موسى بن محمّد الأشعري ابن بنت سعد بن عبد اللّه، عن الحسن بن محمّد بن إسماعيل المعروف بابن أبي الشوارب، عن عبيد اللّه بن عليّ بن أشيم، عن يعقوب بن يزيد، عن حمّاد (مثله).
[العدد في الدرّ:] 143 عن المفضّل بن عمر (مثله). 144
استدراك (2) ذخائر العقبى: روى الملّا في «سيرته» أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:
أتاني جبرئيل بتفّاحة من الجنّة فأكلتها، و واقعت خديجة، فحملت بفاطمة.
فقالت: إنّي حملت حملا خفيفا، فإذا خرجت حدّثني الّذي في بطني؛
فلمّا أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش ليأتينّها فيلين منها ما يلي النساء ممّن تلد؛
فلم يفعلن و قلن: لا نأتيك و قد صرت زوجة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؛
فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهنّ من الجمال و النور ما لا يوصف؛
فقالت لها إحداهنّ: أنا امّك حوّاء؛
و قالت الاخرى: أنا آسية بنت مزاحم.
و قالت الاخرى: أنا كلثم اخت موسى.
و قالت الاخرى: أنا مريم بنت عمران أمّ عيسى، جئنا لنلي من أمرك ما يلي النساء.
قالت: فولدت فاطمة، فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها. 145
(3) الفقيه، و ثواب الأعمال:
أبي رحمه اللّه قال: حدّثني محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن البرقي- رفعه- قال:
بشّر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بفاطمة عليها السّلام، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم فقال:
ما لهم ريحانة أشمّها، و رزقها على اللّه عزّ و جلّ. 146
(4) مشارق الأنوار: في أسرار فاطمة الزهراء عليها السّلام، فمن ذلك من أسرار مولدها الشريف ما رواه أصحاب التواريخ، أنّ خديجة لمّا حضرتها الولادة بعث اللّه عزّ و جلّ إليها عشرين من الحور العين بطشوت و أباريق و ماء من حوض الكوثر؛