کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
رابعا: لم يذكر مؤرّخ أنّ عبد اللّه بن جعفر كان له قرى و مزارع خارج الشام حتّى يأتي إليها و يقوم بأمرها و إنّما كان يفد على معاوية فيجيزه، فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتّى ينفقها بما عرف منه من الجود المفرط، فمن أين جاءته هذه القرى و المزارع؟ و في أيّ كتاب ذكرت من كتب التواريخ؟
خامسا: إن كان عبد اللّه بن جعفر له قرى و مزارع خارج الشام كما صوّرته المخيّلة فما الّذي يدعوه للإتيان بزوجته زينب معه؟ و هي الّتي اتي بها إلى الشام أسيرة بزيّ السبايا و بصورة فظيعة، و ادخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين عليهما السّلام و باقي أهل بيتها بهيئة مشجية، فهل من المتصوّر أن ترغب في دخول الشام و رؤيتها مرّة ثانية و قد جرى عليها بالشام ما جرى؟ و إن كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز فكان يمكنه أن يحوّل غلّات مزارعه الموهومة إلى الحجاز، أو يبيعها بالشام و يأتي بثمنها إلى الحجاز، فابن جعفر لم يكن معدما إلى هذا الحدّ، مع أنّه يتكلّف من نفقة إحضارها و إحضار أهله أكثر من نفقة قوتها، فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام و يترك باقي عياله بالحجاز جياعى.
سادسا: لم يتحقّق أنّ صاحبة القبر الّذي في «راوية» تسمّى زينب لو لم يتحقّق عدمه فضلا عن أن تكون زينب الكبرى؛
و إنّما هي مشهورة بامّ كلثوم كما مرّ في ترجمة زينب الصغرى، لا الكبرى، على أنّ زينب لا تكنّى بامّ كلثوم، و هذه مشهورة بامّ كلثوم. 3161
[الموضع] الثاني: قال السيّد الأمين تحت عنوان: قبر الستّ الّذي في «راوية» يوجد في قرية تسمّى: راوية، على نحو فرسخ من دمشق إلى جهة الشرق قبر و مشهد يسمّى قبر الستّ، و وجد على هذا القبر صخرة رأيتها و قرأتها كتب عليها:
«هذا قبر السيّدة زينب المكنّاة بامّ كلثوم بنت سيّدنا عليّ عليه السّلام» و ليس فيها تأريخ، و صورة خطّها تدلّ على أنّها كتبت بعد الستمائة من الهجرة، و لا يثبت بمثلها شيء و مع مزيد التتبّع و الفحص لم أجد من أشار إلى هذا القبر من المؤرّخين سوى ابن جبير
في رحلته و ياقوت في معجمه، و ابن عساكر في تأريخ دمشق؛
و ذلك يدلّ على وجود هذا القبر من زمان قديم و اشتهاره.
قال ابن جبير في رحلته الّتي كانت في أوائل المائة السابعة عند الكلام على دمشق ما لفظه: و من مشاهد أهل البيت عليهم السّلام مشهد أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام، و يقال لها: زينب الصغرى، و أمّ كلثوم كنية أوقعها عليها النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لشبهها بابنته أمّ كلثوم عليها السّلام، و اللّه أعلم بذلك.
و مشهدها الكريم بقرية قبليّ البلد تعرف ب «راوية» على مقدار فرسخ، و عليه مسجد كبير، و خارجه مساكن و له أوقاف، و أهل هذه الجهات يعرفونه، بقبر الستّ أمّ كلثوم، مشينا إليه، و بتنا به، و تبرّكنا برؤيته، نفعنا اللّه بذلك.
و قال ياقوت المتوفّى سنة 622 ه في معجم البلدان:
«راوية» بلفظ راوية الماء: «قرية» من غوطة دمشق، بها قبر أمّ كلثوم. 3162
و قال ابن عساكر من أهل أوائل المائة الخامسة عند ذكر مساجد دمشق:
مسجد راوية: مسجد على قبر أمّ كلثوم، و هي ليست بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم الّتي كانت عند عثمان، لأنّ تلك ماتت في حياة النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، و دفنت بالمدينة، و لا هي أمّ كلثوم بنت عليّ من فاطمة عليها السّلام، لأنّها ماتت هي و ابنها بالمدينة في يوم واحد، و دفنّا بالبقيع، و إنّما هي امرأة من أهل البيت سمّيت بهذا الاسم و لا يحفظ نسبها.
و مسجدها هذا بناه رجل قرقوبي من أهل حلب.
فابن جبير و إن سمّاها زينب الصغرى، و كنّاها أمّ كلثوم حاكيا أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كنّاها بذلك إلّا أنّ الظاهر أنّ ذلك اجتهاد منه، بدليل قوله: إنّ أهل هذه الجهة يعرفونه، بقبر الستّ أمّ كلثوم، ممّا دلّ على أنّها مشهورة بامّ كلثوم دون زينب؛
و قوله أوّلا: اللّه أعلم بذلك، مشعر بتشكيكه في ذلك. و ياقوت و ابن عساكر كما سمعت لم يصرّحا باسم أبيها، و لا بأنّها تسمّى زينب بل اقتصرا على تسميتها بامّ كلثوم فقط.
و من هنا قد يقع الشكّ في أنّها بنت عليّ عليه السّلام فضلا عن أنّ اسمها زينب، و يظنّ أنّها امرأة من أهل البيت لم يحفظ نسبها كما قاله ابن عساكر، و إن كان ما اعتمد عليه في ذلك غير صواب، لتعدّد من تسمّى بامّ كلثوم من بنات عليّ عليه السّلام.
و كيف كان فلو صحّ أنّها زينب الصغرى، فهي الّتي كانت تحت محمّد بن عقيل فما الّذي جاء بها إلى راوية دمشق، و لكن ذلك لم يصحّ كما عرفت.
و إن كانت أمّ كلثوم- كما هو الظاهر لدلالة كلام ابن جبير، و ياقوت، و ابن عساكر على اشتهارها بذلك- فليست أمّ كلثوم الكبرى لما مرّ عن ابن عساكر؛
فيتعيّن كونها إمّا الوسطى زوجة مسلم بن قيل الّتي تزوّجها عبد اللّه بن جعفر بعد قتل زوجها و وفاة اختها زينب الكبرى.
و إمّا أمّ كلثوم الصغرى الّتي كانت متزوّجة ببعض ولد عقيل، و حينئذ فمجيء إحداهما إلى الشام و وفاتها في تلك القرية و إن كان ممكنا عقلا لكنّه مستبعد عادة.
هذا على تقدير صحّة انتساب القبر الّذي في راوية إلى أمّ كلثوم بنت عليّ عليه السّلام لكن قد عرفت أنّه ليس بيدنا ما يصحّح ذلك لو لم يوجد ما ينفيه،
ثمّ إنّه ليس في كلام من تقدّم نقل كلامهم ما يدلّ على أنّ من تسمّى بزينب تكنّى بامّ كلثوم سوى كلام المفيد. 3163
(17) الكتب المؤلّفة فيها عليها السّلام
إنّ اسم زينب عليها السّلام يلمع في كتب التأريخ و السير و التراجم و غيرها، و هو أكثر إشعاعا في البحوث و الكتب الّتي تتحدّث عن مأساة كربلاء.
و يستطيع المتتبّع أن يؤلّف كتابا مستقلا عن المصادر الّتي تتحدّث عن العقيلة زينب سلام اللّه عليها؛
أمّا الكتب الّتي أشارت إليها عليها السّلام؛
فراجعها في نهاية الجزء الثاني مع الفهارس.
(د) حال السيّدة أمّ كلثوم سلام اللّه عليها 3164
هي الرابعة من أولاد فاطمة سلام اللّه عليها؛
قال العلّامة المامقاني في «تنقيح المقال» في فصل النساء:
أمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السّلام، هذه كنية لزينب الصغرى، و قد كانت مع أخيها الحسين عليه السّلام بكربلاء، و كانت مع السجّاد عليه السّلام إلى الشام ثمّ إلى المدينة، و هي جليلة القدر فهيمة بليغة، و خطبتها في مجلس ابن زياد بالكوفة معروفة و في الكتب مسطورة؛
و إنّي أعتبرها من الثقات و المشهور بين الأصحاب.
و في الأخبار: أنّ عمر بن الخطّاب تزوّجها غصبا، و أنكر ذلك جمع 3165 . 3166
و هي سلام اللّه عليها حفيدة الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم، و بضعة البتول عليها السّلام؛
و هي شاركت اختها زينب الكبرى في جميع الأحداث و المصائب؛
و هي التالية لشقيقتها فضلا و سنّا و فصاحة و بلاغة؛
و هي سليلة النبوّة، و كريمة الوحي، نشأت في حجر الزهراء عليها السّلام، و تأدّبت بآداب أمير المؤمنين عليه السّلام، و نمت برعاية الحسن و الحسين عليهما السّلام.
ولدت في السابعة من الهجرة، و توفّيت بالمدينة بعد الرجوع من الشام بأربعة أشهر و عشرة كما في «أعلام النساء» لعليّ محمّد عليّ دخيّل
و زوجها عون بن جعفر، و أنّها لم تتزوّج بغير ابن عمّها عملا بالحديث الّذي جاء عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو 3167 «نظر النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى أولاد عليّ و جعفر عليهما السّلام فقال:
بناتنا لبنينا، و بنونا لبناتنا».
أعلام النساء المؤمنات: أمّ كلثوم الكبرى بنت الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام، امّها فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.
كانت من فواضل نساء عصرها، ذات زهد و عبادة، و بلاغة و شجاعة، و كانت فهيمة جدّا، و ذات فصاحة، جليلة القدر، عظيمة المنزلة عند أهل البيت عليهم السّلام.
و لا يسعنا عبر هذه الأسطر القليلة استيعاب كلّ جوانب حياتها، الّتي ملؤها الدروس و العبر لفتيات عصرنا الحاضر؛
و إنّما نلقي الضوء على بعض مميّزات هذه العلويّة المخدّرة، و ما مرّت بها من ظروف سياسيّة صعبة، و ما عاشته من ظلم و جور، نعم إنّها لمحات عن سيرة حياتها المباركة، راجين بذلك الأجر و الثواب من اللّه سبحانه و تعالى، و من نساء هذه الأمّة المرحومة الاقتداء بهذه العالمة المجاهدة المؤمنة.
(1) حديث زواجها المختلق
تعدّ مسألة زواج أمّ كلثوم من عمر بن الخطّاب من المسائل المهمّة الّتي يطرحها لنا التأريخ الإسلامي، و من القضايا الّتي طال البحث و النقاش لا يزال حولها؛
لأنّها تتعلّق بمسألة عقائديّة هامّة، و هي مسألة الإمامة.
فالّذي يذهب إلى وقوع هذا الزواج و صحّته يستدلّ به على استقامة زوجها، و اعتراف عليّ عليه السّلام به، و إلّا كيف يزوّجه ابنته؟
و الّذي ينكر هذا الزواج، أو يذهب إلى أنّه وقع نتيجة لضغوط مارسها عمر بن الخطّاب على الإمام عليّ عليه السّلام، يستدلّ به على عدم استقامة و نزاهة عمر بن الخطّاب- كما ستشاهده خلال هذا البحث- و عدم اعتراف الإمام عليّ عليه السّلام به.
و قد طال البحث و الكلام حول هذه المسألة، حتّى أنّ بعض أصحابنا رضوان اللّه تعالى عليهم أفردوا لها بابا خاصّا في كثير من كتبهم كالشيخ المفيد رحمه اللّه حيث تطرّق إلى هذا الموضوع في المسألة الخامسة عشر من أجوبة المسائل الحاجبيّة، و في المسألة العاشرة من المسائل السرويّة.
بل، أنّ بعض علمائنا رحمهم اللّه تعالى ألّفوا رسائل خاصّة بهذا الموضوع، منهم:
(1) الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان التلعكبري البغدادي، المتوفّى سنة 413 ه، في رسالته الّتي سمّاها النجاشي في رجاله 3168 : «المسألة الموضحة عن أسباب نكاح أمير المؤمنين عليه السّلام» و ذكرها الشيخ الطهراني في الذريعة 3169 .
و توجد نسخة خطّية منه في مكتبة السيّد المرعشي النجفي قدّس سرّه ضمن المجموعة المرقّمة: 4087، و تقع هذه الرسالة في خمس أوراق، و باسم: إنكاح أمير المؤمنين عليه السّلام ابنته من عمر 3170 - و تجدها مطبوعة ضمن كتابنا هذا-.
(2) السيّد المرتضى عليّ بن الحسين بن موسى، علم الهدى المتوفّى سنة 436 ه في رسالته: جواب السؤال عن وجه تزويج أمير المؤمنين عليه السّلام ابنته من عمر.
هكذا ذكرها الطهراني في الذريعة: ثمّ قال:
رأيته ضمن مجموعة من رسائله في مكتبة المولى محمّد عليّ الخوانساري 3171 .
و توجد نسخة خطيّة منه أيضا في مكتبة السيّد المرعشي النجفي قدّس سرّه في مدينة قم المقدّسة، ضمن المجموعة المرقّمة: 3694، و تقع في ثلاث أوراق، و باسم: إنكاح أمير المؤمنين عليه السّلام ابنته من عمر 3172 .
(3) الشيخ سليمان بن عبد اللّه الماحوزي، المتوفّى سنة 1121 ه في رسالته:
تزويج عمر لأمّ كلثوم بنت عليّ عليه السّلام، ذكرها الشيخ الطهراني بهذا الاسم؛
ثمّ قال: سئل الماحوزي عن الخبر الوارد بذلك هل هو صحيح أم لا؟
فقال في الجواب: لنا في هذه المسألة رسالة شريفة فليرجع إليها، و قال:
إنّه أنكر أبو سهل النوبختي ذلك، و بالغ في الإنكار الشيخ المفيد، و ابن شهر اشوب في المناقب، و يوجد السؤال ضمن مجموعة بخطّ تلميذ الماحوزي.
(4) الشيخ محمّد جواد البلاغي، المتوفّى سنة 1352 ه، في رسالته:
تزويج أمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السّلام و إنكار وقوعه.
ذكرها الطهراني في الذريعة في موضعين. 3173