کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
نعم الآن، و أنشأ يحدّثنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اهدي إليه قصعة ارز من ناحية الأنصار؛ فدعا سلمان و المقداد و أبا ذرّ رحمهم اللّه، فجعلوا يعذّرون في الأكل، فقال:
«ما صنعتم شيئا، أشدّكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا» فجعلوا يأكلون أكلا جيّدا.
ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رحمهم اللّه، و رضي اللّه عنهم، و صلّى عليهم. 11627
2- منه: عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدّة من أصحابه، عن يونس بن يعقوب، عن عبد اللّه بن سليمان الصيرفي، قال:
كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقدّم إلينا طعاما فيه شواء و أشياء بعده، ثمّ جاء بقصعة من ارز فأكلت معه، فقال: كل. قلت: قد أكلت. فقال: كل، فإنّه يعتبر حبّ الرجل لأخيه بانبساطه في طعامه. ثمّ حاز 11628 لي حوزا بإصبعه من القصعة؛
فقال لي: لتأكلنّ ذا بعد ما [قد] أكلت، فأكلته. 11629
3- و منه: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن يونس، عن أبي الربيع، قال: دعا أبو عبد اللّه عليه السّلام بطعام، فاتي بهريسة، فقال لنا: ادنوا فكلوا.
قال: فأقبل القوم يقصّرون، فقال عليه السّلام: كلوا، فإنّما تستبين مودّة الرجل لأخيه في أكله [عنده]. قال: فأقبلنا نغصّ 11630 أنفسنا كما تغصّ الإبل. 11631
4- و منه: عدّة من أصحابنا، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد، عن أبي حمزة، قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جماعة، فدعا بطعام مالنا عهد بمثله لذاذة و طيبا،
و اتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه و حسنه.
فقال رجل: لتسألنّ عن هذا النعيم الّذي نعمتم به عند ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: [إنّ] اللّه عزّ و جلّ أكرم و أجلّ من أن يطعمكم طعاما فيسوّغكموه 11632 ثمّ يسألكم عنه، و لكن يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد و آل محمّد. 11633
5- و منه: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن موسى، عن ذبيان بن حكيم، عن موسى النميري، عن ابن أبي يعفور، قال:
رأيت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك؛
و قام بنفسه إلى تلك الحاجة، و قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن أن يستخدم الضيف. 11634
استدراك 1- المحاسن: أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال:
دخلت مع عبد اللّه بن أبي يعفور على أبي عبد اللّه عليه السّلام و نحن جماعة، فدعا بالغداء، فتغدّينا و تغدّى معنا، و كنت أحدث القوم سنّا، فجعلت اقصّر و أنا آكل.
فقال لي: كل، أ ما علمت أنّه تعرف مودّة الرجل لأخيه بأكله من طعامه.
الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير (مثله). 11635
(2) المحاسن: إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي المغراء حميد بن المثنّى العجلي، قال: حدّثني خالي عنبسة بن مصعب:
قال أتينا أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يريد الخروج إلى مكّة، فأمر بسفرته، فوضعت بين أيدينا؛ فقال: كلوا. فأكلنا و جعلنا نقصّر في الأكل، فقال: كلوا. فأكلنا؛ فقال: أبيتم أبيتم، إنّه كان يقال: اعتبر حبّ القوم بأكلهم. قال: فأكلنا، و ذهبت الحشمة.
الكافي: عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (مثله). 11636
(3) المحاسن: ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، قال: أكلت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام شواء، فجعل يلقي بين يديّ، ثمّ قال: إنّه يقال: «اعتبر حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه».
الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن يونس ابن يعقوب (مثله). 11637
(4) روضة الواعظين: روي أنّه نزل على أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قوم من جهينة 11638 فأضافهم، فلمّا أرادوا الرحلة زوّدهم، و وصلهم و أعطاهم، ثمّ قال لغلمانه: تنحّوا لا تعينوهم. فلمّا فرغوا، جاءوا ليودّعوه، فقالوا له: يا ابن رسول اللّه! لقد أضفت فأحسنت الضيافة، و أعطيت فأجزلت العطيّة، ثمّ أمرت غلمانك أن لا يعينونا على الرحلة.
فقال عليه السّلام: إنّا لأهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا. 11639
(33) باب سيرته عليه السّلام في إطعام المساكين
(1) الأنوار القدسيّة:
كان جعفر بن محمّد عليهما السّلام يطعم المساكين حتّى لا يبقى لعائلته شيء. 11640
34- باب سيرته عليه السّلام مع الغرباء
الأخبار، الأصحاب:
1- رجال الكشّي: طاهر بن عيسى الورّاق، عن جعفر بن أحمد بن أيّوب، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن زيد الشحّام، قال: رآني أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا اصلّي، فأرسل إليّ و دعاني؛
فقال لي: من أين أنت؟ قلت: من مواليك. قال: فأيّ مواليّ؟ قلت: من الكوفة.
فقال: من تعرف من الكوفة؟ قلت: بشير النبّال، و شجرة 11641 .
قال: و كيف صنيعتهما إليك؟ قلت: و ما أحسن صنيعتهما إليّ! قال:
خير المسلمين من وصل و أعان و نفع، ما بتّ ليلة قطّ- و اللّه- و في مالي حقّ يسألنيه.
ثمّ قال: أيّ شيء معكم من النفقة؟ قلت: عندي مائتا درهم. قال: أرنيها. فأتيته بها؛ فزادني فيها ثلاثين درهما و دينارين، ثمّ قال: تعشّ عندي. فجئت فتعشّيت عنده.
قال: فلمّا كان من القابلة 11642 لم أذهب إليه، فأرسل إليّ، فدعاني من غده؛
فقال: مالك لم تأتني البارحة، قد شفقت عليّ؟ قلت: لم يجئني رسولك.
قال: فأنا رسول نفسي إليك، ما دمت مقيما في هذه البلدة، أيّ شيء تشتهي من الطعام؟
قلت: اللبن، فاشترى من أجلي شاة لبونا، قال:
فقلت له: علّمني دعاء. قال: اكتب:
«بسم اللّه الرحمن الرحيم، يا من أرجوه لكلّ خير، و آمن سخطه عند كلّ عثرة 11643 ، يا من يعطي الكثير بالقليل، و يا من أعطى من سأله تحنّنا منه و رحمة، يا من أعطى من لم يسأله و لم يعرفه، صلّ على محمّد و أهل بيته، و أعطني بمسألتي [إيّاك جميع] خير الدنيا، و جميع خير الآخرة، فإنّه غير منقوص ما أعطيت، و زدني من سعة فضلك، يا كريم؛
ثمّ رفع يديه، فقال: «يا ذا المنّ و الطول، يا ذا الجلال و الإكرام؛ يا ذا النعماء و الجود، ارحم شيبتي من النار»، ثمّ وضع يده على لحيته، و لم يرفعها إلّا و قد امتلأ ظهر كفّه دموعا. 11644
35- باب سيرته عليه السّلام مع السائل
الأخبار، الأصحاب:
1- الكافي: العدّة، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع بن عبد الملك، قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام بمنى، و بين أيدينا عنب نأكله.
فجاء سائل فسأله، فأمر بعنقود فأعطاه، فقال السائل: لا حاجة لي في هذا، إن كان درهم! قال: يسع اللّه عليك. فذهب ثمّ رجع، فقال: ردّوا العنقود. فقال عليه السّلام: يسع اللّه لك، و لم يعطه شيئا.
ثمّ جاء سائل آخر، فأخذ أبو عبد اللّه عليه السّلام ثلاث حبّات عنب فناولها إيّاه؛
فأخذها السائل من يده، ثمّ قال: الحمد للّه ربّ العالمين الّذي رزقني.
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مكانك. فحشا ملء كفّيه عنبا فناولها إيّاه؛
فأخذها السائل من يده، ثمّ قال: الحمد للّه ربّ العالمين.
فقال: أبو عبد اللّه عليه السّلام: مكانك، يا غلام! أيّ شيء معك من الدراهم؟ فإذا معه نحو من عشرين درهما، فيما حزرناه 11645 أو نحوها، فناولها إيّاه، فأخذها، ثمّ قال: الحمد للّه، هذا منك وحدك لا شريك لك. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مكانك. فخلع قميصا كان عليه، فقال: البس هذا. فلبسه، ثمّ قال: الحمد للّه الّذي كساني و سترني يا أبا عبد اللّه- أو قال:
جزاك اللّه خيرا، لم يدع لأبي عبد اللّه عليه السّلام إلّا بذا- ثمّ انصرف فذهب،
قال: فظننّا أنّه لو لم يدع له لم يزل يعطيه، لأنّه كلّما كان يعطيه حمد اللّه أعطاه. 11646
2- مشارق الأنوار: إنّ فقيرا سأل الصادق عليه السّلام، فقال لعبده: ما عندك؟
قال: أربعمائة درهم. فقال: أعطه إيّاها. فأعطاها، فأخذها و ولّى شاكرا؛
فقال لعبده: أرجعه. فقال: يا سيّدي! سألت فأعطيت، فما ذا بعد العطاء؟
فقال له: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «خير الصدقة ما أبقت غنى»، و إنّا لم نغنك، فخذ هذا الخاتم، فقد اعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة. 11647
3- كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب 11648 ، قال:
كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده المعلّى بن خنيس إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان، فقال: يا ابن رسول اللّه! أنا من مواليكم أهل البيت، و بيني و بينكم شقّة بعيدة، و قد قلّ ذات يدي، و لا أقدر أن أتوجّه إلى أهلي إلّا أن تعينني.
قال: فنظر أبو عبد اللّه عليه السّلام يمينا و شمالا، و قال: أ لا تستمعون ما يقول أخوكم؟
إنّما المعروف ابتداء، فأمّا ما أعطيت بعد ما سئلت، فإنّما هو مكافأة لما بذل لك من وجهه، ثمّ قال: فيبيت ليلته متأرّقا متململا بين اليأس و الرجاء، لا يدري أين يتوجّه بحاجته، فيعزم على القصد إليك، فأتاك و قلبه يرجف 11649 و فرائصه ترتعد، و قد نزل دمه في وجهه، و بعد هذا فلا يدري أ ينصرف من عندك بكآبة الردّ، أم بسرور النجح، فإن أعطيته رأيت أنّك قد وصلته!؟
و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة، و بعثني بالحقّ نبيّا لما يتجشّم 11650 من مسألته إيّاك، أعظم ممّا ناله من معروفك».
قال: فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم، و دفعوها إليه. 11651
4- الكافي: أحمد بن إدريس، و غيره، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن نوح بن عبد اللّه عن الذهلي- رفعه- عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: المعروف ابتداء، و أمّا من أعطيته بعد المسألة، فإنّما كافيته بما بذل لك من وجهه، يبيت ليلته أرقا متململا، يمثل (يميل، خ) بين الرجاء و اليأس، لا يدري أين يتوجّه لحاجته، ثمّ يعزم بالقصد لها فيأتيك، و قلبه يرجف، و فرائصه ترتعد، قد ترى دمه في وجهه، لا يدري أ يرجع بكآبة أم بفرح. 11652
5- و منه: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أبي الأصبغ، عن بندار ابن عاصم- رفعه- عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: [قال:]
ما توسّل إليّ أحد بوسيلة، و لا تذرّع بذريعة، أقرب له إلى ما يريده منّي من رجل سلف إليه منّي يد أتبعتها أختها و أحسنت ربّها 11653 ، فإنّي رأيت منع الأواخر، يقطع لسان شكر الأوائل و لا سخت نفسي بردّ بكر الحوائج، و قد قال الشاعر:
و إذا ابتليت ببذل وجهك سائلا
فابذله للمتكرّم المفضال
إنّ الجواد إذا حباك بموعد
أعطاكه سلسا 11654 بغير مطال
و إذا السؤال مع النوال قرينة
رجح السؤال و خفّ كلّ نوال 11655