کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
8- أبواب احتجاجاته عليه السّلام على معاوية و أوليائه لعنهم اللّه و ما جرى بينه و بينهم
1- باب احتجاجه عليه السّلام على معاوية و ما جرى بينهم
الأخبار: الصحابة و التابعين و غيرهما
1- المناقب لابن شهرآشوب و الاحتجاج: عن موسى بن عاقبة، أنّه قال: لقد قيل لمعاوية: إنّ الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين عليه السّلام فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فإنّ فيه حصرا و في لسانه كلالة، فقال لهم معاوية: قد ظننّا ذلك بالحسن فلم يزل حتّى عظم (ذلك) في أعين الناس و فضحنا، فلم يزالوا به حتى قال للحسين عليه السّلام: يا أبا عبد اللّه لو صعدت المنبر فتخطب 4271 .
فصعد الحسين عليه السّلام [على] المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين عليه السّلام:
نحن حزب اللّه الغالبون، و عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الأقربون، و أهل بيته الطيّبون،
و أحد الثقلين الّذين جعلنا رسول اللّه ثاني كتاب 4272 اللّه تبارك و تعالى الذي فيه تفصيل كلّ شيء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و المعوّل علينا في تفسيره، و لا يبطئنا تأويله بل نتّبع حقائقه.
فأطيعونا فانّ طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة اللّه و رسوله مقرونة، قال اللّه عزّ و جلّ: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ» 4273 و قال: «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا». 4274
و احذّركم الاصغاء إلى هتوف الشيطان بكم، فانّه لكم عدوّ مبين، فتكونوا كأوليائه الّذين قال لهم: «لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ». 4275
فتلقون للسيوف ضربا، و للرماح وردا، و للعمد حطما، و للسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، قال معاوية: حسبك يا أبا عبد اللّه فقد أبلغت 4276 .
توضيح: «الضرب»، بالتحريك المضروب، «و الورد» بالتحريك أي ما ترد عليه الرماح و قد مرّ مثله في خطبة الحسن عليه السّلام.
الكتب:
2- المناقب لابن شهر اشوب: يقال دخل الحسين عليه السّلام على معاوية و عنده أعرابيّ يسأله حاجة، فأمسك و تشاغل بالحسين عليه السّلام، فقال الأعرابيّ لبعض من حضر:
من هذا الذي دخل؟ قالوا: الحسين بن علي، فقال الأعرابيّ للحسين عليه السّلام: أسألك يا بن [بنت] رسول اللّه لمّا كلّمته في حاجتي، فكلّمه الحسين عليه السّلام [في ذلك] فقضى حاجته، فقال الأعرابيّ:
أتيت العبشميّ فلم يجد لي
إلى أن هزّه ابن الرسول
هو ابن المصطفى كرما وجودا
و من بطن المطهّرة البتول
و إنّ لهاشم فضلا عليكم
كما فضل الربيع على المحول
فقال معاوية: يا أعرابيّ اعطيك و تمدحه، فقال الأعرابيّ: [يا معاوية] أعطيتني من حقّه، و قضيت حاجتي بقوله 4277 .
2- باب ما جرى بينه و بين عمرو بن العاص عليه اللعنة و العذاب
الأخبار: الصحابة و التابعين
1- المناقب لابن شهرآشوب: محاسن البرقي: قال عمرو بن العاص للحسين عليه السّلام: ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال عليه السّلام:
بغاث الطير أكثرها فراخا
و أمّ الصقر مقلات نزور
فقال: ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقال عليه السّلام: إنّ نساءكم نساء بخرة، فإذا دنا أحدكم من امرأته نهكته 4278 في وجهه، فشاب منه شاربه، فقال: ما بال لحائكم أوفر من لحائنا؟ فقال عليه السّلام: «وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً» 4279 فقال معاوية لعنه اللّه: بحقّي عليك إلا سكتّ فإنّه ابن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقال عليه السّلام:
إن عادت العقرب عدنا لها
و كانت النّعل لها حاضرة
قد علم العقرب و استيقنت
أن لا لها دنيا و لا آخرة 4280
توضيح: قال الجوهريّ: قال ابن السكّيت: «البغاث» طائر أبغث إلى الغبرة دوين الرخمة، بطيء الطيران، و قال الفرّاء: «بغاث الطير» شرارها و ما لا يصيد 4281 منها و بغاث [و بغاث و بغاث] ثلاث لغات.
قوله: «مقلات» لعلّه من القلى بمعنى البغض أي لا تحبّ الولد و لا تحبّ زوجها لتكثر الولد، أو من قولهم «قلا العير اتنه» يقلوها قلوا إذا طردها و الصواب أنّه من قلت، قال الجوهريّ: المقلات من النوق الّتي تضع واحدا ثمّ لا تحمل بعدها، و المقلات من النساء الّتي لا يعيش لها ولد.
و قال: «النزور» المرأة القليلة الولد، ثمّ استشهد بهذا الشعر.
و يقال: نهكته الحمّى إذا جاهدته و أضنته، و نهكه أي بالغ في عقوبته و الأصوب نكهته، قال الجوهريّ: استنكهت الرجل فنكه في وجهي، ينكه و ينكه نكها إذا أمرته أن ينكه لتعلم أ شارب هو أم غير شارب.
3- باب ما جرى بينه و بين مروان بن الحكم
الأخبار: الصحابة و التابعين
1- المناقب لابن شهرآشوب و الاحتجاج: عن محمّد بن السائب أنّه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن عليّ عليهما السّلام: لو لا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين عليه السّلام- و كان صلوات اللّه عليه شديد القبضة- فقبض على حلقه فعصره، و لوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه، ثمّ تركه، و أقبل الحسين عليه السّلام: على جماعة من قريش، فقال: انشدكم باللّه إلّا صدّقتموني إن صدقت، أ تعلمون أنّ في الأرض حبيبين كانا أحبّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منّي و من أخي؟ أو على ظهر الأرض ابن بنت نبيّ غيري و غير أخي؟ قالوا: [اللهمّ] لا، قال: و إنّي لا أعلم [أنّ] في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا و أبيه 4282 طريد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و اللّه ما بين جابرس و جابلق أحدهما بباب المشرق و الآخر بباب المغرب رجلان
ممّن ينتحل الإسلام أعدى للّه و لرسوله و لأهل بيته منك و من أبيك إذ كان، و علامة قولي فيك أنّك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك، قال: فو اللّه ما قام مروان من مجلسه حتّى غضب فانتفض و سقط رداؤه عن عاتقه. 4283
2- المناقب: عبد الملك بن عمير و الحاكم و العبّاس قالوا: خطب الحسن عليه السّلام عائشة بنت عثمان، فقال مروان: ازوّجها عبد اللّه بن الزبير.
ثمّ إنّ معاوية كتب الى مروان و هو عامله على الحجاز: يأمره أن يخطب أمّ كلثوم بنت عبد اللّه بن جعفر لابنه يزيد، فأتى عبد اللّه بن جعفر فأخبره بذلك، فقال عبد اللّه:
إنّ أمرها ليس إليّ إنّما هو إلى سيّدنا الحسين عليه السّلام و هو خالها، فأخبر الحسين عليه السّلام بذلك، فقال: أستخير اللّه تعالى، اللّهمّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد.
فلمّا اجتمع الناس في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين عليه السّلام و عنده من الجلّة، و قال: إنّ أمير المؤمنين أمرني بذلك و أن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صالح ما بين هذين الحيّين مع قضاء دينه، و اعلم أنّ من يغبطكم بيزيد أكثر ممّن يغبطه بكم و العجب كيف يستمهر يزيد؟ و هو كفو من لا كفو له، و بوجهه يستسقى الغمام فردّ خيرا يا أبا عبد اللّه.
فقال الحسين عليه السّلام: الحمد للّه الذي اختارنا لنفسه، و ارتضانا لدينه، و اصطفانا على خلقه- إلى آخر كلامه- ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا قولك، أمّا قولك: مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بناته و نسائه و أهل بيته و هو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما.
و أمّا قولك: مع قضاء دين أبيها فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا، و أمّا صالح ما بين هذين الحيّين فإنّا قوم عاديناكم في اللّه و لم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب.
و أمّا قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد و من أبي يزيد و من جدّ يزيد، و أمّا قولك: إنّ يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل (هذا)
اليوم فهو كفوه اليوم ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا.
و أمّا قولك: بوجهه يستسقى الغمام، فإنّما كان ذلك بوجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أمّا قولك: من يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا، فإنّما يغبطنا به أهل الجهل و يغبطه بنا أهل العقل.
ثم قال بعد كلام: فاشهدوا جميعا أنّي قد زوّجت أمّ كلثوم بنت عبد اللّه بن جعفر من ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفر على أربعمائة و ثمانين درهما و قد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال: أرضي بالعقيق، و إنّ غلّتها في السنة ثمانية آلاف دينار ففيها لهما غنى إن شاء اللّه.
قال: فتغيّر وجه مروان و قال: غدرا يا بني هاشم؟ تأبون إلّا العداوة، فذكّره الحسين عليه السّلام خطبة الحسن عليه السّلام عائشة و فعله، ثمّ قال: فأين موضع الغدر يا مروان؟
فقال مروان:
أردنا صهركم لنجدّ 4284 ودّا
قد أخلقه به حدث الزمان
فلمّا جئتكم فجبهتموني
و بحتم بالضمير من الشنان
فأجابه ذكوان مولى بني هاشم:
أماط اللّه منهم كل رجس
و طهّرهم بذلك في المثاني
فما لهم سواهم من نظير
و لا كفؤ هناك و لا مداني
أ تجعل كلّ جبّار عنيد
إلى الأخيار من أهل الجنان
ثمّ إنّه كان الحسين عليه السّلام تزوّج بعائشة بنت عثمان 4285 .
توضيح: قال الجوهريّ: مشيخة جلّة أي مسانّ. و قال: باح بسرّه، أظهره و الشنان بفتح النون و سكونها العداوة.
3- المناقب: العقد عن الأندلسي 4286 : دعا معاوية مروان بن الحكم، فقال له:
أشر عليّ في الحسين عليه السّلام، فقال: أرى أن تخرجه معك إلى الشام و تقطعه عن أهل العراق و
تقطعهم عنه. فقال: أردت و اللّه أن تستريح منه و تبتليني به فإن صبرت عليه صبرت على ما أكره و إن أسأت إليه قطعت رحمه، فأقامه و بعث إلى سعيد بن العاص فقال له: يا أبا عثمان أشر عليّ في الحسين عليه السّلام، فقال: إنّك و اللّه ما تخاف الحسين عليه السّلام إلّا على من بعدك و إنّك لتخلف له قرنا إن صارعه ليصرعنّه و إن سابقه ليسبقنّه فذر الحسين عليه السّلام بمنبت النخلة يشرب الماء و يصعد في الهواء و لا يبلغ إلى السماء. 4287
توضيح: قوله: «يشرب الماء» الظاهر أنّه صفة النخلة أي كما أنّ النخلة في تلك البلاد تشرب الماء و تصعد في الهواء و كلّما صعدت لا تبلغ إلى السماء فكذلك هو كلّما تمنّى و طلب الرفعة لا يصل إلى شيء و يحتمل أن يكون الضمائر راجعة إليه صلوات اللّه عليه.
4- تفسير فرات: علي بن حمدون معنعنا، عن أبي الجارية و الأصبغ بن نباتة الحنظليّ، قالا: لمّا كان مروان على المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: فلمّا نزل عن 4288 المنبر أتى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السّلام فقيل له: إنّ مروان قد وقع في عليّ، قال: فما كان في المسجد الحسن عليه السّلام؟ قالوا: بلى، قال: فما قال له شيئا؟ قالوا: لا، قال: فقام الحسين عليه السّلام مغضبا حتّى دخل على مروان، فقال له:
يا بن الزرقاء و يا بن آكلة القمّل أنت الواقع في عليّ، قال له مروان: أنت صبيّ لا عقل لك، قال: فقال له الحسين عليه السّلام: أ لا اخبرك بما فيك و في أصحابك و في عليّ فإنّ اللّه يقول: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا» 4289 فذلك لعليّ و شيعته «فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ» 4290 فبشّر بذلك النبيّ العربيّ لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام 4291 .